شرح قصيدة الأرملة المرضعة pdf والأفكار الرئيسية فيها

شرح قصيدة الأرملة المرضعة pdf والأفكار الرئيسية فيها ، وهي قصيدة تحمل رسالة اجتماعية هامة مفادها الدعوة إلى الاهتمام والإحسان إلى المرأة الأرملة وأولادها الأيتام، وإلى كل المظلومين في المجتمع، وإلى الوقوف إلى جانبهم في مصيبتهم والتضامن معهم، وإظهار الرحمة والشفقة عليهم، وقد كتب هذه القصيدة الشاعر معروف الرصافي عندما قابل امرأة أرملة في الطريق وأثارت في نفسه مشاعر الحزن والأسى، وفي مقالنا الآتي سنعرض شرح قصيدة الأرملة المعرضة.

من هو كاتب قصيدة الأرملة المرضعة

هو الشاعر معروف الرصافي، وهو معروف عبد الغني البغدادي الرصافي، شاعر العراق في عصره، من أعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق أصله من عشيرة الجبارة في كركوك، ولد في بغداد ونشأ بها في الرصافة وتلقى دروسه الابتدائية في المدرسة الرشدية العسكرية، ولكنه لم يحرز شهادتها، وتتلمذ لمحمود شكري الآلوسي في العلوم العربية وغيرها، زهاء عشر سنوات، واشتغل بالتعليم، ونظم أروع قصائده في الاجتماع والثورة على الظلم، قبل الدستور العثماني، ورحل بعد الدستور إلى الأستانة، فعين معلماً للعربية في المدرسة الملكية، وانتخب نائباً عن المنتفق في مجلس المبعوثان العثماني، وهجا دعاة الإصلاح واللامركزية من العرب، وانتقل بعد الحرب العالمية الأولى سنة 1918م إلى دمشق، ثم عين أستاذاً للأدب العربي في دار المعلمين بالقدس، فأقام مدة ومن ثم عاد إلى بغداد فعين نائباً لرئيس لجنة الترجمة والتعريب ثم أصدر جريدة الأمل اليومية سنة 1923م فعاشت أقل من ثلاثة أشهر، وعين مفتشاً في المعارف، فمدرساً للعربية وآدابها في دار المعلمين، فرئيساً للجنة الاصطلاحات العلمية.

واستقال من الأعمال الحكومية سنة 1928م فانتخب عضواً في مجلس النواب، خمس مرات، مدة ثمانية أعوام، وزار مصر سنة 1936م، وقامت ثورة رشيد عالي الكيلاني ببغداد، في أوائل الحرب العالمية الثانية، فنظم أناشيدها وكان من خطبائها، وفشلت، فعاش بعدها في شبه انزواء عن الناس إلى أن توفي ببيته، في الأعظمية، ببغداد، وكان جزل الألفاظ في أكثر شعره، عالي الأسلوب، حتى في مجونه، هجاءاً مراً، وصافاً مجيداً، ملأ الأسماع دوياً في بدء شهرته، وتبارى والزهاوي زمناً، وتهاجياً، نشأ الرصافي وعاش ومات فقيراً، له كتب، منها ديوان الرصافي، ودفع الهجنة، ودفع المراق في لغة العامة من أهل العراق، ورسائل التعليقات، ونفح الطيب في الخطابة والخطيب، ومحاضرات الأدب العربي، وديوان الأناشيد المدرسية.^[1]

مناسبة قصيدة الأرملة المرضعة

مناسبة قصيدة الأرملة المرضعة أن الشاعر معروف الرصافي كان جالساً في دكان صديقه محمد علي في بغداد، وإذ بإمرأة يوحي منظرها العام بأنها فقيرة وبائسة، كانت تحمل صحنًا من الجينكو، وأرادت بيعه لصاحب الدكان مقابل بضعة قروش، لكن صاحب الدكان حدثها همسًا فانصرفت المرأة المسكينة، هذا الحدث جعل الرصافي يرسم علامات استفهام كبيرة، وقد حيّره تصرف السيدة الفقيرة، وتصرف صاحبه الدكان معها همسًا ، فاستفسر من صديقه عنها، فأخبره أنها أرملة مرضعة تعيل يتيمين، وهم الآن جياع، وتريد أن ترهن الصحن بأربعة قروش كي تشتري لهما خبزًا، فما كان من الرصافي إلا أن يلحق بها ويعطيها اثني عشر قرشًا كان كل ما يملكه الرصافي في جيبه، فأخذت السيدة الأرملة القروش وهي في حالة تردد وحياء، وسلمت الصحن للرصافي وهي تقول: “الله يرضى عليك تفضل وخذ الصحن”، فرفض الرصافي وغادرها عائدًا إلى دكان صديقه وقلبه يعتصر من الألم، عاد الرصافي إلى بيته، ولم يستطع النوم ليلتها، وراح يكتب هذه القصيدة والدموع تنهمر من عينيه كما أوضح هو بقلمه.

شرح قصيدة الأرملة المرضعة

تتألف هذه القصيدة من 28 بيتًا شعريًا، وتتبع قافية الوافية (اها)، وفيما يأتي شرح لبعض أبيات هذه القصيدة:^[2]

• لَقِيتُها لَيْتَنِـي مَا كُنْتُ أَلْقَاهَـا *** تَمْشِي وَقَدْ أَثْقَلَ الإمْلاقُ مَمْشَاهَـا

يبدأ الشاعر قصيدته بوصف لقائه مع هذه المرأة الأرملة فيقول: لقد وجدتها صدفة دون انتظار، ويا ليتني لم أقابلها ولم أرى ما آلت إليه حالها، فهي تمشي محملة بالفقر والهموم التي أضعفتها وأتعبت جسدها.

• أَثْوَابُـهَا رَثَّـةٌ والرِّجْلُ حَافِيَـةٌ *** وَالدَّمْعُ تَذْرِفُهُ في الخَدِّ عَيْنَاهَـا

كانت هذه المرأة الأرملة ترتدي ثياباً بالية ممزقة وقدماها حافيتان، والدموع أخذت تتساقط على خديها مما أشحب وجهها، وزاد في احمرار عيناها.

• تَمْشِي وَتَحْمِلُ بِاليُسْرَى وَلِيدَتَهَا *** حَمْلاً عَلَى الصَّدْرِ مَدْعُومَاً بِيُمْنَاهَـا

كانت المرأة الأرملة تمشي وهي تحمل طفلتها الرضيعة بكلتا يديها وتشدها إلى صدرها بقوة خوفاً عليها، رغم كل التعب الذي سيطر على معظم أجزاء جسدها.

• تَقُولُ يَا رَبِّ، لا تَتْرُكْ بِلاَ لَبَنٍ *** هَذِي الرَّضِيعَةَ وَارْحَمْنِي وَإيَاهَـا

وقد أخذت هذه المرأة الأرملة تناجي ربها ألا يجف حليب صدرها بسبب الجوع الذي أصابها، كي لا تحرم هذه الطفلة الرضيعة من الحليب، وتسأل الله سبحانه وتعالى أن يرحمها ويرحم طفلتها، وينظر لحالها وحال طفلتها.

• مَا تَصْنَعُ الأُمُّ في تَرْبِيبِ طِفْلَتِهَا **** إِنْ مَسَّهَا الضُّرُّ حَتَّى جَفَّ ثَدْيَاهَـا

تخاطب المرأة الأرملة نفسها وتقول كيف للأم أن تربي ابنتها حتى تكبر إن جف الحليب في ثديها، فهو المصدر الوحيد لبقاء طفلتها الرضيعة على قيد الحياة.

• يَا رَبِّ مَا حِيلَتِي فِيهَا وَقَدْ ذَبُلَتْ *** كَزَهْرَةِ الرَّوْضِ فَقْدُ الغَيْثِ أَظْمَاهَـا

تتضرع المرأة الأرملة إلى الله سبحانه وتعالى وتناجيه بعد أن استنفذت كل الطرق، ولم يعد لها أي حيلة أو قوة على الوقوف وابنتها قد بدأت بالذبول كما تذبل الأزهار في الرياض عندما ينقطع عنها المطر.

• هَذَا الذي في طَرِيقِي كُنْتُ أَسْمَعُـهُ *** مِنْهَا فَأَثَّرَ في نَفْسِي وَأَشْجَاهَـا

يقول الشاعر أن هذه المناجاة والآهات للمرأة الأرملة قد سمعتها عندما كنت ماراً في طريقي، ووجدتها تبكي وتدعو الله عز وجل بالفرج، فأثر في الموقف كثيراً وأحزنني واستوقفت ضميري.

• حَتَّى دَنَوْتُ إلَيْهَـا وَهْيَ مَاشِيَـةٌ *** وَأَدْمُعِي أَوْسَعَتْ في الخَدِّ مَجْرَاهَـا

يقول الشاعر اقتربت من المرأة وهي تمشي وقد بدأت دموعي تنهمر على خدي حزناً وألماً على ما وصلت إليه حالها، وحال طفلتها الرضيعة.

• وَقُلْتُ : يَا أُخْتُ مَهْلاً إِنَّنِي رَجُلٌ *** أُشَارِكُ النَّاسَ طُرَّاً في بَلاَيَاهَـا

يقول الشاعر ثم قلت لها توقفي يا أختي فإنني إنسان أشعر بآلام الناس البائسين وأشاركهم أحزانهم وأرأف لحالهم، وأحاول مساعدتهم قدر استطاعتي.

• سَمِعْتُ يَا أُخْتُ شَكْوَى تَهْمِسِينَ بِهَا *** في قَالَةٍ أَوْجَعَتْ قَلْبِي بِفَحْوَاهَـا

يخبرنا الشاعر في هذا البيت أنه قال للمرأة: سمعتك تناجين ربك وتهمسين بكلمات حزينة ألمت نفسي وأوجعت فؤادي لما حملته من معان تعبر عن آلامكِ وبؤسكِ.

• هَلْ تَسْمَحُ الأُخْتُ لِي أَنِّي أُشَاطِرُهَا *** مَا في يَدِي الآنَ أَسْتَرْضِي بِـهِ اللهَ

يقول الشاعر للمرأة الأرملة المرضعة هل تمسحين لي يا أختي بأن أمد لك يد العون أساعدك وأمنحك بعض المال واللباس كي تستعيدي عافيتك وعافية طفلتك، عسى أن أنال بذلك من الله عز وجل الأجر والثواب والرضوان.

الصور الفنية في قصيدة الأرملة المرضعة

تضمّنت قصيدة الأرملة المرضعة العديد من الصور الفنية، وفيما يأتي نذكر بعضاً منها:

• تمشي وقد أثقل الإملاق ممشاها: شبّه الشاعر الفقر بالشيء الثقيل الذي أثقل من مشية المرأة.
• واصفرَّ كالوَرْس من جوعٍ مُحياها: شبّه الشاعر لون وجه المرأة المصفر بنبات الورس الأصفر من شدة الجوع.
• ومزَّق الدهرُ ويلُ الدهرِ مِئزرها: شبّه الشاعر الزمان بالشيء الحاد الذي شق ثياب المرأة.
• تمشي بأطمارها والبرد يَلسعها كأنه عقربٌ شالت زُباناها: شبّه الشاعر البرد بشدته بالعقرب الذي يلسع.
• حتَّى غدا جسمُها بالبردِ مرتجفًا كالغُصن في الريح واصطكَّت ثناياها: شبّه الشاعر جسم المرأة النحيل بالغصن الذي تهزه الرياح كيفما اتفق.
• قد فاتها النطق كالعجماء أرحمها: شبّه الشاعر الطفلة الرضيعة بالخرساء التي لا تستطيع الحديث.
• فأرسلتْ نظرة رعشاء راجفة ترمي السهام وقلبي من رماياها: شبّه الشاعر نظرة المرأة المسكينة كأنها سهم رمت به قلبه فألمه.
• وأخرجَت زفَراتٍ من جوانحها كالنار تصعد من أعماق أحشاها: شبّه الشاعر أنفاس المرأة بالنار التي تخرج من أعماقها.
• ما تاه في فَلَوات الفقر مَن تاها: شبّه الشاعر الفقر بالأرض التي يتوه فيها الناس.

معاني المفردات الصعبة في قصيدة الأرملة المرضعة

فيما يأتي نعرض شرح لبعض المفردات الصعبة التي وردت في هذه القصيدة:

• الإملاق: شدة الفقر.
• رثّة: بالية، مهترئة.
• الورس: نبت أصفر من فصيلة البقليات.
• محياها: وجهها.
• أضناها: أتعبها.
• الجديدين: الموت والفقر.
• أطمار: الثوب البالي.
• زباناها: ذنبها.
• أهدام: ملابس.
• أوصاب: أوجاع.
• تربيب: تربية.
• كنه: سرّ.
• طرّ: جزء.
• ملحفتي: ردائي الخارجي.
• جوانح: داخل.
• الأنام: الناس.
• الدهر: الزمن .
• أبلى: جعله رثا.
• مئزرها: ثوبها.
• اصطكت: تضاربت.
• ثناياها: أسنانها.
• قمطتها: لفتها.
• الغيث: المطر.
• فاها: فمها.
• مروعة: خائفة.
• سقم: مرض.
• أشجاها: أحزنها.
• دنوت: اقتربت.
• أشاطرها: أقاسمها.
• بلاياها: مصائبها.
• أجهشت: همّت بالبكاء.
• ضنكا: ضيق الحال.

شرح قصيدة الأرملة المرضعة pdf

في هذه القصيدة اعتمد الشاعر على الأسلوب الكلامي والحوار مع المرأة الأرملة في سبيل وصف حالة أرملة البائسة وطفلتها الرضيعة، ويمكن تحويل قصيدة الأرملة المرضعة الى نص نثري حواري، وبعد أن عرضنا شرح قصيدة مع أبياتها، نعرض قصيدة الأرملة المرضعة PDF، ويمكن تحميل شرح قصيدة الأرملة المرضعة للشاعر معروف الرصافي بصيغة pdf مباشرة “من هنا“.

الأفكار الرئيسة في قصيدة الأرملة المرضعة

تناولت هذه القصيدة جملة من الموضوعات وهي على النحو الآتي:

• تحدث الشاعر عن حال المرأة الأرملة في المجتمعات العربية، وكيف تتبدل حالها إلى الفقر والإهمال، فالشاعر ينطلق في هذه القصيدة ليعبر عن همٍّ إنساني تعانيه المرأة العربية التي تفقد رجلها وسندها.
• تحدث الشاعر عن أزمة أخلاقية تتمثل بتخلي المجتمع عن المرأة الأرملة وأطفالها وتركهم يعانون الجوع والبرد والفقر.
• وصف الشاعر حال الرضيعة كيف أن الجوع أرهقها حتى ما عادت تملك قوة لتصيح طلبًا للحليب، فقد جفّ صدر أمها من الجوع.

تحليل قصيدة الأرملة المرضعة

• تبدأ القصيدة بالتصريع أي توافق أواخر الشطرين في السطر الأول بالروي والقافية، وهذا الأمر جاء جريًا على عادات العرب في التأليف الشعري، وهو من الأساليب المحببة عندهم، لأنه يؤدي إلى ابتداع موسيقى داخلية.
• يقدم الشاعر لنا قصيدته وكأنها قصة سردية يمكن تحويلها إلى نص نثري،  يعبّر فيها عن موقف حدث معه لكن بأسلوب شعري.
• يوظف الشاعر الشعر في هذه الأبيات ليعبُرَ من خلاله إلى نفس القارئ ويحرك مشاعره تجاه هذه المرأة التي تعاني من الحرمان والعوز.
• وصف الشاعر هذه المرأة بحال مرثي لها، فهي تمشي بملابس رثة مهترئة، وعلى وجهها يظهر واضحاً الشحوب والتعب والجوع.
• يرسم الشاعر لوحة تتجلى فيها المرأة الأرملة وهي تحمل رضيعتها بكلتا يديها وتشدها إلى صدرها وتناجي ربها بأن يرزقها حتى يدب اللبن في ثدييها؛ لترضع هذه الطفلة قبل أن تموت من شدة الجوع.

مقالات قد تهمك

وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا الذي شرح قصيدة الأرملة المرضعة pdf والأفكار الرئيسية فيها، ومن هو كاتب هذه القصيدة معروف الرصافي وما مناسبة قصيدة الأرملة المرضعة، بالإضافة إلى بيان الصور الفنية في قصيدة الأرملة المرضعة، وأهم الأفكار الرئيسة في القصيدة، وعرض تحليل قصيدة الأرملة المرضعة.