شرح قصيدة الكميت في مدح الهاشميين وأهم الصور الفنية فيها

شرح قصيدة الكميت في مدح الهاشميين وأهم الصور الفنية فيها يبحث عنها كثير من القراء وخصوصًا من محبي الشعر العربي القديم الذي يحظى بمكانة رفيعة رغم مرور مئات السنوات، وسوف نقدم للزوار الكرام في هذا المقال معلومات عن الشاعر الكميت، وسوف نتعرف على معاني أبيات قصيدته التي نظمها في مدحِ بني هاشم، كما سوف نتعرف على معاني المفردات الصعبة في القصيدة وعلى أهم الصور الفنية والبلاغية فيها وغير ذلك من المعلومات والتفاصيل الأخرى المتعلقة بها.

من هو كاتب قصيدة مدح الهاشميين

ترجع هذه القصيدة إلى الكميت بن زيد الأسدي، وهو شاعر عربي كوفي عراقي اشتهر في العصر الأموي، ولد تقريبًا في سنة 60 هجرية أيام مقتل الحسين بن علي رضي الله عنه، وسكن في الكوفة، واشتهر بحبه لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والتشيع لهم، وقصائده التي نظمها في مدحهم تسمى الهاشميات، وأطلق عليه لقب شاعر الهاشميات، وأما نسبه الكامل فهو الكميت بن زيد بن خنيس بن مجالد بن ذؤيبة بن قيس بن عمرو بن سبيع بن مالك بن سعد بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ويكنى باسم أبي المستهل، كان ذكيًا شاعرًا فصيحًا وخطيبَ بني أسد، وكان أيضًا فقيهًا وشجاعًا وفارسًا، وهو أول من ناظر في التشيع وجاهر بذلك، توفي مقتولًا في عام 126 هجرية بعد سنة واحدة من خلافة مروان بن محمد.^[1]

شرح قصيدة الكميت في مدح الهاشميين

تعدُ قصيدة مدح الهاشميين والتي نظمها الشاعر الكميت من أشهر القصائد في مدحهم، وهي القصيدة التي يقول في مطلعها: طَرِبتُ وما شَوقاً إلى البِيضِ أَطرَبُ ولاَ لَعِبًا مِنّي أذُو الشَّيبِ يَلعَبُ، والقصيدة على البحر الطويل وقافية الباء المضمومة، وهي من القصائد الطويلة جدًّا فقد بلغ عدد أبيات القصيدة كاملة 140 بيتًا، وفيما يأتي سوف يتم إدراج شَرح أبيات القَصيدة بشكل مفصل وواضح:

طَرِبتُ وما شَوقاً إلى البِيضِ أَطرَبُ
ولاَ لَعِبًا مِنّي أذُو الشَّيبِ يَلعَبُ
ولم يُلهِنِي دارٌ ولا رَسمُ مَنزِلٍ
ولم يَتَطَرَّبنِي بَنانٌ مُخَضَّبُ

يبدأ الشاعر الكميت قصيدته بالحديث عن عدم اكتراثه بالنساء فيقول: لقد أطربني الهوى والشوق، ولكنني لم أطرب ولم يشغني هوى الفتيات البيضاوات الحسناوات، وهذا الشوق ليس لهوًا وطيشًا مني، فقد شاب شعري وكبر سني، وصاحب الشيب لا يعبث ولا يلهو، كما أنني لم أنشغل بالأطلال ولا بآثار المنازل والديار التي يتغنى بها الشعراء، كما أن الفتيات الجميلات ذوات الأصابع المخضبة بالحناء لم تستهويني ولم تستطع أن تغويني، فالشوق والهوى الذي أعيشه في غير هذا الاتجاه.

وَلكِن إِلى أهلِ الفَضَائِلِ والنُّهَى
وَخَيرِ بَنِي حَوَّاءَ والخَيرُ يُطلَبُ
إلى النَّفَرِ البيضِ الذِينَ بِحُبِّهم
إلى الله فِيمَا نَابَنِي أتَقَرَّبُ
بَنِي هَاشِمٍ رَهطِ النَّبِيِّ فإنَّنِي
بِهِم ولَهُم أَرضَى مِرَاراً وأغضَبُ

هنا يوضح الشاعر لمن يحمل ذلك الشوق الذي يطربه فيقول: إنَّ الهوى الكبير الذي أحمله في قلبي هو لأناس كرام من أهل التقى والفضل، وهم أفضل وأحسن الناس على الإطلاق، وبالتأكيد فإنَّ الخير يقصَد وهو الذي يجدر بالناس أن يطلبوه ويقصدوه ويحبوه، أولئك هم أصحاب النفوس والقلوب البيضاء، الذين أتقرب بحبهم وهواهم إلى الله تعالى، فالقوم الذين أطرب شوقًا لهم آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني هاشم، وأنا من أجلهم دائمًا أغضب وأرضى، فأرضى إن رضوا عني وأغضب دفاعًا عنهم.

خَفَضتُ لَهُم مِنّي جَنَاحَي مَوَدَّةٍ
إلى كَنَفٍ عِطفَاهُ أهلٌ وَمَرحَبُ
وَكُنتُ لَهُم من هَؤُلاكَ وهَؤُلا
مِجَنّاً عَلَى أنِّي أُذَمُّ وأُقصَبُ
وأُرمى وأرمي بالعَدَاوَةِ أهلَها
وإنّي لأوذَى فِيهُم وأُؤَنَّبُ

وأنا أتواضع لهم في كل حال، وأتودد لهم لأنهم أهل لذلك وأعظمهم وأبجِّلهم، فهم مثل رداء سمح كريم عطفيه أو جانبيه جانب منهما مرحبا وجانب منهما أهلًا، وقد كنت دائمًا مثل الدرع والترس أحمي حماهم وأذود وأدافع عنهم ضد كل المسيئين والمعتدين، ولا أتواني عن رماية من أساء إليهم وأظهر عداءه لهم، حيث أنني أرمي مرارًا وتكرارًا من يرميهم بالعداوة، رغم أنني أتعرض بسبب ذلك للتأنيب ويضعف جسمي وأعاني كثير من المتاعب والشدائد.

فَمَا سَاءَني قَولُ امرىءٍ ذِي عَدَاوةٍ
بِعَوراء فِيهِم يَجتَدِينِي فَيَجدُبُ
فَقُل لِلذي في ظِلِّ عَميَاءَ جَونةٍ
يَرى الجَورَ عَدلاً أينَ تَذهَبُ
بِأيِّ كِتَابٍ أَم بِأيَّةِ سُنَّةٍ
تَرَى حُبَّهُم عَاراً عَلَيَّ وتَحسَبُ

ولكن رغم كل ما أتعرض له من تقريع وتأنيب في حب آل هاشم فأنا ماضٍ في حبهم وفي الدفاع عنهم، ولا يهمني قول أحد من الذين يحملون العداوة في قلوبهم حول حبي لهم، ولا أدري أين سوف يولي وجهه كل من يبطش ويظلم ويقتل بالناس، ثم يقول إنَّ حب بني هاشم ضلال أو ظلم، فأي الأمرين فيه الجور والظلم، وكيف لا يستطيعون أن يميزا بين الحق والباطل، وبأي حق بأية شريعة وبأي دليل يرى أولئك أن حبي لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عار ويحاسبونني عليه.

أَأَسلَمُ ما تَأتِي بِهِ من عَدَاوَةٍ
وَبُغضٍ لَهُم لاَجَيرِ بَل هو أشجَبُ
سَتُقرَعُ مِنهَا سِنُّ خَزيَانَ نَادِمٍ
إِذَا اليَومُ ضَمَّ النَّاكِثينَ العَصَبصَبُ

ويا من تلومني في هواهم وتقول هو عار وضلال، ما هو الأسلم عند الله تعالى هل عداوتهم وبغضهم أسلم من محبتهم، بالتأكيد لا، بل ذلك أمر خطير ومحزن في نفس الوقت أن تعتقدو أن محبتهم فيها عار أو عيب، ويا من تعادون آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سوف تندمون في يوم من الأيام وسوف تقبلون يوم القيامة خاسرين لأنكم أخلفتم عهودكم مع آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم تحفظوا الود والحب لهم، فانتظروا ذلك اليوم شديد الحساب.

فَطَائِفَةٌ قد أكفََرَتنِي بِحُبِّكُم
وَطَائِفَةٌ قَالُوا مُسِيءٌ وَمُذنِبُ
فما سَاءَنِي تَكفِيرُ هَاتِيكَ مِنهُمُ
ولا عَيبُ هاتِيكَ التي هِيَ أعيَبُ

وظلَّ أولئك القوم يلومونني في حبهم، فكان البعض منهم يدعي أنني كافر بسبب حب بني هاشم من آل البيت، والبعض كانوا يقولون أنني مخطئ ومسيء في ذلك، ولم أتأثر بتكفير هؤلاء ولا بما قاله أولئك، فكملاهما جاء بكلام غير مقبول فالعيب فيهم لا محالة.

يُعيبُونَنِي من خُبثِهِم وَضَلاَلِهم
على حُبِّكُم بَل يَسخُرون وأعجَبُ
وقالوا تُرَابِيُّ هَوَاهُ ورأيُه
بذلِكَ أُدعَى فِيهُمُ وألَقَّبُ

فأولئك الذين يعيبون عليَّ حبَّ آل محمد صلى الله عليه وسلم ويعادون بني هاشم ما يفعلون ذلك إلا بسبب خبث نفوسهم وضلال عقولهم التي ساقتهم إلى هذه المسالك، ولكنني متعجب من سخريتهم لحبي لكم، وصاروا يقولون عني الأقاويل ويطلقون عليَّ الألقاب، فقالوا إنّني ترابيَّ الهوى وذلك نسبةً لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقد كناه رسول الله صلى الله عليه وسلم باسم أبي تراب، ولكنني أفتخر بهذا اللقب وأفتخر لحبي لبني هاشم حتى لو عاداني جميع الناس.

الصور الفنية في قصيدة الكميت في مدح الهاشميين

تنطوي قصيدة الكُميت على العديد من الصور الفنية والبلاغية المميزة والتي تزيد القصيدة جمالًا وتضفي على المعاني لمسات فنية وزخرفة لغوية بديعة وتوصل المعاني إلى القراء بطرق جميلة ومحببة إلى النفوس، وتتنوع أشكال الصور الفنية والبلاغية في الشعر ما بين التشبيهات والطباق والكنايات والاستعارات وغير ذلك  من الأساليب المستخدمة، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أهم الصور الفنية والبلاغية في القصيدة:

• أسلوب الطباق: ورد أسلوب الطباق في القصيدة أكثر من مرة كما في قول الشاعر: بَنِي هَاشِمٍ رَهطِ النَّبِيِّ فإنَّنِي بِهِم ولَهُم أَرضَى مِرَاراً وأغضَبُ، حيث أن كلمة أرضى وكلمة أغضب متعاكستان بالمعنى.
• أسلوب الكناية: ورد أسلوب الكناية في قول الشاعر: خَفَضتُ لَهُم مِنّي جَنَاحَي مَوَدَّةٍ، في هذه الجملة يكنِّي الشاعر عن التواضع لآل البيت وإجلالهم وتعظيمهم.
• تشبيه بليغ: استخدم الشاعر أسلوب التشبيه البليغ في قوله: وَكُنتُ لَهُم من هَؤُلاكَ وهَؤُلا مِجَنّاً، حيث يشبِّه الشاعر نفسه بالدرع وهو المجن، فالمشبه هو أنا في كلمة كنتُ، والمشبه به المجن، ولكنه حذف أداة التشبيه ووجه الشبه.

معاني المفردات الصعبة في قصيدة الكميت في مدح الهاشميين

هنالك العديد من الكلمات الموجودة في قصائد الشعراء ولكنها غير مستخدمة في حياة الناس ولذلك يصعب التعرف على معانيها دون اللجوء إلى المعاجم، وقد يكون ذلك بسبب الفارق بين اللهجات العامية في الدول العربية وبين اللغة العربية الفصحى، كما أنَّ اللغة المستخدمة بالشعر قد تكون أصعب كونها تعتمد على الموروث اللغوي القديم غالبًا وخصوصًا القصائد القديمة، وفيما يأتي سوف يتم إدراج شرح أهم المفردات الصعبة في القصيدة:

شرح قصيدة الكميت في مدح الهاشميين pdf

يميل كثير من الزوار إلى الحصول على شرح أبيات القَصيدة على شكل ملف pdf وذلك من أجل استخدامه في العديد من الأغراض المتنوعة، حيث أنَّ البعض يرغب بالحصول عليه من أجل الاحتفاظ به على جهازه المحمول سواء كان الموبايل أو الآيباد أو اللابتوب أو أي جهاز آخر من أجل استخدامه في أوقات أخرى، ويرغب به بعض الناس أيضًا بالحصول عليه من أجل طباعته واستخدامه ورقيًا والاستفادة منه في إعداد أبحاث أو تحليل أو حلقات بحث عن القصيدة، ويمكن الحصول على شرح أبيات القََصيدة سابقة الذكر على شكل ملف pdf من خلال الضغط على الرابط التالي “من هنا“.

مقالات قد تهمك

وإلى هنا أحبتي نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال شرح قصيدة الكميت في مدح الهاشميين وأهم الصور الفنية فيها وقد تعرفنا على أهم المعلومات عن الشاعر الشهير الكميت، كما تعرفنا على شَرح معاني أبيات قصيدته السابقة وعلى أهمِّ الصور الفنية والبلاغية فيها إضافة إلى التعرف على معاني الكلمات والألفاظ الصعبة وملف شَرح أبيات القَصيدةِ بصيغة pdf وغير ذلك من التفاصيل والمعلومات المتعلقة.