عناصر المقال
شرح قصيدة الهمزية في مدح خير البرية للبوصيري والصور الفنية فيها يبحث عنها كثير من الأشخاص وخصوصًا من عشاق الشعر العربي القديم، حيث يتميز الشعر القديم بقوة ألفاظه وجزالة تعابيره، ولذلك يحتل مكانة كبيرة في قلوب محبي الشعر، وسوف نقدم للزوار الكرام في هذا المقال معلومات عن الشاعر محمد بن سعيد البوصيري، وسوف نتعرف أيضًا على شَرح قصيدته الهمزيَّة، وسوف نتعرف على معاني أهم الكلمات الصعبة في القصيدة وعلى الصور الفنية والبلاغية فيها وغير ذلك من المعلومات والتفاصيل المتعلقة.
من هو كاتب قصيدة الهمزية في مدح خير البرية
إنَّ كاتب هذه القصيدة هو الشاعر شرف الدين البوصيري، وهو شاعر شهير في التاريخ الإسلامي، فقد اشتهر بكتابة قصائد المديح النبوي، ومن أشهر قصائده القصيدة المعروفة باسم البردة وتسمى أيضًا الكواكب الدرية في مَدح خَير البريَّة، ولد البوصيري في قرية دلس في الجزائر في عام 1213م، وقيل ولد لأسرة ترجع أصولها إلى قبيلة صنهاجة وهي إحدى القبائل البربرية الشهرية في المغرب، كما قيل أنه ولد في مدينة دلاص في بني سويف في مصر، ونشأ في قرية بوصير القريبة من مسقط رأسه ولذلك سمي البوصيري، ثمَّ انتقل بعد ذلك إلى القاهرة، حفظ القرآن الكريم في طفولته.
وتلقى تعليمه على أعلام عصره من الشيوخ والعلماء، كما تتلمذَ على يديه كثير من العلماء المشاهير مثل: أبي العباس المرسي وفتح الدين أبو الفتح محمد الأندلسي الإشبيلي وأثير الدين أبي حيان الغرناطي وغيرهم، ومنذ صغره اهتم بتفاصيل أخبار النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته، وكثف جهوده وأفرغ طاقته الشعرية وقدراته في صياغة القصائد في مَدح رسول الله عليه الصلاة والسلام، توفي في عام 1295م عن عمر يناهز 82 عامًا.[1]
شرح قصيدة الهمزية في مدح خير البرية
تعدُّ هذه القَصيدَة واحدة من أشهر قصائد البوصيري، كما تعدُّ من أهم القصائد في المديح النبوي كونها تتميز بقوة نظمها وبلاغتها وشموليتها، حيث يقول الشاعر في مطلعها: كيف ترقَى رُقِيَّك الأَنبياءُ يا سماءً ما طاوَلَتْها سماءُ، وقد ذكر فيها الشاعر معظم مواقف السيرة النبوية والشمائل المحمدية، وقد قال عنها الحافظ ابن حجر الهيثمي: “من أبلغ ما مُدح به النبي صلَّى الله عليه وسلَّم من النظم الرائق البديع، وأحسن ما كُشف عن كثير من شمائله من الوزن الفائق المنيع، وأجمع ما حوته قصيدة من مآثره وخصائصه ومعجزاته،”، وقد نظمها الشاعر على البحر الخفيف وقافية الهمزة المضمومة ولذلك سمَّاها الهمزيَّة، وهي من القصائد الطويلة جدًا فقد بلغ عدد أبيات القصيدة كاملة 457 بيتًا، وفيما يأتي سوف يتم إدراج شَرح القََصيدة:
- كيف ترقَى رُقِيَّك الأَنبياءُ
يا سماءً ما طاوَلَتْها سماءُ
لَمْ يُساوُوك في عُلاكَ وَقَدْ حا
لَ سناً مِنك دونَهم وسَناءُ
يتساءل الشاعر متعجبًا بقوله: كيف سيتمكن الأنبياء من الصعود مثلما تصعد أنت للوصول إلى مكانتك، وأنت سماء عالية في المكارم والعلا لم تصل إليها أية سماء، ولم يصل أي نبي إلى مقامك، وقد منعهم أن يصلوا إلى مكانتك ضياء مبهر منك وعلو ورفعة، لن يصل إلى مكانتك أحد غيرك من البشر.
- إنّما مَثَّلُوا صِفاتِك للنا
س كما مثَّلَ النجومَ الماءُ
أنتَ مِصباحُ كلِّ فضلٍ فما تَص
دُرُ إلا عن ضوئِكَ الأَضواءُ
وهنالك فرق كبير بين صفاتك وصفات البقية كما هو الفرق بين النجوم التي في السماء والماء على الأرض، فأنت يا رسول الله مصباح كل الفضائل تشع على الأرض، وليس هنالك فضيلة في الأرض إلا وصدرت منكَ ونشرتها بين البشر.
- ليلةُ المولدِ الذي كَان للدِّي
نِ سرورٌ بيومِهِ وازْدِهاءُ
وتوالَتْ بُشْرَى الهواتفِ أن قدْ
وُلِدَ المصطفى وحُقّ الهَناءُ
ينتقل الشاعر للحديث عن يوم مولد النبي فيقول: لقد كان ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فرج وسرور وسعادة بالإضافة إلى مشاعر الفخر والكبرياء بما حدث، وقد تناقل هذا الخبر والبشرى العظيمة في ذلك الوقت كل الناس، وراح صدى قولهم ولد المصطفى يتردد في كل مكان، وصار السرور والهناء مستحقًا بينهم.
- ثم قام النبيُّ يدعو إلى الل
هِ وفي الكُفرِ نَجْدَةٌ وإباءُ
أُمَمَاً أُشرِبَتُ قلوبُهُم الكُف
رَ فَدَاءُ الضَّلالِ فيهم عَيَاءُ
بعد حينٍ جاءته الدعوة وأوحى الله تعالى إليه، فقام يدعو إلى دين التوحيد، ولكن الكفر كان ما يزال قويًا وفي أنفة وعزة وكبرياء، فقد شربت تلك الأقوام الكفر سنوات طويلة، وأصبح داؤهم هذا صعب علاجه.
- فَبِمَا رحمةٍ مِنَ اللَّهِ لانَتْ
صَخْرةٌ مِنْ إبائِهم صَمَّاءُ
وَاستجابَتْ له بنصرٍ وَفَتْحٍ
بعد ذاكَ الخضراء والغبراءُ
وقد شكل رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشًا من المسلمين صارت الصخور تلين له من شدتهم وإبائهم وكبريائهم، وقد استجاب الانتصارات والفتوحات له في كل مكان، حتى أنَّ الأض المقفرة والأرض الثرية المخضرة استجابت لتلك الانتصارات.
- فإذا ما تلا كتابا من الل
هِ تَلَتْهُ كَتِيبَةٌ خضراءُ
وَكفاهُ المستهزئينَ وَكم سا
ءَ نبِيَّاً من قومِه استهزاءُ
وعندما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ أمرًا من الله تعالى أو آية كان وكأن الله يرسل بعد ذلك عليه رجالًا ليقاتلو معه، كما أنَّ الله تعالى كفاه من يستهزئ به من الناس، رغم أن كثير من الأنبياء قبله قد تعرضوا للاستهزاء من قبل أقوامهم.
- فهْوَ كالزّهْرِ لاحَ من سَجَفِ الأك
مام والعودِ شُقَّ عنه اللّحاءُ
كَادَ أَنْ يُغشِيَ العُيونَ سناً مِنْ
هُ لِسِرٍّ فيه حَكَتْهُ ذُكاءُ
إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الأزهار الجميلة جدًا والتي خرجت من بين الأكمام، أو عودًا طريًا جميلًا قد انشقَّ عنه اللحاء، وكاد عليه الصلاة والسلام أن يسبب العما للعيو من شدة ضيائه والذي ترجمته الشمس في السماء.
- فسلامٌ عليك تَتْرَى مِنَ الل
هِ وَتَبْقَى به لَكَ البَأواءُ
وسلامٌ عليك منكَ فما غَي
رُك منه لكَ السلام كِفاءُ
وفي الختام سلام الله عليك يا رسول الله من الله تعالى، سلامات من الله تعالى تنزل عليك تترى متتابعة من دون توقف لتحظى بها مكانة عظيمة جدًّا، وعليك أيضًا السلام من نفسك أنتَ لأنَّه ليس هنالك رجل كفء لك يوجه إليك السلام إلا أنت، وهذا يدل على مكانة رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفس الشاعر، وأنَّه لا يوجد أحد مثله أبدًا.
الصور الفنية في قصيدة الهمزية في مدح خير البرية
إنَّ قصيدة الشاعر شرف الدين البوصيري تشتمل على عدد كبير من الصور الفنية والتي يعتمد عليها الشعراء عادةً في كتابة الشعر ليتم إيصال المعنى إلى الناس بطرق غير مباشرة وأكثر جمالًا، وتمنح هذه الصور الفنية القصائد العديد من الألوان الموسيقية إضافة إلى أساليب مختلفة لتزييِن وزخرفة الأبيات الشعرية، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أهم الصور الفنية والبلاغية في القصيدَة:
- أسلوب الكناية: ورد أسلوب الكناية كثيرًا في القصيدة في قول الشاعر: وَاستجابَتْ له بنصرٍ وَفَتْحٍ بعد ذاكَ الخضراء والغبراءُ، كناية عن أنه لا يوجد شخص مثله عليه الصلاة والسلام.
- تشبيه بليغ: ورد في قوله: أنتَ مِصباحُ كلِّ فضلٍ، فقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم بالمصباح، فأنت هو المشبه، والمصباح هو المشبه به، وحذف أداة التشبيه ووجه الشبه.
- أسلوب الطباق: ورد أسلوب الطباق في القصيدة في قول الشاعر: وَاستجابَتْ له بنصرٍ وَفَتْحٍ بعد ذاكَ الخضراء والغبراءُ، إن كلمة الخضراء عكس الغبراء، فالخضراء الأرض وقت نمو النباتات والخير، والغبراء الأرض وقت الجفاف.
- استعارة مكنية: وردت الاستعارة المكنية في قوله الشاعر: وَاستجابَتْ له بنصرٍ وَفَتْحٍ بعد ذاكَ الخضراء والغبراءُ، شبه الخضراء والغبراء بالأشخاص، فحذف المشبه به ودلت عليه إحدى صفاته وهي الاستجابة.
- أسلوب الجناس: ورد أسلو الجناس في قوله: وَقَدْ حالَ سناً مِنك دونَهم وسَناءُ، وهو جناس غير تام لاختلاف بعض الحروف بين سنا وسناء.
معاني المفردات الصعبة في قصيدة الهمزية في مدح خير البرية
توجد كثير من الكلمات التي قد يجدها بعض الأشخاص صعبة وغير مفهومة في الشعر سواء كان الشعر وخصوصًا في الشعر القديم، فقد كانت العرب يستخدمون اللغة العربية الفصيحة، وقد تغيرت اللغة بعض الشيء مع مرور مئات السنوات، وكثير من الكلمات لم تعد مستخدمة، ولذلك توجد كثير من الكلمات التي يصعب فهمها من دون اللجوء إلى معاجم وكتب تفسرها، ومثل هذه القصائد القديمة تضمُّ كثير من الكلمات التي لا تكون مستخدمة في الحياة العامّة أيضًا لاختلاف اللهجات العامية عن اللغة الفصحى، وفيما يأتي سوف يتم إدراج شرح المفردات الصعبة في القصيدة:
المفردة | شرح المفردة |
ترقى | تصعد في السماء |
طاولتها | وصلت إليها |
سنا | ضياء |
ازدهاء | الافتخار والعجب |
عياء | لا يوجد له دواء |
صماء | قاسية وصلبة جدًّا |
الغبراء | الأرض في أيام الجدب والجفاف بعكس الخضراء |
سجف | الستارة وقيل الستاران وبينهما فرجة |
ذكاء | الشمس |
تترى | متتابعة ومتتالية |
البأواء | العظمة |
كفاء | كفء |
شرح قصيدة الهمزية في مدح خير البرية pdf
كثير من الناس يرغبون بالحصول على شرح قَصيدة شرف الدين البوصيري على شكل ملف بصيغة pdf، حتى تتم الاستفادة منه في أمور عديدة، فقد يرغب البعض بالاحتفاظ بالملف على الهاتف المحمول أو اللابتوب أو على أي جهاز آخر من أجل استخدامه عند الحاجة إليه في وقت لاحق، كما يرغب البعض بالحصول على شَرح القصيدةِ من أجل طباعته واستخدامه بشكل ورقي في أغراض عديدة، ويمكن أن يتم الحصول على شرحِ أبيات القَصيدة على شكل ملف بصيغة pdf من خلال الضغط على الرابط التالي “من هنا“.
مقالات قد تهمك
وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال شرح قصيدة الهمزية في مدح خير البرية للبوصيري والصور الفنية فيها وقد تعرفنا على بعض المعلومات عن الشاعر شرف الدين البوصيري، كما تعرفنا على شَرح أبيات قصيدته في مَدح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتمَّ إدراج الصور الفنية فيها وعلى أهم معاني المفردات الصعبة وشرح قصيدته بصيغة pdf وغير ذلك من المعلومات والتفاصيل.
التعليقات