شرح قصيدة بم التعلل لا أهل ولا وطن لأبي الطيب المتنبي

شرح قصيدة بم التعلل لا أهل ولا وطن لأبي الطيب المتنبي
شرح قصيدة بم التعلل لا أهل ولا وطن

شرح قصيدة بم التعلل لا أهل ولا وطن لأبي الطيب المتنبي هذه القصيدة العظيمة التي انتشرت لجمالها بين العرب انتشار النار في الهشيم، وعلى الرّغم من مرور القرون من السنوات على وفاة قائلها أبي الطيب المتنبي إلّا أنّها لم تزل شائعة ومنتشرة بين الناس، وفي هذا المقال سوف نقوم بالحديث عن كاتب هذه القصيدة وسوف نقدم شرحها المفصل وسوف نمر على الصور الفنية الموجودة في هذه القصيدة وسوف نلقي الضوء على شرح مفرداتها الصعبة وسنقدم رابط تحميل ملف بي دي إف يتضمن شرح قصيدة بم التعلل كاملة.

كاتب قصيدة بم التعلل لا أهل ولا وطن

إنّ الشاعر الذي كتب قصيدةَ بم التعلل لا أهل ولا وطن هو الشاعر العباسي أبو الطيب المتنبي، وهو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكندي الكوفي، وجده جعفي، هو ابن سعد العشيرة من مَذحِج، وجدير بالقول إنّ كندة التي يرجع نسب المتنبي إليها هي محلة في الكوفة في العراق وليست قبيلة كندة العربية التي يرجع إليها نسب الشاعر الجاهلي امرئ القيس، وقد ولد المتنبي في سنة 303 للهجرة الموافق لسنة 915 ميلادية، وهو شاعر العرب الأول بحسب رأي الكثير من النقاد على مر العصور، وهو أعجوبة من أعاجيب عصره، فشعره لم يزل حتّى اليوم مصدر إلهام للكثير من الشعراء العرب، وهو مفخرة من مفاخر الأدب العربي، كتب الكثير من قصائد المدح للملوك، وقد ورد عنه أنّه قال الشعر وهو ابن تسع سنين وكان ذكيًا ذا موهبة فطرية.

اشتهر المتنبي في الأدب العربي بأنّه الشاعر الذي قتله شعره، ففي يوم من الأيام هجا المتنبي رجلًا اسمه ضبة بن يزيد الأسدي العيني، وكانت ألفاظ هذه القصيدة شديدة عليه، فقد طعن بشرفه في كثير من أبيات هذه القصيدة، وهي قصيدة مطلعها:

مَا أنصَفَ القَومُ ضبّة وَأمهُ الطرْطبّة
وإنّما قلتُ ما قُلــتُ رَحمَة لا مَحَبة

وفي يوم من الأيام كان أبو الطيب المتنبي راجعًا إلى الكوفة، وكان معه ابنه محمد وغلام له اسمه مفلح، وهو في الطريق لقيه رجل اسمه فاتك بن أبي جهل الأسدي وهو خال ضبّة بن يزيد العوني الذي هجاه المتنبي بأقذع الألفاظ، فلمّا تصارع الطرفان قُتل المتنبي وابنه وغلامه في منطقة النعمانية الواقعة قريبًا من دير العاقول في جنوب غرب بغداد في العراق، وكانت وفاته في سنة 354 للهجرة وهي السنة التي وافقت سنة 965 للميلاد. [1]

شرح قصيدة بم التعلل لا أهل ولا وطن

إنّ قصيدة بم التعلل لا أهلٌ ولا وطَنٌ هي من القصائد الرائعة التي كتبها أبو الطيب المتنبي، وهي قصيدة نونية على البحر البسيط، وهي قصيدة تتألف من خمسة وعشرين بيتًا، نذكر منها الأبيات الأشهر مع شرحها فيما سيأتي:

  • بِمَ التَعَلُّلُ لا أَهلٌ وَلا وَطَنُ / / / وَلا نَديمٌ وَلا كَأسٌ وَلا سَكَنُ
    أُريدُ مِن زَمَني ذا أَن يُبَلِّغَني / / / ما لَيسَ يَبلُغُهُ مِن نَفسِهِ الزَمَنُ

يبدأ الشاعر أبو الطيب المتنبي هذه القصيدة بالسؤال: بماذا أتصبر وأهون على نفسي ما تعاني من ألم ومشقة وتعب وأنا لا أهل لي ولا وطن يأويني، ولا صديقَ ولا كأس خمر أتصبر به ولا سكن أعيش به بسلام وأمان، وكان هذا القول في الفترة التي كان ينتظر فيها المتنبي ما وعده به كافور الإخشيدي حاكم مصر من رتبة ومنزلة رفيعة ومكانة، ثم يقول: أريد من هذا الزمن أن يصل بي إلى مكان لا يصله الزمن نفسه، والمقصد من هذا البيت أنّه يريد أن يبقى في ريعان الشباب سعيدًا لا يغزوه الهرم ولا المشيب ولا التعب ولا العجز.

  • لا تَلقَ دَهرَكَ إِلّا غَيرَ مُكتَرِثٍ / / / ما دامَ يَصحَبُ فيهِ روحَكَ البَدَنُ
    فَما يَدومُ سُرورٌ ما سُرِرتَ بِهِ / / / وَلا يَرُدُّ عَلَيكَ الفائِتَ الحَزَنُ

في هذه الأبيات يخاطب الشاعر أبو الطيب المتنبي نفسه؛ فيقول: ما دمت على قيد الحياة فلا تلقِ بالًا للزمن ولا للنوائب ولا للمصائب، فإنها زائلة لا محالة، وإنّ الشيء الوحيد الذي إذا ذهب لن يعود هو العمر، ثم يعود ويؤكد قوله في البيت الثاني من هذا المقطع، ليقول: لا تلقِ بالًا للدهر فإنّ السرور والجمال لا يدوم في هذا العمر، وإنّ الأشياء التي تفوت لا يمكن للحزن أن يردها، لذلك لا تحزن على ما فات أبدًا؛ لأنّ كل شيء في هذه الحياة سائر إلى زوال،

  • مِمّا أَضَرَّ بِأَهلِ العِشقِ أَنَّهُمُ / / / هَوُوا وَما عَرَفوا الدُنيا وَما فَطِنوا

في هذا البيت الشعري يتحدث المتنبي عن العشاق، فيقول إنّ العشاق في هذا العالم عشقوا ولم يعرفوا أنّ الحياة مليئة بالغدر، فلم يعرف العشاق طبع هذه الحياة الدنيا وما هي عليه من الغدر والخيانة، فهم عشقوا فلمّا عرفوا حال الدنيا شعروا بالخذلان والخيانة والغدر.

  • يا مَن نُعيتُ عَلى بُعدٍ بِمَجلِسِهِ / / / كُلٌّ بِما زَعَمَ الناعونَ مُرتَهَنُ
    ما كُلُّ ما يَتَمَنّى المَرءُ يُدرِكُهُ / / / تَجري الرِياحُ بِما لا تَشتَهي السُفُنُ

يخاطب الشاعر في هذا البيت سيف الدولة الحمْداني فيقول: يا سيف الدولة، أيها الرجل الذي نعاني الناس في مجلسك وقالوا عني الأقاويل وألفوا عليّ الأشياء التي ليست فيّ، يقول له: ما كل ما يتمنى الإنسان في هذه الحياة يصل إليه، فالرياح تجري في الغالب بما لا تريد السفن، ويقصد هنا أعداءه الذين شاؤوا له الموت، ولكنهم لم يحصلوا على مرادهم، لأنّ الشاعر نجا من هذه المكيدة وصار في مكان آمن فيه.

  • جَزاءُ كُلِّ قَريبٍ مِنكُمُ مَلَلٌ / / / وَحَظُّ كُلِّ مُحِبٍّ مِنكُمُ ضَغَنُ
    وَتَغضَبونَ عَلى مَن نالَ رِفدَكُمُ / / / حَتّى يُعاقِبَهُ التَنغيصُ وَالمِنَنُ
    فَغادَرَ الهَجرُ ما بَيني وَبَينَكُمُ / / / يَهماءَ تَكذِبُ فيها العَينُ وَالأُذُنُ

    إنّي أُصَاحِبُ حِلمي وَهْوَ بي كَرَمٌ / / / وَلا أُصاحِبُ حِلمي وَهوَ بي جُبُنُ

يقول الشاعر في هذه الأبيات إنّ الجزاء الذي يحصله القريب منكم هو الملل والكلل، والجزاء الذي يحصله كل محب لكم هو الكراهية والحقد، ثم يقول الشاعر إنّكم تغضبون على كل من كسب عطاءكم، فما يكسب بعد ذلك إلّا كدر العيش والمنة منكم على المعروف الذي صنعتموه له، فعطاؤهم لا يخلو بأي شكل من الأشكال من المن والأذى والتكدير وهنا يتحدث عن سيف الدولة الحمداني، ثم يقول إنّه يصاحب حلمه إذا كان مقترنًا بالكرم والجود ولا يصاحبه إذا كان مقترنًا بالخوف والجُبن وقلة الشجاعة.

الصور الفنية في قصيدة بم التعلل لا أهل ولا وطن

توجد في قصيدة بم التعلل لا أهلٌ ولا وَطن الكثير من الصور الفنية الرائعة وهذا ما اشتهر به كل شعر أبي الطيب المتنبي، ومن أجمل الصور الفنية الواردة في هذه القصيدة هي:

  • استعمل الشاعر في هذه القصيدة الطباق في أكثر من موضع، والطباق هو ذكر الشيء وضده، مثل قوله: (فَما يَدومُ سُرورٌ ما سُرِرتَ بِهِ / / / وَلا يَرُدُّ عَلَيكَ الفائِتَ الحَزَنُ) والطباق هنا في كلمة السرور والحزن، وفي قوله: (إنّي أُصَاحِبُ حِلمي وَهْوَ بي كَرَمٌ / / / وَلا أُصاحِبُ حِلمي وَهوَ بي جُبُنُ) والطباق هنا بين أصاحب ولا أصاحب.
  • في قول الشاعر: (ما كُلُّ ما يَتَمَنّى المَرءُ يُدرِكُهُ / / / تَجري الرِياحُ بِما لا تَشتَهي السُفُنُ) تشبيه تمثيلي، حيث جاء بصورة الرياح والسفن ليوضح أنّ المرء لا يمكن أن يحصل على كل شيء يريده في هذه الحياة.
  • في قوله: (يَهماءَ تَكذِبُ فيها العَينُ وَالأُذُنُ) استعارةٌ مكنية واضحة، حيث شبه الشاعر العين والأذن بالإنسان الذي يكذب، فحذف المشبه به وهو الإنسان وكنّى عنه بشيء من صفاته وهو الكذب على سبيل الاستعارة المكنية.

معاني مفردات قصيدة بم التعلل لا أهل ولا وطن

يتضمن الجدول الآتي مجموعة من المفردات الصعبة مع شرحها من المفردات الواردة في قصيدة بم التعلل لا أهل ولا وطن لأبي الطيب المتنبي:

المفردة شرح المفردة
التعلل أي مشاغلة النفس والتواسي.
مُكتَرِث أي مهتم بالأمر، وغير مكترث أي غير مبالٍ.
فطنوا أي علموا بالأمر وأدركوا.
ضَغَنُ أي حقد وكراهية.
جبن أي جبان وهي عكس كلمة شجاع.

شرح قصيدة بم التعلل لا أهل ولا وطن pdf

يهتم الكثير من الأشخاص بالحصول على على شرح قصيدة بم التعلل للشاعر أبي الطيب المتنبي مكتوبة على ملف بي دي إف من أجل سهولة الاطلاع عليها، فإلى كل من يرغب بالحصول على هذا الملف يمكن القيام بتحميله بشكل مباشر “من هنا“.

مقالات قد تهمك

شرح قصيدة أبو تمام في رثاء محمد بن حميد الطوسي وأهم الصور الفنية فيها شرح قصيدة امرؤ القيس فهي هي وَهِي وأهم الصور الفنية فيها
شرح قصيدة مضناك جفاه مرقده لأمير الشعراء أحمد شوقي شرح قصيدة اراك عصي الدمع لأبي فراس الحمداني وأهم الصور الفنية فيها
شرح قصيدة صوت صفير البلبل للأصمعي وأهم الصور البيانية فيها شرح قصيدة واحر قلباه ممن قلبه شبم وأهم الصور الفنية فيها
شرح قصيدة روائع الاثار للشاعر خليل مطران وأهم الصور الفنية فيها شرح قصيدة بانت سعاد فقلبي اليوم متبول لكعب بن زهير

إلى هنا نصل إلى نهاية وختام هذا المقال الذي مررنا فيه بالتفصيل على كاتب قصيدة بم التعلل لا أهل ولا وطن ثم مررنا على شرح قصيدة بم التعلل لا أهل ولا وطن لأبي الطيب المتنبي وألقينا فيه الضوء على الصور الفنية ومعاني المفردات الصعبة التي وردت في هذه القصيدة، وقدمنا في الختام رابط تحميل ملف بي دي إف يتضمن شرحَ هذه القصيدة.

المراجع

  1. ^ wikiwand.com، أبو الطيب المتنبي، 02/09/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *