شرح قصيدة جادك الغيث كاملة والصور الفنية فيها

شرح قصيدة جادك الغيث كاملة والصور الفنية فيها
شرح قصيدة جادك الغيث

شرح قصيدة جادك الغيث كاملة والصور الفنية فيها هذه القصيدة التي تُعدّ من أجمل القصائد التي كُتبت في العصر الأندلسي، وهي من الموشحات الأندلسية والقصائد الرائعة التي ألقها أهل الأندلس في ذلك الزمان الذي يضج بالأدب والشعر والعلم والفن، وفي هذا المقال سوف نقوم بتسليط الضوء على كاتب هذه القصيدة ونص هذه القصيدة وسوف نمر على شرحها وشرح مفرداتها الصعبة والصور الفنية في قصيدة جادك الغيث إذا الغيث همى.

كاتب قصيدة جادك الغيث

إنّ كاتب قصيدة جادك الغيث إذا الغيث همى هو الشاعر الأندلسي لسان الدين بن الخطي والمعروف بذي الوزارتين أو ذي العُمرين أو ذي الميّتين، واسمه أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن سعيد بن عبد الله بن سعيد بن علي بن أحمد السلماني الخطيب، وهو من مواليد مدينة لوشة في يوم الخامس والعشرين من شهر رجب من عام 713 هجرية الموافق لعام 1313 ميلادية، وهو عالم أندلسي وفقيه مالكي المذهب وشاعر ومؤرخ وفيلسوف وسياسي من الأندلس، درس الأدب والطب والفلسفة في جامعة القرويين في فاس، واشتهر بأنّه كتب قصيدة جادك الغيث التي صارت إشارة تدل على العصر الأندلسي في هذا الوقت.

كتب لسان الدين بن الخطيب العديد من القصائد الشعرية الرائعة وعاش حياته في مدينة غرناطة وتحديدًا في بلاط محمد الخامس من بني نصر حُكام غرناطة، وقد كُتبت أشعاره على جدران قصر الحمراء في غرناطة ولم تزل موجودة في العصر حتّى العصر الحالي، وجدير بالقول إنّ لسان الدين بن الخطيب نشأ في أسرة معروفة بالعلم والجاه، وقد عُرف بابن الخطيب لأنّه جده الثالث سعيد كان يجلس مع الناس يحدثهم ويعلمهم ويخطب بهم فعُرف بالخطيب، فاستمر اللقب في العائلة، وقد توفي لسان الدين بن الخطيب في سنة 776 للهجرة وهي السنة التي وافقت سنة 1374 ميلادية. [1]

قصيدة جادك الغيث مكتوبة

يقول الشاعر لسان الدين بن الخطيب في قَصيدة جَادك الغَيث إذا الغيث همى:

جادَكَ الغيْثُ إذا الغيْثُ هَمى * * * يا زَمانَ الوصْلِ بالأندَلُسِ
لمْ يكُنْ وصْلُكَ إلاّ حُلُمًا * * * في الكَرَى أو خِلسَةَ المُخْتَلِسِ

إذْ يقودُ الدّهْرُ أشْتاتَ المُنَى * * * تنْقُلُ الخَطْوَ علَى ما يُرْسَمُ
زُفَراً بيْنَ فُرادَى وثُنَى * * * مثْلَما يدْعو الوفودَ الموْسِمُ
والحَيا قدْ جلّلَ الرّوضَ سَنا* * * فثُغورُ الزّهْرِ فيهِ تبْسِمُ

ورَوَى النّعْمانُ عنْ ماءِ السّما * * * كيْفَ يرْوي مالِكٌ عنْ أنسِ
فكَساهُ الحُسْنُ ثوْباً مُعْلَما * * * يزْدَهي منْهُ بأبْهَى ملْبَسِ

في لَيالٍ كتَمَتْ سرَّ الهَوى * * * بالدُّجَى لوْلا شُموسُ الغُرَرِ
مالَ نجْمُ الكأسِ فيها وهَوى * * * مُسْتَقيمَ السّيْرِ سعْدَ الأثَرِ
وطَرٌ ما فيهِ منْ عيْبٍ سَوَى * * * أنّهُ مرّ كلَمْحِ البصَرِ

حينَ لذّ الأنْسُ مَع حُلْوِ اللّمَى * * * هجَمَ الصُّبْحُ هُجومَ الحرَسِ
غارَتِ الشُّهْبُ بِنا أو ربّما * * * أثّرَتْ فيها عُيونُ النّرْجِسِ

أيُّ شيءٍ لامرِئٍ قدْ خلَصا * * * فيكونُ الرّوضُ قد مُكِّنَ فيهْ
تنْهَبُ الأزْهارُ فيهِ الفُرَصا * * * أمِنَتْ منْ مَكْرِهِ ما تتّقيهْ
فإذا الماءُ تَناجَى والحَصَى * * * وخَلا كُلُّ خَليلٍ بأخيهْ

تبْصِرُ الورْدَ غَيوراً برِما * * * يكْتَسي منْ غيْظِهِ ما يكْتَسي
وتَرى الآسَ لَبيباً فهِما * * * يسْرِقُ السّمْعَ بأذْنَيْ فرَسِ

يا أُهَيْلَ الحيّ منْ وادِي الغضا * * * وبقلْبي مسْكَنٌ أنْتُمْ بهِ
ضاقَ عْنْ وجْدي بكُمْ رحْبُ الفَضا * * * لا أبالِي شرْقُهُ منْ غَرْبِهِ
فأعِيدوا عهْدَ أنْسٍ قدْ مضَى * * * تُعْتِقوا عانِيكُمُ منْ كرْبِهِ

واتّقوا اللهَ وأحْيُوا مُغْرَما * * * يتَلاشَى نفَساً في نفَسِ
حُبِسَ القلْبُ عليْكُمْ كرَما * * * أفَتَرْضَوْنَ عَفاءَ الحُبُسِ

وبقَلْبي منْكُمُ مقْتَرِبُ * * * بأحاديثِ المُنَى وهوَ بَعيدْ
قمَرٌ أطلَعَ منْهُ المَغْرِبُ * * * بشِقوةِ المُغْرَى بهِ وهْوَ سَعيدْ
قد تساوَى مُحسِنٌ أو مُذْنِبُ * * * في هَواهُ منْ وعْدٍ ووَعيدْ

ساحِرُ المُقْلَةِ معْسولُ اللّمى * * * جالَ في النّفسِ مَجالَ النّفَسِ
سدَّدَ السّهْمَ وسمّى ورَمى * * * ففؤادي نُهْبَةُ المُفْتَرِسِ

إنْ يكُنْ جارَ وخابَ الأمَلُ * * * وفؤادُ الصّبِّ بالشّوْقِ يَذوبْ
فهْوَ للنّفْسِ حَبيبٌ أوّلُ * * * ليْسَ في الحُبِّ لمَحْبوبٍ ذُنوبْ
أمْرُهُ معْتَمَدٌ ممْتَثِلُ * * * في ضُلوعٍ قدْ بَراها وقُلوبْ

حكَمَ اللّحْظُ بِها فاحْتَكَما * * * لمْ يُراقِبْ في ضِعافِ الأنْفُسِ
مُنْصِفُ المظْلومِ ممّنْ ظَلَما * * * ومُجازي البَريءِ منْها والمُسي

ما لقَلْبي كلّما هبّتْ صَبا * * * عادَهُ عيدٌ منَ الشّوْقِ جَديدْ
كانَ في اللّوْحِ لهُ مكْتَتَبا * * * قوْلُهُ إنّ عَذابي لَشديدْ
جلَبَ الهمَّ لهُ والوَصَبا * * * فهْوَ للأشْجانِ في جُهْدٍ جَهيدْ

لاعِجٌ في أضْلُعي قدْ أُضْرِما * * * فهْيَ نارٌ في هَشيمِ اليَبَسِ
لمْ يدَعْ في مُهْجَتي إلا ذَما * * * كبَقاءِ الصُّبْحِ بعْدَ الغلَسِ

شرح قصيدة جادك الغيث

سوف نقوم من خلال ما سيأتي بشرح مجموعة مميزة من أبيات قصيدة جادك الغيث وهي الأبيات الشائعة والمنتشرة من هذه القصيدة وخاصة تلك التي تم غناؤها من قبل الأشخاص الذين أنشدوا هذه القصيدة الأندلسية الرائعة:

  • جادَكَ الغيْثُ إذا الغيْثُ هَمى * * * يا زَمانَ الوصْلِ بالأندَلُسِ
    لمْ يكُنْ وصْلُكَ إلاّ حُلُمًا * * * في الكَرَى أو خِلسَةَ المُخْتَلِسِ

في مطلع القصيدة يدعو الشاعر لأيامه الجميلة التي قضاها في غرناطة حيث سقيا المطر والغيث الرائع الذي كان يهمي عليه في تلك البلاد الجميلة الرائعة، في زمان الوصل عندما كان في الأندلس، ثمّ يقول: كأنّ ذلك الوصل لم يكن سوى حلمًا في ليلة أو كأنّه سُرق واختلس في غفلة منه.

  • إذْ يقودُ الدّهْرُ أشْتاتَ المُنَى * * * تنْقُلُ الخَطْوَ علَى ما يُرْسَمُ
    زُفَراً بيْنَ فُرادَى وثُنَى * * * مثْلَما يدْعو الوفودَ الموْسِمُ
    والحَيا قدْ جلّلَ الرّوضَ سَنا* * * فثُغورُ الزّهْرِ فيهِ تبْسِمُ

يستمر الشاعر في عرض ذكرياته، فيقول إنّ الدهر كان يحقق الأماني فتسير الخطوات على ما رسم لها الإنسان، وكانت الأمنيات والأحلام تأتي في الموعد المرسوم لها لا تتأخر أبدًا، تأتي فرادى وجماعات كما تقبل الوفود على مكة المكرمة في موسم الحج في ميعادها الصحيح، ثمَّ يقول إنّ الروض والحدائق في ذلك الوقت كانت مليئة بالضوء والسنا والشروق، وكأن ثغور الأزهار في غرناطة كانت تبتسم من شدة فرحها.

  • في لَيالٍ كتَمَتْ سرَّ الهَوى * * * بالدُّجَى لوْلا شُموسُ الغُرَرِ
    مالَ نجْمُ الكأسِ فيها وهَوى * * * مُسْتَقيمَ السّيْرِ سعْدَ الأثَرِ
    وطَرٌ ما فيهِ منْ عيْبٍ سَوَى * * * أنّهُ مرّ كلَمْحِ البصَرِ

يذكر الشاعر تلك الليالي الرائعة التي كانت تكتم أسرار المحبين في الليالي لولا الشموس الغرر التي تطلع فتذيب العتمة وتشرق الروح من جديد، وفي تلك الليالي الساحر كانت غاية الإنسان مُحققة وليس فيها أي عيب إلّا أنّها وطر يمر سريعًا كلمح البصر، فيضي الإنسان حاجته بسرعة كبيرة.

  • يا أُهَيْلَ الحيّ منْ وادِي الغضا * * * وبقلْبي مسْكَنٌ أنْتُمْ بهِ
    ضاقَ عْنْ وجْدي بكُمْ رحْبُ الفَضا * * * لا أبالِي شرْقُهُ منْ غَرْبِهِ
    فأعِيدوا عهْدَ أنْسٍ قدْ مضَى * * * تُعْتِقوا عانِيكُمُ منْ كرْبِهِ

ينادي الشاعر في هذه الأبيات أهل الحي في ذلك الوادي الذي كان يعيش فيه وهو وادي الغضا، يناديهم لأنّه يعرف أنّ لهم مكانة خاصة في قلبه، ثم يقول إنّ هذا الفضاء الواسع الرحب ضاق بشعوره فلم يعد يعرف الجهات ولم يعد يعرف شرق هذا الفضاء الواسع من غربه، ثم يخاطب أهله في ذلك الوادي، فيقول لهم: أرجعوا لي عهد الأنس الذي انقضى ومضى كي أنعتق من هذه الكرب والأحزان التي تتملكني.

  • ساحِرُ المُقْلَةِ معْسولُ اللّمى * * * جالَ في النّفسِ مَجالَ النّفَسِ
    سدَّدَ السّهْمَ وسمّى ورَمى * * * ففؤادي نُهْبَةُ المُفْتَرِسِ

في هذه الأبيات يصف الشاعر لسان الدين بن الخطيب حبيبته، يصفها بأنّها كانت حوراء بشفاهها عسل وسكر، ثم يصف حبها كيف سرى في نفسه كما يسر النفس في الصدر، ثم يقول إنّ جمالها الساحر قد سدد السهم إلى صدره وسمى ثم رمى، فصار قلبه نهبة لهذا الجمال ووقع في شباك الحب.

  • لاعجٌ في أضْلُعي قدْ أُضْرِما * * * فهْيَ نارٌ في هَشيمِ اليَبَسِ
    لمْ يدَعْ في مُهْجَتي إلا ذَما * * * كبَقاءِ الصُّبْحِ بعْدَ الغلَسِ

يقول الشاعر في هذه الأبيات إن الجوى والهوى اشتعل في صدره وأضرم كأنه النار التي تُضرم في اليابس فيشتعل بسرعة، ويقول إنّ الحب لم يدع في روحه ومهجته إلّا العناء والألم، فمحا الألم في صدره كل جمال وبهاء كما يمحو الصبح بقايا العتمة عند طلوع الشمس.

معاني المفردات في قصيدة جادك الغيث

هناك بعض المفردات الصعبة في هذه القصيدة الأندلسية المميزة، في الجدول الآتي سوف نعرض هذه المفردات وسوف نذكر معاني هذه المفردات كاملة:

المفردة معنى المفردة
الكرى أي النعاس والنوم.
اللمى أي السواد الذي يكون في الشفة.
الصب هو الإنسان المولع في العشق.
نهبة أي صار مُتاحًا للسرقة.
الغلس أي الليل أو العتمة الشديدة.
أضرم أي اشتعل، فيقال أضرمت النيران أي أُشعلت.

الصور الفنية في قصيدة جادك الغيث

نعرض من خلال ما سيأتي مجموعة من الصور الفنية التي جاءت في قصيدةِ جادَكَ الغيثُ للشاعر لسان الدين بن الخطيب:

  • في قول الشاعر يا زمان الوصل استعارة مكنية، حيث شبه الشاعر الزمان بالإنسان الذي يصل، فحذف المشبه به وهو الإنسان وكنّى عنه بشيء من صفاته وهو الوصل على سبيل الاستعارة المكنية.
  • في قول الشاعر في ليال كتمت، شبه الشاعر هنا الليالي بالإنسان الذي يكتم، فحذف الإنسان وهو المشبه به وكنّى عنه بشيء من صفاته وهو كتم الأسرار، على سبيل الاستعارة المكنية أيضًا.
  • في قول الشاعر فثغور الزهر فيه تبسم استعارة مكنية أيضًا لأنّه شبه الزهر بالإنسان الذي يبتسم، فحذف المشبه به وهو الإنسان وكنَّى عنه بشيء من صفاته وهو الابتسام على سبيل الاستعارة المكنية.

شرح قصيدة جادك الغيث PDF

إلى جميع من يهتمون بالحصول على شَرح قَصيدة جادك الغيث إذا الغيث همى للشاعر الأندلسي لسان الدين بن الخطيب على شكل ملف بي دي إف يمكن تحميله بشكل مباشر “من هنا“.

مقالات قد تهمك

شرح قصيدة كفكف دموعك لإبراهيم طوقان والصور الفنية فيها شرح قصيدة نزلت تجر إلى الغروب ذيولا
شرح قصيدة المساء للشاعر خليل مطران كاملة قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم ان يكون رسولا شرح
شرح قصيدة واحر قلباه ممن قلبه شبم وأهم الصور الفنية فيها شرح قصيدة امرؤ القيس فهي هي وَهِي وأهم الصور الفنية فيها
شرح قصيدة بانت سعاد فقلبي اليوم متبول لكعب بن زهير شرح قصيدة في مدخل الحمراء للشاعر نزار قباني

إلى هنا نصل إلى نهاية وختام هذا المقال الذي عرضنا فيه معلومات عن كاتب قَصيدة جَادك الغَيث ثم مررنا على نص هذه القصيدة ثم شرح قصيدة جادك الغيث كاملة والصور الفنية فيها ومررنا فيه على شرح المفردات الصعبة في هذه القصيدة وقدمنا رابط ملف شَرح قَصيدة جَادك الغَيث بصيغة PDF

المراجع

  1. ^ wikiwand.com، لسان الدين بن الخطيب، 26/08/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *