شرح قصيدة حسان بن ثابت في مدح الرسول وأهم الصور البلاغية فيها

شرح قصيدة حسان بن ثابت في مدح الرسول وأهم الصور البلاغية فيها
شرح قصيدة حسان بن ثابت في مدح الرسول

شرح قصيدة حسان بن ثابت في مدح الرسول وأهم الصور البلاغية فيها يبحث عنها كثير من الناس خصوصًا من محبي شعر حسان بن ثابت الصحابي الجليل في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسوف نقدم للزوار الكرام في هذا المقال معلومات عن الشاعر حسان بن ثابت، وسوف نتعرف على شرح قصيدة حسان بن ثابت في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى أهم الصور البلاغية والفنية فيها، وعلى شرح المفردات والكلمات الصعبة فيها، والأفكار الرئيسية للقصيدة وما إلى هنالك.

نبذة عن حسان بن ثابت

يعدُّ حسان بن ثابت أحد أشهرالشعراء العرب في صدر الإسلام، وهو شاعر عربي وأحد الصحابة من الأنصار، يرجع نسبه إلى قبيلة الخزرج التي كانت تقيم في يثرب في المدينة المنورة وكانت قد هاجرت من اليمن حسب المؤرخين، وكان شاعرًا معروفًا قبل الإسلام فقد كان يتردد على ملوك الغساسنة في بلاد الشام قبل الإسلام، وهو حسان بن ثابت بن المنذر الخزرجي الأنصاري ويكنى بأبي الوليد، وقد ولد قبل ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو 8 سنوات، وعاش في الجاهلية ستين عامًا وعاش في الإسلام ستين عامًا أيضًا، بعد الإسلام أصبح شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد كان والده من سادات قومه وكبارهم، ويروى أنه ولد في سنة 60 قبل الهجرة حسب أرجح الأقوال، وقد قدم له رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية جارية اسمها سيرين بنت شمعون القبطية وهي أخت زوحة رسول الله ماريا القبطية، وقد تزوج حسان سيرين وأنجب منها ابنه عبد الرحمن بن حسان بن ثابت، وقد أكثر حسان من هجاء الكفار والدفاع عن النبي شعرًا، ومدح المسلمين ورسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من الشعراء المخضرمين لأنه عاصر الجاهلية والإسلام.[1]

شرح قصيدة حسان بن ثابت في مدح الرسول

مدح حسان بن ثابت رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في كثير من القصائد، ولكن قصيدة عفت ذات الأصابع فالجواء تعدُّ من أشهر قصائده في مدح النبي عليه الصلاة والسلام، وقد نظمها دفاعًا عنه ومدحًا له، حيث جاءت على البحر الكامل وقافية الهمزة المضمومة، وبلغ عدد أبياتها كاملة 31 بيتًا، وفيما يأتي سوف يتم إدراج شرح قصيدة عفت ذات الأصابع فالجواء لحسان بن ثابت في مدح النبي صلى الله عليه وسلم:

  • عَفَت ذاتُ الأَصابِعِ فَالجِواءُ
    إِلى عَذراءَ مَنزِلُها خَلاءُ
    دِيارٌ مِن بَني الحَسحاسِ قَفرٌ
    تُعَفّيها الرَوامِسُ وَالسَماءُ
    وَكانَت لا يَزالُ بِها أَنيسٌ

    خِلالَ مُروجَها نَعَمٌ وَشاءُ

يبدأ الشاعر حسان بن ثابت هذه القصيدة على عادة الشعراء قديمًا في الوقوف على الأطلال، فيقول لقد امَّحت واندرست آثار تلك الأماكن بعد أن كانت عامرة وآهلة بسكانها، ومن الأماكن التي ذكرها ذات الأصابع والجواء وهي ديار بني الحسحاس في بلاد الشام، لأنَّ الشاعر كان يتردد على ملوك الغساسنة ولذلك ذكر تلك الأماكن، فقد أقفرت وحلَّ الخراب والدمار فيها، وأصبحت مرتعًا للرياح التي تغطي الآثار وتمحوها، والأمطار التي تتساقط عليها شتاءً لتساعد في محو الآثار وبقايا الديار والأطلال، وقد كان تعجُّ بأهلها المؤنسين وترعى الإبل والمواشي في مروجها الخضراء.

فَدَع هَذا وَلَكِن مَن لَطيفٍ
يُؤَرِّقُني إِذا ذَهَبَ العِشاءُ
لِشَعثاءَ الَّتي قَد تَيَّمَتهُ
فَلَيسَ لِقَلبِهِ مِنها شِفاءُ
كَأَنَّ خَبيأَةٍ مِن بَيتِ رَأسٍ
يَكونُ مِزاجَها عَسَلٌ وَماءُ

ثمَّ يطلب من سامعه أن يترك ذكر الأطلال وليلتفت إلى ذكرى الحبيبة شعثاء وطيفها الذي يشغله ويؤرقه فلا يستطيع نسيانه، حيث أنَّ طيف حبيبته يزوره كل ليلة، فقد ملكت عليه نفسه ولا يجد شفاء منها إلا بخمرة معتقة ممزوجة بالماء والعسل.

  • عَدِمنا خَيلَنا إِن لَم تَرَوها
    تُثيرُ النَقعَ مَوعِدُها كَداءُ
    يُبارينَ الأَسِنَّةِ مُصغِياتٍ
    عَلى أَكتافِها الأَسَلُ الظِماءُ
    تَظَلُّ جِيادُنا مُتَمَطِّراتٍ
    تُلَطِّمُهُنَّ بِالخُمُرِ النِساءُ

ينتقل الشاعر بعد ذلك من أجل الحديث عن بطولات المسلمين، ويخاطب بذلك كفار قريش في مكة المكرمة، ويقول نحن لا نريد خيلنا وسوف نتخلص منها ولسنا بحاجة لها إذا لم نهاجمكم عليها وإذا لم نخُض بها معاركنا ضدكم، ونحن نمتطيها ونحمل الرماح والسيوف المتعطشة إلى دمائكم، وسوف تنقضُّ خيولنا ونحن عليها ولن تجَد من يقف في طريقها إلا نساؤكم تحاول لطم الخيول بخمرهنَ، فإذا ما استسلمتم تمَّ الفتح بإذن الله تعالى، وإلا فانتظروا منا معارك طاحنة وقتالًا كبيرًا عنيفًا نهزمكم فيه بإذن الله.

  • أَلا أَبلِغ أَبا سُفيانَ عَنّي
    فَأَنتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَواءُ
    هَجَوتَ مُحَمَّداً فَأَجَبتُ عَنهُ
    وَعِندَ اللَهِ في ذاكَ الجَزاءُ
    أَتَهجوهُ وَلَستَ لَهُ بِكُفءٍ
    فَشَرُّكُما لِخَيرِكُما الفِداءُ

بعد ذلك يوجَِّه الكلام إلى أبي سفيان بن حرب وقد كان على الكفر وقتها ويهجوه لأنَّه هجى وأساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول له: أبلغوا أبا سفيان هذا الكلام الذي سوف أقوله عني، فأنت لست إلا رجلًا فارغًا خواءً، على الرغم من أنك سيد قومك ولكن لا قيمة لك، ولقد هجوت رسول الله صلى الله عليه وسلم وها أنا أجيب عنه، وأبتغي الجزاء عند الله تعالى، فقد هجوته ولست مكافئًا له فهو خير منك ولا يمكن أن تقارن به، وسوف تكون أنت فداءً له.

  • فَمَن يَهجو رَسولَ اللَهِ مِنكُم
    وَيَمدَحُهُ وَيَنصُرُهُ سَواءُ
    فَإِنَّ أَبي وَوالِدَهُ وَعِرضي
    لِعِرضِ مُحَمَّدٍ مِنكُم وِقاءُ
    لِساني صارِمٌ لا عَيبَ فيهِ
    وَبَحري لا تُكَدِّرُهُ الدِلاءُ

ثمَّ يخاطف المشركين قائلًا: إنه من يهجو النبي صلى الله عليه وسلم أو يمدحه منكم أو ينصره فإنَّ ذلك سواء من الكافرين، لأنَّني أنا وأبي وجدي وعرضي كلنا فداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم ووقاء له من شركم وإساءاتكم، وإنَّ لساني في هجاء من يسيء لرسول الله صلى الله عليه وسلم صارم لا لينَ فيه، وبحر شعري لا تستطيع أن تعكر ماءه الدلاء مهما كثرت، أي لن تستطيعوا هزيمتي بأقوالكم وأشعاركم.

الصور الفنية في قصيدة حسان بن ثابت في مدح الرسول

ضمَّت قصيدة حسان بن ثابت في مدح الرسول كثير من الصور الفنية والبلاغية والتي تمنح القصيدة لمسات فنية تزيدها حسنًا في نفوس السامعين وتضفي عليها إبداعًا في طريقة إيصال المعاني، وتَستخدِم الصور البيانية في الشعر كثير من التشبيهات والطباق والكنايات وغيرها، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أهم الصور الفنية والبلاغية في قصيدة حسان بن ثابت في مدح الرسول:

تشبيه بليغ

التشبيه البليغ هو الذي يتم فيه ذكر المشبه والمشبه به فقط من دون أداة التشبيه ووجه الشبه ولذلك أطلق عليه اسم التشبيه البليغ، وقد ورد في قوله: أَلا أَبلِغ أَبا سُفيانَ عَنّي فَأَنتَ مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَواءُ، فقد شبَّه أبا سفيات بالمجوف والنخب، فأبو سفيان هو المشبه، والمجوف وهو الطبل الأجوف المشبه به، ولكنه لم يذكر أداة التشبيه ولا وجه الشبه.

أسلوب الكناية

يكنَّي الشعراء بكثير من العبارات أو الألفاظ ويستخدمونها في معاني مختلفة غير المعاني الأصلية التي وضعت من أجلها، كما في قول الشاعر: لِساني صارِمٌ لا عَيبَ فيهِ وَبَحري لا تُكَدِّرُهُ الدِلاءُ، ففي الشطر الثاني لم يقصد الشاعر المعنى الحرفي وهو أنَ الدلاء لا تكدر بحره، بل قصد أنَّ كلام المشركين وهجاؤهم لا يؤثر فيه ولا يهزمه، وفي قوله: عَلى أَكتافِها الأَسَلُ الظِماءُ، فقد كنى بكلمة الظماء عن القوة والبأس والاندفاع لمقارعة الأعداء.

أسلوب الطباق

ورد أسلوب الطباق في القصيدة أكثر من مرة، والطباق أن يأتي الشاعر بالكلمة وعكسها في نفس الجملة أو البيت الشعري، وقد ود أسلوب الطباق في القصيدة في قول الشاعر: أَتَهجوهُ وَلَستَ لَهُ بِكُفءٍ فَشَرُّكُما لِخَيرِكُما الفِداءُ، فجاء بكلمة الخير والشر، في شركما وخيركما.

شرح مفردات قصيدة حسان بن ثابت في مدح الرسول

يعاني معظم القراء من صعوبات شتى في فهم معاني كثير من الكلمات في القصائد العربية وخصوصًا في القصائد القديمة في العصر الجاهلي والعصور الإسلامية اللاحقة، حيث أنَّ كثير من الكلمات المستخدمة في القصائد لا تستخدم بين الناس في الحياة العامة وقد تغيرت اللغة العربية مع مرور القرون والأزمان بعض الشيء،  واللهجات العربية العامية تختلف كثيرًا عن اللغة العربية الفصحى المستخدمة في القصائد والأدب العربي، وفيما يأتي سوف يتم إدراج شرح أهم المفردات في قصيدة حسان بن ثابت في مدح الرسول:

المفردة شرح المفردة
عفت محت واندرست
ذات الأصابع والجواء مواضع في بلاد الشام
قفر خالية وخاوية لا يوجد فيها شيء
الروامس الرياح التي ترمس أي تغطي الآثار وتخفيها
السماء بمعنى المطر
نعم وشاء المواشي والأغنام والأنعام
شعثاء اسم محبوبة الشاعر
النقع الأرض الراكدة
كداء  جبل بأعلى مكة وقيل هو اسم منطقة عرفات كلها
الأسنة الرماح
الأسل أطراف الشيء ورؤوسه والمقصود رؤوس الرماح

الأفكار العامة في قصيدة حسان بن ثابت في مدح الرسول

توجد العديد من الأفكار في قصيدة حسان بن ثابت في مدح الرسول كان الشاعر قد حرصَ على إيصالها إلى الناس من حوله، ولا بدَّ من التعرف على هذه الأفكار من أجل معرفة المعاني المقصودة من القصيدة ومناسبتها وما إلى هنالك، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أهم الأفكار الرئيسية في قصيدة حسان بن ثابت في مدح الرسول:

  • بدأ الشاعر بذكر الأطلال والحديث عن أشواقه وعن محبوبته وكيف أنه يعاني من عذابات الشوق التي لا يستطيع السلو عنها إلى بالخمرة الممزجة بالماء والعسل.
  • الحديث عن قوة المسلمين وكيف أنَّهم متأهبون للانقضاض على الكافرين، وأنهم سوف يقاتلونهم قتالًا شديدًا حتى يهزموهم.
  • هجاء أبي سفيان بن حرب لأنه كان قد هجا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأساء إليه.
  • مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسالته السامية، والتأكيد على الدفاع عنه أمام الشرور والأخطار في كل وقت وحين.

مقالات قد تهمك

نشيد المولد النبوي مكتوب .. أجمل أشعار عن المولد النبوي الشريف شرح قصيدة بانت سعاد فقلبي اليوم متبول لكعب بن زهير
انشودة المولد النبوي الشريف مكتوبة .. اجمل قصائد وأشعار وأناشيد المولد النبوي شرح قصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر وتحليلها
من هو الشاعر ابن خويلد بن سعود الصليمي الهذلي.. قصة قصيدة من 700 سنة شرح قصيدة واحر قلباه ممن قلبه شبم وأهم الصور الفنية فيها
انشودة عن يوم المعلم كتابة .. قصيدة في حب المعلم واحترامه شرح قصيدة امرؤ القيس فهي هي وَهِي وأهم الصور الفنية فيها

وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال شرح قصيدة حسان بن ثابت في مدح الرسول وأهم الصور البلاغية فيها وقد تعرفنا على بعض المعلومات عن الشاعر والصحابي حسان بن ثابت، كما تعرفنا على شرح قصيدة مدح الرسول لحسان بن ثابت وأهم الصور الفنية والبلاغية فيها وشرح المفردات الصعبة فيها، كما تمَّ إدراج الأفكار الرئيسية في القصيدة وغيرها من التفاصيل الأخرى.

المراجع

  1. ^ wikiwand.com، حسان بن ثابت، 26/08/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *