شرح قصيدة حكم المنية في البرية جار للتهامي والمفردات الصعبة فيها

شرح قصيدة حكم المنية في البرية جار للتهامي والمفردات الصعبة فيها
شرح قصيدة حكم المنية في البرية جار

شرح قصيدة حكم المنية في البرية جار للتهامي والمفردات الصعبة فيها يبحث عنها الكثير من القراء من أجل التعرف على معانيها الدقيقة، وخصوصًا من محبي الشعر العربي القديم، وسوف نقدم للزوار الكرام في هذا المقال معلومات عن الشاعر أبي الحسن التهامي، وسوف نتعرف على شَرح وتفسير معاني أبيات القصِيدة، كما سنتعرف على معاني المفردات والكلمات الصعبة فيها، إضافة إلى التعرف على الصور البلاغية والفنية التي ضمتها القصِيدَة وغير ذلك من المعلومات والتفاصيل المتعلقة الأخرى.

من هو كاتب قصيدة حكم المنية في البرية جار

إنَّ كاتب هذه القصيدة شهيرة المطلع هو الشاعر أبو الحسن التهامي، وهو أحد شعراء العصر العباسي، وهو علي بن محمد بن فهد التهامي ويكنى بأبي الحسن، ولد في اليمن وحصل على لقبه الذي اشتهر به من منطقة تهامة التي تقع بين اليمن والحجاز، ولم يعرف تاريخ ميلاده على وجه الدقة، وقد أشار النقاد إلى براعته في الشعر، ومعظم أشعاره تتوزع بين الرثاء والمدح، وقد قال عنه ابن بسام الشنتريني في كتابه الذخيرة: “كان مشتهر الإحسان، ذرب اللسان، مخليًا بينه وبين ضروب البيان، يدل شعره على فوز القدح، ودلالة برد النسيم على الصبح”، وقد عاش في العصر الذي كانت فيه الدولة العباسية ينخر فيها الضعف والانحلال، وكانت الخلافة في بغداد تحت سلطة الدولة البويهية والحمدانية وغيرها من الدول التي استقلت في ذلك الوقت، ولذلك طمع في الرئاسة والقيادة، وراح يطلب الخلافة لنفسه وسكن في بلاد الشام فترة من الزمن، ثم سافر إلى بغداد، وتولى خطابة الرملة، ثم انتقل إلى مصر وظلَّ متخفيًا فيها واتصل بالوزير المغربي وكان أحد مساعديه في ثورته ضد الفاطميين فألقيَ القبض عليه، وكان ذلك سببًا في مقتله، حيث قتل في عام 1025م تقريبًا.[1]

شرح قصيدة حكم المنية في البرية جار

تعتبر هذه القَصيدَة من أشهر قصائد الشاعر أبي الحسن التهامي، وقد صنعت له شهرةً فاقت الآفاق في أنحاء العالم الإسلامي منذ انتشارها، فقد قال في مطلعها: حُكمُ المَنِيَّةِ في البَرِيَّةِ جاري ما هَذِهِ الدُنيا بِدار قَرار، حيث يتناول فيها الشاعر أحوال الدنيا وسنتها في الموت والفناء، وقد كتبها في رثاء ولده الذي مات صغيرًا وحزن عليه حزنًا شديدًا، فكانت القصيدة من أجمل ما قيل في الرثاء في ذلك الوقت، وقد نظمَ القصيدة على البحر الكامل وقافية الراء المكسورة، ويبلغ عدد أبيات القصيدة 99 بيتًا، وفيما يأتي سوف يتم إدراج شَرح القََصيدة بشكل مفصل:

  • حُكمُ المَنِيَّةِ في البَرِيَّةِ جاري
    ما هَذِهِ الدُنيا بِدار قَرار
    بَينا يَرى الإِنسان فيها مُخبِراً
    حَتّى يُرى خَبَراً مِنَ الأَخبارِ

يبدأ الشاعر قصيدته بحكمة عظيمة عن الحياة وسنتها في الفناء فيقول: إنَّ حكم وسنة الموت مستمرة وجارية في هذه الحياة بين الناس، وهي أنَّ لا خلود لإنسان في هذه الدنيا وأنَّ الدنيا ليست بدار استقرار على الإطلاق، فهي ممر عبور إلى العالم الآخر، حيث يمكن أن يكون الإنسان مخبرًا عن أحداث أخرى وعن موت الآخرين، ثمَّ بعد حين يكون هو نفسه أحد الأخبار التي ينتاقلها الناس بموته ويصبح ذكرى.

  • طُبِعَت عَلى كدرٍ وَأَنتَ تُريدُها
    صَفواً مِنَ الأَقذاءِ وَالأَكدارِ
    وَمُكَلِّف الأَيامِ ضِدَّ طِباعِها
    مُتَطَّلِب في الماءِ جَذوة نارِ

ومن صفات هذه الدنيا اللازمة لها على الدوام أنها دار تعب وحزن وألم، ويريدها الإنسان أن تكون سعادة وراحة على الدوام وهذا من المحال، لأنَّ الشخص الذي يريد أن تكون الأيام ضدَّ ما هي عليه من صفات دائمة لها، مثل الشخص الذي يريد أن يأخذ من الماء شعلة نار، فكلاهما يطلب المستحيل الذي لن يتحقق.

  • وَإِذا رَجَوتَ المُستَحيل فَإِنَّما
    تَبني الرَجاءَ عَلى شَفيرٍ هارِ
    فَالعَيشُ نَومٌ وَالمَنِيَّةُ يَقِظَةٌ
    وَالمَرءُ بَينَهُما خَيالِ ساري

وأنت أيها الإنسان الذي تطلب تحقيق المستحيل والخلود في هذه الدنيا وكأنك تبني قصر رجائك وأملك على حافة غير مستقرة توشك أن تسقط بذلك البناء، فما الحياة سوى غفوة قصيرة توشكُ أن تستيقظ منها بالموت، فالناس كما قيل أموات إذا ماتوا انتبهوا، وما الإنسان بين الغفوة واليقظة سوى شبح يمر بلمحة بصر ويختفي.

  • وَالنَفسُ إِن رَضِيَت بِذَلِكَ أَو أَبَت
    مُنقادة بِأَزمَّة الأَقدارِ
    فاِقضوا مآرِبكم عُجَالاً إِنَّما
    أَعمارُكُم سِفرٌ مِنَ الأَسفارِ

ومهما فعلت أيها الإنسان فإنَّ القدر هو نفسه، فإذا رضيت بهذه الأقدار أو رفضتها فإنَّك من دون شكٍّ منقاد إلى الأقدار المحددة لك، وعليكم أيها الناس أن تسارعوا إلى تحقيق غاياتكم في هذه الدنيا قبل فوات الأوان، لأنَّ أعماركم قصيرة مثل رحلة عابرة توشك أن تنتهي.

  • قَد لاحَ في لَيلِ الشَبابِ كَواكِبٌ
    إِن أَمهلت آلَت إِلى الإِسفارِ
    يا كَوكَباً ما كانَ أَقصَرَ عُمرَهُ
    وَكَذاكَ عُمرُ كَواكِبِ الأَسحارِ

في هذه الأبيات يبدأ الشاعر بالحديث عن ولده الذي مات صغيرًا، فيقول لقد لاح ابني مثل كوكب في بدايته ثمَّ اختفى بسرعة، ولو أمهله الموت بعض الوقت لاستدار وأصبح بدرًا كاملًا وعاش ريعان شبابه، ويخاطبه بقوله: يا كوكبًا كان عمره قصيرًا جدًّا، هكذا دائمًا يكون عمر الكواكب التي تظهر في السحر فإنها لا تلبث أن تظهر حتى تختفي إلى الأبد.

وَهلال أَيّامٍ مَضى لَم يَستَدِر
بَدراً وَلَم يمهل لِوَقت سِرارِ
عَجِلَ الخُسوف عَلَيهِ قَبلَ أَوانِهِ
فَمَحاهُ قَبلَ مَظَنَّة الإِبدارِ

ولم تمهلك الأيام حتى تصبح بدرًا فخطفك الموت بسرعة، وقد عجل وأسرع إليك الخسوف أي الموت قبل الوقت الذي يتيح لك أن تصبح بدرًا، ومحاك من الوجود وأنت ما تزال في بداية صباك.

  • واستَلَّ مِن أَترابِهِ وَلِداتِهِ
    كَالمُقلَةِ استَلَت مِنَ الأَشفارِ
    فَكَأَنَّ قَلبي قبره وَكَأَنَّهُ
    في طَيِّهِ سِرٌّ مِنَ الأَسرارِ

وقد استله الموت من بين أقرانه كما تنتزع العين من بين الجفون، وبعد ذلك صرت أشعر أنَّ قلبي قد أصبح قبره وقد دفنَ فيه إلى الأبد ولا يمكن أن يخرج منه، وقد أصبح أحد الأسرار التي تطوى دون أن يعرف فيها أحد.

  • أَشكو بُعادك لي وَأَنت بَمَوضِعٍ
    لولا الرَدى لَسَمِعتَ فيهِ سَراري
    أَخفي مِنَ البُرَحاء ناراً مِثلَما
    يَخفى مِنَ النارِ الزِنادَ الواري
    وَأُخَفِّضُ الزَفرات وَهيَ صَواعِدٌ
    وَأُكَفكِفُ العَبرات وَهيَ جَواري

ما زلت يا صغيري أشكو بعدك رغم أنَّك في قبرك قريب جدًّا مني، ولولا أنك ميت لسمعت مناجاتي لنفسي كل يوم في حزني عليك وعلى فراقك، وما زلت أخفي الشدة التي نزلت بي مثل نار ملتهبة بعد فراقك مثلما يخفي قدح الشرر في النار.

  • أَبكيهِ ثُمَّ أَقولُ مُعتَذِراً لَهُ
    وُفِّقتَ حينَ تَرَكتَ آلامَ دارِ
    جاوَرتُ أَعدائي وَجاوَرَ رَبَّهُ
    شَتّان بَينَ جِوارِهِ وَجِواري

وأنا من حزني على فراقك أبكيك في كل وقت ولكنني رغم ذلك أعتذر منك وأقول لك لقد أنعم الله تعالى عليك إذ غادرت دارًا تمتلئ باللؤم والغدر والقهر والظلم، وقد غادرت من هذه الدنيا لتجاور الخالق جلَّ وعلا بينما أنا هنا أجاور الأعداء، وهنالك فرق كبير بين جواري وبين جوارك الذي هو خير جوار بإذن الله تعالى.

الصور الفنية في قصيدة حكم المنية في البرية جار

إنَّ قصيدة الشاعر أبي الحسن التهامي تحتوي على الكثير من الصور الفنية والبلاغية، وتعمل تلك الصور على نشر حالة من الموسيقى اللغوية في النص إضافة إلى ترصيع القصيدة بألوان متميزة وتزيين العبارة الشعرية، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أهم الصور الفنية والبلاغية فيها:

  • أسلوب الكناية: ورد أسلوب الكناية أكثر من مرة في القصيدة كما في قول التهامي: وَإِذا رَجَوتَ المُستَحيل فَإِنَّما تَبني الرَجاءَ عَلى شَفيرٍ هارِ، شبَّه التهامي الرجاء بشيء يمكن أن يبنى لكنه لم يذكره بل ذكر فقط ما يدل عليه وهو إمكانية البناء في قوله “تبني”.
  • أسلوب الطباق: ورد أسلوب الطباق أيضًا في القصيدة كما في قول الشاعر: طُبِعَت عَلى كدرٍ وَأَنتَ تُريدُها صَفواً مِنَ الأَقذاءِ وَالأَكدارِ، ورد الطباق في كلمتي كدر وصفو وهما كلمتان متعاكستان في المعنى.
  • تشبيه مؤكد: ورد التشبيه المؤكد في القصيدة في قوله: وَمُكَلِّف الأَيامِ ضِدَّ طِباعِها مُتَطَّلِب في الماءِ جَذوة نارِ، فقد شبَّه الشاعر مكلف الأيام بالمتطلب من الماء، ووجه الشبه هو طلب الأمر المستحيل الذي دل عليه الكلام، وحذف الشاعر أداة الشبه فكان الأسلوب تشبيهًا مؤكدًا.

معاني المفردات الصعبة في قصيدة حكم المنية في البرية جار

هنالك كثير من الكلمات التي يمكن أن يعتبرها بعض الأشخاص صعبة الفهم في قصائد الشعراء العرب وخصوصًا في القصائد القديمة منها، وقد تكون بعضها من الكلمات التي لا يجري استخدامها بين الناس في الحياة العامَّة ولذلك يجب أن يتمَّ البحث في معاجم اللغة العربية عنها، وفيما يأتي سوف يتم إدراج شرح المفردات الصعبة في القصيدة سابقة الذكر:

المفردة شرح المفردة
كدر تعب وضنك
الأقذاء الأوساخ والتراب الذي يدخل العين
جذوة شعلة
شفير جانب أو حافة
عجالا مسرعين
آلت تحولت
مظنة مكان وموضع الظن
الإبدار التحول إلى بدر
لداته أقرانه وأترابه وأمثاله
البرحاء الشدة والمشقة
ألأم اسم تفضل من اللؤم
شتان بعُد واختلف كثيرًا

شرح قصيدة حكم المنية في البرية جار pdf

إنَّ الكثير من الزوار الأفاضل قد يرغبون بأن يحتفظوا بملف شَرح قصِيدة التينة الحمقاء لإيليا أبو ماضي على الموبايل أو الحاسوب أو جهاز الكمبيوتر وغير ذلك من الأجهزة لاستعمالها في أوقات لاحقة، ويمكن أن يتمَّ تحقيق ذلك من خلال الحصول على ملف القَصيدة بصيغة pdf، كما يمكن أن يستخدم هذا الملف في كثير من الأمور، وقد يرغب البعض بالحصول على الشَرح من أجل طباعته واستخدامه ورقيًا في أمور متعددة، ويمكن الحصول على شرحِ أبيات القَصيدة على شكل ملف pdf من خلال الضغط على الرابط “من هنا“.

مقالات قد تهمك

 شرح قصيدة لا تحسبن العلم ينفع وحده لحافظ إبراهيم وأهم الصور الفنية فيها شرح قصيدة أيهذا الشاكي وما بك داء والصور الفنية فيها  
 شرح قصيدة المقنع الكندي يعاتبني في الدين قومي ومعاني المفردات فيها شرح قصيدة مديح الظل العالي لمحمود درويش وأهم الصور الفنية فيها
شرح قصيدة اراك عصي الدمع لأبي فراس الحمداني وأهم الصور الفنية فيها شرح قصيدة قصة الأمس لأحمد إبراهيم فتحي وأهم الصور الفنية فيها
  شرح قصيدة غذوتك مولودا وعلتك يافعا للشاعر أمية بن أبي الصلت وأهم الصور الفنية فيها شرح قصيدة عرس المجد لعمر أبو ريشة وشرح المفردات الصعبة فيها

وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال شرح قصيدة حكم المنية في البرية جار للتهامي والمفردات الصعبة فيها وقد تعرفنا على أهم المعلومات عن الشاعر العربي أبو الحسن علي التهامي، وقد تمَّ إدراج شَرح أبيات القصيدة الشهيرة التي كتبها، كما تمَّ إدراج أهمِّ الصور الفنية والبلاغية فيها، وتمَّ أيضًا التعرف على معاني الكلمات الصعبة فيها وغير ذلك من المعلومات.

المراجع

  1. ^ wikiwand.com، أبو الحسن علي التهامي، 03/09/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *