شرح قصيدة صوت صفير البلبل للأصمعي وأهم الصور البيانية فيها

شرح قصيدة صوت صفير البلبل للأصمعي وأهم الصور البيانية فيها يبحث عنها كثير من الناس، حيث تشتهر هذه القصيدة بشكل كبير بسبب قصتها المميزة، ولكنها رغم ذلك تتضمن معانٍ صعبة جدًّا، وسوف نقدم للزوار الكرام في هذا المقال معلومات عن صاحب قصيدة صوت صفير البلبل، وسوف نتعرف على شرح قصيدة صوت صفير البلبل للأصمعي، وعلى شرح مفردات وكلمات القصيدة، وسوف نتعرف على أهم الصور البيانية فيها وغير ذلك من المعلومات والتفاصيل الأخرى المتعلقة.

معلومات عن الشاعر الأصمعي

يعدُّ الشاعر الأصمعي أحد أبرز الشعراء في العصر الأموي، وهو عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع بن مظهر بن رياح الباهلي البصري ويكنى بأبي سعيد، ولكنه اشتهر بلقبه الذي غلب عليه اسمه الحقيقي وهو الأصمعي، ولد الأصمعي في مدينة البصرة في عام 741م الموافق لتاريح 123 هجري تقريبًا في أواخر عصر الدولة الأموية، وقد عرف عنه أنه راوية العرب وأحد الأئمة في علوم الشعر واللغة والبلدان، وكان يحب التجوال والطواف في البلدان والبوادي كثيرًا، وكان يأخذ علوم البوادي وأخبارها ويرجع إلى الخلفاء ويتحفهم بها، وكانت المكافآت تنهال عليه من الخلفاء العباسيين، وكان هارون الرشيد يطلق عليه لقب شيطان الشعر، وكان الأخفش يقول عنه ما رأينا أحدًا أعلم بالشعر من الأصمعي، ومن أشهر كتبه الأصمعيات والتي كتبها على نهج المفضليات واختار 72 قصيدة من العصر الجاهلي والإسلامي، توفي الأصمعي في البصرة في عام 831م الموافق لتاريخ 216 هجري عن عمر يناهز تسعين عامًا.^[1]

شرح قصيدة صوت صفير البلبل

لقد اشتهرت قصيدة صوت صفير البلبل التي وردَ أنَّ الأصمعي تحدَّى بها الخليفة أبا جعفر المنصور، فقد أعلن المنصور عن مكافأة قدرها وزن ما كتبت عليه القصيدة ذهبًا لمن يأتيه بقصية لم يسمَع بها من قبل، ولكن المنصور كان يحفظ القصيدة عندما يسمعها من أول مرة فيقرأها على الشاعر وعنده غلام يحفظها عندما يسمعها مرتين فيقرأها أيضًا وأما جاريته تحفظها من المرة الثالثة فتقرأها بعدهم جميعًا، وبذلك يقرأونها على الشاعر فيصاب بالخيبة، فعرف الأصمعي الخدعة ونظم قصيدة فيها ألفاظ وتراكيب غريبة، وقد نظمها على مجزوء الرجز وقافية اللام وجاءت في 32 بيتًا، وقد أشار بعض النقاد والمؤرخون إلى أنَّ القصيدة منسوبة له وهي ليست من أشعاره لما فيها من أخطاء وركاكة، وفيما يأتي شرح قصيدة صوت صفير البلبل للأصمعي:

• صَوْتُ صَفيرِ البُلْبُلِ
  هَيَّجَ قَلْبِيَ الثَمِلِ
  المَاءُ وَالزَّهْرُ مَعَاً
  مَعَ زَهرِ لَحْظِ المُقَلِ

يبدأ الشاعر حديثه عن تأثير صوت البلبل فيقول: لقد سمعت صوت البلبل فأثار قلبي وهيج الأشواق في قلبي المنتشي من الحنين والهوى إلى المحبوبة، بالإضافة إلى أنَ الماء والزهر في نفس الوقت قد أثارا اشتياقه إلى عيون حبيبته وقد شبه حسن وجمال عيون محبوبته بالزهر أيضًا.

• وَأَنْتَ يَاسَيِّدَ لِي
  وَسَيِّدِي وَمَوْلَى لِي
  فَكَمْ فَكَمْ تَيَّمَنِي
  غُزَيِّلٌ عَقَيْقَلي

ثمَّ يخاطب الخليفة من باب التنبيه فيقول: وأنت يا سيدي ومولاي، ويقصد بذلك أيضًا التعظيم والتبجيل حتى يساعده الخليفة على تحقيق مراده، فقد أوقعتني في شراكها وفي حبائل حبِّها فتاة حديثة السن مثل غزال صغير وحمرة خدودها مثل العقيق الكريم المعروف باحمراره الساحر.

• قَطَّفْتُ مِنْ وَجْنَتِهِ
  مِنْ لَثْمِ وَرْدِ الخَجَلِ
  فَقَالَ لاَ لاَ لاَ ثم لاَ لاَ لاَ
  وَقَدْ غَدَا مُهَرْوِلِ
  وَالخُودُ مَالَتْ طَرَبَاً
  مِنْ فِعْلِ هَذَا الرَّجُلِ

وقد سحرتني تلك الفتاة بحسنها فقطفت من وجنتيها قبلات كثيرة وهي خجولة جدًّا وقد ازدادات حمرة خديها، وصارت تقول لا لا، وتكرار لا هنا من أجل تأكيد عدم الرغبة في حب هذا الرجل، ثمَّ هرولت مبتعدةً عنه حتى لا يحظى بها، وعندما رأته الفتيات يقبَّ تلكل الصبية من وجنتها التي أعجبته تمايلن طربًا وانتشينَ من ذلك المشهد الرومانسي.

• وَفِتْيَةٍ سَقَوْنَنِي
  قَهْوَةً كَالعَسَلَ لِي
  شَمَمْتُهَا بِأَنْفِي
  أَزْكَى مِنَ القَرَنْفُلِ
  فِي وَسْطِ بُسْتَانٍ حُلِي
  بالزَّهْرِ وَالسُرُورُ لِي
  وَالعُودُ دَنْ دَنْدَنَ لِي
  وَالطَّبْلُ طَبْ طَبَّلَ لِي

ثمَّ تتفاخر الفتاة بإعجاب الشباب بها حتى تزيد من حسرة الشاعر، فتقول: ذات يوم اجتمع حولي فتية وشباب كثر وراحوا يكثرون من الاهتمام بي وقد سقوني قهوة لذيذة جدًّا مثل العسل ورائحتها أزكى من رائحة القرنفل، وقد أجلسوني في وسط بستان بديع ممتلئ بالأزهار وتغمر أجواءه السعادة والسرور، وصوت العود يطربنا والطبل ينعشنا في جلسة جميلة جدًّا، وتكمل في وصف تلك الجلسة الجميلة.

• فَلَوْ تَرَانِي رَاكِباً
  عَلَى حِمَارٍ أَهْزَلِ
  يَمْشِي عَلَى ثَلاثَةٍ
  كَمَشْيَةِ العَرَنْجِلِ
  وَالنَّاسُ تَرْجِمْ جَمَلِي
  فِي السُوقِ بالقُلْقُلَلِ
  لكِنْ مَشَيتُ هَارِبا
  مِنْ خَشْيَةِ العَقَنْقِلِي
  إِلَى لِقَاءِ مَلِكٍ
  مُعَظَّمٍ مُبَجَّلِ

ينتقل الشاعر للحديث عن نفسه فيقول: لو تراني أيها الملك كيف كنت أسير على حمار أعرج من بؤسه وبطئه وكأنه يمشي على ثلاثة قوائم فقط، وكأنه في بطئه مثل الجمل، والناس يكرهونه ويرجمونه بالحجارة، ولذلك هرب سريعًا منهم قاصدًا الملك المعظم المبجل، ويقصد أنَّه عانى كثيرًا من أجل الوصول إلى الملك رغم أنَّ الحمار هزيل وضعيف ورغم اعتراض الناس له.

• أَنَا الأَدِيْبُ الأَلْمَعِي
  مِنْ حَيِّ أَرْضِ المُوْصِلِ
  نَظَمْتُ قِطَعاً زُخْرِفَتْ
  يَعْجَزُ عَنْهَا الأَدْبُ لِي
  أَقُولُ فِي مَطْلَعِهَا
  صَوْتُ صَفيرِ البُلْبُلِ

في النهاية يفتخر الشاعر بنفسه وبأنه من الأدباء اللامعين بين العرب وبأنه من أرض الموصل، ويقول: لقد كتبت لكَ ونظمتُ قصيدة مزخرفة بكل ألوان الكلام وغريبه، ويعجز عن الإتيان بمثلها كل الأدباء العرب، وقد بدأتها وختمتها بقولي صوت البلبل وتغريده.

الصور الفنية في قصيدة صوت صفير البلبل للأصمعي

تضمَّنت قصيدة صوت صفير البلبل للأصمعي كثير من الصور الفنية والبيانية والبلاغية والتي تضفي على القصيدة لمسات جمالية وفنية تزيدها حسنًا في نفوس القراء وتزيدها إبداعًا في إيصال المعاني، وتَستخدِم الصور البيانية من تشبيهات وطباق وكنايات بشكل كبير في الشعر العربي خصوصًا وفي الأدب عمومًا، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أهم الصور الفنية والبلاغية في قصيدة صوت صفير البلبل للأصمعي:

استعارة تصريحية

وردت الاستعارة التصريحية في قول الشاعر: فَكَمْ فَكَمْ تَيَّمَنِي غُزَيِّلٌ عَقَيْقَلي، فقد شبَّه محبوبته بالغزل الصغير، ولكنَّه حذفَ المشبَّه وهو محبوبته وأبقى على شيء من لوازمه وهي بقوله “تيمني” فالفتاة هي التي تتيم وتوقعه في الحب، وأبقى على المشبه به وهو الغزال.

تشبيه مجمل

التشبيه المجمل هو الذي يتم فيه ذكر المشبه والمشبه به وأداة التشبيه فقط ويتم حذف وجه الشبه ولذلك سمي تشبيهًا مجملًا، وقد ورد في قوله: وَفِتْيَةٍ سَقَوْنَنِي قَهْوَةً كَالعَسَلَ لِي، فقد شبه القوة بالعسل، وذكر المشبه وهو القهوة، والمشبه به وهو العسل، وأداة التشبيه وهي الكاف، ولكنه حذف وجه الشبه بينهما.

أسلوب الكناية

يكنَّي الشعراء والأدباء بكثير من العبارات أو الكلمات ويستخدمونها في معاني أخرى غير المعاني الأصلية الموضوعة لها، وفي قول الشاعر: يَمْشِي عَلَى ثَلاثَةٍ كَمَشْيَةِ العَرَنْجِلِ، فإنَ المقصود من جملة أنَّ الحمار يمشي على ثلاثة أرجل هو ضعفه وبطؤه، ولكن بالتأكيد ليس المقصود أنَّ فعليًا يمشي على ثلاثة وهذا ليس المعنى الحقيقي، وهذا كنوع من الكناية.

أسلوب التوكيد

ورد أسلوب التوكيد اللفظي والتوكيد المعنوي في أكثر من موضع من القصيدة، من ذلك قوله: فَقَالَ لاَ لاَ لاَ ثم لاَ لاَ لاَ وَقَدْ غَدَا مُهَرْوِلِ، حيث أنَّ تكرار “لا” هنا يدل على تأكيد معنى النفي وهو من التوكيد اللفظي، ومن التوكيد المعنوي قوله: المَاءُ وَالزَّهْرُ مَعَاً مَعَ زَهرِ لَحْظِ المُقَلِ، فقد أكَّد بكلمة “معًا” على وجود الماء والزهر وتأثيرهما الشديد عليه.

الأفكار العامة في قصيدة صوت صفير البلبل للأصمعي

توجد العديد من الأفكار في قصيدة صوت صفير البلبل حرصَ الشاعر على إيصالها إلى الناس رغم أنَّ القصيدة فكاهية، ولا بدَّ من التعرف على هذه الأفكار من أجل معرفة المعاني المقصودة من القصيدة بشكل عام، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أهم الأفكار الرئيسية في قصيدة صوت صفير البلبل للأصمعي:

• تحرك أشواق الشاعر ومشاعره وهواه بسبب تغريد البلبل وصوته الجميل.
• الحديث عن الفتاة التي أسرته بجمالها وفتنته وإعراضها عنه، ووصف الموقع الذي وقع معها عندما حاول تقبيلها وهربت بعيدًا عنها رافضة إياه.
• حديث محبوبته عن غرامياتها وإعجاب الشباب بها في كل وقت وحين، وكيف كانوا يبدون اهتمامهم بها.
• قدومه إلى الملك على حمار هزيل ومواجهة كثير من الصعاب مثل رجم الناس له، ولكنه ضحى بكل ذلك من أجل اللقاء بالخليفة المعظم والحصول على مراده.
• الافتخار بنفسه وبأنه أحد الأدباء الكبار، والافتخار بالقصيدة التي كتبها وهو يعرف أنها غريبة وصعبة ويعجز عن كتابة مثلها الشعراء والأدباء.

شرح مفردات قصيدة صوت صفير البلبل

يعاني كثير من الناس من صعوبات عديدة في فهم معاني الكثير من الكلمات في القصائد العربية وقد تكون غامضة بالنسبة لهم، وخصوصًا في القصائد القديمة، حيث أنَّ كثير من الكلمات المستخدمة في القصائد لا تستخدم بين الناس في الحياة العامة وقد تغيرت وتطورت اللغة العربية مع مرور القرون والأزمان، كما أنَ اللهجات العربية العامية تختلف بشكل كبير عن اللغة العربية الفصحى المستخدمة في الشعر، وفيما يأتي سوف يتم إدراج شرح أهم المفردات في قصيدة صوت صفير البلبل للأصمعي:

مقالات قد تهمك

وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال شرح قصيدة صوت صفير البلبل للأصمعي وأهم الصور البيانية فيها وقد تعرفنا على بعض المعلومات عن الشاعر العربي الأصمعي، وعلى شرح قصيدة صوت صفير البلبل وأهم الصور الفنية والبلاغية فيها وشرح المفردات الصعبة فيها، كما تمَّ إدراج الأفكار العامة والرئيسية في القصيدة وغير ذلك من المعلومات والتفاصيل الأخرى.