شرح قصيدة ما في المقام لذي عقلٍ وذي أدب وأفكارها الرئيسة

شرح قصيدة ما في المقام لذي عقلٍ وذي أدب وأفكارها الرئيسة
شرح قصيدة ما في المقام لذي عقلٍ وذي أدب

شرح قصيدة ما في المقام لذي عقلٍ وذي أدب وأفكارها الرئيسة ، وهو موضوع هذا المقال، حيث يبحث عن هذه القصيدة الكثير من الزوار وخصوصًا من محبي الشعر القديم،تعتبر من القصائد المميزة التي نظمها الإمام الشافعي، وهي من القصائد التي حصلت على إعجاب ملايين من القراء والأدباء والشعراء، فقد تميزت باحتوائها على عدد كبير من الحكم المهمة في حياة الإنسان، وفي هذا المقال سوف نقوم بتسليط الضوء على قصيدة ما في المقام لذي عقلٍ وذي أدب، وبيان معلومات عن كاتب القصيدة الشاعر الإمام الشافعي، ثمّ بيان نص القصيدة وشرحها بالتفصيل، كما سوف نمر على معاني المفردات والأفكار العامة في القصيدة.

كاتب قصيدة ما في المقام لذي عقلٍ وذي أدب

إن صاحب قصيدة “ما في المقام لذي عقلٍ وذي أدب” هو الإمام الشافعي، فهو من أقرب الأئمة الأربعة لبيت الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو أحد علماء الإسلام الكبار،  وقد عاش في غزة في القرن الثاني الهجري، واسمه هو محمد بن إدريس الشافعيّ المطَّلِبيّ القرشيّ، ويكنى أبو عبد الله، وقد مات والده وهو ابن عامين وعاش يتيمًا، وبعد مدة انتقل إلى مكة المكرمة وتعلم الرماية، ثمّ حفظ كتاب الله تعالى، وتعلّم الشافعي اللغة العربية والشرع ثم درس الفقه وأحبّه إلى أن أصبح مؤسس علم أصول الفقه، كما أصبح الشافعي شاعرًا فصيحًا وكتب العديد كمن القصائد التي تناولت حكمًا مميزة ومفيدة لحياة الإنسان، وقد أسس المذهب الشافعي الذي جمع فيه فقه أهل العراق مع أهل المدينة، وقد دوّنه في ثلاثة بلدان على ثلاث مراحل.

وامتدحه العلماء وأكثروا من الثناء عليه، كما كان من أفقه الناس في كتاب الله وسنة رسوله، قد قيل عنه:  “كان الفقه قفلا على أهله، حتى فتحه الله بالشافعي”، وأيضًا كان علمه وافرًا، فقد ذاع صيته وكثر عدد الطلبة عنده، ومن تلاميذه أبو بكر الحميدي، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد العباسي، وأبو بكر محمد بن إدريس، وأبو الوليد موسى بن أبي الجارود، والحسن الصباح الزعفراني، ويجدر بالإشارة إلى أنه كان للشافعي -رحمه الله- العديد من الكتب والمصنّفات ومنها كتاب الرسالة، وكتاب جماع العلم، وكتاب إبطال الاستحسان، وكتاب أحكام القرآن، أما وفاته فقد كانت بعدما معاناة من المرض، حيث توفي سنة 150هـ في مصر عن عمرٍ يناهز أربعاً وخمسين سنة.[1]

شرح قصيدة ما في المقام لذي عقلٍ وذي أدب

تعدُّ قصيدة ما في المقام لذي عقلٍ وذي أدب من أشهر قصائد للإمام الشافعي، وقد وضعت في العديد من المنهاج الدراسية التعليمية العربية، فقد حثت هذه القصيدة المميزة على الترحال وطلب العلم، وأوضح من خلالها الإمام الشافعي أنّ الإنسان ينبغي ألا يقلق من مفارقة أهله وأصدقاء فهو سيجد العوض أينما ذهب، ولذلك ينبغي ألا يتردد في السفر، وقد نظمها على بحر البسيط وقافية الباء وعدد أبياتها كاملة 7 أبيات، وفيما يأتي شرح أبيات القصيدة بالتفصيل:

  • ما في المَقامِ لِذي عَقلٍ وَذي أَدَبِ      مِن راحَةٍ فَدَعِ الأَوطانَ وَاِغتَرِبِ
    سافِر تَجِد عِوَضاً عَمَّن تُفارِقُهُ        وَاِنصَب فَإِنَّ لَذيذَ العَيشِ في النَصَبِ

يبدأ الإمام الشافعي -رحمه الله- أبيات القصيدة بالحديث عن الحكمة المخفية في السفر والتنقل والاغتراب، فهي الطريقة لإدراك حقيقة الأشياء، وتهذيب النفس والحصول على العلوم والفنون والمعارف، وأنّ السبيل الوحيد لنيلها هو الكد والجد، فالإنسان إذا بقي مكانه لن يجد الراحة مطلقًا، ولا بد له من الاغتراب، ويبين الشاعر أنّ الشخص المغترب عليه ألا يقلق على من يفارقهم، فسيجد الله في المكان الذي ينتقل إليه، حيث استخدم الشاعر صيغة للأمر “سافر” للتحريض على الاستمرار بالسعي وراء الأهداف دون ملل ويأس، ثمّ يؤكد أنّ التعب الذي سيشعر به المسافر هو بحدّ ذاته فرحة ولذّة.

  • إِنّي رَأَيتُ وُقوفَ الماءِ يُفسِدُهُ               إِن ساحَ طابَ وَإِن لَم يَجرِ لَم يَطِبِ
    وَالأُسدُ لَولا فِراقُ الأَرضِ ما اِفتَرَسَت      وَالسَهمُ لَولا فِراقُ القَوسِ لَم يُصِبِ

يتحدث الشاعر عن فى هذا البيت فلسفة الحياة وأسرارها، حيث يبين أنّ مكوث الإنسان في مكانه لا يمنحه الراحة أو لذة العيش، بل يُفسد حياته، فيقول إنّ ركود الماء يفسده، أما جريانه وتركها من مكان لآخر يجعلها أصفى وأنقى، أي أنّ الإنفاق فى سبيل لله يطهر المال ويتزايده، والبخل لا يأتى إلا بالشقاوة والهموم والأحزان، ثمّ يابع الحديث الأسود التي إن بقيت في مكانها تجوع وتموت، فهي تذهب للبحث عن الفريسة؛ من أجل المحافظة على حياتها، وكذلك السهم لو بقي داخل القوس ولم ينطلق لن يصيب أي هدف، ولكنّ الإنسان لا يعرف أنّ المنافع والفوائد كامنة خلف الشدائد وليس خلف الأمور السهلة.

  • وَالشَمسُ لَو وَقَفَت في الفُلكِ دائِمَةً         لَمَلَّها الناسُ مِن عُجمٍ وَمِن عَرَبِ
    وَالتِبرُ كَالتُربِ مُلقىً في أَماكِنِهِ           وَالعودُ في أَرضِهِ نَوعٌ مِنَ الحَطَبِ
    فَإِن تَغَرَّبَ هَذا عَزَّ مَطلَبُهُ                وَإِن تَغَرَّبَ ذاكَ عَزَّ كَالذَهَبِ

يتابع الشاعر الحديث عن أهمية الترحال وعدم بقاء الإنسان في مكانه، بحيث يشير إلى دلائل أخرى للتأكيد على صحة كلامه، فيقول أنّ الشمس لو لا تغيب وتبقى مكانها طوال اليوم لملّ منها الناس جميعهم، كما أنّ الذهب والفضة لو بقيت في الأرض فهما كالتراب ولا قيمة لكلاهما، وكذلك العود الذي ينتج منه رائحة طيبة ويحبها الناس لو لم تغاد الأرض لأصبحت حطبًا، فكل تلك الدلال تشير إلى حث الإنسان على الترحال والسعي لطلب العلم.

معاني المفردات في قصيدة ما في المقام لذي عقلٍ وذي أدب

يجد بعض من القراء صعوبة في فهم تلك الكلمات الواردة في قصيدة ما في المقام لذي عقلٍ وذي أدب، ويعود السبب في ذلك إلى أنّ تلك الكلمات والألفاظ المستخدمة في الشعر القديم كانت بالفصحى وتختلف عن العامية التي يستخدمها الإنسان في حياته، وفيما يأتي سوف يتم إدراج معاني أهم المفردات في هذه القصيدة لتسهيل فهمها على الزوار:

المفردة شرح المفردة
وانصب اتعب واجتهد.
المقام مكان الإقامة.
التّبر فتات الذهب والفضة قبل أن يصاغ.
عُجم غير العرب، أو الأجانب
ساحَ جرى.
اغترب اختفى، وسافر سفرا بعيدا،.
العقل إدراك الأشياء على حقيقتها.

الأفكار العامة في قصيدة ما في المقام لذي عقلٍ وذي أدب

تحتوي قصيدة ما في المقام لذي عقلٍ وذي أدب على مجموعة من الأفكار الرئيسية المهمة، فقد حرص الإمام الشافعي -رحمه الله- على أن تسيطر هذه الأفكار على أجواء القصيدة حتى تصل إلى جميع القراء، وبالتالي فهم كافة الحكم التي تم إيرادها بالقصيدة، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أهم الأفكار الرئيسية في قصيدة ما في المقام لذي عقلٍ وذي أدب:

  • الفكرة الأولى: يتحدث الشاعر عن أهمية السفر والترحال لطلب العلم.
  • الفكرة الثانية: يعبر الشاعر عن عدم الخوف من الترحال، وانتظار عوض الله تعالى.
  • الفكرة الثالثة: يوضح الشاعر أنّ الترحال له دور كبير في المحافظة على حياة الإنسان.
  • الفكرة الرابعة: أهمية السعي في أرض الله الواسعة، والمحاولة والابتعاد عن اليأس.

الصور الفنية في قصيدة ما في المقام لذي عقلٍ وذي أدب

جاء في قصيدة ما في المقام لذي عقلٍ وذي أدب الكثير من الصور الفنية والبلاغية التي تضفي لمسات جمالية على القصيدة، فقد ساهمت في زيادة إقبال النفوس على الشعر العربي وخصوصًا أشعار الشافعي، كما أضاف قيمة جمالية على معنى القصيدة بطريقة غير مباشرة، وكثيرًا ما تستخدم هذه الصور الفنية من كنايات وتشبيهات واستعارات وتوكيد وطباق وجناس، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أهم الصور الفنية والبلاغية في القصيدة:

  • استعارة مكنية: وردت الاستعارة المكنية في قول الشاعر: وَالأُسدُ لَولا فِراقُ الأَرضِ ما اِفتَرَسَت وَالسَهمُ لَولا فِراقُ القَوسِ لَم يُصِبِ، فقد شبه الشاعر السهم بالإنسان الذي يفارق، حيث إنه حذف المشبه به وأبقى شيء من لوازمه، كما شبه الشاعر الأسود التي تبقى في عرينها بالشيء الثمين الذي من الوقت يتم الاستغناء عنه، أي دلالة عن فقد الحياة والعيش، فقد حذف المشبه به وأبقى شيء من لوازمه.
  • أسلوب التوكيد: فقد ظهر أسلوب التوكيد في قول الشاعر: سافِر تَجِد عِوَضاً عَمَّن تُفارِقُهُ وَاِنصَب فَإِنَّ لَذيذَ العَيشِ في النَصَبِ، حيث إنه استخدم اللفظة “النصب” للدلالة على التوكيد المعنوي، حيث يحرّض الشاعر الإنسان على الجد والجهد للحصول على الغاية المرادة من الأمور.

السمات الفنية في قصيدة ما في المقام لذي عقلٍ وذي أدب

اشتملت قصيدة الإمام الشافعي على عدد من الخصائص الفنية، حيث يتم استخدامها بشكل كبير في الشعر العربي خصوصًا والأدب عمومًا، مما يساهم هذا الأمر في إظهار القصيدة بشكل مختلف عن القصائد الأخرى، فقد زادت إقبال القراء عليها بسبب دقة الوصف وجمال وعمق المعاني، وفيما يأتي سيتم بيان أهم الخصائص الفنية التي تميزت بها القصيدة:

  • عدم استخدام الصور الفنية.
  • الفصاحة والبلاغة في العبارات.
  • صياغة واضحة للجمل والمفاهيم.
  • توظيف العديد من المحسنات البديعية.
  • استخدم الإمام الشافعي الألفاظ القوية والعميقة.
  • عدم احتواء القصيدة على كلمات معقدة وغير مفهومة.
  • نقل الإمام الشافعي مجموعة من الحكم بطريقة سلسلة ومناسبة للمتلقي.
  • اهتمام الشافعي باستخدام أسلوب الأمر، ويعود السبب في ذلك إلى حث القارئ على تلقي المعلومة.

شرح قصيدة ما في المقام لذي عقلٍ وذي أدب PDF

تعتبر من أجمل وأشهر القصائد التي كتبها الإمام الشافعي رحمه الله، فقد كانت هذه القصيدة مليئة بالحكم التي تفيد الإنسان في حياته، حيث حثت على الترحال والسفر من أجل طلب العلم، مما يتسبب هذا الأمر في فهم الحياة وزيادة الوعي والإدراك، ومن أهمية هذه القصيدة يبحث العديد من الزوار عن شرحها بشكل مفصل، ومن أجل تقديم الفائدة العامَّة إلى كافة الزوار والقراء يمكن تحميل شرح مفصل لقصيدة  مَا فِي المقام لذي عقلٍ وذِي أَدبٍ بصيغة ملف pdf “من هنـــــــــا“، حيثُ تعتبر صيغةً مميزة ومناسبة لحفظ المواضيع والشروحات والملخصات، سواء كان على الجهاز المحمول مثل الموبايل والآيباد أو الحاسوب وغير ذلك، وبالتالي استعماله في أوقات أخرى لاحقة،  كما يرغب البعض بالحصول عليه من أجل طباعته واستخدامه بشكل ورقي في أمور عديدة.

مقالات قد تهمك

شرح قصيدة صوت صفير البلبل للأصمعي وأهم الصور البيانية فيها
شرح قصيدة يا مدور الهين للأمير خالد الفيصل وأهم الصور الفنية فيها
شرح قصيدة مضناك جفاه مرقده لأمير الشعراء أحمد شوقي شرح قصيدة اراك عصي الدمع لأبي فراس الحمداني وأهم الصور الفنية فيها

وبهذا نكون قد وصلنا إلى ختام مقال شرح قصيدة ما في المقام لذي عقلٍ وذي أدب وأفكارها الرئيسة، والذي سلّط الضّوء على كاتب القصيدة الشاعر الإمام الشافعي رحمه الله، ثمّ بيّنا شرح وتحليل القصيدة بالتفصيل، كما تمّ بيان أهم المعاني والمفردات الجديد في القصيدة، وأدرجنا الأفكار الرئيسية في قصيدةِ ما في المقام لذي عقل وذِي أدبٍ، وختمنا المقال في بيان الصور البيانية والبلاغية في القصيدة، نرجو أن نكون قد وفقنا في كتابة هذا المقال وأن نكون حملنا لكم الفائدة والمتعة فيه.

المراجع

  1. ^ saaid.org، من سيرة الإمام الشافعي، 07/09/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *