لماذا سميت التوابع بهذا الاسم

لماذا سميت التوابع بهذا الاسم، اللُّغةُ العربيَّةُ هيَ اللُّغةُ الوحيدةُ في العالمِ الَّتي لا يستطيعُ الإنسانُ الإحاطةُ بها من كلِّ جوانبها مهما حاولَ وفعلَ؛ لأنَّها البحرُ المملوءُ بالأسرارِ والخبايا الَّتي كلَّما شعرَ الواحدُ منَّا أنَّهُ تمكَّنَ منها وجدَ نفسَهُ أمامَ سؤالٍ جديدٍ عنها يزرعُ الحيرةَ في عقلهِ، ومن الأسئلةِ كثيرةِ الدَّوارنِ على ألسنةِ الدَّارسين لهذهِ اللُّغة الشِّريفة: لماذا سميت التوابع بهذا الاسم؟ وفي هذا المقال سنعرضُ أمام حضراتكم الإجابةَ العلميَّةَ المفصَّلةَ عن هذا السُّؤال.

ما هي التوابع

اتَّفقَ العلماءُ والباحثونَ وأهلُ اللُّغةِ والنَّحوِ على تعريفِ التَّوابعِ بأنَّها: جمعُ (تابع) وهي الأسماءُ الَّتي لا يقربها الإعرابُ إلَّا على سبيلِ التَّبع لغيرها، أو هي الكلماتُ الَّتي تتبعُ ما قبلَها في الإعرابِ الحاصلِ والمتجدِّد؛ فإذا جاءَ منصوباً نُصِبَتْ مثلهُ، وإذا جاءَ مرفوعاً رُفِعتْ مثلهُ، وإذا جاءَ مجروراً جُرَّتْ مثلهُ، وتُسمَّى هذهِ الكلمة الَّتي تسبقُ التَّابع بالمتبوع. ^[1]

لماذا سميت التوابع بهذا الاسم

سُمِّيتْ التَّوابعُ بهذا الاسم لأنَّها تتبعُ الكلمة الَّتي تسبقها في الإعراب، فالتَّابعُ كالظِّلِّ للمتبوع أنَّى سارَ يسير، وأنَّى حطَّ يحطّ، وأيّ شكلٍ يتَّخذهُ يقلِّدهُ فيهِ؛ ولذا سُمِّيَ تابعاً، وهناك أنواع عدّة للتوابع نذكر منها النعت أو الصفة ، والبدل والتوكيد والعطف.^[1]

شاهد أيضاً: لماذا سميت همزة الوصل بهذا الاسم

ما هي أنواع التوابع

وللتَّوابعِ في اللُّغةِ العربيَّة أربعة أنواع أو أقسام، وهي:^[1]

• النَّوع الأوَّل: النَّعت أو الصِّفة.
• النَّوع الثَّاني: البدل.
• النَّواع الثَّالث: التَّوكيد.
• النَّوع الرَّابع: العطف.

النعت من التوابع في اللغة العربية

النَّعتُ هو اللَّفظُ الَّذي يدلُّ على صفةِ اسمٍ قبلَهُ ويتبعُ لهُ في أربعة أُمورٍ وهي: ^[2]

• حركة الإعراب: كتبتُ قصيدةً طويلةً؛ فقد جاءت كلمتا (قصيدةً/ طويلةً) منصوبتين.
• التَّعريف والتَّنكير: قرأتُ كتاباً جميلاً؛ فقد جاءت كلمتا (كتاباً/ جميلاً) نكرتين.
• التَّذكير والتَّأنيث: هذا كتابٌ عظيمٌ؛ فقد جاءت كلمتا (كتابٌ/ عظيمٌ) مذكَّرتين.
• الإفراد أو التَّثنية أو الجمع: قابلتُ أشخاصاً رائعين؛ فقد جاءت كلمتا (أشخاصاً، رائعين) دالَّةً عى الجمع.

أنواع النعت

وللنَّعتِ نوعان، وهما:^[2]

• النَّعت الحقيقيّ: ويكونُ نعتاً لما قبلهُ في المعنى والإعراب، نحو: مررتُ برجلٍ وسيمٍ.
• النَّعت السَّببيّ: ويكونُ نعتاً لما بعدهُ في المعنى ولكن يبقى نعتاً لما قبلهُ في الإعراب، مثل: جاءَ رجلٌ كريمةٌ أُمُّهُ؛ فكلمة (كريمة) في المعنى صفةٌ للأُمِّ ولكن في الإعراب صفةٌ للرَّجلِ.

أشكال النعت

ويأتي النَّعتُ على أشكالٍ عدَّة؛ إذ يأتي:^[2]

• اسماً مفرداً ظاهراً: نحو قولنا: تحمَّلتُ الضَّغطَ الكبيرَ.
• جملةً اسميَّة أو فعليَّةً: ويشترطُ في هذا الشَّكل أن يكون المنعوتُ نكرةً، وأن تشتملَ جملةُ النَّعتِ على ضميرٍ ظاهرٍ أو مستترٍ يعودُ على المنعوت، نحوَ قولنا: شاهدتُ طالباً (يدرسُ في الصَّفِّ) فجملة (يدرسُ في الصَّفِّ) نعتٌ اشتملت على ضميرٍ مستتر تقديرهُ (هو) ويعود على الاسم النَّكرة (طالباً).
• شبهَ جملةٍ تتعلَّقُ بالنَّعتِ المحذوف: وذلك بعد النَّكراتِ الجامدة، نحو قولنا: رأيتُ طالباً من المتفوِّقين؛ فالجار والمجرور (من المتفوِّقين) متعلِّقان بنعتٍ محذوفٍ.

أغراض النعت

ويراد مِنَ النَّعتِ أغراضٌ متنوِّعةٌ، مثل:^[3]

• تخصيصُ النَّكرةِ، نحو قوله تعالى: {فتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤمِنَةِ}.^[3]
• توضيحُ المعرفةٍ، نحو: رأيْتُ خالداً الطَّويل.
• المدحُ، نحو قولنا في البسملة: “بِسْمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَحيمِ”.
• الذَّمُّ، نحو قولنا عندما نتعوَّذ من الشِّيطان: “أعوذُ باللهِ من الشَّيطانِ الرَّجيمِ”.
• طلب التَّرحُّمِ، على نحو ما نقولهُ في الدُّعاء: اللَّهمَّ ساعدْ عبدَكَ الضَّعيفَ.
• بغية التَّوكيد، نحو قوله تعالى: {تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ}.^[4]

شاهد أيضاً: لماذا سميت الألف الفارقة بهذا الاسم

التوكيد من التوابع في اللغة العربية

والتَّوكيدُ هو لفظٌ أو تركيبٌ تابعٌ لما قبلَهُ، يؤتى بِهِ لتوكيدِ الحُكمِ، ولهُ نوعان:^[5]

• التَّوكيدُ اللَّفظيُّ: ويكونُ بإعادةِ اللَّفظِ نفسهِ سواءٌ أكانَ حرفاً أم اسماً أم فعلاً أم جملةً، نحوَ قولنا: جاءَ زيدٌ زيدٌ، جاءَ جاءَ زيدٌ، ونحوَ قول الشَّاعر:^[6]

فَــصَــبــراً فــي مَــجــالِ الــمَــوتِ صَــبــراً
فَـــمـــا نَــيــــلُ الــخُــلـــودِ بِــمُــســتَــطـــاعِ

• التَّوكيدُ المعنويُّ: تدلُّ عليهِ ألفاظٌ محدَّدةٌ وهي: (نفس، عين، ذات، كلُّ، عامَّة، جميع، كلا، كلتا) ولكن لها شروطٌ لنستطيع إعرابها بدلاً وهي:

• أنْ تُسبقَ هذهِ الألفاظ باسمٍ تؤكِّدُهُ، مثل: شربتُ الماءَ كلَّهُ.
• أن تتَّصلَ هذهِ الألفاظ بضميرٍ يعودُ على الاسم المتقدِّم، مثل: جاءَ الطُّلَّاب كلُّهم؛ فالضَّمير (هم) يعودُ على (الطُّلاب).
• أن تُطابقَ هذهِ الألفاظ المؤكَّدَ في التَّذكير والتَّأنيث والإفراد أو التَّثنية أو الجمع، مثل: قرأتُ الكتابَ ذاتهُ، قرأتُ القصيدةَ عينها، عاقبتُ الطُّلَّاب كلَّهم…

العطف من التوابع في اللغة العربية

والعطفُ هو الرَّبطُ بين كلمتين بوساطةِ حرفٍ من حروفِ العطفِ، ويُسمَّى الأوَّلُ معطوفاً عليهِ ويُعربُ بحسبِ موقعهِ من الجملة، ويُسمَّى الثَّاني معطوفاً وهو يتبعُ المعطوفَ عليهِ في علامةِ الإعرابِ، وللعطفِ أيضاً نوعان وهما: ^[7]

• عطف البيان: وهو أن يأتي اسمان الثَّاني منهما أشهر من الأوَّل أو أوضح منه، كقولنا: هذا إناءٌ فضَّةٌ، جاءَ أبو خالدٍ أحمدُ، هذا أبو حفصٍ عُمرُ.
• عطف النَّسق (العطف بالحرف): وأحرفُ العطفِ لها أشكالٌ عدَّة ولكلِّ شكلٍ منها معنىً مختلفٌ عن الآخر، نُبيِّنها لكم في الجدول الآتي:

شاهد أيضاً: لماذا سميت الألف اللينة بهذا الاسم

البدل من التوابع في اللغة العربية

والبدلُ هو تابِعٌ مقصودٌ بالحُكْمِ كالمُبْدَلِ منه، بلا واسِطةِ حرْفِ عَطْفٍ، ولهُ ثلاثةُ أنواعٍ وهي: ^[8]

• بدلُ كلٍّ من كلٍّ: وهو أن تأتي كلمتان الثَّانية منهما تحملُ معنى الأولى، كقولهِ تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} ^[9] فكلمة (صراطَ) الثَّانية بدلٌ من (الصِّّراطَ المستقيمَ) منصوبٌ مثلهُ.
• بدلُ بعضٍ من كلٍّ: وهو أن تأتي كلمتان الثَّانية منهما جزءٌ حقيقيٌّ من الكلمة الأولى مع ضميرٍ ليربطَ البدلَ بالمبدلِ منهُ، كقولهِ تعالى: {ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِّنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ} ^[10] فكلمة (كثير) بدلٌ من (الواو) والضَّمير الرَّابط هو (منهم)
• بدلُ الاشتمال: وهو أن تأتي كلمتان الثَّانية منهما جزءٌ غير حقيقيٍّ من الأولى، أو هي من الأشياء الَّتي تتَّصل بالكلمة الأولى، وتحتاجُ إلى ضميرٍ يربطها مع المبدل منهُ، كثولهِ تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ} ^[11] فقولهُ تعالى: (قتال فيهِ) بدلٌ من الشَّهر الحرام.

بهذا نكونُ قد وصلنا -وإيَّاكم- إلى ختام مقالنا لماذا سميت التوابع بهذا الاسم، وقد عرضنا أمام حضراتكم الإجابة العلميَّة الدَّقيقة عن هذا السُّؤال، وتطرَّقنا إلى الحديث عن تعريف التَّوابع وأنواعها وفصَّلنا في كلِّ نوعٍ منهم، نرجو أن نكونَ قد وُفِّقنا في عرضِ مادَّةٍ علميَّةٍ لائقةٍ بحضراتكم، وأن تكونوا قد استمتعم معنا في هذهِ النُّزهةِ الخفيفةِ بين رياضِ اللُّغة العربيَّة ودوحاتها الغنَّاء.