لماذا سميت سورة الطلاق بهذا الاسم

لماذا سميت سورة الطلاق بهذا الاسم
لماذا سميت سورة الطلاق بهذا الاسم

لماذا سميت سورة الطلاق بهذا الاسم أحد الأسئلة الدينية المهمة التي تتبادر إلى ذهن قارئ القرآن الكريم، حيثُ إن القرآن الكريم هو كلام الله -سبحانه وتعالى- المعجز، المنزل على سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- من خلال الوحي بوساطة الروح الأمين جبريل عليه السلام، ويحتوي القرآن الكريم على 114 سورة، ومنها سورة الطلاق، وفي هذا المقال سنبين كمْ عدد آيات سورة الطلاق، وسنوضح سبب تسميتها بهذا الاسم، كما سنعرض تفسيرًا مختصرًا لهذه السورة المباركة.

معلومات عن سورة الطلاق

تعتبر سورة الطلاق من السورة المدنية التي نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعد الهجرة، وتبلغ عدد آياتها الكريمة 12 آية، أمَّا ترتيبها في المصحف الشريف بين سور القرآن الكريم الخامس والسّتين، فهي تقع في الجزء الثامن والعشرين، فقد كان نزولها بعد نزول سورة الإنسان،  كما أنها من السورة التي تفتتح آياتها بأسلوب النداء للنبي صلى الله عليه وسلم، وفي مضامينها تشرح أهمّ الأحكام المُتعلقة بالطلاق وما يتعلق به من الأمور مثل العدة والنفقة، ومن الجدير بالذّكر أنّ سورة الطلاق جاءت لتوضّح أهمية تقوى الإنسان لله -تعالى- والتوكل عليه في سره وعلنه، وتؤكد على قدرة الله -تعالى- التي وسعت كل شيء.[1]

لماذا سميت سورة الطلاق بهذا الاسم

سميت سورة الطلاق بهذا الاسم لأنها ذكرت الأحكام والتشريعات المُتعلقة بالطلاق في الإسلام، وما يتعلق به من الأمور مثل العدة والنفقة[2]، فقد افتتحت السورة بقول الله -تعالى- في محكم تنزيله: “يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ”[3]، كما ورد أنَّ هذه الآية نزلت عندما طلّق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حفصة، فأتت أهلها، وأوضح بعض أهل العلم أنها نزلت في عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- عندما طلق امرأته وهي حائض، فأمره رسول الله -صلى الله عليه وسلم – أن يراجعها ويمسكها حتى تطهر ثم تحيض حيضة أخرى، فإذا طهرت طلقها إن شاء قبل أن يجامعها، فإنها العدة التي أمر الله بها.[4]

شاهد أيضًا: لماذا سميت سورة الفيل بهذا الاسم

أسماء سورة الطلاق

يطلق على سورة الطلاق سورة النساء الصغرى أو القُصرى؛ فقد عُرفت سورة الطلاق بهذا الاسم على سبيل المجاز، وجاء في تسمية هذه السُّورة بسورة النساء الصغرى بسبب الأثر الذي ورد عن الصحابي الجليل عبد الله بن عتبة -رضي الله عنه- عند في حديثه عن عدة الأرملة في قوله: “أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون عليها الرخصة؟ لنزلت سورة النساء القصرى بعد الطولى”[5]، ومن الجدير بالذّكر أنّ سورة الطّلاق سُمِّيت بهذا الاسم؛ لأنّها تشتمل على العديد من الأحكام الشرعية التي تخصّ النِّساء، كأحكام الطَّلاق والرّجعة، والعدّة بعد الطلاق، فهي من السور العظيمة التي تبيّن أهمية الأسرة وبنائها في الإسلام.[1]

مقاصد سورة الطلاق

تعددت مقاصد وموضوعات سورة الطَّلاق، فقد جاءت هذه السّورة الكريمة من أجل بيان أحكام الطَّلاق في الشرع الإسلامي وما يترتب عليه من الآثار، والأحكام التي تبين كيفية تنظيم الأسرة أثناء الزّواج أو بعد انفصال الزَّوجين، ومن مقاصد هذه السورة ما يأتي:[6]

  • حفظ حقوق المُطلقات، وعدم السماح لأزواجهن بالتضييق عليهن.
  • التشاور بين الزوجين فيما يخصّ الأبناء، وترتيب الأجر للمطلقة إن أرضعت طفلها.
  • التذكير بحال الأمم السابقة التي لم تخف الله -عزّ وجل-  وخرجت عن أمره، وتجبّرت في الأرض.
  • التذكير بالحكمة من مشروعية العدة للمرأة، فقد جعل الله -تعالى- لكل شيء حكمه، ولا يعجز -سبحانه- عن تنفيذ أحكامه.

شاهد أيضًا: تفسير سورة الكافرون للاطفال

سبب نزول سورة الطلاق للاطفال

نزلت سورة الطلاق عندما طلق الرسول صلى -صلى الله عليه وسلم- حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، فقد ورد في السلسة الصحيحة عن عمار بن ياسر -رضي الله عنه- أنه قال: أراد رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ أن يُطلِّقَ حفصةَ فجاء جبريلُ فقال لا تُطَلِّقْها فإنها صوَّامةٌ قوَّامةٌ وإنها زوجتُك في الجنَّةِ”[7]، حيثُ يدل الحديث الشريف على أنَّ النَّبي -صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم- كان طلَّقَ حَفْصة -رضي الله عنها- تطليقة واحدةً، ثمَّ راجعها وهي في عدَّتها، وكان ذلك أمرًا من اللهُ -عزَّ وجلَّ- فنزلت هذه الآيات:” يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا”[2]“، فقد جاءت آيات هذه السّورة الكريمة من أجل بيان أحكام الطلاق للمسلمين والأمور المتعلقة فيه.[4]

تفسير سورة الطلاق

إن سورة الطلاق من أعظم السُّور القرآنيّة التي وردت في القرآن الكريم، ومن أهميتها لا بدّ من تفسيرها وذلك لتسهيل فهمها وحفظها سواء كان ذلك للكبار أو الصغار، وفيما يأتي تفسير آياتها باختصار:

تفسير الآيات من 1 إلى 5

قال -تعالى- في الجزء الأول من سورة الطلاق: “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا”، وحتّى قوله تعالى: “ذَٰلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا”[8].

حيثُ تبدأ هذه الآيات بيان الوقت الذي يمكن أن يقع فيه الطلاق، وهو الوقت الذي يقبله الله -تعالى- ويكون موافق لما جاء في السنَّة النبوية الشريفة، وذلك بأن تكون المرأة في طهارة حتى تبدأ أيام العدة، بحيث ينبغي أن تبقى المرأة المطلقة في بيت زوجها حتى تنتهي من عدَّتها، ثم بعد ذلك بيَّن الله -عزّ وجل- حكم مراجعة الزوجة المطلقة قبل انقضاء العدة، وأهمية تنبه الزَّوج على تقوى الله تعالى، كما فصّلت الآيات الكريمة مدة العُدَّة عند النساء اللواتي انقطعن من الحيض، أو اللاتي لم يحضن لصغرهن بأنَّ عدتهن ثلاثة أشهر، أما عدة المرأة الحامل فهي حتى تضع مولودها.[9]

تفسير الآيات من 6 إلى 12

قال -تعالى- في الجزء الثاني من سورة الطلاق: “أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ۚ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۖ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ ۖ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ”، وحتى قوله تعالى: “اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا”[10].

تأتي هذه الآيات لتطلب من الأزواج أن يوفروا للمرأة المطلقة مسكنًا ونفقة في مدة العدّة وعدم التضييق عليها، بالإضافة إلى إعطائها أجرة إرضاعها للأولاد كلٌّ على قدر استطاعته المالية، ثم تختم السورة بالتحذير من تعدي شريعة الله -تعالى- ومن عقاب الله للظالمين، فقد ضرب أمثلة بالأمم السابقة التي خرجت عن طاعة ربها، فذاقت عاقبة تكذيبها، كما تشير إلى قدرة الله -سبحانه وتعالى- في خلق السموات والأرض، مما يؤكد وحدانيته وقدرته وعلمه الشامل الذي لا يخفى عليه شيء.[9]

فضل سورة الطلاق

لم يرد في كتاب الله -عزّ وجل- أو سنة نبيه -صلى الله عليه وسلم- فضلًا خاصًّا في قراءة أو حفظ سورة الطلاق، ولكن لقراءتها فضل عظيم كبقية سور القرآن الكريم، فهي تكسب القارئ الأجر والثواب من الله -تعالى- وتعرّفه الكثير من الحكم والمواعظ التي تعود بالخير على حياته، وقد روي عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “منْ قرأَ حرفاً من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ آلم حرفٌ، ولَكِن ألِفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ”[11].

شاهد أيضًا: لماذا سميت سورة الجن بهذا الاسم

الحكمة من سورة الطلاق

تُعتبر سورة الطَّلاق من السُّور العظيمة المليئة بالمواعظ والعبر المفيدة للمسلم، ومن هذه الحكم والدروس ما يأتي:[9]

  • تقوى الله -عزّ وجل- والتوكل عليه في كُل أمور الحياة.
  • الالتزام بشرع الله -تعالى- لما يؤدي إلى سعادة الدنيا والنجاة في الآخرة، ويزيد في الرزق ويفرّج الهموم.
  • تحذير الأزواج من إلحاق الضرر بزوجاتهم أو ظلمهن بأية طريقة، ومعاملتهن بالعدل والإحسان، سواء خلال الزواج أو بعد وقوع الطلاق.
  • إرسال الله -سبحانه وتعالى- الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- رحمة للبشر جميعًا، فقد أنزل عليه الآيات التي تبين للناس الحلال من الحرام.
  • يعتبر إيمان الفرد هو الشّرط لقبول أعماله، فإذا عمل الإنسان أعمالًا صالحة بقلب مؤمن فجزاؤه الجنة والنعيم بإذن الله.

وبهذا نكون قد وصلنا إلى نهاية هذا المقال الذي أجبنا فيه على السؤال لماذا سميت سورة الطلاق بهذا الاسم،، كما تعرفنا أيضًا على  معلومات علن سورة الطلاق، ثم شرحنا بشكلٍ مبسط تفسير سورة الطلاق، بالإضافة إلى بيان أهم الدروس والعبر المستفادة منها، نرجو أن نكون قد وفقنا في الإجابة على هذا السؤال وأن نكون حملنا لكم المتعة والفائدة في هذا المقال.

المراجع

  1. ^ wikiwand.com، سورة الطلاق، 08/12/2022
  2. ^ shamela.ws، سورة الطلاق، 08/12/2022
  3. ^ سورة الطلاق، الآية 1
  4. ^ islamweb.net، أسباب نزول سورة الطلاق، 08/12/2022
  5. ^ صحيح البخاري، عبد الله بن عتبة،البخاري، 4910، معلق.
  6. ^ shamela.ws، أغراض سورة الطلاق، 08/12/2022
  7. ^ السلسلة الصحيحة، عمار بن ياسر، الألباني، 5/17 ، يرتقي إلى درجة الحسن.
  8. ^ سورة الطلاق، الآية 1-5
  9. ^ alukah.net، تفسير سورة الطلاق كاملة، 08/12/2022
  10. ^ سورة الطلاق ، الآية 6-12
  11. ^ فتح القدير، عبدالله بن مسعود ،الشوكاني، 1/41 ، له طرق عن ابن مسعود وروي نحوه عن عوف بن مالك الأشجعي مرفوعا بسند ضعيف.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *