هل يجوز دخول الكنيسة للمسلمين

هل يجوز دخول الكنيسة للمسلمين وهو ما سيتم بيانه في سطور وفقرات هذا المقال، حيثُ يُعدّ من الأسئلة الهامّة الّتي يجب على المسلم التّعرّف على إجابتها، فالله -تبارك وتعالى- قد أنزل على البشر العديد من الدّيانات، والّتي اختلفت بأحكامها وقواعدها، ولكنّ بقيت على أصلها الواحد، ومن هذه الدّيانات الدّيانة المسيحيّة أو النّصرانيّة، فالكنيسة هو مكان العبادة الّتي يتعبّد فيه النّصارى، ومن هذا المنطلق سيتم بيان حكم دخول الكنيسة للمسلمين.

حكم دخول الكنيسة

إنّ الرَّاجح من أقوال أهل العِلم بأنّه لا يجُوز الدُّخول إلى الكنيسة عند وجود صور وتماثيل، أمّا في حال عدم وجود أيٍّ منها فلا بأسَ بذلك ^[1]، فقد قال عميرة البرلسي رحمه الله- في حاشيته: “فرع: لا يجوز لنا دخولها -أي الكنيسة- إلا بإذنهم، وإن كان فيها تصوير حرم مطلقاً، وكذا كل بيت فيه صورة”، ولكن اختلف بعض أهل العلم فمنهم من ذهب إلى كراهة دخول الكنيسة إن كان بها صور، واستدلَّ أصحاب هذا الرَّأي بعدم دُخول النَّبي -صلَّى الله عليه وسلَّم- البيوت التي تَحتوي على صُور، لما ثبت عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- قال: “وَعَدَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جِبْرِيلُ فقالَ: إنَّا لا نَدْخُلُ بَيْتًا فيه صُورَةٌ ولا كَلْبٌ”^[2]، أما البعض الآخر فقد ذهب إلى الجواز بلا كراهة واستدلو بدخول علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- الكنيسة، ونظر إلى الصُّور التي كانت موجود فيها.

هل يجوز دخول الكنيسة للمسلمين

بيّن أهل العلم بأنّه يجوز دخول المسلم للكنيسة مع عدم وجود منكر فيها كالصّور أو التماثيل ^[1]، لما ثبت عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- قال: “وَعَدَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ جِبْرِيلُ، فَراثَ عليه، حتَّى اشْتَدَّ علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَخَرَجَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَلَقِيَهُ، فَشَكا إلَيْهِ ما وجَدَ، فقالَ له: إنَّا لا نَدْخُلُ بَيْتًا فيه صُورَةٌ ولا كَلْبٌ”^[3]، والأفضل عدم دخول المسلمين للكنائس؛ لأنَّ في دخولها مفسدةٌ لهم، إلّا إن كان الدّاخل إليها يريد من دخوله الدّعوة إلى الله -تبارك وتعالى- والدّعوة للإسلام ونشر الهداية والتّوحيد بين أهل الكنائس، والله -تعالى- أعلم.

شاهد أيضًا: حكم الدخول للمسجد بالرجل اليمنى والخروج بالرجل اليسرى

هل يجوز للمسلم دخول الكنيسة

قد أوضحنا سابقًا الإجابة الصحيحة حول سؤال هل يجوز دخول الكنيسة للمسلمين، أمّا هُنا فسنبيّن هل يجوز للمسلم دخول الكنيسة، فقد اختلف أهل العلم في دخول المسلم إلى الكنيسة، وكان أقوالهم على النحو الآتي:^[4]

• القول الأول: التحريم، وهو قول الحنفيَّة والشّافعيَّة، ولكن الشَّافعية قيَّدوا التّحريم بوجود الصّور في الكنائس، واستدلَّوا بفعل عمر -رضي الله عنه- عندما رفض الذَّهاب إلى الكنيسة تلبيةً لدعوة النَّصارى له على الغداء، أما الحنفيَّة فكان تحريمهم مطلقًا وعللوه بأنه مكان لتعبُّد الشّياطين.
• القول الثاني: الكراهة، وهو قولٌ عند الحنابلة، إلا أن بعضهم قيَّد الكراهة إذا وجدت الصور في الكنيسة، واستدلوا بما ورد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا- قال :” أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا رَأَى الصُّوَرَ فِي الْبَيْتِ لَمْ يَدْخُلْ حَتَّى أَمَرَ بِهَا فَمُحِيَتْ”.
• القول الثالث: جواز دخول الكنيسة مطلقًا، وهو قولٌ آخر للحنابلة، استدلوا بما ورد في شروط عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على أهل الذمة أن يوسعوا كنائسهم وبيَعهم ليدخلها المسلمون للمبيت بها والمارة بدوابهم.

هل يجوز دخول الكنيسة للسياحة

لا يجوز دخول الكَنيسَة للسِّياحة؛ لما فيها من الصّور والتماثيل، والعديد من الأمور التي تخالف الدّين الإسلامي الحنيف، فقد ورد في صحيح البخاري أن أم سلمة وأم حبيبة -رضي الله عنهما- ذكرتا لرسول الله كنيسة بأرض الحبشة وما فيها من الصور، فقال: “أولئك شرار الخلق عند الله”، كما أنّ ابن عباس -رضي الله عنهما- كان يصلي في البيعة التي لا تحتوي على تماثيل، وإن كان بها تماثيل خرج فصلى في المطر، ومن الجدير بالذّكر أن الدّخول إلى الكنيسة من اجل السياحة هو إقرار لهم على ما هم عليه من باطل، وهذا لا يجوز وينبغي على الشخص الرجوع إلى الله -تعالى- والتوبة والاستغفارعما مضى.^[5]

شاهد أيضًا: من هو المسؤول الاول عن المسجد

هل يجوز للمسلم دخول الكنيسة للسياحة

لا يجوز للمسلم دخول الكنيسة للسياحة، وذلك لما فيها من تماثيل وصور، فهذه من المنكرات التي تدل على الإشراك بالله -تعالى- والعياذ بالله، فقد ذكر في السيرة النبوية الشريفة أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما أتى الكعبة في السنة الثامنة للهجرة في غزوة فتح مكة، لم يدخلها حتى أزيلت منها الصور والتماثيل، كما بيّن الشَّرع الإسلامي بأنه يجوز للمسلم دخول الكنيسة للضرورة كالصلاة، أو من أجل الدعوة للإسلام وما نحو ذلك، أما دخول المسلم إليها للسياحة فلا ينطوي على سبب شرعي، فكل ما فيها يخالف الدعوة للإسلام، سواء بمكنوناتها أو مكنونات التعاليم الدينية التي تدرس فيها، والله أعلم.^[5]

هل يجوز للمسلم دخول الكنيسة للعزاء

يجوز للمسلم دخول الكنيسة للعزاء في الراجح على أقوال العلماء ^[6]، ومن أجازه علّله بأن الله -تعالى- لم ينه عن تعزية النصارى، وإنما أتى ذلك من حسن المعاملة والبر،  حيث قال الله -تعالى- في كتابه الكريم: “لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ”^[7]، ومن الجدير بالقول أنه لا فرق إن كانت التعزية في بيوتهم أو في كنائسهم في قول العلماء، ما دام الأمر لا ينطوي على ما هو محرم على المسلمين في ذلك، مثل عدم الإذعان لهم أو موافقتهم على أنر باطل يقولونه، أو الاستماع إلى أقوالهم إن احتوت على كلام فيه إشراك بالله تعالى، والله أعلم.

شاهد أيضًا: حكم من أنكر ركن من أركان الإيمان

هل يجوز للمسلم دخول الكنيسة فقط لحضور حفل زواج

لا يجوز حضور حفل الزفاف في الكنيسة؛ لما تحتوي على معاصٍ ومنكرات، كالتبرج والاختلاط والغناء وغير العديد من المعاصي التي حرّمها الله ^[8]، كما تزداد الحرمة إذا قام المسلم بقراءة شيء من كفرهم وتحريفم وباطلهم، حيث قال -تعالى- في محكم تنزيله: “وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً”^[9]، لأن الدين الإسلامي عن تجنب المنكر أو إزالته، لقوله تعالى: “وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ”^[10]، أما إن كان حفل الزّفاف يخلو من المنكرات  والمعاصي فإنه يجوز حضوره، ويستحب أيضًا دعوة الحضور فيه للدين الإسلامي وتأليفهم للدخول فيه.

هل سب الكنيسة حرام

إنّ سبِّ الكنائس أمرٌ ليس بالمحرّم ^[11]، فهي لا تعتبر من بيوت الله -تعالى- المقدسة، بل هي من البيوت الإلحادية التي يشرك فيها بالله عزّ وجل، ولكن الأفضل ألّا يسبّ المسلم الكنائس خيفةً من سب النصارى لدين الإسلام؛ وهذا من باب سدّ الذّرائع لقوله تبارك وتعالى: “وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ”^[12]، ومن الجدير بالذّكر لا يجب على المسلم أن يحرص على محبَّة دين غير المسلمين حتى لا تكون هذه المحبّة سببًا لهدايتهم إليه، بالإضافة إلى الحرص على حماية الدّين الإسلاميّ الحنيف من السّب والشّتم والألفاظ القبيحة.

شاهد أيضًا: هل يجوز الدعاء بدون وضوء

حكم الصلاة في الكنيسة

يجوز الصلاة في الكنيسة عند الحاجة، ولكن ينبغي التأكد من طهارتها هو الراجح عند الجمهور، فقد صلى النبي -صلَّ الله عليه وسلم- في الكعبة وفيها صور، فإن احتاج المسلمون للصلاة فيها لعدم وجود مكان آخر، وستروا هذه التماثيل بما يخفيها ، فلا بأس ولا كراهة في ذلك، ولكن اختلف الكثير من العلماء بسبب وجود بعض من الأمور التي تمنع الصّلاة في الكنيسة؛ كوجود الصّور والتماثيل، أو عدم الطهارة فيها، وهذا مما يتطلب عدم الدّخول للصّلاة فيها، ولكن ذهب العلماء إلى أن نظافة الكنيسة تُجيز للمسلم أن يصلي بها، فقد قال ابن قدامة -رحمه الله- بأنه لا بأس بالصلاة في الكنيسة النظيفة، فقد رخص في ذلك كل من الحسن، وعمر بن عبد العزيز، والشعبي، والأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، وروي عن عمر، وأبي موسى، وكره ابن عباس ومالك الصلاة في الكنائس من أجل الصور.^[13]

إلى هنا أعزّاءنا القرّاء نصل وإيّاكم إلى نهاية هذا المقال الذي قدمناه لكم بعنوان هل يجوز دخول الكنيسة للمسلمين، فقد عرفنا في هذا المقال بعض من المعلومات حول حكم دخول الكنيسة، وقد أدرجنا لكم الإجابة الصحيحة حول السُّؤال المطروح، ثمّ تعرفنا على هل يجوز دخول الكنيسة للسياحة، كما ختمنا مقالنا ببعض المعلومات حول  حكم تصوير الكنيسة وشروطها دخولها، نرجو أن نكون قد وفقنا في الإجابة على هذا السؤال وأن نكون حملنا لكم الفائدة في هذا المقال.