هل يقع الطلاق إذا لم تسمعه الزوجة

هل يقع الطلاق إذا لم تسمعه الزوجة
هل يقع الطلاق إذا لم تسمعه الزوجة

هل يقع الطلاق إذا لم تسمعه الزوجة يجهل هذا الحكم كثير من المسلمين، إذ أنَّ بعض الأزواج يعاني من نوبات غضب أو يكون قد اختلف مع زوجته، وقد يتلفظ بالطلاق من دون أن تسمعه الزوجة، أو قد يصل إلى الزوجة أن زوجها طلقها ولم تسمع منه ذلك، وتتساءل حول حكم هذا الطلاق من حيث وقوعه أم لا، وسوف نقدم في هذا المقال معلومات عن الطلاق ومشروعيته في الإسلام، وسوف نتعرف على حكم الطلاق إذا لم تسمعه الزوجة، وعلى حكم الطلاق المعلق بشرط وبعض التفاصيل الأخرى.

تعريف الطلاق في الإسلام ومشروعيته

يشير الطلاق إلى انفصال الزوجين عن بعضهما، ويعرف الفقهاء من علماء المسلمين الطلاق بالتعريف بأنه حلُّ عقد الزواج أو عقد النكاح سواء كان بلفظ صريح لا يحمل غير معنى الطلاق مثل: طلاق، سراح، فراق، أو باستخدام الكناية مع وجود نية الطلاق مثل: انتهى ما بيننا، أنت حرة وغير ذلك من الكلمات، كما يشرع الطلاق في الدين الإسلامي كآخر وسيلة لحل المشاكل التي تقع بين الزوجين ولا يمكن إيجاد حلول لها، ويحقُّ للرجل أن يطلِّق زوجته ثلاث طلقات متفرقة، وتوجد لكل طلقة أحكام خاصة، وقد وردت مشروعية الطلاق في الإسلام في النصوص الشرعية المخلتفة في كتاب الله تعالى وفي السنة النبوية، إذ قال تعالى في محكم التنزيل: “الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ”،[1] وفي الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما أَحَلَّ اللهُ شيئًا أَبغضَ إليه مِن الطَّلاقِ”،[2] وأجمع الفقهاء على مشروعية الطلاق رغم  وجود بعض الأحكام الأخرى المتعلقة به، بحيث يكون مكروهًا أو محرمًا أو مستحبًا أو مباحًا أو واجبًا، حسب ظروف كل حالة وطبيعة كل علاقة زوجية.[3]

شاهد أيضًانصيحة للزوجة التي تطلب الطلاق ، متى يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق

هل يقع الطلاق إذا لم تسمعه الزوجة

إنَّ الطلاق إذا تلفظ به الزوج ولم تسمعه الزوجة يقع في الإسلام ولا خلاف في ذلك، حيث يندرج هذا الطلاق تحت اسم الطلاق الغيابي، وهو الطلاق الذي يتم دون علم الزوجة ومن دون رضاها أيضًا، إذ أنَّ الطلاق يقع بمجرد أن ينطق به الرجل لأنَّ العصمة بيده وأمر الطلاق متعلقٌ به، وقد ثبت أنَّ الطلاق يقع إذا لم تسمعه الزوجة في الحديث الصحيح عن خالد بن الوليد رضي الله عنه حيث قال: “حدَّثتْني فاطمةُ بنتُ قيسٍ أختُ الضَّحَّاكِ بنِ قيسٍ ، أنَّ أبا عمرٍو المخزوميَّ طلَّقها ثلاثًا ، فأمرَ لها بنفقةٍ فاستقلَّتْها ، وكان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بعثَهُ نحو اليمنِ ، فانطلقَ خالدُ بنُ الوليدِ في نفرٍ من بني مَخزوم إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو عند ميمونةَ ، فقال : يا رسولَ اللهِ ! إنَّ أبا عمرٍو طلَّق فاطمةَ ثلاثًا ، فهل لها من نفقةٍ ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : ليس لها نفقةٌ ، فأرسلَ إليها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنِ انتقِلي إلى بيتِ أمِّ شريكَ”،[4] ولذلك فإنَّ الطلاق الغيابي صحيح ومشروع في الإسلام، وقد سُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى حول زوج غاب عن زوجته فترة طويلة ثم طلقها ولم يخبرها بالطلاق، فما حكم الطلاق في تلك الحالة فقال:[5]

“الطلاق يقع ، وإن لم يبلغ الزوجة فإذا تلفظ الإنسان بالطلاق وقال : طلقت زوجتي ، طلقت الزوجة سواء علمت بذلك أم لم تعلم ولهذا لو فرض أن هذه الزوجة لم تعلم بهذا الطلاق إلا بعد أن حاضت ثلاث مرات فإن عدتها تكون قد انقضت مع أنها ما علمت ، وكذلك لو أن رجلاً توفي ولم تعلم زوجته بوفاته إلا بعد مضي العدة فإنه لا عدة عليها حينئذ لانتهاء عدتها بانتهاء المدة”.

هل يقع الطلاق باللفظ دون النية

ذهب معظم الفقهاء من أهل العلم إلى أنَّ الطلاق باللفظ الصريح الذي لا يحمل إلا معاني الطلاق يقع حتى لو لم تكن نية صاحبه الطلاق، فإذا قال الزوج لزوجته أنت طالق فإن الطلاق يقع حتى إذا لم يكن ينوي الطلاق في تلك الكلمة، حتى لو كان قصده التخويف أو التهديد، وقد ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” ثلاثٌ جِدُّهنَّ جدٌّ وَهَزلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكاحُ والطَّلاقُ والرَّجعةُ”،[6] أمَّا إذا كان الشخص مذهولًا أو غضبانًا غضبًا لا يعي فيه ما يقول أو نائمًا وتلفظ بالطلاق فإنَّ هذا الطلاق لا يقع، وإذا كان يريد أن ينطق كلمة أخرى وخرجت كلمة طالق منه لا يقع الطلاق في هذه الحالة، كأن يريد الزوج أن يقول لزوجته أنت طارق، فيقول مثلًا أنت طالق، في هذه الحالة لا يقع لأنه لا يقصد كلمة الطلاق، أمَّا إذا كان متلفظًا لكلمة الطلاق ويعي معناها، ولو لم تكن نيته الطلاق، فإنَّ الطلاق يقع والله أعلم.[7]

شاهد أيضًاكيف أعرف أن الطلاق خير لي ، نصائح للزوجة التي تريد الطلاق

حكم تعليق الطلاق بشرط

اختلف الفقهاء في حكم الطلاق المعلق على شرط فيما إذا كان يقع أو لا، فقد ذهب الفقهاء إلى أنَّ الشرط المعلق إذ تحقق الشرط يقع ويكون مثل الطلاق العادي إذا كان صاحبه ينوي الطلاق فعلًا فيه، بينما ذهب كثير من الفقهاء إلى أنَّ الطلاق المعلق مثل اليمين حيث يقصد صاحبه التهديد به ولا يقصد الطلاق أصلًا، ولذلك تكون عليه كفارة اليمين فقط، وقد فصَّل الإمام ابن باز رحمه الله تعالى حكم يمين الطلاق أو الطلاق المعلق بشرط في قوله:[8]

“إذا كان قال عليه الطلاق إن كلمتي فلان أو إن لم تفعلي كذا أو إن زورتي فلان أو ما أشبه ذلك، وهو يقصد إيقاع الطلاق إذا فعلت، يعني نيته إيقاع الطلاق عليها، هذا يقع طلقة، أما إذا كان قصده منعها وتخويفها وليس قصده طلاقها وإيقاع الطلاق عليها، إنما قال ذلك ليمنعها من هذا الشيء: عليه الطلاق إن كلمتي فلان أو إن دخلت بيت فلان أو ما أشبه ذلك، يقصد منعها وتخويفها وزجرها، ولم يقصد ولم ينو إيقاع الطلاق عليها ولا فراقها، هذا يكون له حكم اليمين، حكمه حكم اليمين في أصح قولي العلماء، وعليه كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم”.

في نهاية مقال هل يقع الطلاق إذا لم تسمعه الزوجة تعرفنا على حكم ومشروعية الطلاق في الإسلام، وتعرفنا على حكم الطلاق إذا لم تسمعه الزوجة فيما إذا كان يقع أو لا وهو ما يعرف باسم الطلاق الغيابي، وتعرفنا على حكم الطلاق المعلق على شرط مثل يمين الطلاق، وحكم اللفظ بالطلاق من دون نية وغير ذلك من المعلومات والتفاصيل.

أسئلة شائعة

أسئلة شائعة
متى لا يقع الطلاق الصريح؟
إنَّ الطلاق الصريح لا يقع في حالة الغضبان غضبًا شديدًا لا يعي فيه ما يقول، أو من السكران أو المدهوش أو المكره أو النائم، كل هذه الحالات لا يقع فيها الطلاق الصريح، لأنَّ صاحبها لا يعرف ما يقول أصلًا ولا يؤخذ على كلامه.
هل يقع الطلاق بعيدا عن المرأة؟
إنَّ الطلاق من حقوق الزوج، ولذلك فهو يقع بمجرد أن يقوم به الزوج يعني أن يتلفظ به أو يكتبه على الورق ويكون قاصدًا له، حتى لو لم تسمع الزوجة أو كانت بعيدة عنه، أو لم يصلها خبر الطلاق إلا بعد حين، فإنَّ الطلاق يقع ولا خلاف في ذلك بين أهل العلم والله أعلم.

المراجع

  1. ^ سورة البقرة ، الآية 229
  2. ^ المستدرك على الصحيحين، عبد الله بن عمر، الحاكم، 2833، صحيح
  3. ^ dorar.net، حكم الطلاق، 08/03/2023
  4. ^ تفسير الطبري، خالد بن الوليد، ابن جرير الطبري، 180، صحيح
  5. ^ islamqa.info، لا يشترط بالزواج علم الزوجة أو مواجهتها به، 08/03/2023
  6. ^ صحيح أبي داود، أبو هريرة، الألباني، 2194، حسن
  7. ^ islamqa.info، قال لها أنت طالق يريد التهديد والتخويف، 08/03/2023
  8. ^ binbaz.org.sa، حكم الطلاق المعلق بفعل شيء ما، 08/03/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *