عناصر المقال
لماذا سميت سورة الفتح بهذا الاسم، هذا السؤال يراود الكثيرين، ويبحثون عن إجابات له، وإنّ الفتح يعني التيسير وهذا كأمر عام فبحق من وردت هذه السورة ولماذا وما أسباب النزول وما العبر المستفادة منها كل هذا وغيره قد يدور في أذهان الناس حول السور القرآنية، وسيجيبكم موقع تصفح عن هذا السؤال بالتفصيل، كما سندرج بعض المعلومات حول سورة الفتح من أسباب نزول ودروس مستفادة.
سورة الفتح
إن سورة الفتح هي من السور المدنية التي نزلت على النبي عليه الصلاة والسلام في منطقة كُراع الغميم الواقعة بين مكة والمدينة، حينما رجع النبي عليه الصلاة والسلام مع أصحابه من الحديبية في العام السادس من الهجرة، ويبلغ عدد آياتها تسعًا وعشرين آية، ويبلغ عدد كلماتها خمسمئةٍ وثلاثين كلمة، وعدد حروفها ألفين وأربعمئةٍ وثمانٍ وثلاثين حرفاً، وكان ترتيب نزولها على النبي عليه الصلاة والسلام الثالثة عشر بعد المئة، بعد سورة الصف وقبل سورة التوبة، أما ترتيبها في المصحف العثماني فهو الثامن والأربعين، تبدأ ببشرى النبي عليه الصلاة والسلام بفتح مكة وفيها وعد ووعيد وعد للمؤمنين بالمغفرة والأجر العظيم وللكافرين والمنافقين بالعذاب والهلاك، وكذلك بينت أن النبي أرسل بالهدى ودين الحق ليدعو الناس كافة وأن المؤمنين رحماء بينهم أشداء على أعدائهم من الكفار. [1]
شاهد أيضاً: لماذا سميت سورة الجاثية بهذا الاسم
لماذا سميت سورة الفتح بهذا الاسم
سمّيت سورة الفتح بهذا الاسم لما حملته من بشارات بالفتح المبين الذي سيطال المسلمين بعد ما قاسوه في يوم الحديبية بسبب حجز المشركين لهم عن أداء مناسك العمرة وبحسن عاقبة صلح الحديبية وأنه نصر كبير وفتح عظيم، وهذا وعد الله لعباده المؤمنين في كل نائبة تنزل بهم بأن الفرج والنصر المبين سيعقبها لا محالة، فكان صلح الحديبية الذي سبقه رؤيا النبي بفتح مكة وقد أراد النبي أن يدخل بهدنة مع قريش لدعوة القبائل والملوك لدين الله عز وجل واستغلال فترة الصلح في تدريب جنود المسلمين وتهيئتهم للفتوحات الكبرى التي ستعقب الصلح بعد ما بشره الله في الرؤيا ونزول سورة الفتح وقال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لقد أُنزِلَتْ عليَّ الليلةَ سورةٌ لهي أحَبُّ إليُّ مما طلعت عليه الشمسُ : إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا” [2] ، وقد جاءت تسميتها على لسان الصحابة رضوان الله عليهم كما في صحيح البخاري ولم يعرف لها اسم آخر، وقد كثرت الأحاديث والروايات التي ذكر فيها سورة الفتح ، فعن عبد الله بن مغفل -رضي الله عنه- أنّه قال: “رَأَيْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ فَتْحِ مَكَّةَ علَى ناقَتِهِ، وهو يَقْرَأُ سُورَةَ الفَتْحِ يُرَجِّعُ، وقالَ: لَوْلا أنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ حَوْلِي لَرَجَّعْتُ كما رَجَّعَ” [3].، وقد كان وعد الله مفعولًا حيث تبع صلح الحديبية فتح مكة الذي كان سببًا لإسلام معظم سكان الجزيرة العربية وتوالت بعدها الفتوحات ودخول الناس من مشارق الأرض ومغاربها في هذا الدين الحنيف الذي أنزله الله هدى ونورًا لعباده كافة. [4]
سبب نزول سورة الفتح
إن السبب من نزول سورة الفتح كاملة صلح الحديبية وأحداثها التي جرت وكانت سببًا في تغيير مسرى الدعوة الإسلامية فكان بعدها الإسلام ينتشر كما النار في الهشيم وقد كانت سورة الفتح هي البشرى فعن مروان بن الحكم والمسور بن خرمة قالا: “نَزَلَتْ سُورَةُ الْفَتْحِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ فِي شَأْنِ الْحُدَيْبِيَةِ مِنْ أَوَّلِهَا إِلَى آخِرِهَا”[5] ، وسنبين فيما يأتي أسباب النزول لبعض آيات سورة الفتح: [6]
- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن بعد عودتهم من عزوة الحديبية وقد منعهم المشركون من أداء مناسك العمرة وقد ملأ الحزن قلوبهم وظهرت الكآبة على محياهم نزلت آية: “إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا” [7] ، فكانت هذه الآية بمثابة جبر لقلب النبي عليه الصلاة والسلام ومن معه وقد قال النبي عنها أنها أحب السور إلى قلبه، وجاء عن عطاء الله عن ابن عباس أن اليهود شتموا النبي عليه الصلاة والسلام والملسمين واستهزؤوا بهم عندما نزلت آية: “وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ” [][] ، فقالوا كيف نتبع رجلًا لا يدري ما يفعل به، فاشتد ذلك على النبي عليه الصلاة والسلام فأنزل الله له جبرًا بقوله: “إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ” [9]
- وبعد نزول الآيتين السابقتين قال أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام هنيئًا لك يا رسول الله ما أعطاك الله فما لنا؟ ، قال الله -تعالى-: “لِّيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ اللَّـهِ فَوْزًا عَظِيمًا” [10]، وهذا جبر الله عز وجل لعباده المؤمنين وما كان الله ليضيع إيمانهم أبدًا وهو وليهم في الدنيا والآخرة.
- وعن أنس أن ثمانينرجلًا وقيل ثلاثين من المشركين هبطوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الشجرة في الحديبية متسلحين يريدون المكر بالنبي وأصحابه، فدعا النبي عليهم فأخذ الله بأبصارهم فقام إليهم المسلمون فأخذوهم أسرى ثم أطلق النبي سراحهم بعد سؤاله لهم إن كان أحد قد أرسلهم فأنكروا، فنزلت آية: “وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا” [11]
شاهد أيضًا: لماذا سميت سورة الأحزاب بهذا الاسم
ما الدروس المستفادة من سورة الفتح
من الدروس المستفادة التي نستقيها من سورة الفتح هي كالآتي: [12]
- دائمًا عوض الله يأتي جميلًا عظيمًا مدهشًا ينسي مرارة الألم ويبدل الحزن فرحًا فقد أصاب المسلمون القهر والأسى من منعهم لأداء مناسك العمرة بعد ذبحهم للهدي في الحديبية ولكن الله كان يخبئ لهم فتحًا عظيمًا غير مسار الدعوة بالكلِّيَّة.
- التأكيد على نصرة النبي واتباع أمره وبذل الغالي والرخيص لنصرة دينه، والحذر من المنافقين.
- الرحمة ولين الجانب بين المسلمين والنصح والمحبة والمودة بينهم وهذا ما يوحد صفوفهم، والشدة والأخذ بأسباب النصر في وجه أعداء الدين وإظهار القوة أمامهم حتى لا يستخفوا بقوتهم.
- اليقين بالله والثقة بنصره والإيمان بوعده بأن وعده آت وجبره قريب وأنه ولي للمؤمنين لا يجعل للمشركين على المؤمنين سبيلًا.
- حسن التوكل على الله مع الأخذ بالأسباب فالتسليم له وتفويض الأمر له يورث قوة ويرفع المعنويات فالخيرة دائمًا فيما يختاره الله.
مقاصد سورة الفتح ودلالاتها
لسورة الفتح العديد من المقاصد والدلالات والدروس التي يمكن أن يستفاد منها وسنبين لكم بعض هذه العبر والدروس والمقاصد فيما يأتي: [1]
- إن المقصد الأساسي هو بيان الفتح المبين الذي سيناله النبي والمسلمون والتأييد العظيم الذي سيأتيهم من رب العزة تبارك وتعالى فيمنّ بذلك عليهم ويجبر بذلك كسر قلوبهم يوم الحديبية.
- بيان العاقبة الحسنة التي نالها المسلمون بصلح الحديبية بنزول السكينة والطمأنينة على قلوبهم بوعد الله لهم بالفتح لمكة وغيرها و أداء العمرة في العام القادم وقد قويت شوكتهم.
- بيان حقيقة أن بعثة النبي عليه الصلاة والسلام وزرعها للإيمان في قلوب الناس هي السبب الرئيسي في نشر الخير وفعل الطاعات والحد من المنكرات وتعظيم الله وحده لا شريك له ودحر عبادة الأوثان التي لا تملك كشف الضر عن نفسها ولا عمن يعبدونها.
- إظهار مكانة النبي العظيمة عند الله عز وجل وتأييده له ونصرته لدينه وأن كرامته عند الله لا تهون فقد بشره بالفتوحات المبينة المتعاقبة التي ستعقب صلح الحديبية.
- إظهار حقيقة البيعة بين النبي والمسلمين يوم الحديبية بأنها مبايعة على القتال وبذل الأرواح في سبيل الله، وأنها مؤيدة بنصر الله وتمكينه.
- إظهار صفات المنافقين وفضحهم أولئك الذين تخلفوا عن المشاركة في صلح الحديبية لسوء ظنهم بالله عز وجل وجبنهم وخوفهم لغير الله وعدم يقينهم بكلام النبي عليه الصلاة والسلام الذي لا ينطق عن الهوى إنما هو وحي يوحى.
- التبيين للأشخاص أصحاب الأعذار الذين يمكنهم التخلف عن الجهاد ويباح لهم عدم المشاركة في القتال فقد رفع الله عنهم التكليف بالجهاد فلا جناح عليهم ولا إثم.
- الثناء على المؤمنين الذين بايعوا النبي تحت الشجرة وما أنزله الله على قلوبهم من سكينة لعلمه بصدقهم.
- ذكر صفات النبي ومن معه من المؤمنين وأن هذه الصفات مذكورة في التوراة والإنجيل من قبل بعثة النبي بآلاف السنين، وما أعده الله لهم من نعيم مقيم وأجر عظيم في الدنيا والآخرة.
شاهد أيضًا: لماذا سميت سورة الجن بهذا الاسم
فضل سورة الفتح
سورة الفتح تعتبر من السور المثاني التي أوتيها النبي عليه الصلاة والسلام وهي من السور التي جبر بها قلبه، فقال صلى الله عليه وسلم: “أُعطِيتُ مكانَ التَّوراةِ السَّبعَ الطّوالَ، وأُعطِيتُ مكانَ الزَّبورِ المئِينَ، وأُعطِيتُ مكانَ الإنجيلِ المثانيَ، وفُضِّلْتُ بالمفَصَّلِ” [13]، وهي من أحب السور إلى قلبه عليه الصلاة والسلام كونها تبشره بما كان يأمل وزيادة، وتبين له عظيم مكانته عند ربه تبارك وتعالى وقد وصفها بأنها أحب إليه مما طلعت عليه الشمس ومن الدنيا وما فيها، فقد رُوي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنّه قال: قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “نزَلَتْ عليَّ البارِحَةَ سورةٌ هي أحَبُّ إليَّ منَ الدنيا وما فيها، إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ” [14] [15]
وكم أدخلت سورة الفتح السرور إلى قلوب المسلمين في بعض آياتها التي اختصتهم وهذا بعد أن أدخلت آياتها السرور إلى قلب النبي عليه الصلاة والسلام في تبشيره بالفتح، فحينما نزل قوله تعالى: “إنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا”[]، أخذ المسلمون يتساءلون عن نصيبهم من الفرح في هذه السورة فنزل قوله تعالى: “لِّيُدْخِلَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عِندَ اللَّهِ فَوْزًا عَظِيمًا”،[10] والله تعالى أعلم.[16]
إلى هنا زوار موقع تصفح الكرام نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال لماذا سميت سورة الفتح بهذا الاسم، تناولنا فيه سبب تسمية الفتح بهذا الاسم وأسباب النزول وتناولنا العديد من القضايا التي تناولتها هذه السورة المباركة المحببة إلى قلب النبي عليه الصلاة والسلام وإلى قلوبنا جميعًا، نرجو أن نكون قد وفقنا بما طرحناه لكم ونسأل الله الفتاح لنا ولكم الفتوح والقبول.
المراجع
- ^ islamweb.net، مقاصد سورة الفتح، 21/12/2022
- ^ صحيح الجامع، عمر بن الخطاب،الألباني،5121،صحيح
- ^ صحيح البخاري، عبدالله بن مغفل،البخاري،4281،صحيح
- ^ islamweb.net، نبذة حول سورة الفتح المباركة، 21/12/2022
- ^ islamweb.net، أسباب النزول،سورة الفتح،قوله عز وجل " إنا فتحنا لك فتحا مبينا "، 21/12/2022
- ^ shamela.ws، كتاب أسباب النزول ت الحميدان،الواحدي،، 21/12/2022
- ^ سورة الفتح، الآية: 1
- ^ سورة الأحقاف، الآية: 9
- ^ سورة الفتح ، الآية: 1 و 2
- ^ سورة الفتح، الآية: 5
- ^ سورة الفتح، الآية: 24
- ^ shamela.ws، كتاب الأساس في التفسير ،سعيد حوى،، 21/12/2022
- ^ بداية السول، واثلة بن الأسقع الليثي أبو فسيلة،الألباني،59 ،صحيح
- ^ تخريج المسند لشاكر، عمر بن الخطاب،أحمد شاكر، 1/114،إسناده صحيح
- ^ موسوعة فضائل سور وآيات القرآن، محمد بن رزق بن طرهوني، 21/12/2022
- ^ alukah.net، خواطر حول سورة الفتح (2) فضل سورة الفتح، 21/12/2022
التعليقات