لماذا سميت سورة الممتحنة بهذا الاسم

لماذا سميت سورة الممتحنة بهذا الاسم من الأسئلة الهامة التي يبحث عن إجابتها العديد من المسلمين، وسورة الممتحنة من السور التي اشتملت على العديد من الأحكام كحكم معاهدة الكافرين، وحكم التعامل مع الكافرين الذين لم يقاتلوا المسلمين، وحكم موالاة الكافرين دون المسلمين، وفي هذا المقال سنعرض نبذة مختصرة عن سورة الممتحنة، وسنوضح بشكل مفصل سبب تسميت سورة الممتحنة بهذا الاسم.

التعريف بسورة الممتحنة

سورة الممتحنة من السورة المدنية، وهي من المفصل،  يبلغ عدد آياتها ثلاث عشرة آية، وترتيبها في المصحف ستين، في الجزء الثامن والعشرين، وتبدأ سورة الممتحنة بأسلوب نداء للمؤمنين قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}^[1]، ونزلت سورة الممتحنة بعد سورة الأحزاب، وتقع بين سورة الحشر وسورة الصف، وموضوع هذه السورة كغالب السور المدنية في بيان الأحكام التشريعية، فبينت أحكام المتعاهدين من المشركين، والذين لم يقاتلوا المسلمين، وحكم المؤمنات المهاجرات وامتحانهن.^[2]

شاهد أيضاً: لماذا سميت سورة القلم بهذا الاسم

لماذا سميت سورة الممتحنة بهذا الاسم

سبب تسمية سورة الممتحنة يهذا الاسم؛ لما ورد فيها من وجوب امتحان المؤمنات عند الهجرة إلى أرض الإسلام وعدم جواز ردُّهُنَّ إلى الكفار إذا ثبت إيمانهن، قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ}^[]، وقد سميت سورة الممتحِنة “بكسر الحاء” ومعناها: المختبرة، بإضافة الفعل مجازاً إلى أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط‍، التي نزلت فيها الآية وهي امرأة عبد الرحمن بن عوف، ولدت له إبراهيم بن عبد الرحمن، ويقال: الممتحَنة “بفتح الحاء” وهو المشهور بإضافة الفعل حقيقة إلى أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط‍.^[1]

مناسبة سورة الممتحنة لما قبلها

تقع سورة الممتحنة بين سورة الحشر وسورة الصف، وتظهر مناسبة هذه السورة لما قبلها وهي سورة الحشر من وجهين:^[2]

• أولاً: ذكر في سورة الحشر موالاة المؤمنين لبعضهم، وموالاة الذين نافقوا للكفار من أهل الكتاب، وافتتحت سورة الممتحنة بنهي المؤمنين عن مولاة الكافرين، فهذه الصفة خاصة بالمنافقين.
• ثانياً: تشترك السورتان في بيان علاقات المسلمين مع غيرهم فقد تحدثت سورة الحشر عن المعاهدين من أهل الكتاب، وتحدثت سورة الممتحنة عن المعاهدين من المشركين.

شاهد أيضاً: لماذا سميت سورة التين بهذا الاسم

سبب نزول سورة الممتحنة

إن لنزول سورة الممتحنة أربع أسباب، فالسبب الأول: حادثة حاطب بن ابي بلتعة عندما حذر قريش، والسبب الثاني: حادثة أسماء بنت أبي بكر مع أمها المشركة، والسبب الثالث: حادثة مهاجرة المؤمنات للرسول صلى الله عليه وسلم، والسبب الرابع: حادثة مبايعة المؤمنات للرسول صلى الله عليه وسلم، وبيان هذه الأسباب كما يأتي:^[4]

حادثة حاطب بن ابي بلتعة عندما حذر قريش

أن مولاة يقال لها سارة، أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة، وهو يتجهز لفتح مكة لفتح، فأتاها حاطب بن أبي بلتعة، وأعطاها مالاً، وكساها برداً، وأرسل معها رسالة إلى أهل مكة، وهذه الرسالة جاء فيها: “من حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة: اعلموا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يريدكم، فخذوا حذركم”،  فنزل جبريل -عليه السلام- مخبراً الرسول ما حدث، فبعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعض الصحابة خلف سارة حتى يأخذوا منها الرسالة، وعندما وصلوا إليها قالوا لها: أخرجي الكتاب فأبت فهددوها بالقتل، فأخرجت الرسالة، فأخذها الصحابة وعادوا بها إلى النبي عليه السلام، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لحاطب: ما حملك على فعلك هذا؟ فقال: يا رسول الله، خشيت على أهلي، فأردت أن أحذرهم، وقد علمت أن الله ينزل عليهم بأسه، وأن رسالتي لا تغني عنهم شيئاً، فصدقه الرسول -عليه السلام- وقبل عذره، فقال عمر رضي الله عنه: “دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق، فقال: وما يدريك يا عمر، لعل الله قد اطلع على أهل بدر، فقال لهم: اعملوا ما شئتم، فقد غفرت لكم ففاضت عينا عمر وقال: الله ورسوله أعلم” وأنزل قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} إلى قوله تعالى:{وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ}.^[1]

حادثة أسماء بنت أبي بكر مع أمها المشركة

قدمت قتيلة بنت عبد العزى على ابنتها أسماء بنت أبي بكر بهدايا وكانت قتيلة  مشركة، فامتنعت أسماء عن قبول الهدايا، وامتنعت أن تدخلها بيتها حتى تسأل رسول الله عليه السلام، فأرسلت إلى أم المؤمنين عائشة بأن تسأل الرسول -صلى الله عليه وسلم- ماذا تفعل، فأخبرته عائشة -رضي الله عنها- بالأمر، فأمرها الرسول -عليه السلام- أن تقبل الهدايا وتدخل أمها المنزل، فأنزل الله: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ}.^[5]

شاهد أيضاً: لماذا سميت سورة العنكبوت بهذا الاسم

حادثة مهاجرة المؤمنات للرسول

أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عاهد كفار قريش يوم الحديبية، على أن من أتاه من أهل مكة، رده إليهم، ومن أتى من أهل مكة من أصحابه فهو لهم، فجاءت سبيعة بنت الحارث الأسلمية بعد هذه المعاهدة إلى الرسول -عليه السلام- وهي زوجة رجل كافر، فعندما علم زوجها  بالأمر جاء إلى الرسول -عليه السلام- وقال: يا محمد، رد علي امرأتي، فأنزل الله: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ}^[3] إلى قوله: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}^[3]،وقيل: جاءت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط‍، وقيل: نزلت في أميمة بنت بشر امرأة أبي حسان الدحداحة، وقيل: نزلت في امرأة تسمى سعيدة كانت تحت صيفي بن الراهب.^[2]

حادثة مبايعة المؤمنات للرسول

في يوم الفتح عندما فرغ الرسول -صلى الله عليه وسلم- من بيعة الرجال، أخذ في بيعة النساء، وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمتحن من هاجرن إليه بهذه الآية: بقول الله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}^[6]، فمن أقرت بهذا الشرط‍ من المؤمنات، قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: “قد بايعتك على ذلك”.^[4]

موضوعات سورة الممتحنة

شملت سورة الممتحنة العديد من الموضوعات الهامة، وفيما يأتي أبرزها:^[1]

• ابتدأت السورة بنهي المؤمنين عن اتخاذ أعداء الله وأعدائهم أولياء، وبيان كراهية أعداء الله للحق وإيذائهم للمؤمنين، وبيان سوء عاقبة من يواليهم.
• بينت الآيات أن الأقارب والمعارف، لن يدفعوا العذاب ولن ينفعوا الإنسان يوم القيامة، والنفع الحقيقي للإنسان يوم القيامة  يكون بالإيمان بالله والعمل الصالح.
• ضرب الأمثال بقصة إبراهيم -عليه السلام- الذي قطع صلته بأبيه وقومه المشركين؛ لإصرارهم على عدم ترك الكفر.
• بينت السورة أصول العلاقات بين المسلمين وغيرهم في السلم وفي الحرب، وبينت الرخصة في حسن معاملة الكفار الذين لم يقاتلوا المسلمين.
• وانتقل البيان إلى تفصيل أحكام النساء اللائي جئن مؤمنات إلى المسلمين، بعد أن تركن أزواجهن الكفار، وضرورة اختبارهن عند الهجرة لأرض الإسلام، وعدم  ارجاعهن إلى الكفار في أرض الكفر.
• بيان حكم مبايعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- للنساء اللائي جئن مؤمنات إلى أرض الإسلام، وأخذ العهود عليهن بطاعة الله، والبعد عن المحرمات.
• ختمت السورة الكريمة بتأكيد على نهي المؤمنين عن موالاة المشركين والكفار.

شاهد أيضاً: لماذا سميت سورة البلد بهذا الاسم

مقاصد سورة الممتحنة

تضمنت سورة الممتحنة العديد من المقاصد، ومن أهم مقاصد السورة:

• تحذير المؤمنين من اتخاذ المشركين أولياء.
• بيان العلاقات العامة للمسلمين مع المعاهدين.
• بيان الرخصة في حسن معاملة مع الكفار الذين لم يقاتلوا المسلمين.
•  توضيح حكم مبايعة الرسول -صلى الله عليه وسلم- للنساء المهاجرات من أرض الكفر.

فضل سورة الممتحنة سورة الممتحنة

كالكثيرِ من سور القرآن الكريم لم تَرِدْ في فضل سورة الممتحنة أحاديثُ خاصَّة، ولكن وردت العديد من الأحاديث الموضوعة في فضل سورة الممتحنة يجب الحذر منها، كحديث أبي بن كعب أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “مَنْ قرأَ سُورة الممتحنة كانَ المؤمنونَ والمؤمناتُ لهُ شَفيعًا يوم القيامة”^[7]، وفضل تلاوة سورة الممتحنة كفضلِ تلاوة بقيَّة سورِ القرآن الكريم، وأجر تلاوة القرآن الكريم عظيم، كما ورد في الحديث الشريفِ الذي رواهُ عبد الله بن مسعود أنَّ رسولَ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قالَ: “من قرَأ حَرفًا من كِتابِ اللهِ فلَه به حسَنةٌ، والحَسنةُ بعشْرِ أمثالِها، لا أقولُ {ألم} حرفٌ، ولكن ألفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ”.^[8]

أجبنا في هذا المقال عن سؤال لماذا سميت سورة الممتحنة بهذا الاسم ، فقد سميت بهذا الاسم؛ لما ورد فيها من وجوب امتحان المؤمنات عند الهجرة إلى أرض الإسلام وعدم جواز ردُّهُنَّ إلى الكفار إذا ثبت إيمانهن، ووضحنا الأسباب الأربعة  لنزول سورة الممتحنة، وعرضنا أبرز موضوعات سورة الممتحنة ومقاصدها، كما بينا فضلها العظيم.