عناصر المقال
حكم ترك الأضحية مع القدرة، لقد شرع الله -عزَّ وجلَّ- ذبح ونحر الأنعام يوم الأضحى وأيام التشريق الثلاثة بنية التقرب إليه، وجعل ذلك من شعائره الظاهرة، التي ينبغي للمسلم أن يعظِّمها، وإنَّ من صور تعظيمها، أن يقوم المسلم بفعل هذه العبادة، لكن لو ترك المسلم ذبح الأضاحي أيام العيد بالرغم من قدرته المالية عليها هل يأثم، في هذا المقال الذي يطرحه موقع تصفح سيجد القارئ بيان حكم الأضحية وحكمَ تركها للقادر، وسوف نعرف هل يأثم من ترك الأضحية وهو قادر أم لا، وهل يأثم من يملك ثمن الاضحية ولم يضحي وحكم الأضحية مع الاستطاعة ابن باز، وما إلى هنالك من تفاصيل.
حكم الأضحية
تباينت آراء أهل العلم في حكم الأضحية، وفي هذه الفقرة من هذا المقال سيتمُّ بيان حكم الأضحية في المذاهب الأربعة في ذلك، مع ذكر دليل كلِّ فريقٍ منهم، وفيما يأتي ذلك:[1]
- القول الأول: ذهب فقهاء الحنفية إلى وجوب الأضحية، وقد استدلَّ على ذلك بحديثين شريفين، وهما:
- القول الثاني: ذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى استحباب الأضحية، وقد استدلَّ القائلين بذلك بحديثين شريفين، وهما:
حكم ترك الأضحية مع القدرة
بناءً على ما سبق مما تمَّ بيانه بالنسبة لحكم الأضحية، يُمكن القول بأنَّ ترك الأضحية مع القدرة والاستطاعة عند جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة مكروهٌ؛ إذ أنَّ الأضحية عندهم مستحبةٌ لا واجبة بينما عند فقهاء الحنفية فإنَّ ترك الأضحية مع القدرة عليها حرامٌ، ومن تركها وهو قادرٌ عليها يعدُّ آثمًا، والله تعالى أعلى وأعلم بذلك،[6] ولا بأس في هذا المقام من بيان المقصود من القدرة عند الأئمة الأربعة، وفيما يأتي ذلك:
المقصود بالقدرة على الأضحية
عرفنا حكم من يملك المال ولا يضحي ولكن سوف نبين مفهوم القدرة، فقد تباينت آراء الأئمة الأربعة في المقصود بالقدرة على الأضحية، وفي هذه الفقرة من مقال حكم ترك الأضحية مع القدرة، سيتمُّ بيانالمقصود بالقدرة، وفيما يأتي ذلك:[7]
- الحنفية: ذهب فقهاء الحنفية إلى أنَّ القادر على الأضحية هو من يملك مائتي درهم، أو من يملك عرضًا يساوي مائة درهمٍ، ويزيد عن مسكنه وملبسه ومتاعه الذي يحتاج إليه.
- المالكية: ذهب فقهاء المالكية إلى أنَّ القادر على الأضحية هو من يملك ثمنها ولا يحتاج إليه لأمرٍ ضروريٍ في عامه ذاك.
- الشافعية: ذهب فقهاء الشافعية إلى أنَّ القادر على الأضحية هو الذي يملك ثمنها، شريطة أن يكون هذا الثمن زائدًا عن حاجته وحاجة ما يعول يوم العيد وأيام التشريق.
- الحنابلة: ذهب فقهاء الحنابلة إلى أنَّ القادر على الأضحية هو الذي من يستطيع الحصول على ثمنها، ولو بالدين.
هل الأضحية واجبة على المرأة
إن حكم الأضحية في الإسلام هو نفسه للرجال والنساء، ولذلك لا يختلف حكم وجوب الأضحية على الرجل والمرأة، ولذلك فإن الأضحية حسب جمهور الفقهاء سنة مستحبة ومؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حق المرأة، وليست واجبة، ولا تُم المرأة مثل الرجل إذا تركت الأضحية مع القدرة عليها، لأنها ليست واجبة، وقد ذهب أبو حنيفة إلى أن الأضحية واجبة إذا كان المسلم قادرًا عليها، ولذلك عنده تأثم المرأة إذا تركت الأضحية مع القدرة عليها.[6]
هل الأضحية واجبة كل عام
إنَّ الأضحية هي سنة مؤكدة للقادر عليها في كل عام، ولكن ليست واجبة، ولا تجب على المسلم غير الميسور الذي سوف يتعرض إلى الضيق إذا ما اشترى أضحية وقدمها، ولذلك لا تجب الأضحية في كل عام على غير القادر عليها، ولا يأثم إذا تركها ولا حرج عليها في ذلك إن شاء الله، حسب ما أجمع عليه جمهور الفقهاء من أهل العلم.[6]
الحكمة من مشروعية الأضحية
لقد شرع الله -عزَّ وجلَّ- الأضحية لعددٍ من الحِكم كما عرفنا في حكم الأضحية في المذاهب الأربعة، وفي هذه الفقرة من مقال حكم ترك الأضحية مع القدرة، سيتمُّ ذكر بعض هذه الحكم، وفيما يأتي ذلك:[8]
- أنَّ فيها إحياءً لسنَّة نبيِّ الله إبراهيم -عليه السلام- وقد جاء ذلك في قول الله تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.[9]
- أنَّ فيها تعلمٌ للصبر، ولا سيما أنَّ من خلالها يتذكر المسلم ما حصل لنبيِّ الله إبراهيم وابنه اسماعيل، وكيف أنَّهما صبرا على أمر الله.
- أنَّ فيها توسعةً على الفقراء والمساكين والأقارب وأهل البيت، مما يؤدي إلى توثيق أواصر المحبة والمودة بينهم.
- أنَّ فيها شكرٌ لله -عزَّ وجلَّ- على نعمه التي لا تعدُّ ولا تُحصى.
فضل الأضحية
لقد جاء في السنة النبوية المطهرة عددٌ من الأحاديث النبوية الشريفة التي تبيِّن فضل الأضحية، وبالرغم من ضعف هذه الأحاديث إلَّا أنَّه لا بأس من ذكرها، ولا سيما أنَّها من فضائل الأعمال، وفي هذه الفقرة سيتمُّ ذكر هذه الأحاديث، وفيما يأتي ذلك:
- ما رُوي عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- حيث قال، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “يا فاطمةُ قومي إلى أُضحيتِك فاشهدِيها ، فإنَّ لكِ بأولِ قطرةٍ تقطُرُ مِنْ دمِها يُغفرْ لكِ ما سلف من ذنوبِكِ . قالت : يا رسولَ اللهِ هذا لنا أهلَ البيتِ خاصَّةً أو لنا وللمسلمِين عامَّةً ؟ قال : بل لنا وللمسلمين عامَّةً”.[10]
- ما رُوي عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه-: حيث قال: “الأضاحي سُنَّةُ أبيكم إبراهيمَ ، قالوا : فما لَنا فيها ؟ قال : بكلِّ شعرةٍ حسَنةٌ ، قالوا فالصُّوفُ ؟ قال : بكلِّ شعرةٍ من الصُّوفِ حسنَةٌ”.[11]
مقالات قد تهمك
وبذلك تمَّ الوصول إلى ختام هذا المقال، والذي يحمل عنوان حكم ترك الأضحية مع القدرة، وفيه تمَّ التفصيل في بيان حكم الأضحية عند الأئمة الأربعة، مع بيان حكم تركها، ثمَّ تمَّ بيان معنى القدرة عند أهل العلم، ثمَّ تمَّ بيان الحكمة من مشروعية الأضحية وفي ختام هذا المقال تمَّ ذكر الأحاديث الواردة في فضل الأضحية، وبذلك فصلنا في ما حكم الأضحية في الإسلام وشروطها وعرفنا كراهة ترك الأضحية مع القدرة عليها عند جمهور الفقهاء من أهل العلم وغير ذلك من التفاصيل.
المراجع
- ^ islamweb.net، مذاهب الفقهاء في حكم الأضحية، 08/06/2024
- ^ صحيح الجامع، أبو هريرة، الألباني، 6490، صحيح
- ^ ضعيف الجامع، مخنف بن سليم، الألباني، 6383، ضعيف
- ^ صحيح مسلم، أم سلمة، مسلم، 1977ن صحيح
- ^ البدر المنير، عبدالله بن عباس، ابن الملقن، (325/77)، ضعيف
- ^ islamweb.net، كراهة ترك الأضحية مع القدرة عليها، 08/06/2024
- ^ shamela.ws، كتاب الفقه على المذاهب الأربعة، 08/06/2024
- ^ alukah.net، حكمة مشروعية الأضحية، 08/06/2024
- ^ سورة النحل، آية 123
- ^ البدر المنير، أبو سعيد الخدري، ابن الملقن، (313/9)، ضعيف
- ^ السلسلة الضعيفة، زيد بن الأرقم، الألباني، 527، موضوع
التعليقات