هل يجوز صلاة التوبة بعد العصر وما هو وقت صلاة التوبة

هل يجوز صلاة التوبة بعد العصر وما هو وقت صلاة التوبة هو من المواضيع التي ينبغي على المسلم أن يعرفها حق المعرفة ويعرف الرأي الفقهي الصحيح فيها، وذلك لكي يحسن أداء هذه الصلاة في أفضل الأوقات التي ينبغي أداؤها فيها، وفي هذا المقال سوف نعرف صلاة التوبة، وسنلقي الضوء على مشروعية هذه الصلاة والوقت المناسب لأدائها وسنتحدث عن حكم صلاة التوبة في وقت النهي عن أداء الصلوات وكم مرة تُصلى صلاة التوبة وما هو أفضل دعاء يمكن الدعاء به في صلاة التوبة.

صلاة التوبة في الإسلام

هي صلاة مشروعة في الإسلام، وهي من الصلوات التي وردت في صحيح السنة النبوية الشريفة، وتُعرّف بأنّها صلاة تُؤدى بنية الاستغفار عن ذنب ارتكبه المسلم في حياته، وتسميتها بصلاة التوبة لأنّ المسلم يصليها ليتوب عن ذنب اقترفه، وقد وردت هذه الصلاة في حديث أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- عن النبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: “ما من رجلٍ يُذْنِبُ ذَنْبًا، ثُمَّ يَقُومُ فَيَتَطَهَّرُ، ثُمَّ يصلِّي، ثُمَّ يَسْتَغْفِرُ اللهَ، إلَّا غفرَ اللهُ لهُ، ثُمَّ قرأَ هذه الآيَةَ: (و الذينَ إذا فَعَلوا فَاحِشَةً أوْ ظَلَمُوا أنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ)، إلى آخرِ الآيةِ” ^[1]وجدير بالقول إنّ التوبة في الإسلام عمل عظيم، فأن يندم الإنسان المسلم عن ذنب اقترفه فيتوب عنه هو من أعظم الأفعال التي يمكن أن يقوم بها المسلم، قال تعالى في آيات سورة النساء: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} ^[2]والله تعالى أعلم. ^[3]

شاهد أيضًا: كيفية صلاة التوبة من الزنا وهل يقبل الله توبة الزاني

هل صلاة التوبة مشروعة

صلاة التوبة صلاة مشروعة في الإسلام، فهي واردة في صحيح السنة النبوية الشريفة، وهي صلاة يصليها المسلم بعد أن يكون قد ارتكب ذنبًا أو إثمًا عظيمًا وأراد أن يتوب إلى الله تعالى من هذا الذنب فيصلي ركعتين ويكثر بعدهما من الاستغفار ومن الأعمال الصالحة، والدليل على مشروعية صلاة التوبة في الإسلام هو: ^[4]

• عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال فيه: “كنتُ رجلًا إذا سَمِعْتُ من رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ حديثًا نفعَني اللَّهُ منهُ بما شاءَ أن ينفعَني، وإذا حدَّثَني أحدٌ من أصحابِهِ استَحلفتُهُ، فإذا حلَفَ لي صدَّقتُهُ، قالَ: وحدَّثَني أبو بَكْرٍ وصدقَ أبو بَكْرٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ، أنَّهُ قالَ: سَمِعْتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يقولُ: ما مِن عبدٍ يذنبُ ذنبًا، فيُحسنُ الطُّهورَ، ثمَّ يقومُ فيُصلِّي رَكْعتينِ، ثمَّ يستغفِرُ اللَّهَ، إلَّا غفرَ اللَّهُ لَهُ، ثمَّ قرأَ هذِهِ الآيةَ: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ إلى آخرِ الآيةِ”. ^[5]

شاهد أيضًا: ماذا يقرأ في صلاة التوبة وما هي أدعية صلاة التوبة

هل يجوز صلاة التوبة بعد العصر

يجوز أداء صلاة التوبة بعد العصر ولكن بما أنّ الوقت بعد صلاة العصر حتّى غروب الشمس هو من الأوقات المنهي عن الصلاة فيها فالأفضل ألّا يصلي المسلم صلاة التوبة في هذا الوقت، وعلى المسلم الراغب بأداء صلاة التوبة أن يتحيّن أفضل الوقت لهذه الصلاة، وهو وقت السحر، فالسحر هو أفضل وقت للاستغفار في اليوم كما في صريح الآيات القرآنية من سورة آل عمران، قال تعالى: {الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} ^[6]ووقت السحر هو في الثلث الأخير من الليل، روى أبو هريرة -رضي الله عنه- عن النبي محمد -صلّى الله عليه وسلّم أنّه قال: “يَنْزِلُ رَبُّنا تَبارَكَ وتَعالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إلى السَّماءِ الدُّنْيا، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ فيَقولُ: مَن يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، مَن يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له” ^[7]والله تعالى أعلم. ^[8]

ما هو وقت صلاة التوبة

لم يحدد الفقهاء وقتًا دون سواه من أجل أداء صلاة التوبة، ولكنّ أفضل وقت لأداء هذه الصلاة هو وقت السحر، لأنّ السحر في القرآن الكريم وفي السنة النبوية الشريفة مرتبط بالاستغفار والتوبة، وبما أنّ الغرض من هذه الصلاة هو التوبة، فالأفضل أن يؤديها المسلم في وقت السحر، ويجوز تأديتها في أي وقت آخر من اليوم كما ذكر الفقهاء، ولا بدّ من القول إنّ صلاة التوبة هي من الصلوات التي ذكر بعض أهل العلم أنّه يمكن أداؤها في الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: “ذوات الأسباب كلها تفوت إذا أخرت عن وقت النهي، مثل سجود التلاوة، وتحية المسجد، وصلاة الكسوف، ومثل الصلاة عقب الطهارة، كما في حديث بلال، وكذلك صلاة الاستخارة، إذا كان الذي يستخير له يفوت إذا أخرت الصلاة، وكذلك صلاة التوبة، فإذا أذنب فالتوبة واجبة على الفور، وهو مندوب إلى أن يصلي ركعتين، ثم يتوب، كما في حديث أبي بكر الصديق”، والله تعالى أعلم. ^[9]

شاهد أيضًا: ما هي شروط التوبة الصادقة ، ومتى لا يقبل الله توبة العبد

حكم صلاة التوبة في وقت النهي

يرى أهل العلم أنّه يجوز أداء صلاة التوبة في وقت النهي، وذلك لأنّه يجب على المسلم أن يتوب مباشرة من الذنب ولا ينتظر أبدًا، فلا أحد يعلم أجله في أي ساعة، وإذا جاء أجل الإنسان انقطعت التوبة، فالأولى أن يباشر إلى هذه الصلاة ولو كانت في وقت منهي عن الصلاة فيه، وهنا لا بدّ من ذكر الأوقات التي نهى الشرع عن الصلاة فيها: ^[8]

• أن يصلي المسلم في الوقت ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس، وهذا وارد في الفقه الحنفي.
• أن يصلي المسلم في الوقت ما بين العصر إلى غروب الشمس وهذا وارد في الفقه الحنفي.
• أن يصلي المسلم في الوقت من طلوع الشمس حتّى ترتفع الشمس قيد رمح.
• أن يصلي المسلم عند قيام الشمس في منتصف السماء حتّى وقت الزوال.
• أن يصلي المسلم من وقت شروع الشمس بالغروب حتّى تمام الغروب.

شاهد أيضًا: هل يغلق باب التوبة عند ظهور الدجال وحديث ظهور الدجال كامل

كم مرة تصلى صلاة التوبة

إذا أذنب المسلم في حياته عددًا كبيرًا من الذنوب وأراد أن يتوب إلى الله تعالى توبة صادقة نصوح، فتكفيه في هذه الحالة صلاة واحدة عن كل الذنوب السالفة، ولكن بشرط أن يكون صادق النية في هذه التوبة، فيصلي ركعتين يستغفر فيهما الله تعالى من كل ذنب اقترفه في حياته، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى: “مَنْ تَابَ تَوْبَةً عَامَّةً كَانَتْ هَذِهِ التَّوْبَةُ مُقْتَضِيَةً لِغُفْرَانِ الذُّنُوبِ كُلِّهَا، وَإِنْ لَمْ يَسْتَحْضِرْ أَعْيَانَ الذُّنُوبِ، إلَّا أَنْ يُعَارِضَ هَذَا الْعَامَّ مُعَارِضٌ يُوجِبُ التَّخْصِيصَ؛ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُ الذُّنُوبِ لَوْ اسْتَحْضَرَهُ لَمْ يَتُبْ مِنْهُ؛ لِقُوَّةِ إرَادَتِهِ إيَّاهُ أَوْ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ حَسَنٌ لَيْسَ بِقَبِيحِ، فَمَا كَانَ لَوْ اسْتَحْضَرَهُ لَمْ يَتُبْ مِنْهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي التَّوْبَةِ، وَأَمَّا مَا كَانَ لَوْ حَضَرَ بِعَيْنِهِ، لَكَانَ مِمَّا يَتُوبُ مِنْهُ: فَإِنَّ التَّوْبَةَ الْعَامَّةَ شَامِلَتُهُ”، والله تعالى أعلم. ^[10]

أفضل دعاء في صلاة التوبة مكتوب

هناك الكثير من الأدعية التي يمكن أن يدعو بها المسلم في صلاة التوبة بنية التوبة عن الذنوب، وأعظمها الأدعية التي وردت في صحيح السنة النبوية الشريفة على  لسان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ومنها الأدعية الآتية: ^[11]

• الدعاء الأول: اللهمَّ لك الحمدُ، أنتَ ربُّ السماواتِ والأرضِ، لك الحمدُ أنت قيمُ السماوات والأرض ومن فيهنّ، لك الحمدُ، أنت نورُ السماواتِ والأرض، قولك الحقُّ ووعدُك الحقُّ، ولقاؤكَ حقّ، والجنة حقٌ، والنارُ حق، والساعة حقٌ، اللهمًّ لك أسلمتُ، وبكَ آمنتُ، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفرْ لي ما قَدّمتُ وما أخَّرت وأسررْت وأعلنت، أنتَ إِلهي لا إِله لي غيرك.
• الدعاء الثاني: رَبِّ اغْفِرْ لي خَطِيئَتي وجَهْلِي، وإسْرَافِي في أمْرِي كُلِّهِ، وما أنْتَ أعْلَمُ به مِنِّي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي خَطَايَايَ، وعَمْدِي وجَهْلِي وهَزْلِي، وكُلُّ ذلكَ عِندِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ما قَدَّمْتُ وما أخَّرْتُ، وما أسْرَرْتُ وما أعْلَنْتُ، أنْتَ المُقَدِّمُ وأَنْتَ المُؤَخِّرُ، وأَنْتَ علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ.
• الدعاء الثالث: اللهم بعلمك الغيب، وقدرتك على الخلق، أحيني ما علمت الحياة خيرا لي، وتوفني إذا علمت الوفاة خيرا لي، اللهم إني أسألك خشيتك في الغيب والشهادة، وأسألك كلمة الحق في الرضا والغضب، وأسألك القصد في الغنى والفقر، وأسألك نعيما لا ينفد، وأسألك قرة عين لا تنقطع، وأسألك الرضا بعد القضاء، وأسألك برد العيش بعد الموت، وأسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، اللهم زينا بزينة الإيمان، واجعلنا هداة مهتدين.

بهذه الأدعية نصل إلى نهاية هذا المقال الذي بدأناه بالحديث عن صلاة التوبة ومشروعيتها، ثم مررنا على هل يجوز صلاة التوبة بعد العصر وما هو وقت صلاة التوبة ثم تحدثنا عن حكم صلاة التوبة في وقت النهي وكم مرة تُصلّى صلاة التوبة ثم قدمنا في الختام أفضل دعاء في صلاة التوبة مكتوب.