هل يغلق باب التوبة عند ظهور الدجال وحديث ظهور الدجال كامل

هل يغلق باب التوبة عند ظهور الدجال وحديث ظهور الدجال كامل
هل يغلق باب التوبة عند ظهور الدجال

هل يغلق باب التوبة عند ظهور الدجال، فظهور المسيح الدجال أو الأعور الدجال هو من علامات الساعة الكبرى، وهذا الرجل قد حذّر منه كثير من الأنبياء أو ربما كلهم عبر التاريخ، وقد وصفه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- بصفات لم يصفها نبيّ قبله، وقال إنّه أعظم فتنة سوف تمرّ على الناس، وسوف يعقبه قيام الساعة بزمن قصير، فهل سيغلق باب التوبة بخروجه، في هذا المقال سوف تكون هنالك وقفة مع توضيح هذه المسألة وما يتعلق بها.

هل يغلق باب التوبة عند ظهور الدجال

إنّ المشهور عند أهل السنة والجماعة من المسلمين أنّ باب التوبة لا يُغلق حتى تطلع الشمس من مغربها، وهذه الآية من آيات الساعة الكبرى تظهر بعد ظهور الدجال وليس قبله، والدجّال وإن كان أعظم فتنة تظهر للمسلمين إلّا أنّ ظهوره لا يُغلِق باب التوبة، فيروي النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنّ إغلاق باب التوبة يكون بعد ظهور الشمس من مغربها ولم يذكر أنّ ذلك يكون عند ظهور الدجال، ففي الحديث الصحيح يقول عليه وآله الصلاة والسلام:[1]

“لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مَغْرِبِها، فإذا طَلَعَتْ فَرَآها النَّاسُ آمَنُوا أجْمَعُونَ، فَذلكَ حِينَ: {لَايَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام: 158]، ولَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وقدْ نَشَرَ الرَّجُلانِ ثَوْبَهُما بيْنَهُما، فلا يَتَبايَعانِهِ ولا يَطْوِيانِهِ، ولَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وقَدِ انْصَرَفَ الرَّجُلُ بلَبَنِ لِقْحَتِهِ، فلا يَطْعَمُهُ، ولَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وهو يَلِيطُ حَوْضَهُ، فلا يَسْقِي فِيهِ، ولَتَقُومَنَّ السَّاعَةُ وقدْ رَفَعَ أحَدُكُمْ أُكْلَتَهُ إلى فِيهِ، فلا يَطْعَمُها”.[1][2]

حديث ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها

إنّ حديث “ثلاث إذا خرجن…” هو من الأحاديث الصحيحة وقد أخرجه الإمام مسلم في صحيحه من طريق رواية أبي هريرة رضي الله عنه وأرضاه، ويقول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- في هذا الحديث: “ثَلاثٌ إذا خَرَجْنَ لا يَنْفَعُ نَفْسًا إيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ، أوْ كَسَبَتْ في إيمانِها خَيْرًا: طُلُوعُ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِها، والدَّجَّالُ، ودابَّةُ الأرْضِ”.[3]

ومعنى الحديث أنّ هذه العلامات هي من علامات الساعة الكبرى التي تأتي متتالية واحدة على إثر الأخرى، وقد اختلف العلماء في ترتيب علامات الساعة الكبرى، والغالب أنّ خروج الدجال سابق لطلوع الشمس من مغربها، ولكن هنالك خلاف حول الدابة والشمس أيّهما تكون قبل الأخرى، وفي الحديث يقول صلى الله عليه وآله وسلم: “إنَّ أوَّلَ الآياتِ خُرُوجًا، طُلُوعُ الشَّمْسِ مِن مَغْرِبِها، وخُرُوجُ الدَّابَّةِ علَى النَّاسِ ضُحًى، وأَيُّهُما ما كانَتْ قَبْلَ صاحِبَتِها، فالأُخْرَى علَى إثْرِها قَرِيبًا”،[4] والله أعلم.[5]

شاهد أيضًا: الاصناف التي تجب فيها الزكاة ، شروط استحقاق الزكاة

متى يغلق باب التوبة

إنّ إغلاق باب التوبة يكون عند ظهور الشمس من مغربها كما هو ظاهر من خلال الأحاديث النبوية الكثيرة التي تتحدث عن ظهور الشمس من مغربها، ففي الحديث الصحيح يقول أبو ذر الغفاري رضي الله عنه: “قالَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لأبِي ذَرٍّ حِينَ غَرَبَتِ الشَّمْسُ: أتَدْرِي أيْنَ تَذْهَبُ؟ قُلتُ: اللَّهُ ورَسولُهُ أعْلَمُ، قالَ: فإنَّهَا تَذْهَبُ حتَّى تَسْجُدَ تَحْتَ العَرْشِ، فَتَسْتَأْذِنَ، فيُؤْذَنُ لَهَا، ويُوشِكُ أنْ تَسْجُدَ، فلا يُقْبَلَ منها، وتَسْتَأْذِنَ فلا يُؤْذَنَ لَهَا، يُقَالُ لَهَا: ارْجِعِي مِن حَيْثُ جِئْتِ، فَتَطْلُعُ مِن مَغْرِبِهَا، فَذلكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} [يس: 38]”.[6]

وفي الحديث الآخر يروي الصحابي عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- فيقول: “إنَّ أوَّلَ الآياتِ خُروجًا طُلوعَ الشَّمسِ من مغربِها وخروجُ الدَّابَّةِ ضُحًى فأيَّتُهُما ما كانَت قبلَ صاحبتِها فالأُخرى على إثرِها ثمَّ قالَ عبدُ اللَّهِ وَكانَ يقرأُ الكتُبَ : وأظنُّ أولاها خروجًا طلوعَ الشَّمسِ من مَغربِها وذلِكَ أنَّها كلَّما غرَبت أتَت تحتَ العَرشِ فسجَدت واستأذَنَت في الرُّجوعِ فأُذِنَ لَها في الرُّجوعِ حتَّى إذا بَدا للَّهِ أن تطلُعَ من مغربِها فعَلَت كما كانَت تفعلُ أتَت تحتَ العرشِ فسَجدَت فاستأذنت في الرُّجوعِ فلم يُردَّ عليها شيءٌ ثمَّ تَستأذنُ في الرُّجوعِ فلا يردُّ عليها شيءٌ ثمَّ تستأذنُ فلا يردُّ علَيها شيءٌ حتَّى إذا ذَهَبَ مِنَ اللَّيلِ ما شاءَ اللَّهُ أن يَذهبَ وعَرفت أنَّهُ إن أُذِنَ لَها في الرُّجوعِ لم تدرِكِ المشرقَ قالَت ربِّ ما أبعدَ المشرِقَ من لي بالنَّاسِ حتَّى إذا صارَ الأفُقُ كأنَّهُ طوقٌ استأذنَت في الرُّجوعِ فيقالُ لَها من مَكانِكِ فاطلُعي فطلَعَت على النَّاسِ من مَغربِها ثمَّ تلا عبدُ اللَّهِ هذِهِ الآيةَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا”.[7]

شاهد أيضًا: مقدار ما يُعطى المساكين من الزكاة

هل تقبل التوبة بعد ظهور علامات الساعة الصغرى

إنّ التوبة تُقبل ما لم تطلع الشمس من مغربها، وطلوع الشمس من مغربها هو من العلامات الكبرى، وأمّا الصغرى فلا يُغلق بظهورها باب التوبة، وأولى العلامات الصغرى هي بعثة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتنتهي العلامات الصغرى بظهور الإمام المهدي الذي يحكم المسلمين فتكثر الخيرات بين يديه ويفتح الله على المسلمين بلادًا لم تكن لهم من قبل، ويعود المسلمون إلى العزّة والقوة وبعد المهدي تبدأ علامات الساعة الكبرى، والله أعلم.[8]

شاهد أيضًا: مكان سد يأجوج ومأجوج وحقيقتهم

ترتيب علامات الساعة الكبرى

إنّ ترتيب علامات الساعة الكبرى هي مسألة اجتهادية ليس فيها نصّ قطعي، وقد أورد عدد من العلماء نصوصًا في ترتيب هذه العلامات كالإمام المباركفوري والإمام القرطبي، فيرى الإمام المباركفوري أنّ ترتيب العلامات الكبرى يكون كما يأتي: الدخان ثم خروج الدجال ثم نزول عيسى عليه السلام ثم خروج يأجوج ومأجوج ثم خروج الدابة ثم طلوع الشمس من مغربها، ويرى المباركفوري أنّ طلوع الشمس لا ينبغي له أن يكون قبل الدجال، وذلك لأنّه لو كانت الشمس طلعت من مغربها قبل خروج الدجال ونزوله لم يكن الإيمان مقبولا من الكفار.[9]

ويرى المباركفوري أيضًا أنّ هنالك ترتيبًا آخرَ قد يكون مقبولًا أيضًا وهو أنّ أول الآيات هي الخسوفات ثم خروج الدجال ثم نزول عيسى عليه السلام ثم خروج يأجوج ومأجوج ثم الريح التي تقبض أرواح أهل الإيمان ثمّ خروج الشمس من مغربها ثم خروج دابة الأرض ثم يأتي الدخان، ويقول المباركفوري إنّ للإمام القرطبي ترتيب مختلف جعل فيه الدجال أولى العلامات، ثمّ نزول عيسى بن مريم عليهما السلام، ثمّ خروج يأجوج ومأجوج ثمّ موت المسلمين وعودة الناس للكفر شيئًا فشيئًا، ثمّ تظهر الدابة وبعدها تطلع الشمس من المغرب، والله أعلم.[9]

شاهد أيضًا: كيف يعيش يأجوج ومأجوج بدون طعام

هل من يتبع الدجال يكفر

إنّ المسيح الدجال أو الأعور الدجال هو بداية العلامات الكبرى على أكثر الأقوال، وبعد ظهوره وظهور بعض العلامات الكبرى للساعة فإنّ الشمس تظهر من مغربها، وهنا يكون باب التوبة قد أغلق، فمن تبع الدجال ومات على ذلك فهو كافر لا شك، ولكن من تبعه وتبيّن له بعدها أنّه دجّال على ضلال وتاب فإنّ الله تعالى يقبل توبته كون باب التوبة لم يُغلق بعد والله أعلم، ولا سيّما أنّ المسيح بن مريم -عليه السلام- حين ينزل فإنّ كثيرًا من الناس يؤمنون به ويقبل الله تعالى إيمانهم، ولكن الذين يصرون على كفرهم ويموتون على ذلك فإنّهم كفّار ولا شك والنار مثواهم وبئس المصير، والله أعلم.[2]

شاهد أيضًا: من هم يأجوج ومأجوج وما هي قصتهم

حديث الدجال في الجزيرة

إنّ حديث المسيح الدجال في الجزيرة هو حديث طويل رواه غير واحد من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو مرويّ عن تميم بن أوس الداري رضي الله عنه، وهنا حديث ترويه الصحابية الجليلة فاطمة بن قيس رضي الله عنها، فتقول بعد حديث طويل:

“سَمِعْتُ نِدَاءَ المُنَادِي -مُنَادِي رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يُنَادِي: الصَّلَاةَ جَامِعَةً، فَخَرَجْتُ إلى المَسْجِدِ، فَصَلَّيْتُ مع رَسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَكُنْتُ في صَفِّ النِّسَاءِ الَّتي تَلِي ظُهُورَ القَوْمِ، فَلَمَّا قَضَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ صَلَاتَهُ جَلَسَ علَى المِنْبَرِ وَهو يَضْحَكُ، فَقالَ: لِيَلْزَمْ كُلُّ إنْسَانٍ مُصَلَّاهُ، ثُمَّ قالَ: أَتَدْرُونَ لِمَ جَمَعْتُكُمْ؟ قالوا: اللَّهُ وَرَسولُهُ أَعْلَمُ، قالَ: إنِّي وَاللَّهِ ما جَمَعْتُكُمْ لِرَغْبَةٍ وَلَا لِرَهْبَةٍ، وَلَكِنْ جَمَعْتُكُمْ لأنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ كانَ رَجُلًا نَصْرَانِيًّا، فَجَاءَ فَبَايَعَ وَأَسْلَمَ، وَحدَّثَني حَدِيثًا وَافَقَ الَّذي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عن مَسِيحِ الدَّجَّالِ. حدَّثَني أنَّهُ رَكِبَ في سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ مع ثَلَاثِينَ رَجُلًا مِن لَخْمٍ وَجُذَامَ، فَلَعِبَ بهِمِ المَوْجُ شَهْرًا في البَحْرِ، ثُمَّ أَرْفَؤُوا إلى جَزِيرَةٍ في البَحْرِ حتَّى مَغْرِبِ الشَّمْسِ، فَجَلَسُوا في أَقْرُبِ السَّفِينَةِ، فَدَخَلُوا الجَزِيرَةَ، فَلَقِيَتْهُمْ دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ، لا يَدْرُونَ ما قُبُلُهُ مِن دُبُرِهِ؛ مِن كَثْرَةِ الشَّعَرِ، فَقالوا: وَيْلَكِ! ما أَنْتِ؟ فَقالَتْ: أَنَا الجَسَّاسَةُ، قالوا: وَما الجَسَّاسَةُ؟ قالَتْ: أَيُّهَا القَوْمُ، انْطَلِقُوا إلى هذا الرَّجُلِ في الدَّيْرِ؛ فإنَّه إلى خَبَرِكُمْ بالأشْوَاقِ، قالَ: لَمَّا سَمَّتْ لَنَا رَجُلًا فَرِقْنَا منها أَنْ تَكُونَ شيطَانَةً، قالَ: فَانْطَلَقْنَا سِرَاعًا حتَّى دَخَلْنَا الدَّيْرَ، فَإِذَا فيه أَعْظَمُ إنْسَانٍ رَأَيْنَاهُ قَطُّ خَلْقًا، وَأَشَدُّهُ وِثَاقًا، مَجْمُوعَةٌ يَدَاهُ إلى عُنُقِهِ، ما بيْنَ رُكْبَتَيْهِ إلى كَعْبَيْهِ بالحَدِيدِ، قُلْنَا: وَيْلَكَ! ما أَنْتَ؟ قالَ: قدْ قَدَرْتُمْ علَى خَبَرِي، فأخْبِرُونِي ما أَنْتُمْ؟ قالوا: نَحْنُ أُنَاسٌ مِنَ العَرَبِ رَكِبْنَا في سَفِينَةٍ بَحْرِيَّةٍ، فَصَادَفْنَا البَحْرَ حِينَ اغْتَلَمَ، فَلَعِبَ بنَا المَوْجُ شَهْرًا، ثُمَّ أَرْفَأْنَا إلى جَزِيرَتِكَ هذِه، فَجَلَسْنَا في أَقْرُبِهَا، فَدَخَلْنَا الجَزِيرَةَ، فَلَقِيَتْنَا دَابَّةٌ أَهْلَبُ كَثِيرُ الشَّعَرِ، لا يُدْرَى ما قُبُلُهُ مِن دُبُرِهِ مِن كَثْرَةِ الشَّعَرِ، فَقُلْنَا: وَيْلَكِ! ما أَنْتِ؟ فَقالَتْ: أَنَا الجَسَّاسَةُ، قُلْنَا: وَما الجَسَّاسَةُ؟ قالَتْ: اعْمِدُوا إلى هذا الرَّجُلِ في الدَّيْرِ؛ فإنَّه إلى خَبَرِكُمْ بالأشْوَاقِ، فأقْبَلْنَا إلَيْكَ سِرَاعًا، وَفَزِعْنَا منها، وَلَمْ نَأْمَن أَنْ تَكُونَ شيطَانَةً. فَقالَ: أَخْبِرُونِي عن نَخْلِ بَيْسَانَ، قُلْنَا: عن أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قالَ: أَسْأَلُكُمْ عن نَخْلِهَا؛ هلْ يُثْمِرُ؟ قُلْنَا له: نَعَمْ، قالَ: أَمَا إنَّه يُوشِكُ أَنْ لا تُثْمِرَ، قالَ: أَخْبِرُونِي عن بُحَيْرَةِ الطَّبَرِيَّةِ، قُلْنَا: عن أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قالَ: هلْ فِيهَا مَاءٌ؟ قالوا: هي كَثِيرَةُ المَاءِ، قالَ: أَمَا إنَّ مَاءَهَا يُوشِكُ أَنْ يَذْهَبَ، قالَ: أَخْبِرُونِي عن عَيْنِ زُغَرَ، قالوا: عن أَيِّ شَأْنِهَا تَسْتَخْبِرُ؟ قالَ: هلْ في العَيْنِ مَاءٌ؟ وَهلْ يَزْرَعُ أَهْلُهَا بمَاءِ العَيْنِ؟ قُلْنَا له: نَعَمْ، هي كَثِيرَةُ المَاءِ، وَأَهْلُهَا يَزْرَعُونَ مِن مَائِهَا، قالَ: أَخْبِرُونِي عن نَبِيِّ الأُمِّيِّينَ ما فَعَلَ؟ قالوا: قدْ خَرَجَ مِن مَكَّةَ وَنَزَلَ يَثْرِبَ، قالَ: أَقَاتَلَهُ العَرَبُ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قالَ: كيفَ صَنَعَ بهِمْ؟ فأخْبَرْنَاهُ أنَّهُ قدْ ظَهَرَ علَى مَن يَلِيهِ مِنَ العَرَبِ وَأَطَاعُوهُ، قالَ لهمْ: قدْ كانَ ذلكَ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، قالَ: أَمَا إنَّ ذَاكَ خَيْرٌ لهمْ أَنْ يُطِيعُوهُ، وإنِّي مُخْبِرُكُمْ عَنِّي؛ إنِّي أَنَا المَسِيحُ، وإنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لي في الخُرُوجِ، فأخْرُجَ، فأسِيرَ في الأرْضِ فلا أَدَعَ قَرْيَةً إلَّا هَبَطْتُهَا في أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، غيرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ؛ فَهُما مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا، كُلَّما أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً -أَوْ وَاحِدًا- منهما اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا، يَصُدُّنِي عَنْهَا، وإنَّ علَى كُلِّ نَقْبٍ منها مَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا. قالَتْ: قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ وَطَعَنَ بمِخْصَرَتِهِ في المِنْبَرِ: هذِه طَيْبَةُ، هذِه طَيْبَةُ، هذِه طَيْبَةُ -يَعْنِي المَدِينَةَ- أَلَا هلْ كُنْتُ حَدَّثْتُكُمْ ذلكَ؟ فَقالَ النَّاسُ: نَعَمْ. فإنَّه أَعْجَبَنِي حَديثُ تَمِيمٍ؛ أنَّهُ وَافَقَ الَّذي كُنْتُ أُحَدِّثُكُمْ عنْه، وَعَنِ المَدِينَةِ وَمَكَّةَ، أَلَا إنَّه في بَحْرِ الشَّأْمِ أَوْ بَحْرِ اليَمَنِ، لا، بَلْ مِن قِبَلِ المَشْرِقِ ما هُوَ، مِن قِبَلِ المَشْرِقِ ما هو، مِن قِبَلِ المَشْرِقِ ما هو، وَأَوْمَأَ بيَدِهِ إلى المَشْرِقِ، قالَتْ: فَحَفِظْتُ هذا مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ”.[10]

شاهد أيضًا: علامات عقوق الوالدين وأسبابه ومظاهره

صفات الدجال

وردت صفات الدجال في كثير من الأحاديث النبوية الشريفة، وفي كل حديث هنالك توضيح ربما لا يكون في غيره من الأحاديث، وتلك الأحاديث هي كما يأتي:

  • الحديث الذي يرويه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، ويقول فيه: “أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، قَالَ: بيْنَا أنَا نَائِمٌ أطُوفُ بالكَعْبَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ آدَمُ سَبْطُ الشَّعَرِ يَنْطُفُ – أوْ يُهَرَاقُ – رَأْسُهُ مَاءً، قُلتُ: مَن هذا؟ قالوا ابنُ مَرْيَمَ، ثُمَّ ذَهَبْتُ ألْتَفِتُ، فَإِذَا رَجُلٌ جَسِيمٌ أحْمَرُ جَعْدُ الرَّأْسِ أعْوَرُ العَيْنِ، كَأنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ، قالوا: هذا الدَّجَّالُ أقْرَبُ النَّاسِ به شَبَهًا ابنُ قَطَنٍ رَجُلٌ مِن خُزَاعَةَ”.[11]
  • حديث النواس بن سمعان الأنصاري رضي الله عنه، ويقول فيه: “ذَكَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ الدَّجَّالَ ذَاتَ غَدَاةٍ، فَخَفَّضَ فيه وَرَفَّعَ، حتَّى ظَنَنَّاهُ في طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَلَمَّا رُحْنَا إِلَيْهِ عَرَفَ ذلكَ فِينَا، فَقالَ: ما شَأْنُكُمْ؟ قُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، ذَكَرْتَ الدَّجَّالَ غَدَاةً، فَخَفَّضْتَ فيه وَرَفَّعْتَ، حتَّى ظَنَنَّاهُ في طَائِفَةِ النَّخْلِ، فَقالَ: غَيْرُ الدَّجَّالِ أَخْوَفُنِي علَيْكُم، إنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ، فأنَا حَجِيجُهُ دُونَكُمْ، وإنْ يَخْرُجْ وَلَسْتُ فِيكُمْ، فَامْرُؤٌ حَجِيجُ نَفْسِهِ، وَاللَّهُ خَلِيفَتي علَى كُلِّ مُسْلِمٍ، إنَّه شَابٌّ قَطَطٌ، عَيْنُهُ طَافِئَةٌ، كَأَنِّي أُشَبِّهُهُ بعَبْدِ العُزَّى بنِ قَطَنٍ، فمَن أَدْرَكَهُ مِنكُمْ، فَلْيَقْرَأْ عليه فَوَاتِحَ سُورَةِ الكَهْفِ”.[12]
  • حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه، ويقول فيه عن النبي عليه وآله الصلاة والسلام: “إنِّي حدَّثتُكم عنِ الدَّجَّالِ حتَّى خشيتُ أن لا تعقِلوا إنَّ المسيحَ الدَّجَّالَ رجل قصيرٌ أفحَجُ جعدٌ أعورُ مطموسُ العينِ ليست بناتئةٍ ولا جحراءَ فإن ألبِسَ عليكم فاعلموا أنَّ ربَّكم ليسَ بأعورَ”.[13]
  • حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وفيه يروي أنّ النبي -عليه وآله الصلاة والسلام- قال: “الدَّجَّالُ جَعْدٌ هِجانٌ أَقمَرُ، كأنَّ رَأسَه غُصْنُ شَجَرةٍ، مَطْموسٌ عَيْنُه اليُسْرى، والأخرى كأنَّها عِنَبةٌ طافِيةٌ، أَشبَهُ النَّاسِ به عَبْدُ العُزَّى بنُ قَطَنٍ، فإمَّا هَلَكَ الهُلَّكُ فإنَّه أَعوَرُ؛ وإنَّ رَبَّكم ليس بأَعوَرَ”.[14]

وإلى هنا يكون قد تم مقال هل يغلق باب التوبة عند ظهور الدجال، وذلك بعد الوقوف على جواب المسألة السابقة، والوقوف على بعض المسائل الأخرى المرتبطة بهذا الموضوع أيضًا.

المراجع

  1. ^ صحيح البخاري، أبو هريرة، البخاري، 6506، حديث صحيح.
  2. ^ islamweb.net، تقبل التوبة ما لم تطلع الشمس من مغربها.، 18/03/2023
  3. ^ صحيح مسلم، أبو هريرة، مسلم، 158، حديث صحيح.
  4. ^ صحيح مسلم، عبد الله بن عمرو، مسلم، 2941، حديث صحيح.
  5. ^ islamweb.net، ترتيب علامات الساعة الكبرى، 18/03/2023
  6. ^ صحيح البخاري، أبو ذر الغفاري، البخاري، 3199، حديث صحيح.
  7. ^ shamela.ws، مسند الإمام أحمد بن حنبل، 18/03/2023
  8. ^ islamqa.info، ما هي علامات الساعة الصغرى التي لم تقع إلى الآن ؟، 18/03/2023
  9. ^ shamela.ws، تحفة الأحوذي، 18/03/2023
  10. ^ صحيح مسلم، فاطمة بنت قيس، مسلم، 2942، حديث صحيح.
  11. ^ صحيح البخاري، عبد الله بن عمر، البخاري، 7128، حديث صحيح.
  12. ^ صحيح مسلم، النواس بن سمعان الأنصاري، مسلم، 2937، حديث صحيح.
  13. ^ هداية الرواة، عبادة بن الصامت، ابن حجر العسقلاني، 5/137، حديث حسن.
  14. ^ الأحكام الوسطى، عبد الله بن عباس، عبد الحق الإشبيلي، 4/376، سكت المحدّث عن هذا الحديث، وقد قالَ في المقدمة: وإن لم تكن فيه علة كانَ سكوتي عنه دليلا على صحته.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *