عناصر المقال
ما هي علامات ليلة القدر التي قالها ابن باز رحمه الله، فبالتزامن مع دخول العشر الأواخر من شهر رمضان يحرص المسلمون على تحري ليلة القدر المباركة في كل ليلة من ليالي العشر الأخيرة، فليلة القدر ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر بالعمل والعبادة والأجر والثواب ومغفرة الذنوب، وهي ليلة نزول الملائكة إلى الأرض بكل خير بأمرٍ من الله جل في علاه، ومن خلال هذا المقال سيتم عرض أمارات وإشارات ليلة القدر التي يمكن أن يعرفها المسلم من خلالها كما أخبر عنها الشيخ ابن باز وابن عثيمين.
علامات ليلة القدر ابن باز
أخبر الشيخ ابن باز -رحمه الله- أن ليلة القدر أعظم ليلة في الوجود، وهي الليلة التي أخبر الله عنها عباده المسلمين في كتابه العزيز، فهي خيرٌ من ألف شهر وهي ليلة نزول القرآن، وفيها تكتب مقادير الخلائق ويفرق كل أمرٍ حكيم، فقد قال الله في كتابه العزيز: {حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}.[1] وعلى الرغم من أنها ليلة مبهمة غير معروفة على وجه التحديد إلا أنه جاءت فيها الكثير من الأخبار التي تدل على علاماتها الصحيحة والتي منها العلامات الآتية:[2]
- تكون سماء ليلة القدر هادئةً صافيةً ساكنة لا حارة ولا باردة ولا هواء فيها ولا غيوم ولا غبار، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عنها فقال: “ليلةُ القدْرِ ليلةٌ سمِحَةٌ ، طَلِقَةٌ ، لا حارَّةٌ ولا بارِدَةٌ ، تُصبِحُ الشمسُ صبيحتَها ضَعيفةً حمْراءَ”.[3]
- تطلع شمس ليلة القدر هادئة لا شعاع فيها ونورها لطيفٌ لا يضر الناظر إليه.
- من علاماتها أنها ليلة تمتاز بالسكينة والهدوء، وتكون فيها قلوب المسلمين المؤمنين آمنةً مطمئنة.
- لا يُرى في سماء ليلة القدر شهابًا ولا نيزكًا ولا يرمى فيها بنجم.
- ليلة القدر تكون واحدة من الليالي العشر الأواخر من شهر رمضان، وهي محصورة في الراجح في الأوتار فيها.
- في ليلة القدر يعطي الله لعباده المسلمين القوة والنشاط والإقبال على الطاعات والعبادات.
رؤية ليلة القدر
إن الأدلة الصحيحة التي تشير إلى ليلة القدر كثيرة، وقد أخبرت أنها في العشر الأواخر من شهر رمضان، وتكون في الأوتار في تلك الليالي آكد من الأشفاع، كما أن الله -سبحانه وتعالى- وعلى الرغم من أنه أخفاها عن عباده إلا أنه ترك لهم علاماتٍ يعرفونها بها، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن تلك العلامات، ويمكن للمسلمين أجمعين لو تحروها أن يروها، فرؤيتها كما أخبر المصطفى ممكنة، ولكن لو أن المسلم لم يرى علاماتها وكان يتحراها بالعمل والعبادة فإنه ينال أجرها وثوابها، فرؤية ليلة القدر ليست شرطًا للمثوبة ونيل الأجر، وقد ذكر أهل العلم في أصحّ أقوالهم أن ليلة القدر ليست ليلة ثابتة إنما تكون متنقلة بين ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان في كل عام، وآكد ما تكون في الوترية منها، وآكد الأخبار تقول أنها في الليلة السابعة والعشرين من شهر رمضان والله ورسوله أعلم.[4]
ما هي علامات ليلة القدر ابن عثيمين؟
أخبر الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- أن آخر ليلة ترجى فيها ليلة القدر هي ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك، لكن لا يُجزم أنها هي، ولا يعرفها المسلمون متى تكون سوى أنها في العشر الأواخر من شهر رمضان، فقد أخفاها الله عن عباده لحكمتين بالغتين، منها أن يتبين الجاد في طلبها والمجتهد لإدراكها، والثانية أن يزداد العاملون عملًا في الليالي العشر الأواخر فينتفعون بعملهم ويتقربون من الله زلفى، وبالرغم من أن الله أخفاها عن عباده إلا أنه ترك لهم علامات يميزونها بها فيقبلون ويفرحون لو رأوا تلك العلامات، ومن علاماتها الصحيحة أن الشمس تخرج في صبيحتها لا شعاع لها صافية كأنها القمر، وهي من علاماتها المتأخرة، أما علاماتها التي فيها فتكون هادئة صافية آمنة تنزل الطمأنينة فيها على قلوب المسلمين، وفيها نور وضياء وكأن القمر يضيء ليلها والله أعلم.[5]
أحاديث علامات ليلة القدر الصحيحة
جاء في السنّة النبوية الشريفة الكثير من الأدلة الشرعية الصحيحة التي تبيّن وتحمل إشارات حول علامات ليلة القدر المميزة والصحيحة، والتي يتمكن من خلالها كل مسلم معرفة ليلة القدر، ومن أصح ما ورد في علاماتها ما يأتي:
- عن أبي بن كعب -رضي الله عنه- قال: “وَاللَّهِ الذي لا إلَهَ إلَّا هُوَ، إنَّهَا لَفِي رَمَضَانَ، يَحْلِفُ ما يَسْتَثْنِي، وَوَاللَّهِ إنِّي لأَعْلَمُ أَيُّ لَيْلَةٍ هي، هي اللَّيْلَةُ الَّتي أَمَرَنَا بهَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بقِيَامِهَا، هي لَيْلَةُ صَبِيحَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَأَمَارَتُهَا أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ في صَبِيحَةِ يَومِهَا بَيْضَاءَ لا شُعَاعَ لَهَا”.[6]
- عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “إنِّي كُنتُ أُريتُ ليلةَ القدرِ، ثمَّ نسِّيتُها، وَهيَ في العَشرِ الأواخرِ مِن ليلَتِها، وَهيَ ليلةٌ طَلقةٌ بلجةٌ، لا حارَّةٌ ولا باردةٌ، [وفي روايةٍ] زادَ: كأنَّ فيها قَمرًا يفضَحُ كواكبَها، وقالا: لا يخرجُ شيطانُها حتَّى يُضيءَ فجرُها”.[7]
- عن واثلة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “ليلةُ القدرِ ليلةٌ بَلْجَةٌ، لَا حارَّةٌ ولَا بَارِدَةٌ، ولَا سَحابَ فِيها، ولَا مَطَرٌ ، ولَا ريحٌ ، ولَا يُرْمَى فيها بِنَجْمٍ”.[8]
- عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- قال: “أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَالَ: التَمِسُوهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ لَيْلَةَ القَدْرِ، في تَاسِعَةٍ تَبْقَى، في سَابِعَةٍ تَبْقَى، في خَامِسَةٍ تَبْقَى”.[9]
متى تكون ليلة القدر
لا يمكن الجزم بموعد ليلة القدر أبدًا أو تحديدها كما أخبر أهل العلم، إلا أن الأدلة الشرعية والأحاديث النبوية كلها تشير إلى أنها في العشر الأواخر من شهر رمضان، وأن الليالي الآكد فيها تكون الوترية من العشر، بل إن آكد الليالي هي ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك لكثرة الأدلة الواردة فيها، وقد ذهب كثيرٌ من أهل العلم إلى أنها ليست ثابتة بل تكون متنقلة في كل هام، ففي عامٍ تكون في الثالثة والعشرين، وفي عام تكون في الخامسة والعشرين وفي آخر تكون في السابعة والعشرين وقد تكون في غيرها، لكن المسلم لو أراد أن يتحراها فليتحراها في العشر الأواخر كلها على رجاء أن يدركها بأي ليلةٍ كانت، أو على أقل تقدير أن يتحراها في الليالي الوترية وهي ليلة الحادي والعشرين، وليلة الثالث والعشرين وليلة الخامس والعشرين وليلة السابع والعشرين وليلة التاسع والعشرين وهي الليلة الأخيرة والله ورسوله أعلم.
أدعية ليلة القدر
لفضل الدعاء في ليلة القدر فقد علّم النبي -صلى الله عليه وسلم- أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- أن تقول: “اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني” فالمسلم مطلوبٌ منه أن يردد هذا الدعاء ويكثر منه في العشر الأواخر من رمضان، ولكن لو دعاء بخير الدعاء أجزأه، وعليه أن يتحرى أفضل الأدعية وأكثرها استجابة، والتي منها ما يأتي:
- اللهم أصلح لنا ديننا في ليلة القدر الذي هو عصمة أمرنا يا رب العالمين، اللهم إنا نسألك في ليلة القدر أن تصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، اللهم في ليلة القدر نسألك أن تصلح لنا آخرتنا التي إليها معادنا، اللهم اجعل لنا الحياة ة زيادة في كل الخيرات، ولا تجعل الموت لنا إلا راحة من كل الشرور.
- اللهم إنا نحمدك في ليلة القدر أن هديتنا للإسلام وعلّمتنا القرآن والحكمة، اللهم اجعلنا فيها لكتابك من الدارسين، ولوجهك الكريم من الساجدين ولكل العبادات والأعمال لك مخلصين، اللهم واكتبنا من النار مُعتقين، واجعلنا في الجنات منعمين ولوجهك الكريم ناظرين برحمتك يا أرحم الراحمين.
- اللهم استرنا في حياتنا كلها، واسترنا عند موتنا، واسترنا بعد موتنا، واسترنا تحت قبرنا، واسترنا يوم بعثنا وعرضنا، اللهم اجعلنا في لقائك مستورين، واسترنا يا ربنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض ، اللهم استرنا بسترك الجميل واعف عنا بعفوك وصفحك الجميل.
- اللهم يا سامع الصوت يا كاشف الهم ومذهب الكرب، اللهم تول أمورنا كلها، اللهم فرج همنا وهم المهمومين، اللهم نفس الكرب عنا وعن المكروبين، اللهم اقض ديننا ودين المدينين، اللهم عاف مرضانا ومرضى المسلمين، وأكرم نزلنا في الدنيا ويوم الدين.
مقالات قد تهمك
بهذا نكون قد وصلنا لنهاية مقال ما هي علامات ليلة القدر التي قالها ابن باز رحمه الله، والذي تم من خلاله التعرف على العلامات الصحيحة التي وردت عن ليلة القدر كما أخبر عنها الشيخ ابن باز، كما تم الحصول على الأدلة الشرعية في علاماتها، والمرور على الأدعية المشروعة لليلة القدر.
المراجع
- ^ سورة الدخان، الآيات 1-6
- ^ binbaz.org.sa، علامة ليلة القدر، 16/04/2023
- ^ صحيح الجامع، عبدالله بن عباس، الألباني، 5475، صحيح
- ^ binbaz.org.sa، رؤية ليلة القدر، 16/04/2023
- ^ binothaimeen.net، عدة مسائل في ليلة القدر، 16/04/2023
- ^ صحيح مسلم، أبي بن كعب، مسلم، 762، صحيح
- ^ صحيح ابن خزيمه، جابر بن عبد الله، ابن خزيمة، 3/576، أخرجه في صحيحه
- ^ الجامع الصغير، واثلة، السيوطي، 7708، حسن
- ^ صحيح البخاري، عبد الله بن عباس، البخاري، 2021، صحيح
التعليقات