عناصر المقال
شرح قصيدة على قدر أهل العزم تأتي العزائم ومن هو قائل القصيدة، فالشعر هو السلاح الأول الذي قامت عليه الأمم وقامت الدنيا معه فكانت تُزهق الأرواح من أجل بيت من الشعر أو بيتين، وفي هذا المقال ستكون الوقفة مع شرح واحدة من القصائد المعروفة في عيون الشعر العربي، كما سيُضاء في لمحة سريعة عن الشاعر والمعاني التي تطرأ لها وبعض المعلومات عنه وما إلى ذلك.
من هو المتنبي
المتنبي واسمه الكامل أحمد بن الحسين ابن الحسن الكندي وهو المعروف بشعره في ذلك العصر الذي لا يخلو من الحكمة وقد اتخذه الأدباء واتخذوا شعره مفخرة عظيمة وقد قال الشعر وهو ما يزال في سن الصبا وقد اتّخذ من مدح الملوك صنعة له فكان ما بين مادح للمك الذي يغدق عليه وهاجيًا للملك الذي يحجم عنه، وقد تسابقت الأقلام في العصر القديم والحديث للكلام عن أبي الطيب المتنبي والجود في الحديث عنه، وله الكثير من المآثر الشعرية المعروفة ويُقال أنّه قتل في بيت قصيدة قاله، وهو من شعراء العصر العباسي.
شرح قصيدة على قدر أهل العزم تأتي العزائم
سندرج شرح قصيدة على قدر أهل العزم تأتي العزائم فيما يأتي:
-
عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ
وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
لقد ابتدأ الشاعر المتنبي قصيدته في الكلام بحكمة شعرية وأدبية أنّ الإنسان إن بلغ من العظمة شيئًا كثيرًا فإنّ الامتحانات والمهمات تأتي على قدر تلك العزيمة، وقد ابتدأ قصيدته تلك في الكلام مع سيف الدولة الحمداني وهذا بمثابة المديح العظيم الذي يوجه لواحد من أهل الدولة والحل والعقد.
-
وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها
وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ
الآن ينتقل المتنبي في حديثه للكلام عن حكمة أخرى، أنّ الإنسان الذوي وهبه الله تعالى قوة ومنعة وعظمة فإنّه يرى البلايا العظيمة والرزايا الكبيرة صغيرة ولا يراها كبيرة أبدًا، أما الصغير في قدره الوضيع في عزمه يرى الأمر الصغير شيئًا كبيرًا.
-
يُكَلِّفُ سَيفُ الدَولَةِ الجَيشَ هَمَّهُ
وَقَد عَجَزَت عَنهُ الجُيوشُ الخَضارِمُ
هنا ينتقل المتنبي للكلام عن جيش المتنبي وكأنه يمدحه مرة أخرى بواسطة جيشه الذي يقدر على الأمور العظيمة التي لا يقدر عليها البشر وذلك بسبب همته العظيمة التي وهبها الله تعالى له وهذا من أعظم وجوه المدح التي قيلت في الشعر العربي وكأنه يمدح الخاص بالعام.
-
وَيَطلِبُ عِندَ الناسِ ما عِندَ نَفسِهِ
وَذَلِكَ مالا تَدَّعيهِ الضَراغِمُ
الآن يعقد المتنبي بمثابة المقارنة ما بين الأسد وسيف الدولة الحمداني، فسيف الدولة يطلب أن يكون عند جيشه ما عنده من الشجاعة والبسالة وقوة البأس والمنعة وهذا الأمر جديد على القادة حتى إنّ الأسود المعروفة بشجاعتها وقيادتها لا تطلب من جيوشها أن تتمتع بما لديها من القوة والبأس.
-
يُفَدّي أَتَمُّ الطَيرِ عُمراً سِلاحُهُ
نُسورُ المَلا أَحداثُها وَالقَشاعِمُ
الآن يأتي المتنبي بصورة شعرية أخرى ويختار حيوانًا آخر معروفًا بمعته وقوته وكرامته وهو النسر، أي وكأن النسر يقول لسيف الدولة الحمداني وجيش نفديك أنفسنا وذلك بمثابة التمثيل على قوة جيش سيف الدولة حتى إنّ النسور تجعل نفسها فداءً له.
-
وَما ضَرَّها خَلقٌ بِغَيرِ مَخالِبٍ
وَقَد خُلِقَت أَسيافُهُ وَالقَوائِمُ
يتم المتنبي الصورة الشعرية التي ابتدأها في البيت السابق فيقول لو أنّ تلك النسور خُلقت من دون مخالب فإنّه لا يضرها ذلك بشيء وذلك لأن سيوف جيش سيف الدولة الحمداني ستأخذ المهمة عنها تلك التي تتمثل بالصيد والقتل، بمعنى أنّه من كثرة تقتيلهم بجيش الأعداء يتركون جثثهم فرائس للنسور التي لم تعد تحتاج مخالبها للصيد.
-
هَلِ الحَدَثُ الحَمراءُ تَعرِفُ لَونَها
وَتَعلَمُ أَيُّ الساقِيَينِ الغَمائِمُ
يُعرج سيف الدولة الحمداني الآن في كلامه عن القلعة التي بناها سيف الدولة ثم أقبل الرومان من أجل التحصن فيها فكانت المعركة الكبرى مع جيش سيف الدولة الحمداني الذي خلف تقتيلًا كثيرًا في الرومان حتى إنّ جدران القلعة قد لطخت باللون الأحمر من جراء الدماء، فباتت القلعة لا تعلم هل السحائب تسقيها الماء أم تلك دماء عظيمة سقيت بها.
-
سَقَتها الغَمامُ الغُرُّ قَبلَ نُزولِهِ
فَلَمّا دَنا مِنها سَقَتها الجَماجِمُ
الآن يتم المتنبي الصورة السابقة في كلامه ويتحدث عن قلعة الحدث أنّه في بادئ الأمر سقى الغمام القلعة مطرًا عظيمًا ثم لما جاء سيف الدولة وجيشه سقاها من الدماء والجماجم وهذا يدل على عظم الدعاء التي سقيت القلعة بها حتى التبس عليها الأمر هل هي تُسقى من غمام السماء أم من سيوف جيش سيف الدولة.
-
بَناها فَأَعلى وَالقَنا تَقرَعُ القَنا
وَمَوجُ المَنايا حَولَها مُتَلاطِمُ
يعود المتنبي للتأكيد على الفكرة الأولى وهي بناء سيف الدولة لتلك القلعة ويصف حال المعركة حولها والرماح تُقارع بعضها بعضًا ويُشبه ما يحدث بأن الموت مثل قراع المنايا بعضها مع بعض وكأن الموت هو بمثابة البحر الذي يأخذ كل شيء معه.
-
وَكانَ بِها مِثلُ الجُنونِ فَأَصبَحَت
وَمِن جُثَثِ القَتلى عَلَيها تَمائِمُ
الآن يتحدث الشاعر عن صورة شعرية أخرى وهي صورة ما بعد الانتصار في المعركة حيث استطاع الانتصار بجيشه على جيش الروم وتقتيل أولئك الجنو وسفك دمائهم سفكًا عظيمًا، حتى لما انتهى الأمر وبقيوا جثثًا هامدة علق جثثهم على الجدران كما تثعلق التمائم على جدران القلعة، وهذا يدل على أهمية الصورة في شعر المتنبي وقدرته على توظيفها توظيفًا بالغًا.
-
طَريدَةُ دَهرٍ ساقَها فَرَدَدتَها
عَلى الدينِ بِالخَطِّيِّ وَالدَهرُ راغِمُ
إنّ هذه القلعة التي يتحدث عنها المتنبي هي بمثابة الطريدة التي سثلط عليها الروم قبلًا فصارت مثل الفريسة التي يلاحقونها وراء بعضهم البعض، وهذا يدل على الصورة التشبيهية الرائعة التي استخدمها المتنبي، ولكن كان خيار سيف الدولة الحمداني أن يردهم عن تلك القلعة بحد السيف ويُبعدهم عنها.
-
تُفيتُ اللَيالي كُلَّ شَيءٍ أَخَذتَهُ
وَهُنَّ لِما يَأخُذنَ مِنكَ غَوارِمُ
الآن يكمل المتنبي الصورة السابقة التي تحدث عنها وهي صورة الأخذ والعطاء في الحياة الدنيا، فيقول لو أخذت منك الحياة الدنيا شيئًا عزيزًا عليك واستعدته منها مرة أخرى فإنّها بعد ذلك لا تقدر أن تأخذه منك مرة أخرى أبدًا وهذا يدل على أن الإنسان لا يجب أن يركن إلى الهدوء والدعة على الإطلاق بل لا بدّ من أن يتوقف مع نفسه وقفة البطل الفارس المتمرد.
-
إِذا كانَ ما تَنويهِ فِعلاً مُضارِعاً
مَضى قَبلَ أَن تُلقى عَلَيهِ الجَوازِمُ
الآن يقول المتنبي انّ الإنسان لو همّ بفعل أمر ما أو فعل شيء ما فيجب الا يوقفه اي شيء على الإطلاق ولا يحاول أن ينتظر حتى يملي عليه الآخرون ما يجب أن يفعلوه وما يجب أن يأتي به من التصرفات، وهذا إن دل فإنما يدل على الصرامة التي يتمتع بها المتنبي ويصف بها سيف الدولة الحمداني.
الصور الفنية في قصيدة على قدر أهل العزم
ما تزال الصورة الفنية في القصيدة الشعرية العربية هي سيدة الموقف حيث تقدر على إيصال ما بداخل الشاعر العربي من المعاني الجميلة الرقيقة ذات البهجة الرفيعة، وما يلي أجمل الصور الفنية الخاصة بقصيدة على قدر أهل العزم:
- عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ: في هذا البيت الشعري هناك صورتان فنيتان أمّا الصورة الأولى فقد جعل الشاعر العزائم مثل الإنسان الذي يأتي ويذهب وكذلك جعل الكرام، استعارة مكنية حذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه.
- وَيَطلِبُ عِندَ الناسِ ما عِندَ نَفسِهِ وَذَلِكَ مالا تَدَّعيهِ الضَراغِمُ: جعل الضراغم مثل الإنسان الذي يدعي شيئًا ما أو يكذب فيه وهذا من الأشياء التي تدري في الطبيعة البرشرية وليست في الحيوانات، وهنا يُطلق عليه اسم الاستعارة المكنية فقد حذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه وهو الادعاء.
- سَقَتها الغَمامُ الغُرُّ قَبلَ نُزولِهِ فَلَمّا دَنا مِنها سَقَتها الجَماجِمُ: جعل الجماجم مثل الإنسان الذي يقوم على سقاية غيره وهذا ما ليس موجودًا أو لا يعد موجودًا في عالم الجمادات، وهنا يُطلق عليه اسم الاستعارة المكنية فقد حذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه وهو السقيا.
- بَناها فَأَعلى وَالقَنا تَقرَعُ القَنا وَمَوجُ المَنايا حَولَها مُتَلاطِمُ: جعل المنايا مثل البحر الذي يموج موجه وهذا من أدق وأعمق الاستعارات فكأن الموت مثل الشيء الذي يأتي على الإنسان ويأخذه، وهنا يُطلق عليه اسم الاستعارة المكنية فقد حذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه وهو الموج.
- طَريدَةُ دَهرٍ ساقَها فَرَدَدتَها عَلى الدينِ بِالخَطِّيِّ وَالدَهرُ راغِمُ: جعل الدهر مثل الإنسان الذي يُرغم على فعل شيء ما وهو يكرهه ولا يطيقه، ويُطلق على هذا النوع من التشبيه استعارة مكنية فقد شخصن الدهر وألمه واحدة من صفات الإنسان وهي الإرغام
شرح المفردات لقصيدة على قدر أهل العزم
لقد مر على الشعر العربي وقت طويل وقد اندثرت الكثير من الألفاظ التي كانت تُستعمل قبلًا وكانت قبل ذلك من الألفاظ الشائعة ولكن أتى عليها الدهر فطواها، ومن تلك الألفاظ الوارة في القصيدة ما يلي:
- العزم: معنى العزم أي ان يكون الإنسان ثابتًا قويًا شديدًا يستطيع فعل الأمر كله.
- الضراغم: إنّ معنى الضراغم أي الأسود الشديدة ذات القوة الكبيرة والمنعة في قومها.
- تمائم: وهي الجمع من مفردة التميمة والتي تعني الشيء الذي يُعلق على رقبة الإنسان ويظن الناس أنّه يدفع عنه الأرواح الشريرة والعيون الحاسدة وغيره.
قصيدة على قدر أهل العزم pdf
قد يرغب الإنسان أن يعود إلى معنى القصيدة ويفهمه في كل وقت وحين وخاصة لو كان ذلك مطلوبًا منه في المنهج الدراسي أو في واحدة من الدراسات، لذلك فقد آثرنا أن يدرج ما ورد في هذا المقال على شكل ملف قابل للتحميل يُمكن ذلك عبر الضغط “من هنا“.
مقالات قد تهمك
لقد كثرت المقالات التي تتكلم عن شرح القصائد الشعرية وذلك أنّ الشعر العربي يحتاج إلى شرح وإفهام وإمعان، وفيما يلي ذكر لبعض المقالات ذات الصلة:
إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال شرح قصيدة على قدر أهل العزم تأتي العزائم ومن هو قائل القصيدة ونكون قد تكلمنا عن مجموعة المعاني التي وردت في القصيدة التي مدح بها المتنبي سيف الدولة وما أجمل الصور الفنية التي وردت بها.
التعليقات