شرح قصيدة المهاجر والصور الفنية فيها

شرح قصيدة المهاجر والصور الفنية فيها، حيث شكلتُ الغربة منبعاً لمعاناة الشعراء ومنطلقاً لحزنهم، وفي قصيدة المهاجر للشاعر السوري نسيب عريضة يصف معاناته في الغربة وأرض المهجر، ومرارة الحياة فيها، ويتكلم عن شوقه وحنينه إلى تراب وطنه، وفي مقالنا الآتي سنتعرف على قصيدة المهاجر وعلى شرح أبياتها، وعلى كاتب هذه القصيدة، وغيرها الكثير من المعلومات القيمة المتعلقة بهذه القصيدة.

من هو كاتب قصيدة المهاجر

تعود القصيدة المعنونة بالمهاجر إلى الشاعر السوري نسيب عريضة، الذي يعدّ أحد شعراء المهجر ومؤسسي الرابطة القلمية في أمريكا عام 1920م، وكان قد وُلِد نسيب أسعد عريضة عام 1887م في مدينة حِمص السورية، وتلقّى تعليمه الابتدائي فيها ثم التحق بالمدارس الروسية في مدينة الناصرة، وقد عُرِف عنه تفوّقه وحبّه للعلم والقراءة إلى جانب التأمل في الطبيعية، فانكبّ على قراءة أمهات الكتب في الأدب العربي ليصقل شخصيته الأدبية، وهاجر إلى نيويورك سنة 1905م فأنشأ مجلة الفنون سنة 1913م وأغلقها ثم أعادها، وأضاع في سبيلها ما يملك، وعمل في التجارة. ثم تولى تحرير مرآة الغرب الجريدة اليومية، فجريدة الهدى وتوفي في مدينة بروكلن، له  ديوان شعر اسمه الأرواح الحائرة، وقصة مترجمة واسمها أسرار البلاط الروسي و قصة نشرها في مجموعة الرابطة القلمية واسمها ديك الجن الحمصي.^[1]

شرح قصيدة المهاجر

أراد الشاعر نسيب عريضة من خلال قصيدة المهاجر أن يعبّر عن معاناة ومشاعر المغتربين في بعدهم عن وطنهم ومدى تعلّقهم بها، وفيما يأتي نقدم شرح موجز لبعض أبيات قصيدة المهاجر على النحو الآتي:

• أحاضر أنت أم باد ؟ أمهتجر ::: في الغرب؟ أو هائم في بيد قحطان ؟

يفتتح الشاعر قصيدته بإجراء حوار يدور بينه وبين نفسه وقد سيطر عليه شعور الحيرة؛ فقد انبرى يسأل نفسه عن هويته هل هو من أهل الحضر أم من أهل البادية أم أنه مسافر ومُغترب أم أنه ما زال تائهًا في صحارى العرب.

• أكلما هبت الأرياح خافقة ::: تجر في ذيلها أنفاس ريحان
• حسبتها نسمات الشيح فانطلقت ::: من أسرها زفرات العاجز الواني

يسأل الشاعر نفسه هل كلّما مرت رياح معطرة تحمل معها نسائم برائحة الريحان تظن أن هذه الرياح هي رياح بلادك المحمّلة بعطر نبات الشيح فتقوم بإطلاق الآهات والزفرات التي تعبّر عن حسرتك وضعفك وعجزك.

• وليس يرويك إلا نهلة بعدت ::: من ماء دجلة أو سلسال لبنان

يقول الشاعر في هذا البيت مخاطباً نفسه إن هذا الاختلاط والحيرة في داخلك ما هو إلا نتيجة لبُعدك عن الوطن واغترابك عنه، ويُجيب الشاعر نفسه بأنّه لن يخرج مما هو فيه ولن تهدأ نفسه ويرتاح باله سوى بشربة ماء من نهر دجلة أو من مياه لبنان العذبة.

• وحلم يومك في الميماس محتفل ::: بالغيد والصيد في أعراس ندمان

يقول الشاعر في هذا البيت مخاطباً نفسه أن عليه أن يُمضي يومه وهو يحلم بالعودة إلى الوطن والمشاركة بالاحتفالات والأعراس التي تُقام في حي الميماس في حمص مع الفتيات الحسناوات والشباب المزهوون.

• من أنت ؟ ما أنت؟  قد وزعت روحك في ::: عهدين من شاسع ماض ومن داني

ما زالت الحيرة تُسيطر على الشاعر في هذا البيت، فقد عاد ليسأل نفسه عن هويته ومَن يكون، فروحه قد قُسمت إلى قسمين بين الماضي البعيد والحاضر الذي يعيشه، وهذا يدلّ على شدّة تعلّقه ببلاده.

• أنا المهاجر ذو نفسين واحدة ::: تسير سيري وأخرى رهن أوطاني

فيُجيب الشاعر مخاطباً نفسَه بأنّه مغترب ويملك روحَين بالفعل؛ روح يعيش بها وروح ما زالت متعلقة بالوطن.

• بعدت عنها أجوب الأرض تقذفني ::: منى حثثت انا ركبي وأظعاني

يقول الشاعر لقد بعدت عن وطني وتغترب عنه وأنا أجوب في هذه الأرض آملاً وباحثاً عن حياة أفضل، وقد سيّرت نحوها عائلتي وكل قوافلي.

• ما إن أبالي مقامي في مغاربها ::: وفي مشارقها حبي وإيماني

يقول الشاعر مؤكداً على إيمانه بوطنه وحبه له، وتعلقه الشديد به، بأنه لا يقلق ولا يبالي إن كان عيشه في بلاد الغرب ما دام قلبه في بلاد الشرق حيث وطنه.

• صحبي دعوا النسمات الميس تلمسني ::: فقد عرفت بها أنفاس كثباني

يُخاطب الشاعر في هذا المقطع من القصيدة رفاقه -وهم رفاق من خياله استدعاهم للتعبير عن عاطفته- طالبًا منهم أن يتركوا الرياح والنسمات الرقيقة تلامسه؛ فهي محمّلة بعطر تراب بلاده وبها يشتم رائحة وطنه.

• تدفقي يا رياح الشرق هائجة ::: فأنت لا شك من أهلي وإخواني

في هذا البيت يخاطب الشاعر الرياح القادمة من الشرق، ويقول لها أقبلي أيتها الرياح بشدة وقوة فأنتِ تذكّريني بأهلي ورفاقي لأنك تحملين رائحتهم.

• هززت أغصان قلبي بعد ما خلعت ::: ثوب الربيع فماست رقص نشوان

يقول الشاعر مخاطباً الرياح التي تحمل رائحة أهل وأحبابه بأنها قد أحيتِ فؤاده الذي لم يكن فرحًا فصار يتمايل فرحًا وسعادة وكأنه شخص سكران.

• كسيتها ورق الأشواق فازدهرت ::: خضراء يعبق منها روح نيسان

يقول الشاعر مخاطباً الرياح وأنتِ أيضًا أيتها الرياح جدّدتِ الذكرى والشوق في قلبي فأصبح أخضر يانعًا وفاح منه عطر الربيع في شهر نيسان فملأ المكان.

الصور الفنية في قصيدة المهاجر

امتلأت قصيدة المهاجر لنسيب عريضة بالعديد من السمات والصور الفنية، وفيما يأتي على سبيل الذكر لا الحصر نذكر الآتي:

• استخدام الشاعر العديد من الصور البيانية بطريقة ملائمة للعاطفة والمشاعر المُحمّلة في القصيدة.
• استخدام الشاعر لغة رقيقة مشحونة بالعواطف الجياشة.
• قام الشاعر بتوظيف مفردات وعبارات يتضح منها التركيز بشكل أكثر على موضوعات التشاؤم والكآبة، وعلى سبيل المثال كلمات: زفرات، وهائم، وغيرها الكثير.
• قام الشاعر بالجمع بين الماضي والحاضر بطريقة فنية مُحكمة، حيث برزت الثنائية الضدية.
• استخدم الشاعر في الأبيات أسلوب الاستفهام مع نفسه بكثرة، وهذا يُشير إلى سيطرة شعور الحيرة والقلق والاضطراب على نفسية الشاعر.

معاني المفردات الصعبة في قصيدة المهاجر

تحتوي قصيدة المهاجر على بعض المفردات التي تحتاج إلى توضيح، وفيما يأتي شرح لمعاني هذه المفردات:

• حاضر: من الحَضَر، أي من المدينة.
• بادٍ: من البادية.
• هائم: تائه.
• بيد قحطان: كناية عن صحراء العرب.
• خافقة: مضطربة.
• الشيح: نبات رائحته طيبة.
• الواني: الضعيف.
• نهلة: شربة.
• سلسال: ماء عذب.
• الميماس: أحد الأحياء في مدينة حِمص.
• الغيد: الناعم.
• الصيد: المزهوّ بنفسه.
• شاسع: واسع وكبير.
• أجوب: أجولُ.
• حثثت: حرّكتُ.
• رَكْبي: قومي.
• أظعاني: قوافلي.
• الميس: التبختر والاختيال.
• كثبان: تل من الرمال.
• ماست: تبخترت.
• نشوان: سكران.
• يعبق منها: تنتشر منها رائحة طيبة.
• الروح: نسيم الريح.

شرح قصيدة المهاجر pdf 

الشاعر نسيب عريضة في قصيدته المهاجر وصف غربته وما يعانيه من مشاعر الحزن والشوق والحنين، وكتب هذه الأبيات ليصف كيف أن مجرد هبوب الريح تجعله يتخيل أنها آتية من بلاده تحمل رائحة الأهل والأحباب والورد في الوطن، والعديد من الطلاب بيحثون عن شرح القصيدة pdf بهدف تحميلها مباشرة والاطلاع عليها والاحتفاظ بها على أجهزتهم، ويمكن تحميل شرح القصيدة pdf مباشرة “من هنا“.

الأفكار الرئيسية في قصيدة المهاجر

فيما يأتي نعرض بعض من أهم الأفكار التي ركز عليها نسيب عريضة في قصيدة المهاجر:

• سيطرة مشاعر الحيرة والاستنكار والقلق على الشاعر نتيجة الغربة والترحال.
• هبوب الرياح والنسائم تثير في نفس الشاعر الآلام وذكريات الوطن، وتذكره بشوقه إلى أهله وأحبابه وتراب وطنه.
• مشاعر الشوق للشرب من مياه الوطن العذبة.
• الحلم بالمشاركة في أعراس واحتفالات الوطن بين الشباب والفتيات.
• عبر الشاعر عن قلقه بانقسام الروح بين الغربة وأرض الوطن.
• عبّر الشاعر عن حيرته بوصف انقسام الروح بين الماضي والحاضر.
• استمرار ذكرى الوطن في نفس الشاعر.
• توضيح السبب من الغربة والترحال وهو في سبيل تحقيق الأماني والعيش الرغيد.
• تذكر الشاعر أن حب الوطن والإيمان به مزروع في قلبه يخفف من معاناته، ويهون عليه غربته.

تحليل قصيدة المهاجر

فيما يأتي نعرض أهم التحليلات لقصيدة المهاجر للشاعر السوري نسيب عريضة:

• استخدم الشاعر في نصه الأسلوب الخبري موظفاَ ذلك في وصف معاناته وغربته، عاكساً تشتته وضياعه بعيداً عن الوطن، كقوله أنا المهاجر ذو نفسين، حلم يومك في الميماس محتفل.
• استخدم الشاعر الأسلوب الإنشائي لتوظيف حزنه وضياعه محاوراً نفسه بقوله أحاضرٌ أنت أم بادِ، كما وظفه ليعكس انفعاله في البعد عن الوطن وعمق الاشواق إليه جيز قال تدفقي.
• وظّف الشاعر أسلوب الشرط الدال على الزمان للتعبير عن ارتباط الحنين الى الوطن بكل لحظة تمر به حين قال كلما هبت الاشواق خافقة تجر.
• استخدم الشاعر المحسنات البديعية ومصادر الموسيقا الداخلية ومنها على سبيل المثال: تكرار حرف الراء الذي يعد مصدر من مصادر الموسيقا الداخلية، وحاضر بادٍ طباق إيجاب محسن بديعي معنوي، وعيد صيد جناس ناقص محسن بديعي لفظي ومصدر من مصادر الموسيقا الداخلية أيضاً.
• استخدم الاشاعر الستعارة المكنية في أبياته على سبيل المثال: أغصان قلبي استعارة مكنية شبه فيها الشاعر قلبه بالشجرة وحذف المشبه به وأبقى شيئا من لوازمه.

مقالات قد تهمك

وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا الذي عرض لنا شرح قصيدة المهاجر والصور الفنية فيها، ومن هو كاتب هذه القصيدة نسيب عريضة، بالإضافة إلى بيان الصور الفنية في قصيدة المهاجر، ومعاني المفردات الصعبة في قصيدة المهاجر،وكما تطرق المقال إلى تقديم شرح القصيدة pdf، وعرض الأفكار الرئيسية في قصيدة المهاجر، مع تحليل قصيدة المهاجر.