شرح قصيدة يسلم المرء أخوه لأبي العتاهية وأهم الصور الفنية فيها

شرح قصيدة يسلم المرء أخوه لأبي العتاهية وأهم الصور الفنية فيها يبحث عن مثل هذه المعلومات كثير من الناس وبشكل خاص من عشاق الشعر العربي القديم، حيث هنالك كثير من القصائد القديمة التي تحظى باهتمام القراء في العالم العربي، وسوف نقدم للزوار الكرام في هذا المقال معلومات عن الشاعر أبي العتاهية، وسوف نتعرف على شرح القصيدة بشكل مفصل، وعلى شرح المفردات والكلمات الصعبة وعلى أهم الصور الفنية والبلاغية فيها وغير ذلك من المعلومات والتفاصيل الأخرى.

من هو كاتب يسلم المرء أخوه

يعدُّ الشاعر الكبير أبو العتاهية هو صاحب هذه القصيدة الشهيرة، والشاعر أبو العتاهية كما هو معروف من أشهر الشعراء العرب في العصر العباسي، واسمه الأصلي إسماعيل بن القاسم بن سويد العنزي، كنيته أبو إسحاق، وقد اشتهر بلقب أبي العتاهية والذي طغى على اسمه الأصلي وكنيته، وقيل أنَّه أُطلِق عليه بسبب ما كان عليه في أيام الشباب من الانغماس في اللهو والمجون والخوض في الملذات ولكنه تابَ لاحقًا وتحول إلى الزهد والعفاف، وقيل أيضًا إَّن الخليفة المهدي هو من أطلق عليه هذا اللقب عندما قال له: أراك متخلطًا متعتهًا، وقيلَ أيضًا كان لديه ولد اسمه عتاهية، ولد أبو العتاهية في عام 747م في قرية عين التمر في العراق ثم انتقل للعيش في مدينة الكوفة، وكان يبيع الجرار في صباه ثم رغب بالأدب والعلم وبعدها بدأ نظم الشعر حتى أصبح بارعًا فيه.

انتقل أبو العتاهية إلى مدينة بغداد بعد ذلك وقد كانت عاصمة الدولة العباسية في ذلك الوقت، وراح يتصل بخلفاء الدولة العباسية بدءًا من المهدي ثم الهادي ثم هارون الرشيد ومدحهم جميعًا، ويعدُّ من طبقة فحول الشعراء في العصر العباسي إلى جانب أبي نواس وبشار بن برد وغيرهما، برع بشكل خاص في كتابة شعر الزهد والمواعظ والحكمة والمدح، كما برع في أكثر أغراض الشعر المتداولة في ذلك العصر، اتهم بالزندقة والمانوية، ولكنَّه دافع عن نفسه من خلال قصائده، توفي أبو العتاهية في مدينة بغداد في عام 826م عن عمر يناهز 80 عامًا تقريبًا.^[1]

شرح قصيدة يسلم المرء أخوه

تعدُ هذه القصيدة من أشهر قصائد الشاعر الشهير أبي العتاهية، فقد كتبها يصف فيها أحوال الناس أمام الموت، وكيف أنَََ الموت هو نهاية كل حيِّ لا محالة، وكيف يذهب المرء بلمح البصر ولا يذهب معه أحد من أهله، وقد قال في مطلعها: يُسلِمُ المَرءَ أَخوهُ لِلمَنايا وَأَبوهُ، وأضاف كثير من الحكم الحميدة، وهي من القصائد متوسطة الطول فقد بلغ عدد أبيات القصيدة 44 أبيات فقط، وقد نظمها الشاعر على بحر مجزوء الرمل وقافية الهاء المضمومة، وفيما يأتي سوف يتم إدراج شرح قصيدة:

• يُسلِمُ المَرءَ أَخوهُ لِلمَنايا وَأَبوهُ
  وَأَبو الأَبناءِ لا يَبقى وَلا يَبقى بَنوهُ
  رُبَّ مَذكورٍ لِقَومٍ غابَ عَنهُم فَنَسوهُ
  وَإِذا أَفنى سِنيهِ المَرءُ أَفنَتهُ سِنونُ

يبدأ الشاعر القصيدة ببداية قوية تشير إلى استسلام البشر جميعًا للموت فيقول: إنَّ الإنسان ميت لا محالة، وهو الذي طوعًا أو كرهًا يسلم من حوله للموت، وتراه يفقد أخاه ثمَّ أباه، ويذهب الأبناء وأبو الأبناء، فلا يبقى أحد على وجه الأرض، كل الناس سوف يموتون ويسلمون بعضهم بعضًا للموت، وقد يكون هنالك شخص من الأشخاص مذكورًا اليوم بين الناس الذين يعرفونه، ولكن بعد حين سوف يكون منسيًا ولن يذكره أحد، وعندما ينهي الإنسان سنوات حياته سوف تنهيه وتهلكه ليكون نسيًا منسيًا.

• كَأَن بِالمَرءِ قَد يَبكي عَلَيهِ أَقرَبوهُ
  وَكَأَنَّ القَومَ قَد قاموا فَقالوا أَدرِكوهُ
  سائِلوهُ كَلِّموهُ حَرِّكوهُ لَقِّنوهُ
  فَإِذا استَيأَسَ مِنهُ القَومُ قالوا حَرِّفوهُ

وعندما تحين ساعة الموت وكأني أرى إنسان قد فارقت روحه جسده، وقد اجتمع الأهل والأقارب حوله، وينادي بعضهم على بعض أن انظروا في حال أخيكم لا تتركوه يموت، وحاولوا أن تتكلموا معه وتتحدثوا إليه عسى أن يردَّ عليكم، وحاولوا تحريكه عسى أن يستجيب ويغفل الموت عنه، وعندما يقطع الأهل والأقرباء حوله الأمل والرجاء منه، يستسلموا للموت ويقولوا أغمضوا له عينيه وأعدوه للغسل والكفن والدفن.

• وَكَأَنَّ القَومَ فيما كانَ فيهِ لَم يَلوهُ
  اِبتَنى الناسُ مِنَ البُنيانِ ما لَم يَسكُنوهُ
  جَمَعَ الناسُ مِنَ الأَموالِ ما لَم يَأكُلوهُ
  طَلَبَ الناسُ مِنَ الآمالِ ما لَم يُدرِكوهُ

وعندما يقوم القوم بدفن ميتهم، يتركوه في القبر وحيدًا ويرجعون إلى مساكنهم، ويعيشون وكأنهم لن يتبعوه عمَّا قريب، حيث أنَّ الناس يقبِلون على الدنيا وكأنهم خالدون فيها، فيبني الإنسان البيوت والقصور ولا يسكنها إلا لوقت قليل ثم يموت، ويجمع المال ولا ينفقه، بل يأخذه الورثة من بعده، ولا يسعفه الوقت لإنفاقه كله، كما أنَّ الإنسان يتمنَّى تحقيق الكثير من الأماني ولكنه يغفل عن كونه لن يحقق هذه الأحلام لأنَّ الموت أقرب إليه منها جميعها.

• لَو رَأى الناسُ نَبِيّاً سائِلاً ما وَصَلوهُ
  وَهُمُ لَو طَمِعوا في زادِ كَلبٍ أَكَلوهُ
  لا تَراني آخِرَ الدَهرِ بِتَسآلٍ أَفوهُ
  إِنَّ مَن يَسأَل سِوى الرَحمَنِ يَكثُر حارِموهُ

ثم يتابع الشاعر ذكر صفات الإنسان من الطمع والجشع وما إلى هنالك فيقول: من بخل الناس وطمعهم لو أنَّهم شاهدوا نبيًا يسألهم عطاءً لمنعوه ولم يعطوه شيئًا، ومن شدة طمعهم لو رأوا طعام كلب وطمعوا فيه لأكلوه ولم يروا حرجًا في ذلك، فقد أعمى الطمع أبصارهم وقلوبهم، ولذلك قطعت عهدًا أني لا أسأل أحدًا شيئًا حتى أموت ولن أنطق بسؤال أحد، وسؤال غير الله تعالى من الأمور الخاطئة، فمن يسأل غير الله تعالى لا يزيد سوى عدد من يحرمه من العطاء، فإذا سألت فاسأل الله تعالى فقط.

• إِنَّما يُعرَفُ بِالفَضلِ مَنِ الناسِ ذَوّهُ
  أَفضَلُ المَعروفِ ما لَم تُبتَذَل فيهِ الوُجوهُ
  أَنتَ ما اِستَغنَيتَ عَن صاحِبِكَ الدَهرَ أَخوهُ
  فَإِذا اِحتَجتَ إِلَيهِ ساعَةً مَجَّكَ فوهُ

وإنَّ من يشتهر بالفضل بين الناس هم أصحاب الفضل والعطاء والسخاء، وأحسن وأفضل العطايا هي التي لا يضطر من يحتاج إليها إلى التعرض لذل السؤال ومهانته وبذل ماء وجهه أمام صاحب العطاء والمعروف، فأمَّا المعروف الذي يعرض الإنسان للذل والمهانة فليس بمعروف أصلًا والإنسان بغنى عنه، وإذا ما كنت غنيًا عن صاحبك أيها الإنسان فسوف تكون أخًا له طوال الدهر، وسوف تجده قربك دائمًا، وأما إذا ما احتجت إليه في يوم من الأيام وطلبت منه المساعدة أو المال فسوف يعرِض عنك ويبصقك من فمه ويتركك دون أدنى حرج من فعله ذلك.

الصور الفنية في قصيدة يسلم المرء أخوه

اشتملت القصيدة على العديد من الصور الفنية التي تزيد المعاني فيها جمالًا وتساعد في وصولها إلى القراء بطرق متميزة غير مباشرة، وتٌستخدَم تلك الصور البيانية والفنية في الشعر العربي بشكل كبير، ولا تخلو منها قصيدة من قصائد الشعبر العربي، ولها أنواع كثيرة مثل التشبيهات والتوكيد والاستعارات والجناس والطباق وغير ذلك، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أهم الصور الفنية والبلاغية في القصيدة السابقة:

• استعارة مكنية: وردت في قول الشاعر: يُسلِمُ المَرءَ أَخوهُ لِلمَنايا وَأَبوهُ، فقد شبَّه الشاعر المنايا بإنسان يمكن التعامل معه وتسليمه الأشخاص، ولكنه حذف المشبه به وهو الإنسان أو الشخص، وذكر إحدى صفاته التي دلت عليها كلمة “يُسلم” للمنايا.
• أسلوب الكناية: كنَّى الشاعر بالكثير من العبارات عن معانٍ مختلفة غير معاني الكلمات الأصلية كما في قوله: وَهُمُ لَو طَمِعوا في زادِ كَلبٍ أَكَلوهُ، في هذا البيت كناية عن الطمع المجبولة عليه نفوس البشر.
• أسلوب الطباق: ورد الطباق في قول الشاعر: رُبَّ مَذكورٍ لِقَومٍ غابَ عَنهُم فَنَسوهُ، فكلمة مذكور عكس كلمة فنسوه، وهما من التذكر والنسيان.
• أسلوب الجناس: ورد أسلوب الجناس في قوله: إِنَّ مَن يَسأَل سِوى الرَحمَنِ يَكثُر حارِموهُ، وردت كلمة الرحمن وكلمة حارموه، وفيهما جناس ولكنه جناس غير تام، بسبب اختلاف ترتيب بعض الحروف بين الكلمتين.

معاني المفردات الصعبة في قصيدة يسلم المرء أخوه

العديد من الأشخاص قد يجدون صعوبة في معرفة وفهم معاني بعض الكلمات في القصائد وخصوصًا القصائد القديمة مثل القصائد الجاهلية وقصائد العصور الإسلامية اللاحقة وحتى القصائد الكلاسيكية التي سارت على نهجها في القرن العشرين، لأنَّ كثير من الكلمات التي يستخدمها الشعراء لا تستخدم في الحياة العامَّة بين الناس، فقد تطورت اللغة العربية كثيرًا كما تطورت استخداماتها مع مرور السنوات، واختلفت اللهجات العامية عن اللغة العربية الفصيحة بشكل كبير، وفيما يأتي سوف يتم إدراج معاني أهم المفردات الصعبة في القصيدة:

شرح قصيدة يسلم المرء أخوه pdf

كثير من الأشخاص يفضلون الحصول على شرحِ القَصيدة على شكل ملف pdf لاستخدامه في أغراض متعددة، مثل الاحتفاظ به على الهاتف المحمول أو على اللابتوب واستخدامه عند الحاجة في أوقات لاحقة، كما يرغب بعض الناس بالحصول عليه من أجل طباعته والحصول عليه ورقيًا وتوزيعه على الطلاب في المدرسة أو من أجل الاستفادة منه أغراض أخرى، ويمكن الحصول على شرح القصيدة على شكل ملف بصيغة pdf من خلال الضغط على الرابط “من هنا“.

مقالات قد تهمك

وإلى هنا نكون قد وصلنا أعزائي إلى نهاية مقال شرح قصيدة يسلم المرء أخوه لأبي العتاهية وأهم الصور الفنية فيها وقد تعرفنا على بعض المعلومات عن حياة الشاعر أبي العتاهية، كما تعرفنا على شرح أبيات قصيدته الشهيرة، وأدرجنا أهم الصور الفنية والبلاغية ومعاني المفردات الصعبة فيها، وغير ذلك من المعلومات والتفاصيل المتعلقة الأخرى.