عناصر المقال
الشك في الطلاق حتى لو كان الشك صحيح ، من المعلومات التي يجب على المسلمين معرفتها والاطلاع عليها قبل الحكم على وقوع الطلاق من عدم وقوعه، فقد أولى الإسلام موضوع الطلاق اهتمامًا كبيرًا ووضع له أحكام وقواعد كثيرة من أجل تنظيم العلاقات الزوجية والمحافظة على حقوق كل من الزوجين، وحتى لا يظلم أحدهما الآخر ويعتدي عليه، وسوف نتعرف في مقالنا هذا على مفهوم الطلاق في الإسلام، وعلى حكم الشك في الطلاق حتى لو كان الشك صحيح، وسوف نتعرف على أنواع الشك في الطلاق وحكم الطلاق بدون نية والطلاق الذي لا يقع وغير ذلك.
مفهوم الطلاق في الإسلام
يشير مفهوم الطلاق في الإسلام حسب أقوال الفقهاء من أهل العلم إلى حل عقد الزواج أو حل عقد النكاح حسب الصياغة الشرعية، وعمومًا يعرَف الطلاق بأنه انفصال الزوجين عن بعضهما، سواء من قبل الزوج أو من قبل الزوجة، حيث يمكن أن يكون الطلاق باللفظ الصريح الذي لا يدل إلا على الطلاق مثل: أنت طالق، سرحتك، فارقتك وغيرها، ويمكن أن يكون بألفاظ الكناية التي يمكن أن تدل على غير الطلاق ولكن يجب أن تكون نية الطلاق موجودة عند الرجل في هذه الحالة، وقد ورد مشروعية الطلاق في كتاب الله تعالى إذ قال جل من قائل في سورة البقرة: “”الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ”،[1] وثبتت مشروعيته أيضًا في الحديث الذي ورد عن الصحابي عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما أَحَلَّ اللهُ شيئًا أَبغضَ إليه مِن الطَّلاقِ”،[2] كما أجمع الفقهاء في الإسلام على مشروعية الطلاق وإباحته رغم اختلاف حالاته، فقد يكون محرمًا أو مكروهًا أو واجبًا أو مباحًا أو مستحبًا، وذلك حسب ظروف كل حالة.[3]
شاهد أيضًا: مستحقات الزوجة بعد الطلاق ، حقوق المرأة بعد الطلاق في الإسلام
الشك في الطلاق حتى لو كان الشك صحيح
لا شكَّ بأنَّ الشك في الطلاق وفي غيره لا بدَّ أن يكون صحيحًا حتى يتم الحكم به، لأنَّ الإنسان قد يفعل أمرًا ويشكُّ بأنَّه فعله أم لا، ويرى كثير من الفقهاء أن الشك قد يأخذ أكثر من حالة، رغم أنَّ الحكم الرئيسي هو عدم وقوع الشك، وفيما يأتي سيتم التفصيل في مختلف الأقوال حول الشك في الطلاق:[4]
عدم وقوع الشك في الطلاق
إذا شكَّ الزوج في الطلاق وكان هذا الشك أكيدًا وصحيحًا فإنَّ الطلاق لا يقع وهذا ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة، حيث أنَّ المسلم في هذه الحالة شكَّ بأنَّ الطلاق وقع أم لا، والثابت هو عقد النكاح، والثابت لا يزول بالشك حتى لو كان شكًّا بسيطًا، وفي الحديث الصحيح عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه: “أنَّهُ شَكَا إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الرَّجُلُ الذي يُخَيَّلُ إلَيْهِ أنَّه يَجِدُ الشَّيْءَ في الصَّلَاةِ؟ فَقالَ: لا يَنْفَتِلْ – أوْ لا يَنْصَرِفْ – حتَّى يَسْمع صَوْتًا أوْ يَجِدَ رِيحًا”،[5] وقد ورد عن ابن قدامة رحمه الله تعالى قوله في كتاب المغني: “من شك في طلاقه لم يلزمه حكمه، نص عليه أحمد، وهو مذهب الشافعي، وأصحاب الرأي لأن النكاح ثابت بيقين، فلا يزول بشك، والأصل في هذا حديث عبد الله بن زيد”.
وقوع الشك في الطلاق ورعًا
لكنَّ ذهب معظم الفقهاء إلى أنَّه من الورع أن يأخذ الزوج بالطلاق الذي شكَّ فيه، وأن يمضي الطلاق الذي شكَّ فيه ولكن لا يقوم بإنشاء طلاق جديد بدلًا عنه، ويقول ابن قدامة أيضًا في ذلك: “والورع التزام الطلاق، فإن كان المشكوك فيه طلاقا رجعيا، راجع امرأته إن كانت مدخولا بها، أو جدد نكاحها إن كانت غير مدخول بها، أو قد انقضت عدتها، وإن شك في طلاق ثلاث، طلقها واحدة وتركها، لأنه إذا لم يطلقها، فيقين نكاحه باق، فلا تحل لغيره، وحكي عن شريك أنه إذا شك في طلاقه، طلقها واحدة، ثم راجعها، لتكون الرجعة عن طلقة، فتكون صحيحة في الحكم”، ولذلك فإنَّ طلاق الشك لا يقع ولكن يرى كثير من الفقهاء أنَّه من الورع أن يأخذ المسلم بهذا الطلاق ويبني عليه، لأنَّ هذا من الأمور المندوب إليها في الشرع الإسلامي عمومًا، وذلك اعتمادًا إلى حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “الحَلَالُ بَيِّنٌ، والحَرَامُ بَيِّنٌ، وبيْنَهُما مُشَبَّهَاتٌ لا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ، ومَن وقَعَ في الشُّبُهَاتِ: كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أنْ يُوَاقِعَهُ، ألَا وإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، ألَا إنَّ حِمَى اللَّهِ في أرْضِهِ مَحَارِمُهُ، ألَا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً: إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألَا وهي القَلْبُ”،[6] وقد ورد عن القرافي رحمه الله قوله: “الورع من أفعال الجوارح، وهو ترك ما لا بأس به حذرا مما به البأس”.
شاهد أيضًا: كيف أعرف أن الطلاق خير لي ، نصائح للزوجة التي تريد الطلاق
أنواع الشك في الطلاق
يأخذ الشك في الطلاق صورًا وحالات عديدة في الإسلام، ولا ينحصر بنوع محدد، ولا بدَّ على المسلم أن يتعرف عليها حتى يبقى مطمئنًا تجاه علاقته مع زوجته، ولا بدَّ من القول أنَّ المسلم يجب عليه أن يبتعد أساسًا عن كل ما يوقعه بالشك، وأن يتجنب ألفاظ الطلاق ويمين الطلاق وما يثير مثل هذه الشكوك، وليلتزم الحلف بالله تعالى فقط إذا اضطر إلى ذلك، وحتى لو غضب من زوجته يبقي الطلاق بعيدًا ولا يفكر بمثل هذه الأمور التي تزيد المشاكل ولا توجد الحلول لها، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أنواع الشك في الطلاق وصوره بشكل مفصل:[7]
الشك في عدد الطلاقات
من أنواع الشك في الطلاق أن يشكَّ المسلم بعدد الطلقات التي كان قد طلق زوجته بها، وعند ذلك يقع في حيرة تجاه علاقته الزوجية مع زوجته، وفي هذه الحالة يأخذ المسلم بعدد الطلقات الأقل التي يتذكرها ويبني عليها ويحكم بها، لأنَّه بالتأكيد متيقن من عدد الطلقات الأقل، وكل الطلقات التي فوقها مشكوك فيها ولا يؤخذ بها، فإنَّ كان الزوج قد شكَّ في أنَّ طلَّق زوجته طلقة واحدة أو طلقتين أو ثلاثة، فيحكم على أنها واحدة فقط، وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من أهل العلم في الإسلام.
الشك في صفة الطلاق
من صور الشك في الطلاق أيضًا الشك في صفة الطلاق، أي في كون الطلاق طلاق بائن أو طلاق رجعي، في هذه الحالة يحكم بأنَّه طلاق رجعي، لأنَّ الطلاق الرجعي هو الأضغف وهو الذي يسبق طلاق البائن، فيؤخذ الحكم به، وكونه هو الذي يكون الزوج متيقنًا منه، وما فوقه أو ما بعده يكون مشكوكًا به، وهذا أيضًا ما ذهب إليه الفقهاء من أهل العلم.
الشك في لفظ الطلاق
من أنواع الشك في الطلاق أيضًا الشك في لفظ الطلاق نفسه، إذ يداخل الشك قلب الزوج في اللفظ الذي تلفظ به إذا ما كان لفظ طلاق أم لا، وفي هذه الحالة يحكَم بأنَّ الطلاق لغو ولا يؤخذ به على الإطلاق، ولا يقع الطلاق في هذه الحالة لأنَّ الشخص أساسًا ليس متيقنًا من هذا الطلاق، ولذلك يعدُّ لغوًا لا يؤاخذ الله تعالى عباده به، وقد قال تعالى: “لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَٰكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الْأَيْمَانَ ۖ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ”،[8] وهذا يدلُّ على أنَّ اللغو في الإسلام لا يؤخذ به.
شاهد أيضًا: أنواع الطلاق الذي لا يقع ، شروط وقوع الطلاق في الإسلام
حكم التلفظ بالطلاق بدون نية
إنَّ الطلاق في الإسلام يأخذ حالات كثيرة، وقد فصل العلماء في الإسلام هذه الحالات حسب ظروف كل طلاق والألفاظ المستخدمة فيه، ولذلك فإنَّ الطلاق إذا كان باستخدام ألفاظ الطلاق الواضحة والتي لا تدل إلا على معنى الطلاق في الإسلام فإنًّه لا يحتاج إلى نية في هذه الحالة، لأنَّ الطلاق لا مزاح فيه، وقد ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ثلاثٌ جِدُّهنَّ جدٌّ وَهَزلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكاحُ والطَّلاقُ والرَّجعةُ”،[9] ولذلك فإنَّ التلفظ بالطلاق بأحد ألفاظه الصحيحة يقع ولا خلاف في ذلك حسب جمهور الفقهاء من أهل العلم واتفاق المذاهب الأربعة الحنفي والحنبلي والشافعي والمالكي، وفي الحديث الصحيح عن الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنه: “طَلَّقتُ امرأتي وهي حائِضٌ، فذكَرَ ذلك عُمَرُ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فتغَيَّظَ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثمَّ قال: مُرْه فلْيُراجِعْها حتى تحيضَ حَيضةً أُخرى مُستَقبَلةً سِوى حَيضتِها التي طَلَّقَها فيها، فإنْ بدا له أن يُطَلِّقَها فلْيُطَلِّقْها طاهِرًا مِن حَيضتِها قبل أن يَمَسَّها، فذلك الطَّلاقُ للعِدَّةِ كما أمَرَ اللهُ. وكان عبدُ اللهِ طَلَّقها تطليقةً واحِدةً، فحُسِبَت مِن طلاقِها، وراجَعَها عبدُ اللهِ كما أمَرَه رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم”،[10] ويشير هذا الحديث إلى أنَّ الطلاق باللفظ الواضح لا يحتاج إلى نية ولم يسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نيته، أمَّا إذا استخدم الزوج ألفاظًا تحمل معنى آخر غير الطلاق مثل: اذهبي إلى بيت أهلك، عند ذلك تشترط النية لوقوع الطلاق.[11]
شاهد أيضًا: كفارة حلف الطلاق عند الغضب ، ما هو حكم يمين الطلاق بالثلاثة
أنواع الطلاق الذي لا يقع في الإسلام
يشير الفقهاء إلى وجود العديد من أنواع الطلاق التي لا تقع، لأنَّه في بعض الحالات يدخل الزوج في حالة من فقدان وعي ولا يعود يعرف ما يقوله ولا ما يلفظه، وهنا لا يقع الطلاق في هذه الحالات، وفيما يأتي سيتم إدراج أنواع الطلاق الذي لا يقع في الإسلام بشكل مفصل:[12]
الطلاق البدعي
اختلاف الفقهاء في حكم الطلاق البدعي في الإسلام، والطلاق البدعي هو الطلاق الذي يُطلِقه الزوج على زوجته عندما تكون في فترة الحيض أو النفاس، أو خلال طهر كان قد جامعها فيه، وقد حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الطلاق ونهى عنه حسب الحديث السابق الذي رواه الصحابي عبد الله بن عمر رضي الله عنه عندما أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع زوجته إليه، وذهب كثير من الفقهاء إلى أنَّ الطلاق البدعي لا يقع منهم شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن قدامة، وذهب جمهور الفقهاء إلى أنَّ الطلاق البدعي رغم كونه محرمًا فإنَّه يقع.[13]
طلاق السكران
اختلف الفقهاء في حكم طلاق السكران، وذهب معظم الفقهاء إلى أنَّ طلاق السكران لا يقع، وإلى هذا القول ذهب كل من أحمد والشافعي بأحد قوليه والظاهرية، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ”،[14] وقد جعل الله تعالى في هذه الآية قول السكران غير معتبر ولا يؤخذ به، وهذا القول هو مذهب عثمان بن عفان وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما ولم يخالفهما أحد من الصحابة فيه، وقد ذكر البخاري رحمه الله رأي عثمان بن عفان رضي الله عنه في قوله: “لَيْسَ لِمَجْنُونٍ وَلَا لِسَكْرَانَ طَلَاقٌ . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : طَلَاقُ السَّكْرَانِ وَالْمُسْتَكْرَهِ لَيْسَ بِجَائِزٍ”، وذهب العديد من الفقهاء إلى أنَّ طلاق السكران يقع إذا كان السكر بسبب تناول المحرمات مثل الخمر والمخدرات وذلك تأديبًا له حتى يتجنب هذه الكبيرة، ومنهم الإمام مالك وأبو حنيفة وأحد القولين للشافعي والإمام أحمد.[]
طلاق الغضبان
يرى معظم الفقهاء أنَّ طلاق الغضبان لا يقع، والغضب الشديد هنا الذي يغيب عقل صاحبه معه ولا يعود يتذكر ما ينطق به من كلمات وعبارات، وقد ورد في الحديث عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا طلَاقَ ولا عِتاقَ في إِغلاقٍ”،[15] ورأى معظم أهل العلم أنَّ الإغلاق هو: الإكراه والغضب الشديد، لأنه يغلق العقل ويغيبه مثل السكر، وأشار بعض الفقهاء إلى أنَّ الغضب ثلاث حالات هي: الأولى[] أن يكون الغضب شديدًا جدًّا يصل بالزوج إلى درجة الجنون ولا يعرف صاحبه ما يقول فيه، وهنا لا يقع الطلاق بالإجماع، والثانية أن يشتد الغضب بالزوج ولكن لا يفقد عقله ويجبره الغضب ويلجئه إلى الطلاق، وهنا لا يقع حسب أرجح الأقوال، الثالثة أن يكون الغضب عاديًا مثل أي غضب، ويقع الطلاق هنا حسب جمهور الفقهاء.
شاهد أيضًا: نصيحة للزوجة التي تطلب الطلاق ، متى يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق
طلاق المدهوش
يدلُّ الدهاش على ذهاب العقل بسبب الذهول والصدمة، وهذا ما أشار إليه ابن منظور في لسان العرب، وعندما تدفع الدهشة صاحبها إلى زوال عقله وعدم وعي ما يتلفظ به فإنَّ الطلاق لا يقع، وهذا ما أشار إليه جمهور الفقهاء، حيث أن زوال العقل غالبًا ما يعذر صاحبه، وقد ورد في الروض المربع: “ومن زال عقله معذوراً كمجنون ومغمى عليه، ومن به برسام، أو نشاف، ونائم، ومن شرب مسكراً كرها، أو أكل بنجا ونحوه لتداو أو غيره لم يقع طلاقه لقول علي رضي الله عنه: كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه”، كما أنَّ العديد من علماء الحنفية اعتبروا أنَّ ما يصدر عن المدهوش من طلاق لا يقع.
طلاق المكرَه
طلاق المكره لا يقع حسب جمهور الفقهاء إذا لم يوجد سبب شرعي لإكراه الزوج على الطلاق، وإذا كان الإكراه من أجل سبب شرعي فإنَّ الطلاق يقع حسب العديد من الفقهاء، وقد ثبت هذا عن شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوي الكبرى حيث قال: “ولا يقع طلاق المكره، والإكراه يحصل إما بالتهديد أو بأن يغلب على ظنه أنه يضره في نفسه أو ماله بلا تهديد إكراها”، وقد قال تعالى في كتابه العزيز: “مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ”.[16][]
طلاق المجنون
قد يصاب الشخص بنوبة جنون أو صرع أحيانًا ويطلق زوجته في هذه النوبة وهنا لا يقع الطلاق أيضًا، ويدل على ذلك حديث السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “رُفِعَ القلَمُ عن ثلاثٍ: عنِ النَّائمِ حتَّى يستيقِظَ، وعنِ الصَّغيرِ حتَّى يكبَرَ، وعنِ المجنونِ حتَّى يعقِلَ ويُفِيقَ”،[17] وقد ورد عن الإمام الشافعي في كتاب الأم قوله: “ولا يجوز طلاق الصبي حتى يستكمل خمس عشرة أو يحتلم قبلها، ولا طلاق المعتوه ولا طلاق المجنون الذي يجن ويفيق إذا طلق في حال جنونه وإن طلق في حال صحته جاز”.[]
في ختام مقال الشك في الطلاق حتى لو كان الشك صحيح تعرفنا على مفهوم الطلاق في الشريعة الإسلامية حسب أقوال الفقهاء، وتعرفنا على حكم الشك في الطلاق إذا كان الشك صحيحًا، كما تعرفنا على أنواع الشك في الطلاق وصوره، وحكم التلفظ بالطلاق بدون نية عند الرجل، كما تعرفنا على أنواع الطلاق الذي لا يقع في الإسلام وغير ذلك من المعلومات الشرعية حول الطلاق.
أسئلة شائعة
المراجع
- ^ سورة البقرة، الآية 229
- ^ المستدرك على الصحيحين، عبد الله بن عمر، الحاكم، 2833، صحيح
- ^ dorar.net، حكم الطلاق، 27/02/2023
- ^ islamweb.net، حكم الشك في الطلاق ونسبة الأولاد الذين ولدوا في فترة الشك، 27/02/2023
- ^ صحيح البخاري، عبدالله بن زيد، البخاري، 137، صحيح
- ^ صحيح البخاري، النعمان بن بشير، البخاري، 52، صحيح
- ^ islamweb.net، صور الشك في الطلاق وحكم كل صورة، 27/02/2023
- ^ سورة المائدة، الآية 89
- ^ صحيح أبي داود، أبو هريرة، الألباني، 2194، حسن
- ^ صحيح البخاري، عبد الله بن عمر، البخاري، 1849، صحيح
- ^ dorar.net، النية في الطلاق الصريح، 27/02/2023
- ^ islamweb.net، أحوال من يقع منه الطلاق ومن لا يقع منه، 27/02/2023
- ^ islamweb.net، ماهية الطلاق البدعي وحكمه، 27/02/2023
- ^ سورة النساء، الآية 43
- ^ صحيح الجامع، السيدة عائشة، الألباني، 7525، حسن
- ^ سورة النحل، الآية 106
- ^ عارضة الأحوذي، السيدة عائشة، ابن عربي، 392، صحيح
التعليقات