أنواع الطلاق الذي لا يقع ، شروط وقوع الطلاق في الإسلام

أنواع الطلاق الذي لا يقع ، شروط وقوع الطلاق في الإسلام
أنواع الطلاق الذي لا يقع

أنواع الطلاق الذي لا يقع ، شروط وقوع الطلاق في الإسلام لا بدَّ من التعرف عليها حتى يحيط المسلم بمسائل الطلاق وأحكامه، إذ أنَّ الطلاق من المسائل الحساسة في الإسلام، ولها أحكام عديدة تعمل على تنظيم العلاقة بين الزوجين، إضافة إلى ضمان حصول كل منهما على حقوقه سواء قبل الطلاق أو بعده، وسوف نقدم في هذا المقال معلومات عن الطلاق وحكمه في الإسلام وسوف نتعرف على أنواع الطلاق الذي لا يقع، وعلى أنواع الطلاق الصحيح وعلى شروط وقوع الطلاق وهل يمكن أن يقع الطلاق دون نية وغير ذلك من الأحكام المتعلقة.

تعريف الطلاق في الإسلام

يطلَق على افتراق الزوجين أو انفصالهما عن بعض البعض اسم الطلاق، وهو حسب الفقهاء حلُّ عقد الزواج أو عقد النكاح إمَّا بالفظ الصريح أو عبر الكناية مع وجود نية للطلاق، ومن ألفاظ الطلاق الصريحة: الطلاق والسراح والفراق، ومن الكنايات: ما بيننا انتهى، ارجعي إلى بيت أهلك وغيرها، ويباح الطلاق في الإسلام كحلّ ووسيلة أخيرة من أجل علاج المشاكل الزوجية بين الزوج وزوجته عندما لا تنفع معها الحلول الأخرى، ويحقُّ للزوج أن يطلق زوجته ثلاث طلقات متفرقة لا أكثر، وتوجد لكل طلقة عدَّة حددها الله تعالى، وقد وردت مشروعية الطلاق في القرآن الكريم وفي السنة النبوية، حيث قال تعالى في كتابه العزيز: “الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ”،[1] وفي الحديث ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما أَحَلَّ اللهُ شيئًا أَبغضَ إليه مِن الطَّلاقِ”،[2] وقد أجمع الفقهاء المسلمون على مشروعية الطلاق وإباحته.[3]

شاهد أيضًا: مستحقات الزوجة بعد الطلاق ، حقوق المرأة بعد الطلاق في الإسلام

أنواع الطلاق الذي لا يقع

توجد حالات عديدة لا يقع فيها الطلاق، وقد أشار إليها الفقهاء في الإسلام، حيث أنَّ هناك بعض الحالات التي لا يعي فيها المسلم ما يقول، ويدخل في حالة من الفقدان الوعي ولذلك لا يقع الطلاق، وفيما يأتي سيتم إدراج أنواع الطلاق الذي لا يقع في الإسلام مع ذكر التفصيل والأدلة على ذلك:

الطلاق البدعي

إنَّ الطلاق البدعي في الإسلام هو الطلاق الذي يتلفظ به صاحبه عندما تكون زوجته في فترة الحيض أو النفاس، أو في فترة طهر جامعها فيه، وقد حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الطلاق ونهى عنه، وقد حصل مثل هذا الموقف في الطلاق البدعي مع الصحابي عبد الله بن عمر رضي الله عنه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع زوجته إليه، ولذلك ذهب كثير من الفقهاء إلى أنَّ الطلاق البدعي لا يقع مثل شيخ الإسلام ابن تيمية والإمام ابن قدامة، ولكن في نفس الوقت ذهب معظم الفقهاء إلى أنَّ الطلاق البدعي رغم كونه محرمًا فإنَّه يقع، ومن الذين ذهبوا إلى هذا القول أصحاب المذاهب الأربعة في الإسلام.[4]

طلاق السكران

اختلف الفقهاء من أهل العلم في حكم طلاق السكران أيضًا، وذهب كثير منهم إلى أنَّ طلاق السكران لا يقع، وذهب إلى هذا القول الإمام أحمد والشافعي بأحد قوليه والظاهرية وغيرهم، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ”،[5] وقد جعل الله تعالى في هذه الآية قول السكران غير معتبر ولا يؤخذ به، وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه أتاه رجل يقرُّ بارتكاب فاحشة الزنا، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم إذا ما كان قد شرب الخمر، لأنَّه إذا شرب الخمر لا يؤخذ بقوله، كما أنَّ هذا القول هو رأي عثمان بن عفان وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما ولم يخالفهما من الصحابة أحد فيه، وقد أورد البخاري رحمه الله عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قوله: “لَيْسَ لِمَجْنُونٍ وَلَا لِسَكْرَانَ طَلَاقٌ . وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : طَلَاقُ السَّكْرَانِ وَالْمُسْتَكْرَهِ لَيْسَ بِجَائِزٍ”، وذهب بعض الفقهاء إلى أنَّ طلاق السكران يقع إذا سكر بتناول المحرمات مثل الخمر أو المخدرات وذلك عقوبة له حتى يترك هذه الكبيرة، ومن هؤلاء الإمام مالك وأبو حنيفة وأحد القولين للإمام أحمد والشافعي رحمهم الله تعالى.[6]

طلاق الغضبان

ذهب معظم الفقهاء إلى أنَّ طلاق الغضبان في الإسلام لا يقع، وهو الغضب الشديد الذي يغيب معه عقل صاحبه ولا يعود يتذكر ما تلفظ به من كلمات، وقد ورد في الحديث عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا طلَاقَ ولا عِتاقَ في إِغلاقٍ”،[7] ورأى معظم أهل العلم أنَّ الإغلاق هو: الإكراه والغضب الشديد، لأنه يغلق العقل ويغيبه مثل السكر، وقد أشار الشيخ ابن باز إلى أنَّ طلاق الغضبان يقسم إلى ثلاثة حالات:[8]

  • الحالة الأولى: هي أن يكون الغضب شديد جدًّا يصل إلى درجة الجنون ولا يعي فيه صاحبه ما يقوله، وهنا لا يقع الطلاق بإجماع الفقهاء.
  • الحالة الثانية: أن يشتد الغضب بالشخص ولكن لا يفقد فيه عقله ولكن الغضب يجبره ويلجئه إلى الطلاق، وهنا أيضًا لا يقع حسب أصح الأقوال.
  • الحالة الثالثة: أن يكون الغضب عاديًا مثل أي غضب عادي مثل أي غضب، غير شديد وغير ملجيء، وهنا يقع الطلاق حسب جمهور الفقهاء من أهل العلم.

شاهد أيضًا: نصيحة للزوجة التي تطلب الطلاق ، متى يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق

طلاق المدهوش

يشير مصطلح الدهاش إلى ذهاب العقل بسبب الذهول، وهذا ما أشار إليه لسان العرب لابن منظور، وعندما تؤدي الدهشة بصاحبها إلى زوال عقله وعدم معرفة ما يقول وما يتلفظ به فإنَّ الطلاق لا يقع في هذه الحالة، وهذا ما أشار إليه الفقهاء، حيث أن زوال العقل يعذر صاحبه، وقد ورد في الروض المربع: “ومن زال عقله معذوراً كمجنون ومغمى عليه، ومن به برسام، أو نشاف، ونائم، ومن شرب مسكراً كرها، أو أكل بنجا ونحوه لتداو أو غيره لم يقع طلاقه لقول علي رضي الله عنه: كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه”، كما أنَّ العديد من علماء الحنفية اعتبروا أنَّ ما يصدر عن المدهوش من طلاق غير واقع.[9]

طلاق المكرَه

ذهب كثير الفقهاء إلى أنّ طلاق المكره لا يقع وهذا إذا لم يكن هناك سبب شرعي للإكراه على الطلاق، أمَّا إذا كان الإكراه على الطلاق من أجل سبب شرعي فإنَّ الطلاق يقع حسب بعض العلماء، وقد ثبت هذا القول عن شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوي الكبرى فقال: “ولا يقع طلاق المكره، والإكراه يحصل إما بالتهديد أو بأن يغلب على ظنه أنه يضره في نفسه أو ماله بلا تهديد إكراها”، وقد قال تعالى في كتابه العزيز: “مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ”،[10] وهذا دليل على أنَّ طلاق المكره لا يقع.[11]

طلاق المجنون

إذا انتابت الشخص نوبة جنون أو صرع وطلق زوجته خلال هذه النوبة فإنَّ الطلاق لا يقع في هذه الحالة، ودليل ذلك حديث السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “رُفِعَ القلَمُ عن ثلاثٍ: عنِ النَّائمِ حتَّى يستيقِظَ، وعنِ الصَّغيرِ حتَّى يكبَرَ، وعنِ المجنونِ حتَّى يعقِلَ ويُفِيقَ”،[12] وقد ورد عن الإمام الشافعي في كتاب الأم: “ولا يجوز طلاق الصبي حتى يستكمل خمس عشرة أو يحتلم قبلها، ولا طلاق المعتوه ولا طلاق المجنون الذي يجن ويفيق إذا طلق في حال جنونه وإن طلق في حال صحته جاز”.[13]

شاهد أيضًا: كفارة حلف الطلاق عند الغضب ، ما هو حكم يمين الطلاق بالثلاثة

أنواع الطلاق الصحيح من حيث حكمه

يقسَم الطلاق في الإسلام من حيث حكمه إلى قسمين، طلاق سني وهو الطلاق الجائز، وطلاق بدعي وهو الطلاق المحرم، وقد بيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك في الحديث الصحيح، واعتمد الفقهاء من أهل العلم على ذلك الحديث في تحديد الطلاق المحرم في الإسلام، وفيما يأتي سيتم التفصيل في النوعين:[14]

الطلاق البدعي

إنَّ الطلاق البدعي هو الطلاق المحرَّم في الإسلام، ولا يجوز للمسلم أن يطلق زوجته هذا الطلاق، وهو الطلاق الذي يطلقه الرجل فيه زوجته عندما تكون في فترة الحيض او فترة النفاس أو في طهر قد جامعها فيه، وهي فترة عدم ظهور الحمل، لأن جماع الزوجة في طهر من ثمَّ طلاقها قد يوقع الرجل في مشكلة الطلاق في حال عدم ظهور الحمل، وقد ثبت ذلك في الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه قال: “طَلَّقتُ امرأتي وهي حائِضٌ، فذكَرَ ذلك عُمَرُ للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فتغَيَّظَ رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثمَّ قال: مُرْه فلْيُراجِعْها حتى تحيضَ حَيضةً أُخرى مُستَقبَلةً سِوى حَيضتِها التي طَلَّقَها فيها، فإنْ بدا له أن يُطَلِّقَها فلْيُطَلِّقْها طاهِرًا مِن حَيضتِها قبل أن يَمَسَّها، فذلك الطَّلاقُ للعِدَّةِ كما أمَرَ اللهُ. وكان عبدُ اللهِ طَلَّقها تطليقةً واحِدةً، فحُسِبَت مِن طلاقِها، وراجَعَها عبدُ اللهِ كما أمَرَه رَسولُ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم”،[15] وهذا دليل على أنَّ الطلاق البدعي هو الطلاق المحرم في الإسلام، ويندرج تحته أن يطلق الزوج زوجته أكثر من طلقة في نفس الوقت.

الطلاق السني

إنَّ الطلاق السني الصحيح هو خلاف تلك الطلاقات التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أن يطلق الزوج زوجته طلقة واحدة فقط بعد انتهاء الحيض وفي طهر لم يجامعها فيه، وهذا ما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعدُّ فترة الحمل بعد ظهوره وبيانه من الطلاق السني، ويعتقد كثيرون أنَّ طلاق الحامل التي ظهر حملها لا يقع لأنها حامل، وهذا غير صحيح، حيث أنَّ طلاق الحامل التي لم يظهر حملها هو الذي لا يقع، لأنَّه يعدُّ طهر جامع الرجل زوجته فيه وقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

شاهد أيضًا: حقوق الزوجة الناشز بعد الطلاق ، مظاهر تدل على نشوز الزوجة

أنواع الطلاق من حيث ألفاظه

يقسَم الطلاق من حيث ألفاظه أيضًا إلى نوعين من الطلاق فقط، حيث أنَّ هناك الطلاق الصريح الواضح والطلاق بالكناية، ولا بدَّ أن يعرف المسلم كلا النوعين حتى يتأكد من وقوع الطلاق أو عدم وقوعه في حال تلفظ به، وفيما يأتي سيتم إدراج أنواع الطلاق من حيث التلفظ به في الإسلام:[14]

الطلاق الصريح

يشير مصطلح الطلاق الصريح إلى الطلاق الذي لا يمكن أن يدلَّ إلا على الطلاق، تستخدم فيه ألفاظ وكلمات واضحة لا تدل إلا على الطلاق مثل: أنت طالقة، أنت مطلقة، وغيرها، وهذا الطلاق يقع بتلك الألفاظ الواضحة سواء أراد الزوج به الطلاق أو لم يرِد ذلك، وسواء نوى به الطلاق أم لم ينوِ ذلك، وقد ذهب إلى هذا القول معظم الفقهاء، ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ثلاثٌ جِدُّهنَّ جدٌّ وَهَزلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكاحُ والطَّلاقُ والرَّجعةُ”،1[16] ولذلك حتى المزاح في الطلاق لا يجوز لأنَّ كثير من الفقهاء ذهب إلى أنه يقع بناءً على هذا الحديث.

طلاق الكناية

وهو الطلاق الذي يستخدم فيه الزوج كلمات وعبارات يمكن أن يفهم منها الطلاق وغيره من المعاني والنوايا، مثل أن يقول الرجل لزوجته أنت حرة، أمرك بيدك، ارجعي إلى بيت أهلك، إلحقي بأهلك، لم يعد لي حاجة بك وغيرها من العبارات الشبيهة، وفي هذا النوع من الطلاق تحكم النية، فإذا نوى الرجل الطلاق في هذه العبارات فإنَّ الطلاق يقع، وإذا لم يكن ينوي الطلاق فإنَّه لا يقع.

أنواع الطلاق من حيث الأثر المترتب عليه

يقسم الطلاق من حيث الأثر المترتبة عليه والنتائج التي يقود إليها بالنسبة للعلاقة بين الزوج والزوجة إلى نوعين رئيسين من الطلاق: الطلاق الرجعي والطلاق البائن، ولكل من هذه الطلاقات أحكام وتفاصيل متعلقة بها توضح ما يجب على كل من الزوج والزوجة القيام به حيال ذلك، وفيما يأتي تفصيل كل من هذين النوعين:[14]

الطلاق الرجعي

يقع الطلاق الرجعي عندما يطلق الرجل زوجته الطلقة الأولى والطلقة الثانية فقط، أي إذا طلق الرجل زوجته أول طلقة أو ثاني طلقة، فإنَّها تطلق منه طلاقًا رجعيًا، وفي هذا الطلاق يمكن للزوجة أن تقضي عدتها في بيت زوجها ولا يحق له أن يخرجها من المنزل ولا لأحد غيره سواء من أهله أو من أهلها، وتحصل على النفقة منه كاملة خلال هذه الفترة، ويجوز للرجع أن يرجع زوجته إليه خلال فترة العدة دون عقد جديد ودون مهر ودون إذنها ولا رضاها، ويمكنها أن تتزين له، وإذا ما اقترب منها وجامعها يعدُّ ذلك إرجاعًا لها، ولكن إذا انقصت فترة العدة ولم يرجع الزوج زوجته فإنَّها تصبح بائنًا بينونة صغرى.

طلاق البائن

يشير طلاق البائن إلى الطلاق الذي لا يمكن للزوج أن يعيد زوجته إليه بدون عقد وبدون مهر وبدون رضاها، ويقسم طلاق البائن إلى قسمين أيضًا، وفيما يأتي سيتم إدراج التفصيل في الطلاق البائن بينونة كبرى وبينونة صغرى:

  • طلاق بائن بينونة صغرى: يكون هذا الطلاق بعد انتهاء عدة الطلاق الرجعي بعد الطلقة الأولى وبعد الطلقة الثانية، وفي هذه الحالة لا يستطيع الزوج أن يرجع زوجته إليه إلا بعقد جديد ومهر جديد وإذن وليها وحضور الشهود.
  • طلاق بائن بينونة كبرى: يكون هذا الطلاق إذا طلق الرجل زوجته الطلقة الثالثة، عند ذلك لا يجوز له أن يرجعها إلى عصمته إلا بعد أن تنكح زوجًا غيره، وبعد طلاقها يمكن لها أن تتزوج من زوجها الأول، ولكن على ألا يكون ذلك مخططًا له مسبقًا.

شاهد أيضًا: حضانة الطفل بعد الطلاق ، شروط حضانة الطفل بعد الطلاق

هل يقع الطلاق باللفظ دون النية

إذا كان اللفظ المستخدم في الطلاق هو لفظ صريح وواضح لا يدلُّ إلا على الطلاق فإنَّ الطلاق يقع دون شك، وإلى هذا ذهب معظم الفقهاء من أهل العلم، ودليل ذلك الحديث السابق الذي ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ثلاثٌ جِدُّهنَّ جدٌّ وَهَزلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكاحُ والطَّلاقُ والرَّجعةُ”،[16] وهذا يدلُّ على أنَّ الطلاق بألفاظ الطلاق مثل: طلقتك، أنت طالق، يقع، وأمَّا إذا كان بألفاظ كناية قد تدل على غير الطلاق مثل: الحقي بأهلك، أنت حرة، فإنَّ وقوع الطلاق مرتبط بنية الرجل في هذه العبارات، فإذا نوى الطلاق فإنه يقع، وإذا لم ينوِ الطلاق فإنَّه لا يقع.[17]

شروط وقوع الطلاق في الإسلام

إنَّ الطلاق في الإسلام من المسائل المهمة، وقد أخذت مساحةً واسعة من الشرح والتفصيل والأحكام، وكان الهدف منها تنظيم العلاقة بين الزوجين والمحافظة على حقوق كل منهما، ولذلك لا بدَّ من شروط يجب توفرها حتى يقع الطلاق بينها الفقهاء والعلماء، وفيما يأتي سيتم إدراج أهم شروط وقوع الطلاق في الإسلام:[18]

  • عدم الإكراه على الطلاق، لأنَّ المكرَه مرفوع عنه القلم ولا يؤاخذ على شيء، ولا يقع طلاقه، إلا إذا كان الإكراه من أجل سبب شرعي.
  • اليقظة والصحو، لأنَّ السكران أو المدهوش أو الغضبان الذي فقد وعيه لا يقع طلاقه، لأنَّه لا يعرف ما يتلفظ به ولا يعي ما يقول.
  • لفظ أحد كلمات الطلاق الواضحة، وفي هذه الحالة يقع الطلاق سواء نوى الرجل ذلك أو لم ينوِ الطلاق.
  • النية مع التلفظ وهذا إذا كانت العبارة المستخدمة لا تدل بالضرورة على الطلاق، وهنا لا بدَّ من وجود النية من أجل وقوع الطلاق، حيث أنَّ النية وحدها دون لفظ سواء واضح أو كناية لا يقع.

شاهد أيضًاكيف أعرف أن الطلاق خير لي ، نصائح للزوجة التي تريد الطلاق

حكم الطلاق في الإسلام

يظنُّ أكثر الناس من المسلمين أنَّ حكم الطلاق في الشرع الإسلامي مباح على إطلاقه، ويجدر بالذكر أنَّه مشروعية الطلاق في كتاب الله تعالى ، إلا أنَّه توجد حالات عديدة يأخذها حكم الطلاق في الإسلام، فقد يكون الطلاق محرمًا أو واجبًا أو مندوبًا أو مكروهًا أو مباحًا وهذا حسب حالة وظروف كل علاقة وكل طلاق، وقد استند الفقهاء والأئمة المسلمون في هذه الحالات على ما ورد من أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيما يأتي حكم الطلاق في الإسلام بشكل مفصل:[18]

الطلاق المباح

يكون الطلاق في كثير من الأحيان مباحًا بين المسلمين، وهذه الحالات هي الأكثر انتشارًا بين الناس، وتكون عندما يضطر الزوج إلى الانفصال عن زوجته وفراقها بسبب سوء معاملتها وعشرتها وسوء أخلاقها، أو إذا كان يعيش الزوج معاناة مع الزوجة ومشاكلها ولا يحصل على الغايات المرجوة من النكاح، والعكس صحيح إذا عانت الزوجة من سوء زوجها وقسوته وسوء عشرته، يكون الطلاق مباحًا.

الطلاق المستحب

يكون الطلاق مستحبًا في حالات عديدة أشهرها عندما تكون الزوجة مقصرة في طاعة الله تعالى ولا تؤدي العبادات التي أمرها الله تعالى بها كما أراد سبحانه وتعالى، وفي حال لم ينفع معها النصح والوعظ، أو في حال وجود مشاكل كثيرة بين الزوجين تجعل بقاءهما معًا مستحيلًا، أو في حال طلب الزوجة طلاق الخلع من الزوج والإصرار عليه وغيرها من الحالات.

الطلاق الواجب

يكون الطلاق واجبًا في حالات عديدة مثل أن يقسم الزوج على ألا يقترب من زوجته ولا يجامعها، ويستمر على ذلك أكثر من 4 أشهر حسب العديد من الأقوال ولا يقترب منها، عند ذلك يجب عليه أن يطلقها، ومن الحالات هذه أيضًا عندما يرى الحكمان الموكلان من أجل الإصلاح بين الزوج والزوجة من الأهل والمعارف وجوب الطلاق بين الزوجين، يجب على الزوج الموافقة على الطلاق، وإذا لم يلتزم بهذا الحكم يحق للقاضي أن يفرض الطلاق.

الطلاق المكروه

يصبح الطلاق مكروهًا في حال لم يكن هناك سبب مقنع يستحق التضحية بالعلاقة الزوجية من أجله، أي لا توجد مشكلة كبيرة يمكن وقوع الطلاق بها، ولا توجد أية عيوب في الزوجة تستحق الطلاق بسببها، لأنَّ هذا يؤدي إلى إلحاق الضرر بالزوجة وأهلها، وفي ذلك أيضًا تشتت للأولاد وضياع للأسرة، وهذا منافي لمقاصد الشرع الإسلامي في النكاح والزواج.

الطلاق المحرَّم

يكون الطلاق محرمًا في عدة حالات كأن يطلَّق الزوج الزوجة وهي في فترة النفاس أو في فترة الحيض، أو في فترة طهر كان قد جامعها فيه، في هذه الحالة يكون الطلاق محرمًا وذلك وفقَ الحديث الصحيح الذي ورد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، فقد روى عبد الله بن عمر أنَّه طلق زوجته وكانت في فترة حيض، وأخير رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، فأمره أن يرجعها إلى عصمته، ونهى عن ذلك، وقال له أن يطلق زوجته في طهر لم يمسها فيه، وقرأ قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا “.[19]

في ختام مقال أنواع الطلاق الذي لا يقع ، شروط وقوع الطلاق في الإسلام تعرفنا على الطلاق وحكمه بشكل مختصر في الإسلام، كما تمَّ إدراج أنواع الطلاق الذي لا يقع، وأنواع الطلاق الصحيح، كما تمَّ إدراج شروط الطلاق في الإسلام وتمَّ التعرف على العديد من الأحكام المتعلقة بالطلاق في الشريعة الإسلامية.

أسئلة شائعة

أسئلة شائعة
متى لا يقع الطلاق اللفظي؟
إنَّ الطلاق اللفظي لا يقع إذا كان صاحبه قاله كناية ولم ينوِ به الطلاق، كأن يقول لزوجته أنت حرة أو إبقي في بيت أهلك، أو لا ترجعي إلى البيت، ولم يقصد الطلاق بذلك، عند ذلك لا يقع الطلاق، أمَّ الطلاق بألفاظه الصريحة والواضحة والتي لا تحمل معنى سوى الطلاق، فإنَّ الطلاق يقع سواء قصد به صاحبه الطلاق أم لم يقصد، حتى لو كان مازحًا، لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم حذر من ذلك، وقد أشار في الحديث الصحيح الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه وقال صلى الله عليه وسلم: "ثلاثٌ جِدُّهنَّ جدٌّ وَهَزلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكاحُ والطَّلاقُ والرَّجعةُ".
هل يقع الطلاق على الورق فقط؟
إنَّ كتابة الطلاق على الورق من دون التلفظ به لا يقع إلا إذا نوى به الرجل الطلاق، لأنَّ الكتابة موضع احتمالات عديدة، وقد ورد عن ابن قدامة رحمه الله تعالى قوله في ذلك: "ولا يقع الطلاق بغير لفظ الطلا، إلا في موضعين أحدهما : من لا يقدر على الكلام، كالأخرس إذا طلق بالإشارة طلقت زوجته ، وبهذا قال مالك والشافعي وأصحاب الرأي، ولا نعلم عن غيرهم خلافهم، الموضع الثاني : إذا كتب الطلاق، فإن نواه طلقت زوجته ، وبهذا قال الشعبي والنخعي والزهري والحكم وأبو حنيفة ومالك وهو المنصوص عن الشافعي.
هل يقع الطلاق من دون شهود؟
يعدُّ الطلاق أحد حقوق الرجل في الإسلام ولذلك فهو لا يحتاج إلى شهود حتى يقع، فإذا نطق الرجل بلفظ الطلاق وقال لزوجته انت طالق، فإنَّ الطلاق يقع ولا حرج فيه، ولكن الأفضل أن يشهد الرجل على الطلاق، لأنَّه قد يضعف وينكر لاحقًا، ووجود الشهود أثبت للحق، والله تعالى يقول: "وَأَشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ"، وقد ورد في الحديث الذي صححه الألباني وغيره: "أنَّ عِمرانَ بنَ حُصَينٍ، سُئلَ عن رجلٍ يطلِّقُ امرأتَهُ، ثمَّ يقعُ بِها ولم يشْهَدْ على طلاقِها، ولا على رجعتِها، فقالَ عِمرانُ: طلَّقتَ بغيرِ سُنَّةٍ، وراجعتَ بغيرِ سُنَّةٍ، أشْهدُ على طلاقِها، وعلى رجعتِها"، ولذلك يسن الإشهاد ولكنه ليس شرطًا لوقوع الطلاق.

المراجع

  1. ^ سورة البقرة ، الآية 229
  2. ^ المستدرك على الصحيحين، عبد الله بن عمر، الحاكم، 2833، صحيح
  3. ^ dorar.net، حكم الطلاق، 25/02/2023
  4. ^ islamweb.net، ماهية الطلاق البدعي وحكمه
  5. ^ سورة النساء، الآية 43
  6. ^ islamqa.info، حكم طلاق السكران، 25/02/2023
  7. ^ صحيح الجامع، السيدة عائشة، الألباني، 7525، حسن
  8. ^ binbaz.org.sa، حكم طلاق الغضبان، 25/02/2023
  9. ^ islamweb.net، حكم طلاق المدهوش، 25/02/2023
  10. ^ سورة النحل، الآية 106
  11. ^ islamweb.net، هل يقع طلاق المكره، 25/02/2023
  12. ^ عارضة الأحوذي، السيدة عائشة، ابن عربي، 392، صحيح
  13. ^ islamweb.net، مسائل في طلاق الصبي والمجنون، 25/02/2023
  14. ^ islamqa.info، أنواع الطلاق، 25/02/2023
  15. ^ صحيح البخاري، عبد الله بن عمر، البخاري، 1849، صحيح
  16. ^ صحيح أبي داود، أبو هريرة، الألباني، 2194، حسن
  17. ^ islamweb.net، متى يقع الطلاق ومتى لا يقع، 25/02/2023
  18. ^ alukah.net، الطلاق وأحكامه في الإسلام، 25/02/2023
  19. ^ سورة الطلاق، الآية 1

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *