شرح قصيدة فليتك تحلو وَالحَيَاة مريرة لأبي فراس الحمداني

شرح قصيدة فليتك تحلو وَالحَيَاة مريرة لأبي فراس الحمداني من الشروح والقصائد التي يبحث عنها كثير من عشاق الشعر العربي وخصوصًا الشعر القديم منه، وسوف نقدم للزوار الكرام في هذا المقال معلومات عن الشاعر أبي فراس الحمداني، وسوف نتعرف على معاني وشَرح أبيات قصيدته الشهيرة، وسوف نتعرف أيضًا على معاني الألفاظ والمفردات الصعبة في القصيدة وعلى أبرز الصور الفنية فيها وغير ذلك من المعلومات والتفاصيل الأخرى المتعلقة.

من هو كاتب قصيدة فليتك تحلو وَالحَيَاة مريرة

إنَّ الشاعر العربي الشهير أبا فراس الحمداني يعدُّ واحدًا من أهم الشعراء في تاريخ العرب، واسمه الكامل الحارث بن سعيد بن حمدان الحمداني التغلبي الرَّبَعي، ولد في سنة 932م تقريبًا، وهو كما هو معروف ابن عم أمير دولة الحمدانيين سيف الدولة الحمداني، وقد قامت دولة الحمدانيين في القرن العاشر الميلادي وشملت مناطق شاسعة في شمال كل من العراق وسوريا وقد كانت عاصمتها مدينة حلب، نشأ أبو فراس الحمداني في كنف ابن عمه سيف الدولة في حلب بعد أن توفي والده في وقت مبكر من عمره، فشبَّ فارسًا وشاعرًا، وكان من أشرس المدافعين عن إمارة الحمدانيين ضد غزوات الروم، وأما في أوقات السلم فقد كان يشارك في الجلسات التي كانت تعقد في بلاط ابن عمه سيف الدولة مع الأدباء والشعراء الذين يجتمعون عنده ويتبادلون الشعر، وقد ولاه سيف الدولة إمارة منبج في حلب فأحسن فيها الحكم ودافع عنها أحسن دفاع، وكان أيضًا قد تعرض للأسر من قبل الروم في إحدى المعارك ضدهم، توفي شابًا في عام 968م عن عمر يناهز 36 عامًا فقط.^[1]

شرح قصيدة فليتك تحلو وَالحَيَاة مريرة

تعدُّ قصيدةُ فليتك تحلو وَالحَيَاة مريرة من أشهر قصائد الشاعر أبي فراس الحمداني، فقد نظمها في استعطاف ابن عمه سيف الدولة الحمداني كما أشار إلى عدم ثقته بالناس وأنَّ معظمهم غدارون منافقون، وافتخر فيها بنفسه كثيرًا، وقد بدأها بالحديث عن النساء إذ يقول في مطلعها: أَما لِجَميلٍ عِندَكُنَّ ثَوابُ وَلا لِمُسيءٍ عِندَكُنَّ مَتابُ، وقد نظمها الشاعر على البحر الطويل وقافية الباء المضمومة، وبلغ عدد أبيات القصيدة 45 بيتًا، وفيما يأتي سوف يتم إدراج شَرح القَصيدة بشكل واضح وشامل:

أَما لِجَميلٍ عِندَكُنَّ ثَوابُ
وَلا لِمُسيءٍ عِندَكُنَّ مَتابُ
لَقَد ضَلَّ مَن تَحوي هَواهُ خَريدَةٌ
وَقَد ذَلَّ مَن تَقضي عَلَيهِ كَعابُ
وَلَكِنَّني وَالحَمدُ لِلَّهِ حازِمٌ
أَعِزُّ إِذا ذَلَّت لَهُنَّ رِقابُ

يبدأ الشاعر أبو فراس الحمداني قصيدته الشهيرة بالحديث عن النساء وأحوالهنَّ فيقول: عجبتُ لأمركنَّ أيتها النساء، فإنَّ من يحسنُ إليكنَّ ويقدم لكنَّ من المعروف الكثير لا يلقَ ثوابًا ولا ردًّا جميلًا على ما قدمه، وكذلك المسيء الذي قد يخطئ بحقكنَّ ثم يتوب ويعتذر عن فعلته لا يلقى منكنَّ إجابة ولا متابًا ولا تقبلون أعذاره، وحقًّا لقد ضلَّ ضلالًا بعيدًا من استحوذت على هواه امرأة تسيطر عليه وتتحكم به، وقد عرض نفسه للإذلال من أتاح للنساء أن تقضي عليه، ولكن أنا وأشكر الله تعالى على ذلك رجل شديد حازم لا أرضى الذلة ولا المهانة، وعندما تذل الرقاب لهنَّ أعزُّ وأسمو بنفسي على الآخرين.

صَبورٌ وَلو لَم تَبقَ مِنّي بَقِيَّةٌ
قَؤولٌ وَلَو أَنَّ السُيوفَ جَوابُ
وَقورٌ وَأَحداثُ الزَمانِ تَنوشُني
وَلِلمَوتِ حَولي جيئَةٌ وَذَهابُ
وَأَلحَظُ أَحوالَ الزَمانِ بِمُقلَةٍ
بِها الصُدقُ صِدقٌ وَالكِذابُ كِذابُ

بعد ذلك يكثر الشاعر من الفخر بنفسه فيقول: أنا رجل كثير الصبر على الشدائد والمصائب، حتى لو لم يبقَ من جسدي شيء يتحمل ويصبر، وأنا أيضًا فصيح اللسان وشاعر فارس لا يجاربني متكلم، رغم أنَّ ضرب السيف هو الإجابات التي أحملها للأعداء، وأيضًا أنا صاحب وقار وهيبة حتى عندما تقع الفواجع الكبيرة وتبدأ بنهش جسدي وحتى عندما يحوم الموت حولي في ساحات المعارك، وأراقب الأيام ومرورها وما فيها بنظرات ثاقبة خبيرة ترى الصدق صدقًا والكذب كذبًا.

بِمَن يَثِقُ الإِنسانُ فيما يَنوبُهُ
وَمِن أَينَ لِلحُرِّ الكَريمِ صِحابُ
وَقَد صارَ هَذا الناسُ إِلّا أَقَلَّهُم
ذِئاباً عَلى أَجسادِهِنَّ ثِيابُ

ثم يتحدث الشاعر عن الأحوال السيئة التي وصل إليها الناس من فساد وعدم مصداقية، فيقول: لم يعد يجد الإنسان أحدًا يثق به عندما تحلُ عليه مصائب الدنيا أو عندما يقع في مأزق، ولن يستطيع الإنسان الجواد الكريم الحر صاحب العزة والأنفة أن يجد أصحابًا له من زمرته، وقد صار معظم الناس تقريبًا إلا قليل منهم مثل الذئاب يفترسون بعضهم ولكنهم يرتدون ثيابًا ويدعون أنهم بشر.

فَإِن لَم يَكُن وُدٌّ قَديمٌ نَعُدُّهُ
وَلا نَسَبٌ بَينَ الرِجالِ قُرابُ
فَأَحوَطُ لِلإِسلامِ أَن لا يُضيعَني
وَلي عَنكَ فيهِ حَوطَةٌ وَمَنابُ
وَلَكِنَّني راضٍ عَلى كُلِّ حالَةٍ
لِيُعلَمَ أَيُّ الحالَتَينِ سَرابُ
وَما زِلتُ أَرضى بِالقَليلِ مَحَبَّةً
لَدَيكَ وَما دونَ الكَثيرِ حِجابُ

ثمَّ يوجِّه عتابه إلى ابن عمه سيف الدولة الحمداني أمير الدولة الحمدانية فيقول له: فإذا لم يكن فيما بيننا أيها الأمير ودُّ قديم كنا قد نشأنا عليه وتربينا عليه معًا وإذا لم يكن بيننا ما يعتدُّ به الرجال من نسب وقرابة الدم، فقد يجمعنا الإسلام ولن تضيع أواصر الإسلام وأخوة الإسلام فيما بيننا، وأنا بأخوة الإسلام أطمع أن أجد عندك الملجأ والمقام، وعلى كل حال فإنني راضٍ عن حالتي حتى أعرف الحالة الحقيقية التي أنا عليها معك، وأرضى بقليل محبتك وما زلت كذلك رغم أن كل محبة أقل من الكثير لديك هي حجاب بالنسبة لي فيما بيني وبينك.

أَمِن بَعدِ بَذلِ النَفسِ فيما تُريدُهُ
أُثابُ بِمُرِّ العَتبِ حينَ أُثابُ
فَلَيتَكَ تَحلو وَالحَياةُ مَريرَةٌ
وَلَيتَكَ تَرضى وَالأَنامُ غِضابُ
وَلَيتَ الَّذي بَيني وَبَينَكَ عامِرٌ
وَبَيني وَبَينَ العالَمينَ خَرابُ

ويعبر الشاعر عن التضحيات التي بذلها ويتوجه إلى الأمير بكلمات خالدة عتابًا ومحبة إذ يقول: هل بعد كل ما بذلتُه خلال سنوات طويلة أمام كل ما تريده أنتَ يكون جزائي العتاب القاسي والشديد وذلك عندما تقرر أن تمنحني الجزاء والثواب، ولكن أتمنى أن تحلو أنتَ فقط معي وحتى لو كانت كل الحياة وما فيها مرارة بمرارة، وأتمنى أن ترضى عليَّ وحدك حتى لو كان جميع الناس غاضبون مني وهذا لا يهمني، ويا ليت أن ما بيننا من مودة وروابط عامرة وقائمة ومتينة بالمحبة والقرب وما بيني وبين جميع الناس خراب.

الصور الفنية في قصيدة فليتك تحلو وَالحَيَاة مريرة

لقد احتوت القصيدة على كثير من الصور البلاغية والفنية التي تضفي على المعاني لمسات جمال رائعة وتسعى إلى إيصال المعاني إلى القراء بطريقة مختلفة ومحببة إلى النفوس، وتُستخدَم الصور البيانية والفنية في الشعر العربي بشكل كبير ولها أنواع وأشكال مختلفة مثل التشبيهات والطباق والكنايات والاستعارات وغيرها من الأساليب، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أهم الصور الفنية والبلاغية في القصيدة السابقة:

• أسلوب الطباق: لقد ورد أسلوب الطباق في القصيدة عدة مرات كما في قول الشاعر: فَلَيتَكَ تَحلو وَالحَياةُ مَريرَةٌ وَلَيتَكَ تَرضى وَالأَنامُ غِضابُ، فقد جاء بكلمة تحلو وهي عكس كلمة مرمرة، وجاء بكلمة ترضى وهي عكس كلمة غضاب.
• تشبيه بليغ: التشبيه البليغ هو الذي تحذف فيه أداة التشبيه ووجه الشبه، وقد ورد ذلك في قول الشاعر: قَؤولٌ وَلَو أَنَّ السُيوفَ جَوابُ، فقد شبَّه السيوف بالجواب، فالسيوف هي المشبه، والجواب هو المشبه به، ولكنه حذف أداة التشبيه ووجه الشبه.
• أسلوب الكناية: ورد أسلوب الكناية في قول الشاعر: وَقَد صارَ هَذا الناسُ إِلّا أَقَلَّهُم ذِئاباً عَلى أَجسادِهِنَّ ثِيابُ، فقد كنَّى بهذه الجملة عن أنَّ الناس أصبحوا يظلمون بعضهم ويقتلون بعضهم ويتصفون بصفات الذئاب.
• استعارة مكنية: وردت الاستعارة المكنية في قول الشاعر: وَلِلمَوتِ حَولي جيئَةٌ وَذَهابُ، فقد شبه الشاعر الموت بالإنسان، وفقد ذكر الموت هو المشبه، وحذف الإنسان وهو المشبه به وأبقى على بعض صفاته وهي الجيئة والذهاب.

معاني المفردات الصعبة في قصيدة فليتك تحلو وَالحَيَاة مريرة

إنَّ العديد من الكلمات التي يستخدمها الشعراء لا يتم استخدامها في الحياة العادية بين الناس، ولذلك يجد بعض الناس صعوبة في فهم تلك الكلمات الواردة في القصائد وخصوصًا قصائد العصر الجاهلي والعصور الإسلامية اللاحقة، وذلك بسبب تطور اللغة العربية وتبدل بعض أحوالها عبر القرون ونظرًا للفارق الكبير بين اللهجات العامية في الدول العربية واللغة العربية الفصحى المستخدمة في الشعر العربي، وفيما يأتي سوف يتم إدراج شرح أهم المفردات الصعبة في القصيدة:

شرح قصيدة فليتك تحلو وَالحَيَاة مريرة pdf

كثير من الأشخاص والزوار يفضِّلون الحصول على شرح أبيات قَصيدة أبي فراس الحمداني على شكل ملف بصيغة pdf وذلك من أجل استخدامه في أغراض مختلفة وعديدة، فقد يرغب البعض بالحصول على الملف للاحتفاظ به على الهاتف أو على جهاز الحاسوب أو جهاز آخر من أجل استخدامه في أوقات أخرى، أو من أجل طباعة ملف القَصيدة والحصول عليه بشكل ورقي أو الاستفادة منه في إعداد بحث عن قصِيدة فليتكَ تَحلو وَالحَيَاة مريرة أو إعداد تحليل أو حلقة بحث عنها، ويمكن الحصول على شرح أبيات تلك القََصيدة على شكل ملف بصيغة pdf من خلال الضغط على الرابط التالي “من هنا“.

مقالات قد تهمك

وإلى هنا أحبتي نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال شرح قصيدة فليتك تحلو وَالحَيَاة مريرة لأبي فراس الحمداني وقد تعرفنا على أهم المعلومات عن الشاعر أبي فراس الحمداني، كما تعرفنا على شَرح أبيات القصيدة الشهيرة له وعلى أهمِّ الصور البلاغية والفنية إضافة إلى شرح الكلمات والألفاظ الصعبة، كما تمَّ إدراج شَرح القَصيدةِ بصيغة pdf وغير ذلك من المعلومات والتفاصيل الأخرى المتعلقة.