شرح قصيدة ولقد رأيت الحادثات فلا أرى للمتنبي

شرح قصيدة ولقد رأيت الحادثات فلا أرى للمتنبي
شرح قصيدة ولقد رأيت الحادثات فلا أرى

شرح قصيدة ولقد رأيت الحادثات فلا أرى للمتنبي، للشاعر العباسي أبو الطيب المتنبي، وتعد هذه القصيدة من قصائد الحكمة التي تقدم النصائح العامة لقارئها، وقد امتازت قصائد المتنبي بالحكمة ومعالجة قضايا المجتمع، وفي مقالنا الآتي سنتعرف على قصيدة ولقد رأيت الحادثات فلا أرى، وعلى كاتب هذه القصيدة، وعلى بعض المعلومات الهامة المتعلقة بها.

من هو كاتب قصيدة ولقد رأيت الحادثات فلا أرى

هو الشاعر الحكيم أبو الطيب المتنبي، احمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي الكوفي الكندي، ولد بالكوفة (303هـ-354هـ / 915م-965م)، ويعد المتنبي أحد مفاخر الأدب العربي، له الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة، نشأ بالشام، ثم تنقل في البادية يطلب الأدب وعلم العربية وأيام الناس، وقال الشعر صبياً، وتنبأ في بادية السماوة بين الكوفة والشام فتبعه كثيرون، وقبل أن يستفحل أمره خرج إليه لؤلؤ أمير حمص ونائب الإخشيد فأسره وسجنه حتى تاب ورجع عن دعواه، ووفد على سيف الدولة ابن حمدان صاحب حلب سنة 337 هـ فمدحه وحظي عنده، ومضى إلى مصر فمدح كافور الإخشيدي وطلب منه أن يوليه، فلم يوله كافور، فغضب أبو الطيب وانصرف يهجوه، وقصد العراق، فقرئ عليه ديوانه، وتبارى الكتاب قديماً وحديثاً في الكتابة عن المتنبي

فألف الجرجاني (الوساطة بين المتنبي وخصومه – ط) والحاتمي (الرسالة الموضحة في سرقات أبي الطيب وساقط شعره – خ) والبديعي (الصبح المنبي عن حيثية المتنبي – ط) والصاحب ابن عباد (الكشف عن مساوئ شعر المتنبي – ط) والثعالبي (أبو الطيب المتنبي ما له وما عليه – ط) والمتيم الإفريقي (الانتصار المنبي عن فضل المتنبي) وعبد الوهاب عزام (ذكرى أبي الطيب بعد ألف عام – ط) وشفيق جبري (المتنبي – ط) وطه حسين (مع المتنبي – ط) جزآن، ومحمد عبد المجيد (أبو الطيب المتنبي، ما له وما عليه – ط) ومحمد مهدي علام (فلسفة المتنبي من شعره – ط) ومحمد كمال حلمي (أبو الطيب المتنبي – ط) ومثله لفؤاد البستاني، ولمحمود محمد شاكر، ولزكي المحاسني.[1]

شرح قصيدة ولقد رأيت الحادثات فلا أرى

قصيدة ولقد رأيت الحادثات فلا أرى هي من قصائد النصيحة، والشعر العمودي، كتبت على وزن البحر الكامل، وقافية الميم (م)، وعدد أبياتها هو 36 بيتاً شعرياً، وفيما يأتي نعرض شرحاً لبعض أبيات هذه القصيدة:[2]

  • ولقد رأيت الحادثات فلا أرى … يققاً يميت ولا سواداً يعصم

يقول الشاعر جربت حوادث الدهر، فوجدت أن سواد الشعر لا يمنع من الموت، وبياضه لا يقرب منه، وقد يموت الشاب ويعيش الشيخ.

  • والهم يحترم الجسيم نحافةً … ويشيب ناصية الصبي ويهرم

يقول الشاعر رأيت أن الهم يذيب الجسم، وينقصه حتى يموت الجسم من النحافة، وتبيض ناصية الصبي، ويهرم قواه ومعناه: أن الشيب يحصل لي من الهم والحزن لا من كبر السن.

  • ذو العقل يشقى في النعيم بعقله … وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم

يقول الشاعر العاقل وإن كان في النعيم، فإنه لا يتهنأ به؛ لعلمه بزواله، والجاهل وإن كان في الشقاوة، فهو يتلذذ؛ لجهله بما ينتظره من عواقب.

  • والناس قد نبذوا الحفاظ فمطلقٌ … ينسى الذي يولي وعافٍ يندم

يقول الشاعر إن الناس تنكر مراعاة الحقوق والذمم، فالمنعم عليه بإطلاقٍ من الأسر، ينسى يد المنعم عليه فلا يشكر نعمه، والعافي من الإساءة والمنعم على الغير، يندم على ما فعله من النعم.

  • لا تخدعنك من عدوٍّ دمعةٌ … وارحم شبابك من عدوٍّ ترحم

يقول الشاعر إذا قدرت أيها الإنسان على عدوك فاقتله ولا تجعله يخدعك ببكائه، وعليك أن ترحم شبابك ونفسك من عدو ترحمه فإنه إن ظفر بك لم يبق عليك.

  • لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى … حتى يراق على جوانبه الدم

يقول الشاعر في هذا البيت لا يسلم الشرف النبيل والرفيع من الأذى والإساءة من الحاسدين والمعادين حتى تحميه بسيفك وبذل الدم من أجله وقتل حساده واعداءه فإذا أراق دماءهم سلم شرفه لأنه يصير مهيبا فلا يتعرض له.

  • يؤذي القليل من اللئام بطبعه … من لا يقل كما يقل ويلؤم

يقول الشاعر إن الشخص القليل الحقير اللئيم يؤذي بطبعه الكريم لعدم المشاكلة بينهما، من لا يقل كقلته ولا يلؤم كلؤمه.

  • والظم في خلق النفوس فإن تجد … ذا عفةٍ فلعلةٍ لا يظلم

يقول الشاعر إن الإنسان طبع على الظلم ومن لا يظلم فلعلةٍ تمنعه من ذلك: إما عجز أو خوف، فلو خلي وطبعه لاستعلى على من هو دونه.

  • أقم المسالح فوق شفر سكينةٍ … إن المنى بحلقتيها خضرم

يقول الشاعر أقم المراصدين فوق امرأتك التي سار الناس للفجور بها، حتى اجتمع هناك من المنى بحر غزير.

  • وارفق بنفسك إن خلقك ناقصٌ … واستر أباك فإن أصلك مظلم

يقول الشاعر ارحم نفسك ولا تتعرض لمناوأتي فإنك ناقص الخلق، ولا تظهر أباك، فإنك مدخول النسب لا يوقف عليه.

  • واحذر مناوأة الرجال فإنما … تقوى على كمر العبيد وتقدم

يقول الشاعر احذر معاداة الرجال، فإنما تقوى على استدخال كمر العبيد والإقدام عليها، وهذا رمى له بالأبنة.

  • وغناك مسألةٌ، وطيشك نفخةٌ … ورضاك فيشلةٌ، وربك درهم

يقول الشاعر إن مالك مكتسب بالسؤال والمذلة، وإنك  طائش وعقلك خفيف لو نفخ عليك لطرت، لضعف قلبك، وأنت بخيل تعبد الدرهم وتعظمه كأنه ربك.

  • ومن البلية عذل من لا يرعوي … عن جهله وخطاب من لا يفهم

يقول الشاعر أنه من البلاء عذل من لا ينصرف عن الجهل، ومخاطبة الجاهل الذي لا يفهم ما يقال.

  • في ذكر أمك للزناة دلالةٌ … فأحب من ذكر ابنها من يشتم

يقول الشاعر إن ذكرت أمك استدل الزناة بذكرها عليها، وأحب الناس إليها من يشتم ابنها ويقول: يابن الزانية؛ ليدل الزناة عليها.

  • وإذا أشار محدثاً فكأنه … قردٌ يقهقه أو عجوزٌ تلطم

يقول الشاعر إذا نطق وتحدث ازداد حقارة وصغراً، فكأنه قرد حين يضحك، أو عجوز لطمت في مناحة وبكت، ولا يضحك شيء من الحيوانات إلا الإنسان والقرد.

  • ومن العداوة ما ينالك نفعه … ومن الصداقة ما يضر ويؤلم

يقول الشاعر إن عداوة الساقط تدل على مباينة طبعه لطبعك فينفعك ومودته تدل على المناسبة فيضرك، وأراد الشاعر أن يقول أن عداوة العاقل خير من صداقة الجاهل، فتلك العداوة ربما تتضمن منفعة وهذه الصداقة ربما تتضمن مضرة وشراً.

مناسبة قصيدة ولقد رأيت الحادثات فلا أرى

قيل في مناسبة قصيدة “ولقد رأيت الحادثات فلا أرى” أنّ الشاعر أبو الطيب المتنبي في أحد الأيام وهو يسافر إلى مدينة أنطاكيا في الجمهورية التركية نزل في مدينة طرابلس، وفي الطريق مرّ بمجلس لرجل اسمه “أبو إسحاق الأعور” وقد كان المتنبي يعادي والد هذا الرجل لأنه رجًلا جاهلًا، فذهب المتنبي وجلس في مجلسه وكان حول أبي إسحاق ثلاثة من الرجال، وبعد مدة من الوقت غادر المتنبي، وإذا بالرجال الثلاثة أشعلوا الفتنة وقالوا لأبي إسحاق إنّ المتنبي خرج ولم يمدحك وهذا تصرف لا يليق بك، فأرسل إلى المتنبي حتى يمدحه لكنه رفض وأخبره أنه أخذ عهد على نفسه بألّا يمدح أحدًا لمدة من الوقت، فغضب أبو إسحاق ومنعه من الخروج من طرابلس إلى أن تنتهي هذه المدة، وفي تلك الفترة مات هؤلاء الرجال، فكتب المتنبي قصيدته “ولقد رأيت الحادثات فلا أرى” وذم أبو إسحاق فيها.

الصور الفنية في قصيدة ولقد رأيت الحادثات فلا أرى

نعرض فيما يأتي بعضاً من الصور الفنية التي وردت في القصيدة:

  • يظهر في أبيات القصيدة تأثر المتنبي بالفلسفة والمنطق.
  • النمط هو وصفي حيث استعمل الشاعر الجمل الاسمية والخبرية والأساليب الإنشائية والصور البيانية والمحسنات البديعية.
  • استخدم الشاعر الطباق بغرض تقوية المعنى وايضاحه وتبيانه.
  • استخدم الشاعر الكلمات ذات المعنى القوي التي تدل على قوة قلبه وثقته في نفسه.

الأفكار العامة في قصيدة ولقد رأيت الحادثات فلا أرى

تحتوي قصيدة “ولقد رأيت الحادثات فلا أرى” على مجموعة من الأفكار الرئيسية الهامة،  ومن خلال السطور القادمة سوف يتم بيان أهم أفكار هذه القصيدة:

  • بدأ الشاعر المتنبي الأبيات الأولى من القصيدة في مدح المحبوبة وأخيها.
  • وضح المتنبي بأنّ الهموم هي من تجعل الإنسان يكبر بالعمر ويهرم.
  • ظهرت العديد من الكلمات التي عبرت عن مظاهر غضب المتنبي في القصيدة مثل الحزن و الهم ، الجهل ، الأذية ، الظلم ، خيانة الصديق.
  • تحدث الشاعر في القصيدة عن ذم ابن إسحاق الأعور.
  • وضح الشاعر أهمية العقل والحكمة في حياة المرء.
  • بين الشاعر أنّ الجهل هو أكبر عدو للإنسان، وهو ما يعرضه للإهانة كلما حافظ عليه.
  • بين الشاعر أنّ الشيب أو السواد لا يبعد الموت عن الإنسان، فالموت لا يعرف صغيراً ولا كبيراً.
  • ركزّ الشاعر على عدم رحمة الأعداء والعطف على بكائهم، فلو كان الإنسان يريد الرحمة منهم لما رحموه.

معاني المفردات الصعبة في قصيدة ولقد رأيت الحادثات فلا أرى

فيما يأتي نعرض معاني بعض المفردات الصعبة في قصيدة “ولقد رأيت الحادثات فلا أرى” وهي كالآتي:

  • الحادثات: الحوادث والمصائب التي يموت بسببها الإنسان.
  • يققاً: الشيب.
  • يخترم: يهلك ويستأصل.
  • الجسيم: العظيم الجسم.
  • النحافة: الهزال.
  • الهرم: الضعف والعجز عن الحركات.
  • الناصية: شعر مقدمة الرأس.
  • نبذوا: نقضوا العهود.
  • عذل: لوم وعتاب.
  • يولي: يعطي.
  • الخضرم: معناه ظاهر.
  • المسالح: المواضع يعلق عليها السلاح.
  • طيشك: خفة عقلك.
  • المأزق: مضيق الحرب.
  • الأرقم: ضرب من الحيات.
  • الأعير: تصغير الأعور.
  • الأخدعان: عرقان في العنق معروفان.
  • تنهم:  تزجر.
  • العرمرم: الجيش الكثير.
  • عاف: من العفو.
  • العذل: اللوم.
  • يرعوي: يكف.
  • الغي: عكس الرشد.
  • يقلى: يكره.
  • القذال: مؤخر الرأس.

 شرح القصيدة ولقد رأيت الحادثات فلا أرى pdf

عاش المتنبي أفضل أيام حياته وأكثرها عطاء في بلاط سيف الدولة الحمداني في حلب وكان من أعظم شعراء العرب، وأكثرهم تمكناً من اللغة العربية وأعلمهم بقواعدها ومفرداتها، وكان له مكانة سامية لم تُتح مثلها لغيره من شعراء العرب، فوصف بأنه نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، واشتُهِرَ بحدة الذكاء واجتهاده وظهرت موهبته الشعرية مبكراً، ويبحث العديد من الطلاب عن قصائد المتنبي وشرحها بصيغة pdf، ويمكن تحميل هذه القصيدة pdf مباشرة “من هنا“.

مقالات قد تهمك

شرح قصيدة الأرملة المرضعة pdf والأفكار الرئيسية فيها شرح قصيدة أبي العتاهية في الزهد وأهم الصور الفنية والمفردات الصعبة فيها
شرح قصيدة يا مدور الهين للأمير خالد الفيصل وأهم الصور الفنية فيها شرح قصيدة أبو تمام في رثاء محمد بن حميد الطوسي وأهم الصور الفنية فيها
شرح قصيدة دريد بن الصمة يرثي أخاه عبد الله ومعاني المفردات الصعبة فيها شرح قصيدة اللغة العربية لحافظ إبراهيم pdf ومعاني المفردات الصعبة فيها
شرح قصيدة غذوتك مولودا وعلتك يافعا للشاعر أمية بن أبي الصلت وأهم الصور الفنية فيها شرح قصيدة انا البحر في احشائه الدر كامن للشاعر حافظ إبراهيم

وبهذه المعلومات نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا الذي بين شرح قصيدة ولقد رأيت الحادثات فلا أرى للمتنبي، من هو كاتب هذه القصيدة وما هي الصور الفنية المتوفرة فيها، بالإضافة إلى شرح معاني المفردات الصعبة فيها، وكذلك توفر إمكانية تحميل قصيدة ولقد رأيت الحادثات فلا أرى بصيغة ملف pdf.

المراجع

  1. ^ aldiwan.net، المتنبي، 03/09/2023
  2. ^ aldiwan.net، لهوى النفوس سريرة لا تعلم، 03/09/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *