شرح قصيدة أبو تمام في رثاء محمد بن حميد الطوسي وأهم الصور الفنية فيها

شرح قصيدة أبو تمام في رثاء محمد بن حميد الطوسي وأهم الصور الفنية فيها
شرح قصيدة أبو تمام في رثاء محمد بن حميد الطوسي

شرح قصيدة أبو تمام في رثاء محمد بن حميد الطوسي وأهم الصور الفنية فيها من الأمور التي يبحث عنها كثير من الناس في الدول العربية، وبشكل خاص من عشاق القصائد القديمة، وسوف نقدم للزوار الكرام في هذا المقال معلومات عن الشاعر العربي أَبو تمَّام الطائي، وسوف نتعرف على معاني أبيات قصيدته في الرَّثاء بشكل مفصل، وسوف نتعرف على معاني الكلمات والمفردات الصعبة في القصِيدة، وعلى أبرز الصور الفنية في قَصيدة رثاءِ ابن حَميد الطوسيِّ وغير ذلك من المعلومات والتفاصيل المتعلقة.

من هو كاتب قصيدة رثاء محمد بن حميد الطوسي

إنَّ صاحب قصيدة رثاء محمد بن حميد الطوسي هو الشاعر العربي الشهير أبو تمَّام، وهو حبيب بنُ أوس بنُ الحارث الطائي، ولد في 803م في مدينة جاسم إحدى مدن حوران في جنوب سوريا، ثم انتقل إلى مصر بعد ذلك، واستقدمه الخليفة العباسي المعتصم إلى بغداد عاصمة الخلافة العباسية آنذاك، وقدَّمه على جميع الشعراء، وأقام في العراق فترة من الزمن، وقد كان طويل القامة فصيح اللسان لكن في نطقه تمتمة خفيفة، وكان يحفظ 14 ألف أرجوزة من أراجيز العرب غير المقطوعات والقصائد، وقد أشار الصولي في حديثه عن أبي تمَّام: “أنه كان أجش الصوت يصطحب راوية له حسن الصوت فينشد شعره بين يدي الخلفاء والأمراء”، ولكن شعره كان جزلًا قويًا، وقد اختلف النقاد في التفضيل بينه وبين المتنبي والبحتري، ولذلك يعدُّ من طبقة فحول الشعراء الكبار، وله ديوان الحماسة ومختار أشعار القبائل ونقائض جرير والأخطل، وخلال إقامته في العراق تولى بريد البصرة ولكنه لم يلبث أنْ توفي وعمره لا يزيد عن 42 عامًا في عام 845م.[1]

شرح قصيدة أبو تمام في رثاء محمد بن حميد الطوسي

إنَّ قصيدةَ أبي تمَّام في رثاءِ محمَّد بنِ حميدٍ الطوسِي من أشهر قصائد الرثاء في الشعر العربي، فقد كتبها الشاعر في استشهاد محمَّد بن حَميد الطُّوسي وهو أحد أبناء قبيلة طيء التي ينتمي إليها الشاعر أَبو تمَّام، وقد استشهد في إحدى المعارك التي خاضها الخليفة المعتصم مع الروم، ويبلغ عدد أبيات القصيدة 30 بيتًا، نظمها الشاعر على البحر الطويل وقافية الراء المضمومة، وفيما يأتي سوف يتم إدراج الشرح بشكل مفصل:

  • كَذا فَليَجِلَّ الخَطبُ وَليَفدَحِ الأَمرُ
    فَلَيسَ لِعَينٍ لَم يَفِض ماؤُها عُذرُ
    تُوُفِّيَتِ الآمالُ بَعدَ مُحَمَّدٍ
    وَأَصبَحَ في شُغلٍ عَنِ السَفَرِ السَفرُ
    وَما كانَ إِلّا مالَ مَن قَلَّ مالُهُ
    وَذُخراً لِمَن أَمسى وَلَيسَ لَهُ ذُخرُ

يبدأ الشاعر قصيدة الرثاء بجملة صادمة للقارئ تناسب الفاجعة التي يتحدث عنها فيقول: لمثل هذه الفواجع والأحداث يكون الخطب عظيمًا والحدث جليلًا، ويجب على كل عين أن تبكي وتذرف الدموع على محمد بن حميد الطوسي، والعين التي لا تبكي ليس لها عذر أبدًا لامتناعها عن بكاء هذا البطل، فقد مات محمد وماتت معه الآمال العظيمة، وبموته انشغل السفر عن السفر نفسه وفي هذا تعبير عن هول الفاجعة التي نزلت بجميع الناس، فقد كان الفقيد عونًا لكل من يحتاجه إذا قل ماله أو احتاج إلى مساعدة، كما كان ذخرًا وسندًا لم ليس له سند أيضًا.

  • وَما كانَ يَدري مُجتَدي جودِ كَفِّهِ
    إِذا ما اِستَهَلَّت أَنَّهُ خُلِقَ العُسرُ
    أَلا في سَبيلِ اللَهِ مَن عُطِّلَت لَهُ
    فِجاجُ سَبيلِ اللَهِ وَاِنثَغَرَ الثَغرُ
    فَتىً كُلَّما فاضَت عُيونُ قَبيلَةٍ
    دَماً ضَحِكَت عَنهُ الأَحاديثُ وَالذِكرُ
    فَتىً ماتَ بَينَ الضَربِ وَالطَعنِ ميتَةً
    تَقومُ مَقامَ النَصرِ إِذ فاتَهُ النَصرُ

ولم يكن فقط فارسًا بطلًا، ولكنه كان كريمًا معطاءً ينفق في السراء والضراء، حتى أنَّ من يطلب منه المساعدة لا يعلم إذا ما خُلِقَ العسر قبل ذلك من كثرة سخائه وجوده، وأسأل الله أن يكون ذلك في سبيل الله، خروجه إلى القتال واستشهاده الذي فاقَ كل مصيبة، فقد كان بطلًا وفارسًا مغوارًا كلما دعي إلى النزال لبى وقاتل أشد القتال حتى دارت حول بطولاته الأحاديث، وقد مات كما يموت كل فارس وبطل بين ضربات السيوف، وهذه الميتة التي ماتها يمكن أن تكون نصرًا كبيرًا في حال لم يتم تحقيق النصر في المعركة.

  • وَما ماتَ حَتّى ماتَ مَضرِبُ سَيفِهِ
    مِنَ الضَربِ وَاِعتَلَّت عَلَيهِ القَنا السُمرُ
    وَقَد كانَ فَوتُ المَوتِ سَهلاً فَرَدَّهُ
    إِلَيهِ الحِفاظُ المُرُّ وَالخُلُقُ الوَعرُ
    وَنَفسٌ تَعافُ العارَ حَتّى كَأَنَّهُ
    هُوَ الكُفرُ يَومَ الرَوعِ أَو دونَهُ الكُفرُ

وقد قاتل قتالًا شديدًا ولم يمت إلا بعد أن مات سيفه من شدة وكثرة الضرب الذي ضرب به أعداءه، وقد حزنت على موته السيوف والرماح، وربما كان الفرار من الموت سهلًا، ولكنه كان بطلًا شديدًا عتيًّا، لا يلين ولا يتراجع وخاض المعارك حتى نال مراده بالشهادة، وكانت له نفس تأبى الذل والهوان، وترفض الولوغ في العار، وتعدُ العار والمذلة والتخاذل يوم المعارك الشديدة مثل الكفر أو أشد من الكفر أيضًأ.

  • فَأَثبَتَ في مُستَنقَعِ المَوتِ رِجلَهُ
    وَقالَ لَها مِن تَحتِ أَخمُصِكِ الحَشرُ
    غَدا غَدوَةً وَالحَمدُ نَسجُ رِدائِهِ
    فَلَم يَنصَرِف إِلّا وَأَكفانُهُ الأَجرُ
    تَرَدّى ثِيابَ المَوتِ حُمراً فَما أَتى
    لَها اللَيلُ إِلّا وَهيَ مِن سُندُسٍ خُضرُ

ولذلك كان قد ثبَّت رجليه في ساحة المعركة لنيل الشهادة، وقال لرجليه لن أتراجع حتى ألقى الله هنا، وكانت تلك المعركة التي خاضها وقد ثبت عليها ورفض أن يتراجع عنها معركة عظيمة كان فيها الحمد والمجد رداء له، ولم يتراجع حتى كانت أكفانه له أجرًا وقد قتل في أشرف مقام، فلبس ثياب الموت وهي حمراء مخضبة بدمائه الطاهرة، وما زالت حتى حل الليل وتحول لباسه إلى سندس أخضر في جنات النعيم بإذن الله تعالى.

  • كَأَنَّ بَني نَبهانَ يَومَ وَفاتِهِ
    نُجومُ سَماءٍ خَرَّ مِن بَينِها البَدرُ
    يُعَزَّونَ عَن ثاوٍ تُعَزّى بِهِ العُلى
    وَيَبكي عَلَيهِ الجودُ وَالبَأسُ وَالشِعرُ

وكأنَّ بني نبهان وهم قبيلة محمد بن حميد الطوسي قد فقدوا قمرهم بموت محمد وبقيت سماؤهم فيها نجوم فقط من دون بدر، وأصبحوا يعزون بعضهم بفقد محمد ويصبرون أنفسهم على فقده، رغم أنَّ المكارم والعلياء والأمجاد تعزي بعضها بموته، كما أن كل الخصال الرفيعة تبكي عليه مثل الكرم والجود والشجاعة والبأس والشعر.

  • مَضى طاهِرَ الأَثوابِ لَم تَبقَ رَوضَةٌ
    غَداةَ ثَوى إِلّا اِشتَهَت أَنَّها قَبرُ
    ثَوى في الثَرى مَن كانَ يَحيا بِهِ الثَرى
    وَيَغمُرُ صَرفَ الدَهرِ نائِلُهُ الغَمرُ
    عَلَيكَ سَلامُ اللَهِ وَقفاً فَإِنَّني
    رَأَيتُ الكَريمَ الحُرَّ لَيسَ لَهُ عُمرُ

لقد مضى في طريق الموت إلى خالقه جلَّ وعلا وهو طاهر النفس والبدن، فقد استشهد في معركة ضد الروم شهيدًا بإذن الله تعالى، ولذلك كل روضة وكل حديقة غناء كانت تتمنى أن تكون قبرًا له، ثمَّ دفِن تحت الأرض وقد كانت الأرض كلها تحيا فيه، وكانت عطاياه الكبيرة والكثيرة تغطي على نوائب الزمان وصروفه، ألقي عليك السلام أيها الكريم البطل، وقد دلت حوادث الدهر على أنَّ الكريم البطل والفارس الحر عمره قصير، لأنَّه مهما عاش من سنوات فإنَّ الناس يشعرون بقصر عمره لحاجتهم إليه في كل حين، ولأنه يلقي بنفسه في غمار الموت فيخطفه الموت قبل الآخرين.

الصور الفنية في قصيدة أبو تمام في رثاء محمد بن حميد الطوسي

لقد احتوت قَصيدة أبُو تمَّام في رثاء محمَّد بنِ حميدٍ الطُوسي على العديد من الصور البلاغية والفنية التي تضفي على المعاني لمسات فنية وجمالية وتقدمها إلى الناس بطريقة بديعة عذبة، وفيما يأتي سوف يتم إدراج أهم الصور الفنية  في القصِيدة:

  • أسلوب الكناية: كنَّى الشاعر عن الكثير من المعاني بكلمات وألفاظ لا علاقة لها بها، كما في قوله: وَما ماتَ حَتّى ماتَ مَضرِبُ سَيفِهِ مِنَ الضَربِ، قصد بقول: “مضرب سيفه مات: بأنه أكثر من الضرب في الأعداء.
  • تشبيه تام: في قوله: كَأَنَّ بَني نَبهانَ يَومَ وَفاتِهِ نُجومُ سَماءٍ خَرَّ مِن بَينِها البَدرُ، فالمشبه بنو نبهان، والمشبه به نجوم السماء، أداة التشبيه كأن، ووجه الشبه غياب القمر من كليهما.
  • استعارة مكنية: وردة الاستعارة المكنية في قوله: تُوُفِّيَتِ الآمالُ بَعدَ مُحَمَّدٍ، شبه الآمال بالشخص الذي يموت، فحذف المشبه به وهو الإنسان وأبقى على إحدى صفاته وهي الموت، وذكر المشبه وهو الآمال.

معاني المفردات الصعبة في قصيدة أبو تمام في رثاء محمد بن حميد الطوسي

إنَّ العديد من القراء يعانون من بعض الصعوبات في معرفة معاني كلمات بعض قصائد الشعراء وخصوصًا القصائد القديمة الجاهلية وما بعدها من العصور، لأنَّ العديد من الكلمات المستخدمة في القصائد غير مستخدمة في الحياة العامة، كما أن الفارق بين اللهجات العامية واللغة العربية الفصحى المستخدمة في القصائد والأدب العربي كبير ويزيد من الصعوبة في فهم الكلمات، وفيما يأتي سوف يتم إدراج شرح أهم المفردات في القصيدة:

المفردة شرح المفردة
يجل يعظم ويكبر
يفض تذرف وتنهمل دموعها
ذخرًا سندًا وعونًا
مجتدي الطالب والسائل
فجاج الطرق البعيدة والواسعة
اعتلت مرضت وحزنت
القنا الرماح
الروع الخوف الشديد
ثاو الجالس والمقيم
روضة حديقة
الغمر الكثير

شرح قصيدة أبو تمام في رثاء محمد بن حميد الطوسي pdf

الكثير من الأشخاص يرغبون بالحصول على معاني أبيات قَصيدة رَثاء محمَّد بن حَميد الطوسيِّ على شكل ملف pdf من أجل استخدامه في الكثير من الأغراض، فقد يرغب البعض بالحصول عليه من أجل الاحتفاظ به على الموبايل أو اللابتوب واستخدامه في وقت لاحق، أو من أجل طباعة الملف والحصول عليه ورقيًا أو من أجل الاستفادة منه في إعداد بحث عن القصِيدة أو كتابة حلقة بحث عنها وما إلى هنالك من استخدامات، ويمكن الحصول على شرح الأبيات بشكل مفصل على شكل ملف بصيغة pdf من خلال الضغط على الرابط “من هنا“.

مقالات قد تهمك

 شرح قصيدة امرؤ القيس فهي هي وَهِي وأهم الصور الفنية فيها  شرح قصيدة بانت سعاد فقلبي اليوم متبول لكعب بن زهير
شرح قصيدة الخنساء في رثاء أخيها صخر وتحليلها شرح قصيدة صوت صفير البلبل للأصمعي وأهم الصور البيانية فيها
شرح قصيدة اراك عصي الدمع لأبي فراس الحمداني وأهم الصور الفنية فيها شرح قصيدة واحر قلباه ممن قلبه شبم وأهم الصور الفنية فيها
شرح قصيدة روائع الاثار للشاعر خليل مطران وأهم الصور الفنية فيها شرح قصيدة مضناك جفاه مرقده لأمير الشعراء أحمد شوقي

وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال شرح قصيدة أبو تمام في رثاء محمد بن حميد الطوسي وأهم الصور الفنية فيها وقد تعرفنا على بعض المعلومات عن الشاعر الكبير أبي تمام الطائي، كما تعرفنا على شرح أبيات القصيدة وأهم الصور الفنية فيها إضافة إلى شرح المفردات والكلمات الصعبة فيها، كما تمَّ إدراج شرح القصيدة بصيغة pdf وغير ذلك من التفاصيل والمعلومات المتعلقة.

المراجع

  1. ^ wikiwand.com، أبو تمام، 28/08/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *