لماذا سميت سورة الجمعة بهذا الاسم

لماذا سميت سورة الجمعة بهذا الاسم هو من الأسئلة الشرعية المباركة التي ينبغي على كلّ مسلم أن يعرفها وذلك بهدف التفقه في الدين والشرع الإسلامي، فالتفقه في الشرع الإسلامي أمر واجب على كل مسلم في هذا العالم، وفي هذا المقال سوف نقوم بتسليط الضوء على تعريف سورة الجمعة وسنتحدث عن سبب تسميتها بهذا الاسم، ثمّ سوف نلقي الضوء على أسباب نزول سورة الجمعة وعلى مقاصد هذه السورة ومضامينها وعلى العبر والدروس المستفادة من سورة الجمعة.

تعريف سورة الجمعة

يمكن القول في تعريف سورة الجمعة بأنّها سورة من السور المدنية أي التي نزلت على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بعد الهجرة من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، وهي تتألف من 11 آية، وهي السورة الثانية والستون في ترتيب سور المصحف الشريف، أي أنّها في الجزء الثامن والعشرين من أجزاء المصحف الشريف، وهي من السور المسبحات، أي السور التي تبدأ بتسبيح الله تعالى، حيث قال تعالى في مطلع سورة الجمعة: {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} ^[1]وجدير بالقول إنّ هذه السورة نزلت بعد سورة الصف، وقد تناولت هذه السورة أحكام صلاة الجمعة وتناولت أيضًا ذم اليهود وتحدثت عن الموت وخوف الإنسان من الموت. ^[2]

لماذا سميت سورة الجمعة بهذا الاسم

سمّيت هذه السورة بسورة الجمعة لأنّها اشتملت على ذكر يوم الجمعة ولأنّها تحدثت عن هذا اليوم وعن أحكام يوم الجمعة مثل تحريم البيع في وقت صلاة يوم الجمعة وعند الأذان لصلاة يوم الجمعة، قال تعالى في هذه السورة المباركة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا ۚ قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ ۚ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} ^[3]والله تعالى أعلم. ^[2]

سبب نزول سورة الجمعة

لقد ورد في سبب نزول سورة الجمعة عن الصحابي جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- ما سيأتي: “بيْنَما نَحْنُ نُصَلِّي مع النبيِّ –صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إذْ أقْبَلَتْ مِنَ الشَّأْمِ عِيرٌ تَحْمِلُ طَعامًا، فالْتَفَتُوا إلَيْها حتَّى ما بَقِيَ مع النبيِّ –صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إلَّا اثْنا عَشَرَ رَجُلًا فَنَزَلَتْ: {وَإذا رَأَوْا تِجارَةً أوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إلَيْها}” ^[4]وهذه هي الآية الحادية عشر من سورة الجمعة، وهذا ما ثبت في سبب نزول هذه السورة المباركة، فالحديث وارد في صحيح الإمام البخاري، والله تعالى أعلم. ^[5]

سبب نزول سورة الجمعة إسلام ويب

أشار الفقهاء في موقع إسلام ويب إلى أن سبب نزول سورة الجمعة، هو أن المدينة المنورة ضربها الجوع في فترة من الفترات وانتشر الغلاء وصار الناس في ضيف كبير، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بالناس في يوم الجمعة، وفي نفس الوقت أقبلت قافلة من الشام محملة بالبضائع، فخرج الناس إلى القافلة، ولم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمع إلى الخطبة سوى 12 رجلًا من الصحابة، ولهذا السبب أنزل الله تعالى على نبيه الكريم قوله تعالى: “وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا ۚ قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ ۚ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ”.^[4]

أين نزلت سورة الجمعة

لقد نزلت سورة الجمعة في المدينة المنورة عندما كان المسلمون يستمعون في المسجد أثناء صلاة الجمعة، ففي هذه الأثناء أقبلت عير من الشام على المسلمين ورسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قائم يخطب بالناس، فانفض الناس من الصلاة واتجهوا إلى تلك العير فأنزل الله تعالى هذه السورة، والله تعالى أعلم. ^[5]

ما يستفاد من سورة الجمعة

هناك الكثير من العبر الدروس التي يمكن للمسلم أن يستخلصها من سورة الجمعة، ومن هذه الدروس ما سيأتي ذكره في النقاط الآتية: ^[6]

• الدرس الأول: إنّ كل ما في هذا الكون خاضع لله رب العالمين، فالله تعالى هو القادر على كل شيء سبحانه وتعالى، قال تعالى في سورة الجمعة: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}. ^[7]
• الدرس الثاني: إنّ الرسالة التي بعث بها رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- هي رسالة عالمية لجميع الناس، للعرب والعجم، وليست لزمان واحد، بل هي لجميع الأزمنة حتّى يوم القيامة، قال تعالى في سورة الجمعة: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ * وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * ذَٰلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}. ^[8]
• الدرس الثالث: إنّ كل إنسان على هذه الأرض مصيره الموت، ولا توجد استثناءات في هذا الأمر، ولا يبقى في النهاية إلى رب العالمين الحي الذي لا يموت جلّ في علاه، قال تعالى في سورة الجمعة: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ۖ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}. ^[7]
• الدرس الرابع: إنّ صلاة الجمعة من الواجبات التي ينبغي على المسلم أن يلتزم بها، فإذا نادى المنادي لهذه الصلاة، فعلى كل المسلمين أن يتركوا أشغالهم وأعمالهم ويسعوا إلى ذكر الله رب العالمين، قال تعالى في سورة الجمعة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ}. ^[9]

قراءة سورة الجمعة في صلاة الفجر يوم الجمعة

أفتى علماء المسلمين في أنّ قراءة سورة الجمعة أو غير سورة الجمعة من سور القرآن الكريم في صلاة الفجر من يوم الجمعة أمر مُباح ولا حرج فيه، فللمسلم أن يقرأ في الصلاة ما تيسر له من القرآن الكريم، قال تعالى في سورة المزمل: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ۚ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَىٰ ۙ وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ..} ^[11]والأفضل بالنسبة للمسلم أن يقرأ في الركعة الأولى من صلاة الفجر في يوم الجمعة سورة السجدة، وأن يقرأ في الركعة الثانية سورة الإنسان، وقد ورد عن شيخ الإسلام ابن تيمية أنّه قال في قراءة سورتي السجدة والإنسان في ركعتي الفجر من يوم الجمعة: “السرّ في قراءتهما في صلاة فجر يوم الجمعة أنهما تضمنتا ما كان وما يكون في يومهما فإنهما اشتملتا على خلق آدم، وعلى ذكر المعاد وحشر العباد وذلك يكون يوم الجمعة، ففي قراءتهما تذكير للعباد بما كان فيه ويكون، قلت ليعتبروا بذكر ما كان ويستعدوا لما يكون”، والله تعالى أعلم. ^[12]

ما هي مضامين سورة الجمعة

لقد تضمنت سورة الجمعة مجموعة من الأفكار والمضامين المهمة بالنسبة لكل مسلم، والمقصود بالمضامين هي المواضيع التي تحدثت عنها هذه السورة المباركة، وهي ما سوف نذكرها في النقاط الآتية: ^[13]

• تضمن السورة بيانًا عن قدرة الله تعالى، رب العالمين الذي خضع له الكون بأسره سبحانه وتعالى، فكان افتتاحها بتعظيم الله وتسبيحه.
• تحدثت السورة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وأنّه النبي الذي أرسله الله تعالى رحمة للعالمين من سائر أنحاء العالمين، فهو ليس نبيًا للعرب فقط، بل لسائر البشر وهو نبي كل زمان حتّى يوم القيامة.
• تضمنت السورة بيانًا عن فساد اليهود في الأرض، وأنّهم حرفوا التوراة وغيروا وبدلوا فيه.
• تضمنت الآيات أحكامًا شرعية خاصة بيوم الجمعة وبصلاة الجمعة، وتحدثت عن قصة ترك المسلمين الصلاة في يوم الجمعة من أجل التجارة والرزق.

مقالات قد تهمك

إلى هنا نصل إلى نهاية وختام هذا المقال الذي مررنا فيه بالتفصيل على تعريف سورة الجمعة، ثمّ تحدثنا عن لماذا سميت سورة الجمعة بهذا الاسم وألقينا فيه الضوء على سبب نزول سورة الجمعة وأين نزلت هذه السورة، ثمّ تحدثنا عن فضلها وعن حكم قراءة سورة الجمعة في صلاة الفجر من يوم الجمعة، وبذلك فصلنا في لماذا سميت سورة الجمعة بهذا الاسم حسب أقوال العلماء.