هل الدعاء مستجاب في ليلة القدر وأجمل أدعية ليلة القدر

هل الدعاء مستجاب في ليلة القدر وأجمل أدعية ليلة القدر وهو موضوع هذا المقال، حيثُ يعد أحد الأسئلة المهمّة التي يحرص على تتبّعها كثير من المُسلمين حول العالم، فليلة القدر من من الليالي التي تأتي في أواخر شهر العبادة والصوم، وقد بارك الله -سبحانه وتعالى- في تلك الليلة، كما رَوت كُتب السّلف كثيرًا من الأحاديث التي نوّهت على فضل وقدر تلك الليلة المُباركة، والتي ساوت في عبادتها عبادة ألف سنة، وسوف نقدم في هذا المقال معلومات عن ليلة القدر، وهل الدعاء فيها مستجاب، وغيرها من التفاصيل المتعلقة بليلة القدر.

ليلة القدر

تعتبر ليلة القدر هي ليلة عظيمة ومباركة  عند الله عزّ وجل، وهي تأتي في العشر الأواخر من شهر رمضان الكريم، فهي أرجى ما تكون في الليالي الفردية الوترية، أي في الليلة الحادية والعشرين والثالثة والعشرين والخامسة والعشرين والسابعة والعشرين والتاسعة والعشرين، كما أنّ هذه الليلة أفضل ليلة في السَّنة، ففيها نزل القرآن الكريم على الرسول الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فقد قال الله -تعالى- في سورة القدر: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّىٰ مَطْلَعِ الْفَجْرِ}^[1] ، ويجدر بالذّكر أن الله -تعالى- جعل ثواب العبادة في ليلة القدر بثواب عبادة ألف شهر مما يعد الإنسان ويحصي في حياته، لذلك ينبغي على المسلم أن يغتنم هذه الليلة بالصلاة والذكر والدعاء والتسبيح والاستغفار وقراءة القرآن الكريم، بالإضافة إلى الإكثار من الأعمال الصالحة فيها كصلة الرحم والتصدق والدعاء وغيرها من العبادات.^[2]

هل الدعاء مستجاب في ليلة القدر

إن الدعاء في ليلة القدر مستجاب بإذن الله تعالى لمن قام الليلة بكافة أركانها، لأنَّ الدعاء في هذه الليلة العظيمة المباركة من العبادات المشروعة، فقد حثّ الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام- المسلمين على الدعاء فيها؛ وما يدل على ذلك حديث عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: ” قلت :يا رسول الله؛ أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو، فاعف عني”^[3]، فهذا الدعاء دليل على أهمية الدعاء في ليلة القدر، فإذا علم الإنسان موعد ليلة القدر فعليه بالدعاء كما أمر النبي الكريم -صلى الله عليه وسلم- أم المؤمنين عائشة، ويجدر بالذّكر أنّ الدعاء حق للمؤمن أجازه الله للعبد حتى يقدم حاجته لله الخالق وحده، فهو مجيب الدعاء في كل وقت وحين، فقد قال الله -عز وجل- في محكم تنزيله: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}^[4]، وهناك ساعات يكون فيها الدعاء مجاب أكثر من غيره، وهذا ينطبق على ليلة القدر وخاصة في قيام هذه الليلة في الثلث الأخير من الليل، فقد قال ابن عثيمين -رحمه الله- في ذلك:” هذه أيضًا من أوقات الإجابة: عشية عرفة، وليلة القدر، وهي خير من ألف شهر، وهي كغيرها من الليالي بالنسبة للإجابة، أي أن آخر الليل فيها وقت إجابة، وهي خير من ألف شهر بالدعاء فيها، وفي بالبركة التي تحصل بها، كما قال تعالى: (إنا أنزلناه في ليلة مباركة)”، والله أعلم.^[5]

هل الدعاء في ليلة القدر يغير الأقدار

إنّ الدعاء في ليلة القدر يغير الأقدار المكتوبة في صحف الملائكة فقط، بدليل عليه حديث سَلْمَانَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَا يَرُدُّ القَضَاءَ إِلَّا الدُّعَاءُ، وَلَا يَزِيدُ فِي العُمْرِ إِلَّا البِرُّ”^[6]، فلا يردّ ولا يخفّف من القضاء والقدر سِوى عبادة الدّعاء، فالدّعاء يغير القدر بمشيئة الله -تعالى- إذا توفّرت فيه شروط الدّعاء المستجاب، كما أنّ الدعاء في هذه الليلة له فضل عظيم من الله تعالى، فقد كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يحرص على الإكثار والإلحاح في الدعاء والالتجاء إلى الله في ليلة القدر، لأنها ليلة لها قيمتها وقدرها الكَبير عند الله، فقد بارك الله بها وبمن أحياها على الخير، كما أنها ليلة الفصل والتقدير، فهي الليلة التي تُفصل بها أقدار النّاس، وتتنزّل من اللوح المَحفوظ إلى السّماء الدّنيا في صُحف الكتبة من الملائكة، وهي الأقدار التي تكون على تَماس مع كافّة تفاصيل حياة النّاس، بما فيها من الخير والشّر، فقد قال الله -تعالى- في سورة الدخان: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}^[7]، كما تُغفر الذّنوب لمن أحسن قيام تلك الليلة المُباركة، وفق ما روي عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنه قال: “من قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِه”^[8]، والله أعلم.^[9]

متى ليلة القدر

إن ليلة القدر ليس لها وقت محدد، فهي تأتي في العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، بدليل ما ورد عن السيدة عائشة أمّ المؤمنين -رضي الله عنها- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “تحرُّوا ليلةَ القدرِ في العشرِ الأواخرِ من رمضانَ”^[10]، وكذلك تمّ التقريب لأيّ الليالي التي يمكن أن تكون ليلة القدر من غير تحديد فيما رواه أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “اعْتَكَفْنَا مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ العَشْرَ الأوْسَطَ مِن رَمَضَانَ، فَخَرَجَ صَبِيحَةَ عِشْرِينَ فَخَطَبَنَا، وقَالَ: إنِّي أُرِيتُ لَيْلَةَ القَدْرِ، ثُمَّ أُنْسِيتُهَا – أوْ نُسِّيتُهَا – فَالْتَمِسُوهَا في العَشْرِ الأوَاخِرِ في الوَتْرِ”^[11]، فهي تأتي في الليالي الوترية من العشر الأواخر،  فقد تكون في ليلة 21، وقد تكون في ليلة 23، وقد تكون في ليلة 25، وقد تكون في ليلة 27، أو قد تكون في ليلة 29، والأسلم التماسها في العشر كلّها، وقيل إنّ الراجح فيها أنّها ليلة 27 من رمضان، والله أعلم.^[12]

شاهد أيضًا: كيف اصلي صلاة ليلة القدر وكم عدد ركعات صلاة ليلة القدر

علامات ليلة القدر

إنَّ ليلة القدر هي ليلة اختصّ الله -سبحانه وتعالى- فيها أُمّة النبيّ مُحمد صلّى الله عليه وسلم، فليلة القدر أفضل من غيرها من الليالي، حيث يحرص المسلمون على تتبُّع ليلة القَدْر، ومعرفة علاماتها التي تدلّ على وقوعها، من أجل اغتنامها بالصلاة والدعاء لنيل الأجر العظيم من الله، وفيما يأتي سيتم بيان علامات ليلة القدر كما جاءت في سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهي كالآتي:^[13]

• طلوع الشمس دون شعاعٍ في صباح اليوم التالي لها: فقد ورد عن أبي بن كعب -رضي الله عنه- قال: “فسأَلْتُه عن ليلةِ القَدرِ، فقال: ليلةُ سَبعٍ وعِشرينَ، قُلْتُ: أبا المُنذِرِ، إني علِمْتَ ذلك؟ قال: بالآيةِ التي أخبَرَنا بها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فعدَدْنا وحفِظْنا، وآيةُ ذلك أنْ تَطلُعَ الشَّمسُ في صَبيحَتِها مِثلَ الطَّسْتِ، لا شُعاعَ لها، حتى تَرتفِعَ”^[14].
• اعتدال الجوّ في ليلة القدر: بحيث لا يُوصف بالحرارة أو البرودة، فعن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- قال: “ليلةُ القدْرِ ليلةٌ سمِحَةٌ، طَلِقَةٌ، لا حارَّةٌ ولا بارِدَةٌ، تُصبِحُ الشمسُ صبيحتَها ضَعيفةً حمْراءَ”^[15].
• النقاء والصفاء: فقد رُوي في أثرٍ غريبٍ عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-: “أمارَةَ ليلةِ القدْرِ أنها صافيةٌ بَلِجَةٌ كأن فيها قمرًا ساطعًا ساكنةٌ ساجيةٌ لا بردَ فيها ولا حرَّ ولا يحِلُّ لكوكبٍ يُرمى به فيها حتى تُصبِحَ، وإن أمارتَها أنَّ الشمسَ صبيحتَها تخرُجُ مستويةً ليس لها شُعاعٌ مثلَ القمرِ ليلةَ البدرِ ولا يحِلُّ للشيطانِ أن يخرُجَ معَها يومَئذٍ”^[16].
• نزول الملائكة أفواجًا: فقد رُوِي عن أبي هريرة -رضي الله عنه-: :”وإن الملائكةَ تلك الليلةَ أَكْثَرُ في الأرضِ من عَدَدِ الحَصَى”^[17].

دعاء ليلة القدر إسلام ويب

إنّ الدّعاء من أعظم القربات وأصدق الطّاعات، وفي ليلة القدر بالتّحديد يكون له فضلٌ أعظم، فمن المعروف أنّ ليلة القدر ليلةٌ تستجاب فيها الدّعوة، فقد أوصى الرّسول -عليه الصّلاة والسّلام- زوجاته وأصحابه والمسلمين بأن يكثروا من الدّعاء في هذه الليلة المباركة، فعلى المسلم أن يدعو الله بكلّ ما أوتي من إيمان، وفيما ذكر عن دعاء ليلة القدر في الموقع الإسلامي إسلام ويب في الفتوى رقم 233665، جاء الآتي:^[5]

• “فإن الدعاء من العبادات المشروعة في ليلة القدر، ومما يدل عليه حديث عائشة، قالت: قلت: يا رسول الله؛ أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو، فاعف عني. أخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح. وصححه الحاكم.”

شاهد أيضًا: هل ليلة 27 رمضان هي ليلة القدر 1444 / 2023

دعاء ليلة الْقَدْرِ اللَّهُمَّ إنك عفو

إنّ دعاء ليلة القدر “اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني” هو الدعاء الذي علمه لزوجته عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها وأرضاها- كما علمه لأصحابه -رضوان الله- عليهم- وأوصى به كافة المسلمين في ليلة القدر، فهو من أنفع الأدعية التي يمكن أن يدعو بها المسلم وأبسطها، وهذا الدعاء يحتوي على اسم من أسماء الله الحسنى، وهو العفو، وهذا لأن الله -عزَّ وجلَّ- يعفو في هذه الليلة عن عباده المذنبون التائبون، فطلب العفو من الله -سبحانه وتعالى- هو أمرٌ كبير، فإن عفا الله -عزّ وجل- عن المسلم في الدّنيا أكرمه ومدّه بالخيرات والنّعيم وأبعد عنه كلّ بلاء، وإن عفا عنه في الآخرة حرّم عليه النّار وأبعد عنه العذاب وأدخله جنّة النّعيم، ولذلك أوصى -عليه الصلاة والسلام- المسلمين بأن يكثروا من الدّعاء في هذه الليلة المباركة وخاصة بهذا الدعاء، لأنّ ليلة القدر بأنها من أفضل الليالي، فهي أعظم ليلة في السنة الهجرية كلها، وفضلها عظيم وأجرها مُضاعَفًا، ومن قامها يغفر له الله ما تقدَّم من ذنبه وما تأخر،  والله ورسوله أعلم.^[2]

أجمل دعاء مستجاب في ليلة القدر

إنّ الدعاء في ليلة القدر هو عبادة عظيمة يجب على المسلم أن يكثر منها، فليلة القدر ليلة عظيمة مباركة، ومن الأدعية التي يمكن للمسلم أن يدعو بها لنفسه ولغيره ويرجى فيه الإجابة في ليلة القدر هي الأدعية المأثورة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وكلّ دعاء بالخير، وسيتمّ ذكر بعض الأدعية التي جاءت في السنة يمكن أن يدعو بها المسلم لنفسه ولغيره مستجاب بإذن الله، وهي كالآتي:

• اللّهمّ افتح لنا في هذه اللّيلة أبواب الخير والرّحمة، اللهم اكتب لنا خيري الدنيا والآخرة يا رب العالمين، اللهم نسألك أن تعطنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وأن تقنا عذاب النيران يوم القيامة يوم الحسرة والندامة.
• اللهم يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الجود والإنعام، أسألك يا الله إن كانت هذه اللّيلة هي ليلة القدر أن تيسر لنا الخير والهدى والحياة السعيدة والرحمة والمغفرة يا رب العالمين، اللهم أعنا على شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا وأنت القادر على كل شيء.
• اللّهمّ إن كانت هذه ليلة القدر، فاجعلنا فيها ممن عفوت عنهم، وغفرت لهم، اللهم  افتح لي بخير، واختم لي بخير، واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيراً، اللهمّ يسّر لي أمري، واقضِ لي حاجتي، واكفني بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمّن سواك.

وبهذا نكون قد وصلنا إلى ختام مقالنا مقدار هل الدعاء مستجاب في ليلة القدر وأجمل أدعية ليلة القدر، والذي بيّنا فيه ما هي ليلة القدر، ثمّ أدرجنا الإجابة الصحيحة حول السؤال المطروح، وقد أرفقنا بعض من المعلومات حول علامات ليلة القدر من السنة النبوية، ثمّ أدرحنا دعاء ليلة القدر إسلام ويب، ودعاء ليلة القدر لتيسير الأمور، كما تطرقنا من خلال مقالنا إلى دعاء ليلة القدر اللهم إنك عفو، بالإضافة إلى  بيان هل الدعاء في ليلة القدر يغير الأقدار، كما ختمنا المقال ببيان دعاء ليلة القدر لنفسي.