عناصر المقال
هل يجوز ذبح الأضحية رابع يوم العيد وهو الموضوع الذي سيتم بيانه في هذا المقال، فقد شرع للمسلمين ذبح الأضاحي في يوم النحر الذي هو خير أيام العام تعبيرًا عن شكر الله -تعالى- على عطائه ورزقه وكرمه، وتُعتبر الأضحية كغيرها من العبادات لها أوقات مخصوصة بها، ومن خلال هذا المقال سيتم بيان حكم الأضحية في عيد الأضحى، ومعرفة الإجابة الصحيحة حول سؤال هل يجوز ذبح الأضحية رابع يوم العيد، وسوف نعرف متى ينتهي وقت ذبح الأضحية حسب أقوال الفقهاء، و وقت ذبح الأضحية عند المالكية وسوف نعرف هل كل أيام التشريق ذبح وما إلى هنالك من معلومات وتفاصيل متعلقة بالأضحية.
حكم الأضحية في عيد الأضحى
تعتبر الأضحية بأنها تعبر عن الذبائح التي يتم ذبحها في عيد الأضحى المبارك تقربًا إلى الله -سبحانه وتعالى- وابتغاء مرضاته، والأضحية في الإسلام هي سنَّة مؤكدة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقد ذهب جمهور الفقهاء والأئمة من أهل العلم والفقه إلى هذا القول[1]، فقد ورد في الحديث عن أم سَلَمةَ زوج النبي -رَضِيَ اللهُ عنها- أن رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قال: “إذا دخَلَت العَشْرُ، وأراد أحَدُكم أن يضَحِّيَ؛ فلا يَمَسَّ مِن شَعَرِه وبَشَرِه شيئًا”[2]، وقد قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بتعليق الأضحية في الحديث بإرادة المضحي وهذا ما يدل على أنَّها سنة فقط وليست واجبة، لأن الواجب لا يمكن أن يعلق بإرادة الشخص، والله -تعالى- أعلم.
هل يجوز ذبح الأضحية رابع يوم العيد
يجوز ذبح الأضحية في رابع أيّام العيد الذي هو ثالث أيّام التّشريق حتّى غروب شمسه[3]، بدليل ما جاء عن جبير بن مطعم -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “كلُّ أيَّامِ التَّشريقِ ذَبْح”[4]، فقد أباح الإمام الشافعي بجواز الذبح رابع أيام العيد خروجاً عن رأي جمهور الفقهاء، وهو الرأي الذي تبناه البعض من الحنابلة والسلف، وعمل به شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وغيره من علماء الدين، حيث يبدأ وقت الذّبيحة من بعد صلاة عيد الأضحى، وينتهي بغروب الشّمس من اليوم الثّالث عشر من شهر ذي الحجة الذي هو رابع أيّام العيد وثالث أيّام التّشريق، والأفضل للمسلم أن يُسارع للذّبح بعد صلاة العيد مباشرةً، فتكون للمسلم أربعة أيّامٍ للذّبح يوم العيد بعد الصّلاة، وثلاثة أيّامٍ بعده.[5]
متى يبدأ وقت الذبح ومتى ينتهي
إنّ وقت ذبح الأضحية يبدأ في يوم النحر وهو اليوم العاشر من ذي الحجة، وأيّام التشريق الثلاثة التالية له، ويبدأ الوقت بعد انقضاء صلاة عيد الأضحى المبارك[5]، بدليل ما ورد عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: سمعت النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب، فقال: “إنَّ أوَّلَ ما نبدأُ مِن يَوْمِنا هذا أنْ نُصَلِّيَ، ثم نرجِعَ فنَنْحَرَ، فمَن فَعَلَ هذا فقد أصابَ سُنَّتَنا، ومَن نَحَر فإنَّما هو لحْمٌ يقَدِّمُه لأهْلِه، ليسَ مِنَ النُّسُكِ في شيءٍ”[6]، أمَّا وقت انتهاء الأضحية فقد تعدّدت آراء الفقهاء فيه، وجاء التّفصيل على النحو الآتي:[7]
- الرأي الأول: ينتهي وقت ذبح الأضحية مع غروب شمس اليوم الثَّاني عشر من شهر ذي الحجّة، وبذلك تكون أيّام الذَّبح هي يوم العيد، واليوم الحادي عشر، والثاني عشر من شهر ذي الحجّة، وهو قول كل من الحنفيَّة، والمالكيَّة، والحنابلة.
- الرأي الثاني: ينتهي وقت ذبح الأضحية بغروب الشَّمس من اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة، وأيّام النَّحْر هي يوم العيد، وأيّام التشريق الثلاثة، أي اليوم الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر من شهر ذي الحجّة، وهو قول الشّافعية.
أفضل وقت لذبح الأضحية
يعتبر أفضل وقتًا لذبح الأضحية هو بعد صلاة العيد مباشرة، كما كان يفعل الرَّسول صلى الله عليه وسلم، فقد كان -عليه الصلاة والسَّلام- يصلي العيد ويذبح أضحيته، ثم يكون أول ما يأكل يوم العيد من أضحيته[5]، بدليل ما جاء عن بُرَيْدَةَ -رضي الله عنه- قَالَ : “كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ ، وَلا يَأْكُلُ يَوْمَ الأَضْحَى حَتَّى يَرْجِعَ ، فَيَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ”[8]، وعليه حيث يستحب المبادرة في ذبح الأضحية بعد دخول وقتها؛ وذلك من أجل المبادرة إلى فعل الخير والخروج من الخلاف وهذا باتفاق كل من الشافعية والحنفية والمالكية والحنابلة، بالإضافة إلى أنّ التضحية في أول الوقت لها فضل عظيم من باب سرعة الإجابة إلى ضيافة الله جل وعلا.[9]
هل يجوز ذبح الأضحية في الليل
يجوز ذبح الأضحية في الليل وهو قول كل من الحنفية، والشافعية، وقول للحنابلة، واستدلوا بقول الله -تعالى- في كتابه الكريم: {وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}[10]، حيثُ إنّ الأيام تطلق لغة على ما يشمل الليالي، ودليل ذلك من السنة ما جاء عن جبير بن مطعم -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “كلُّ أيَّامِ التَّشريقِ ذَبْح”[4]، فقد دل لفظ الأيام في قول رسول الله -عليه الصلاة والسلام- على إخراج الليالي بمفهوم اللقب، لكن التّعبير بالأيام عن مجموع الأيام والليالي، والعكس مشهور متداول بين أهل اللغة، لا يكاد يتبادر غيره عند الإطلاق، والليل زمن يصح فيه الرمي، وداخل في مدة الذبح، فجاز فيه كالأيام، وقد أباح الله -عزّ وجل- ذبح الحيوان في أي وقت، والقول بالكراهة يحتاج إلى دليل.[9]
شروط أضحية عيد الأضحى
هناك مجموعة من الشّروط التي ينبغي توافرها في الأضحية؛ ليتم قبولها بإذن الله -تعالى- ونيل المسلم عنها كامل الأجر إن شاء الله، وقد جاءت تلك الشروط على النحو الآتي:[11]
- الشرط الأول: إن تكون الأضحية من بهيمة الأنعام، وهي: الإبل والبقر والأغنام، لقوله تعالى: { لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ}[10].
- الشرط الثاني: إن تكون الأضحية قد بلغت السن المحدد شرعاً وهي في الإبل خمس سنوات، وفي البقر سنتان، وفي الماعز سنة واحدة، وفي الضأن نصف سنة، والدليل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تَذْبَحُوا إلَّا مُسِنَّةً، إلَّا أنْ يَعْسُرَ علَيْكُم، فَتَذْبَحُوا جَذَعَةً مِنَ الضَّأْنِ”[12].
- الشرط الثالث: إن تكون الأضحية سليمةً من العيوب المانعة من الإجزاء، وقد بينها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الوارد عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- قال: “سألتُ البراءَ بنَ عازبٍ ما لا يجوزُ في الأضاحيِّ فقالَ قامَ فينا رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وأصابعي أقصرُ من أصابعِه وأناملي أقصرُ من أناملِه فقالَ أربعٌ لا تجوزُ في الأضاحيِّ فقالَ العوراءُ بيِّنٌ عورُها والمريضةُ بيِّنٌ مرضُها والعرجاءُ بيِّنٌ ظلعُها والكسيرُ الَّتي لا تَنقى قالَ قلتُ فإنِّي أكرَه أن يَكونَ في السِّنِّ نقصٌ قالَ ما كرِهتَ فدعهُ ولا تحرِّمهُ علَى أحدٍ”[13].
- الشرط الرابع: إن تؤدى الأضحية في الوقت المحدد لها، ويكون من بعد أداء صلاة العيد وحتى آخر يوم من أيام التشريق.
- الشرط الخامس: نية التضحية حيث يشترط على المضحي أن ينوي بالأضحية التضحية لله سبحانه وتعالى، لقول عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه، أنَّ النبيَّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- قال: “إنَّما الأعمالُ بالنِّياتِ، وإنَّما لكُلِّ امرئٍ ما نوى”[14].
سنن ذبح الأضحية
أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالإحسان إلى الذبيحة عند ذبحها، سواء أكانت أضحية أم غير ذلك، حيث قال: “إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الإحْسَانَ علَى كُلِّ شيءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فأحْسِنُوا القِتْلَةَ، وإذَا ذَبَحْتُمْ فأحْسِنُوا الذَّبْحَ”[15]، وقد بيّن أهل العلم عددًا من السنن التي ينبغي للمسلم مراعاتها عند الذبحِ، ومنها ما يأتي:[16][]
- تحديد الشّفرة أو السّكين.
- التّسمية عند الذبح وهو أمرٌ مستحب.
- استقبال الذّابح للقبلة وتوجيه الذّبيحة نحوها.
- إن يكون الذّبح خالصاً لله وحده لا يُشرك به أحداً.
- من السّنّة أن يقول عند الذّبح اللهم منك وإليك تقبّل منّي.
- إمرار السّكين بقوّة ذهاباً وعوداً؛ وذلك رحمة ورأفة بالأضحية.
- الإسلام والعقل للمضحّي فلا ينبغي أن يكون المضحي كافر أو مجنون.
- أن لا يتمّ ذبح الأضحية أمام الأخريات، وأن لا يُظهر السكينَ إلَّا عند الذبح.
- قطع اللبّة أسفل العنق في الإبل، والذبح بقطع الحلق أعلى العنق في البقر والغنم.
- يستحبّ أن يُنحر البعير وهو قائم على ثلاث قوائم ومعقول الرّكبة، أو أن يكون باركاً، والبقرة والشاة تضّجع على جنبها الأيسر.
شروط ذبح الأضحية للرجل
هنالك عدة شروط لا بد من توفرها في الرجل حتى يتمكن من ذبح الأضحية وهي الإسلام والعقل، وهنالك أمور من المستحب أن تكون في الرجل إذا أراد أن يذبح الأضحية، وكما عرفنا يستحب أن تكون آلة الذبح حادة وقاطعة، وأما في الرجل فإنه من المستحب أن يستقبل القبلة عند القيام بعملية ذبح الأضحية، وأن يمسك أداة الذبح بيده اليمنى، وأن يذكر اسم الله تعالى عند ذبح الأضحية فيقول: بسم الله والله أكبر، حسب ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ورد في موقع إسلام ويب حول ذلك ما مفاده: “الأولى للمضحي أن يذبح أضحيته بنفسه إن كان يحسن الذبح ، لأن الذبح قربة وعبادة ، وله أن ينيب عنه غيره ، فقد نحر – صلى الله عليه وسلم – بيده ثلاثاً وستين بَدَنة ، واستناب علياً في نحر ما تبقى، وينبغي أن يراعي آداب الذبح كالإحسان إلى الذبيحة وإراحتها ، وأن يستقبل القبلة ، وإن كانت الأضحية من الإبل فإنها تنحر قائمة معقولة يدها اليسرى ، وهو معنى قوله تعالى : {فاذكروا اسم الله عليها صواف} ، وإن كانت من غير الإبل فإنها تذبح مضجعة على جنبها الأيسر، ويستحب وضع الرجل على صفحة عنقها ، ويقول : بسم الله الله أكبر ، ويسأل الله القبول”.[16]
كيفية توزيع الأضحية
تعدّدت آراء الفقهاء في بيان كيفيّة توزيع وتقسيم الأُضحية شرعَا، وذهبوا في ذلك إلى ثلاثة أقوال، وهي كما يأتي:[17]
- القول الأول: يستحب تقسيم الأُضحية إلى ثلاثة أجزاءٍ وهي ثُلثٌ للفقراء، وثُلثٌ للمُضحّي، وثُلثٌ للإهداء وهو قول الحنفية والحنابلة، فقد استدلوا بقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث: “ويُطْعِمُ أهْلَ بَيتِه الثُّلثَ، ويُطْعِمُ فُقراءَ جِيرانِه الثُّلثَ، ويتصدَّقُ على السُّؤَّالِ بالثُّلثِ”[18]، كما قال الحنفيّة إنّ الأفضل للمُضحّي إن كان مُوسِراً أن يتصدّق بالثُلثَين، ويأكل الثُّلث.
- القول الثاني: وقالوا بأنّه من الأفضل توزيع الأُضحية على الفقراء والمحتاجين، وأن يتصدّق بمعظمها إن لم يكن كلها، وأن يأكل المُضحّي القليل فقط منها، وهو قول المذهب الشَّافعي.
- القول الثالث: فقد قالوا بعدم وجود قِسمةٍ مُعيّنةٍ في توزيع الأُضحية، بحيث يكون للمُضحّي الحُرّية الكاملة في تقسيمها، وتوزيعها كما يشاء؛ وهو قول المذهب المالكي واستدلّوا بما جاء عن ثوبان مولى رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال: “ذَبَحَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ضَحِيَّتَهُ، ثُمَّ قالَ: يا ثَوْبَانُ، أَصْلِحْ لَحْمَ هذِه، فَلَمْ أَزَلْ أُطْعِمُهُ منها حتَّى قَدِمَ المَدِينَةَ”[19]، وعليه يقوم المضحي بأكل منها ما يشاء، ويتصدّق بما يشاء، ويُهدي ما يشاء.
مقالات قد تهمك
المراجع
- ^ binbaz.org.sa، حكم الأضحية وكيفيتها، 08/06/2024
- ^ صحيح مسلم ، أم سلمة، مسلم، 1977، صحيح
- ^ islamweb.net، كل أيام التشريق ذبح، 08/06/2024
- ^ السنن الكبرى ، جبير بن مطعم، البيهقي، 5/239، مرسل.
- ^ islamqa.info، وقت ذبح الأضحية، 08/06/2024
- ^ صحيح البخاري، البراء بن عازب، البخاري، 955، حديث صحيح.
- ^ shamela.ws، كتاب الموسوعة الفقهية الكويتية، 08/06/2024
- ^ الخلاصة ، بريدة بن الحصيب الأسلمي، النووي، 2/826، حديث حسن.
- ^ dorar.net، المبحث الثَّاني: ذَبحُ الأضْحِيَّةِ، 08/06/2024
- ^ سورة الحج، الآية 28
- ^ islamqa.info، شروط الأضحية، 08/06/2024
- ^ صحيح مسلم ، جابر بن عبد الله، مسلم، 1963، صحيح.
- ^ صحيح الجامع، البراء بن عازب، الألباني، 886، صحيح
- ^ صحيح البخاري، عمر بن الخطاب، البخاري، 54 ، صحيح.
- ^ alukah.net، الأضحية: أحكام وآداب، 08/06/2024
- ^ صحيح مسلم، شداد بن أوس، مسلم، 1955، صحيح.
- ^ binbaz.org.sa، ما المشروع في توزيع الأضحية؟، 08/06/2024
- ^ صحيح مسلم، عبدالله بن واقد، مسلم، 1971، صحيح.
- ^ صحيح مسلم، ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مسلم، 1975 ،صحيح.
التعليقات