لماذا سميت سورة الحشر بهذا الاسم

لماذا سميت سورة الحشر بهذا الاسم
لماذا سميت سورة الحشر بهذا الاسم

لماذا سميت سورة الحشر بهذا الاسم، القرآن الكريم له أهمية عظيمة في حياة المسلم، فمن خلاله تُحقق الطمأنينة والسّلام الداخلي، وهو الكتاب الذي أُنزل ليكون هداية للبشرية، وإصلاح الحياة على مستوى الفرد والجماعة، بالإضافة إلى إنّه أحد أسباب نيل الدرجات العليا في الدّنيا والآخرة، لذلك لا بُدّ من تدبّر آياته الكريمة ومعرفة أسباب النزول، للوصول إلى الشعور الروحاني الذي يُساعد على التّعلق بكلام الله تعالى والعمل بأحكامه، وفيما يأتي بيان المعلومات المعلّقة بسورة الحشر.

التعريف بسورة الحشر

جاءت سورة الحشر بحسب ترقيم المصحف العثماني السورة التاسعة والخمسين، وهي من السور التي نزلت على رسول الله –صلى لله عليه وسلم- في المدينة المنورة، وهي من السّور الكريمة النازلة بعد الهجرة النبوية، وسُميت من قِبل عبدالله ابن عباس –رضي الله عنه- باسم سورة النضير، كونها نزلت أثناء أحداث غزوة بني النضير، ويبلغ عدد آياتها أربع وعشرون آية، وأمّا بالنسبة لترتيبها من حيث النّزول، فهي السورة الثامنة والتسعون، وعدد كلماتها يبلغ سبعمائة وخمس وأربعين كلمة، وأمّا حروفها ألف وتسعمائة وثلاثة عشر حرفًا.[1]

شاهد أيضًا: لماذا سميت سورة الطلاق بهذا الاسم

لماذا سميت سورة الحشر بهذا الاسم

سميت سورة الحشر بهذا الاسم؛ لأنها تحدثت عن حشر وحصر بني النضير ولورود لفظ الحشر في السورة الكريمة، ودارت آياتها حول غزوة بني النّضير، لذلك سمّيت بسورة بني النضير كما تبيّن سابقًا، حيث نزلت هذه السورة مباشرة بعد إخراج بني النّضير من المدينة المنورة إلى أرض الشام، وذلك كان في السنة الرابعة للهجرة، والاسم الأشهر لهذه السورة هو الحشر، لقوله تعالى: “هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ”،[2] والمراد بالحشر هنا؛ إخراج بني النضير من المدينة المنورة في عهد النبوة إلى الشام بعد جمعهم، وهذا ما يُسمى بالحشر الأول.[3]

وأمّا بالنسبة للحشر الثاني، هو إجلاء بني النّضير من خيبر إلى الشام وذلك في عهد الصحابي الجليل عمر بن الخطاب -ضي الله عنه- والسبب الرّئيس في تسميتها بسورة بني النضير من قِبل ابن العباس هو: لعدم ظنّ النّاس أن الحشر المراد فيه يوم القيامة، والدليل على ذلك قوله تعالى في محكم تنزيله: “هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ”،[2] والمراد بالحشر هو إخراج بني النضير كما ذكرنا، ومن الأدلة على ذلك ما ورد في الأثر عن الصحابي سعيد بن جبير –رضي الله عنه- حيث قال: “قُلتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: سُورَةُ الحَشْرِ، قالَ: قُلْ سُورَةُ النَّضِيرِ”،[4] والله تعالى أعلم وأحكم.[3]

ما هي مناسبة سورة الحشر للسورة التي سبقتها

إنّ السورة السابقة لسورة الحشر هي سورة البينة، وفيما يتعلق بمناسبة السورتين العظيمتين، يجدر بالذّكر أنّ سورة البينة ورد فيها الحديث عن اليهود والمنافقين، وكيف كانوا أولياء بعضهم البعض، وسورة الحشر جاءت آياتها حول توضيح الآثار الناتجة عن هذا التولّي، وإنّه كان خسران كبير، وعدم وجود أيّ فائدة من هذا التولّي، حيث أُنزل حينها غضب الله تعالى على اليهود، وإخراجهم من المدينة المنورة إلى الشام، وكانت النتيجة هي تمكين النبي –صلى الله عليه وسلم- مقابل غدر المنافقين له، حيث كان النصر العظيم حليف المؤمنين والخسران من نصيب المنافقين واليهود.[5]

شاهد أيضًا: لماذا سميت سورة الجن بهذا الاسم

ما هي موضوعات سورة الحشر

جاء في بداية الآيات الكريمة لسورة الحشر التنزيه عما لا يليق بالله تعالى، ثمّ دارت آياتها حول بني النضير، وهزيمة اليهود والمنافقين بعد أن جاء نصر الله تعالى للمؤمنين، ومن ثم تحدثت عن إجلاء بني النضير بعد أن تركوا أموالهم عقب خسرانهم وهزيمتهم، ثم جاءت الآيات التي تضمّنت كيفية التقسيم لهذه الأموال بصورة تفصيلية، حيث يقول تبارك وتعالى: “مَّا أَفَاءَ اللَّـهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّـهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَاامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ”،[6] وبعد ذلك جاءت الآيات التي تبيّن حال المنافقين بأسلوب الإنكار والتعجّب، ولا سيّما عندما قاوموا بالولاء مع اليهود ضدّ المسلمين.[7]

وذكرت شيئًا من وعودهم وأقوالهم الكاذبة التي خالفت أفعالهم، ثم جاءت الآيات الأخيرة توجيها للمؤمنين بالتّمسك بما أمر الله تبارك وتعالى والاستمرار على تقواه وعبادته حقّ العبادة، كما نهاهم عن التشبه بهاؤلاء الطغاة المنافقين؛ حيث بيّن عاقبة من يفعل ذلك ومآله في الدّنيا والآخرة، واختُتمت الآيات بذكر بعض من أسماء الله الحسنى وصفاته الجليلة.[7]

وبيّنت الآيات كيفيّة تقسيم الفيء، أيْ الأموال التي تركوها عقب خروجهم من المدينة المنورة إلى الشام، حيث يكون جزءًا منها إلى الله تعالى، ومنها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم لغعمار المسجد، ومنها يكون للفقراء والمساكين، ومنها لذوي القربى، وجزءٌ منها إلى اليتامى، بالإضافة إلى جزءٌ إلى ابن السّبيل، ويُعرّف ابن السبيل بأنه الذي هاجر أهله وبلده بعد أن ضحى بأمواله ونفسه، فلا يُخذ لهم من الأغنياء شيء وإنّما خصص لهم من هذه الأموال، وبيّن الله تعالى إعجاز القرآن الكريم وعظمته، وأنّه لو نزل على جبل لتصدّع من خشيته، وفي نهاية هذه السورة العظيمة تشكّلت العديد من المبادئ والأخلاق التي يجب أن يتحلّى بها كل مسلم، والحث عليها والترغيب بها، والترهيب من الأخلاق المذمومة والتخويف منها ومن مآلها في الآخرة.[7]

ما هو سبب نزول سورة الحشر

تبيّن سابقًا أنّ سورة الحشر نزلت في غزوة بني النضير، حيث نُقض العهد الذي أُبرم مع الرّسول صلى الله عليه وسلم من قِبل اليهود، حيث كانوا يُقيمون في المدينة المنورة بسبب هذا العهد، وبعد نقض هذا العهد أمرهم النبي عليه السلام بأن يخرجوا على الفور فأبَوا ذلك، وقام عبدالله بن أُبيّ رئيس المنافقين بتشجيعهم على أن لا يخرجوا من المدينة المنورة، واتفق معهم بأن يكون بجانبهم لبدء قتال المسلمين إنْ بدأ الرسول عليه السلام بقاتلهم، ووعدهم أن يكون معهم في حال تمّ إخراجهم من المدينة، وبعد ذلك قام المسلمون بحصر بني النضير.[]

لم يتحمّلوا ذلك ممّا وافقوا على خروجهم من المدينة، وأُعطوا صلاحية تجهيز أمتعتهم بالقدر الذي تستطيع الدواب حمله، على أن لا يحملوا أيّ أداة متعلقة بالحرب، وقام بعد ذلك المنافقين بالغدر باليهود كغدرهم بالمسلمين، حيث لم ينفذوا أيّ من الوعود التي قدموها لليهود، فلم يساعدوهم ولم يخرجوا معهم، وكان هذا الولاء الذي بين اليهود والمنافقين نتائجه وخيمة جدًا.[8]

شاهد أيضًا: تفسير سورة الكافرون للاطفال

ما هو فضل سورة الحشر

إنّ كافّة سور القرآن الكريم لها فضلٌ عظيم، وتعود فائدتها الفرد والمجتمع التي لا تنحصر على نهاية، فالفائدة تكون في الدنيا والآخرة، بتحصيل الأجر والثواب من الله تبارك وتعالى، ممّا يعني أن القرآن الكريم كلّه خير، وسورة الحشر إحدى سور القرآن التي يجب تدبّرها وقراءتها بتمعّن وحفظيها وتفسيرها بصورة تحليلية وتطبيق أحكامها وتعليمها للغير، حيث لم يصحّ عن الرّسول صلى الله عليه وسلّم حديث يدلّ على أهميتها على وجه الخصوص، والأحاجيث الواردة في شأن سورة الحشر كلّها ضعيفة ومنكرة وموضوعة وليس لها أساس من الصّحّة، ومثال ذلك: “وَقَرَأَ ثَلَاثَ آيَاتٍ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْحَشْرِ، وَكَّلَ اللَّهُ بِهِ سَبْعِينَ أَلْفِ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى يُمْسِيَ، وَإِنَّ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مَاتَ شَهِيدًا، وَمَنْ قَرَأَ حِينَ يُمْسِي فَبِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ”،[9] والله تعالى أعلم.[10]

شاهد أيضًا: لماذا سميت سورة الفيل بهذا الاسم

سورة الحشر مكتوبة

سيتم فيما يأتي بيان أوائل الآيات الكريمة من سورة الحشر، والتي تتضمّن الموضوع الرّئيس لسبب نزول السورة، ولا سيّما عند إخراج اليهود من المدينة المنورة إلى الشام:[11]

بسم الله الرحمن الرحيم: “سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ۚ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا ۖ وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَار * وَلَوْلَا أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ * ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۖ وَمَن يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ * مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَىٰ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ * وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”.

لماذا سميت سورة الحشر بهذا الاسم سؤال أجبنا عليه فيما سبق، وتعرّفنا على العديد من المعلومات المتعلقة بسورة الحشر، حيث كان السبب الرئيس في سبب تسمية هذه السورة هو حشر بني النضير ومن ثمّ إخراجهم من المدينة المنورة بسبب نقض العهد مع النبي الكريم وتحالفهم مع المنافقين وولائهم لهم.

المراجع

  1. ^ marefa.org، سورة الحشر، 09/12/2022
  2. ^ سورة الحشر، 2
  3. ^ shamela.ws، سورة الحشر، 09/12/2022
  4. ^ صحيح البخاري، سعيد بن جبير، البخاري، 4209، صحيح
  5. ^ shamela.ws، سورة الحشر، 09/12/2022
  6. ^ سورة الحشر، 7
  7. ^ shamela.ws، موضوعات سورة الحشر، 09/12/2022
  8. ^ shamela.ws، سبب نزول سورة الحشر، 09/12/2022
  9. ^ تخريج المسند، معقل بن يسار، شعيب الأرناؤوط، 20306، إسناده ضعيف
  10. ^ shamela.ws، فضل سورة الحشر، 09/12/2022
  11. ^ سورة الحشر، 1-6

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *