لماذا سميت سورة الروم بهذا الاسم

لماذا سميت سورة الروم بهذا الاسم
لماذا سميت سورة الروم بهذا الاسم

لماذا سميت سورة الروم بهذا الاسم، فقد أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم على المسلمين وللناس كافة ليأخذوا منه المواعظ والعبر وليكون دليلهم ومرشدهم في جميع أمورهم الدينية والدنيوية، ويرغب كل مسلم بمعرفة أدق التفاصيل التي تتعلق بالقرآن الكريم للاستفادة منها، ومنها أسباب نزول الآيات وأسباب تسميتة السور بأسمائها، وفي مقالنا الآتي سنتعرّف على أسرار سورة الروم ولماذا سميت سورة الروم بهذا الاسم.

لماذا سميت سورة الروم بهذا الاسم

سميت سورة الروم بهذا الاسم لأنه ورد فيها ذكر الرّوم، وذلك في الآية الكريمة: “غُلِبَتِ الرُّومُ”، [1] ولم ترد كلمة الروم في القرآن الكريم كلّه إلا في هذه الآية الكريمة، وقد اشتملت سورة الروم على معجزة عظيمة بشرّت المسلمين بالخير والفرح الكبير بالنصر على الروم وذلك بعد العديد من الهزائم والخسائر، والهدف الرئيسي الذي تركز عليه سورة الروم هو توضيح الارتباط بين أحوال الناس وحياتهم اليومية، وبين الماضي والحاضر والمستقبل الذي يعيشه البشر، وتوضيح أن كل ما يجري ويحدث في هذا الكون من صغيرة وكبيرة، ومن ضيق وفرج، ومن حزن وفرح، هو بأمر الله عز وجل وبيده وحده. [2]

تعريف سورة الروم

سورة الروم هي من السور المكية التي نزلتْ على رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- في مكة المكرمة، باستثناء الآية رقم سبعة عشر (17) وهي: “فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ” [3] فهذه الآية مدنية نزلت في المدينة المنورة، وترتيب سورة الروم في المصحف الشريف هو الثلاثون (30)، وتقع في الجزء الحادي والعشرين (21) والحزب الحادي والأربعين (41)، بعد سورة العنكبوت وتليها سورة لقمان، ويبلغ عدد آياتها ستون (60) آية، وترتيبها في النزول بعد سورة الانشقاق، وقد ورد في سورة الروم الحديث عن العقيدة الإسلامية، وكما عالجتْ قضايا الحساب والجزاء والبعث وما إلى ذلك. [4]

شاهد أيضاً: لماذا سميت سورة الإسراء بهذا الاسم

مضمون سورة الروم

تضمنت سورة الروم العديد من الموضوعات الهامة ومن أبرز ما تضمنته سورة الروم نذكر الآتي: [5]

  • الكشف عن الارتباطات الوثيقة بين أحوال الناس، وأحداث الحياة، وماضي البشرية وحاضرها ومستقبلها، وسنن الكون ونواميس الوجود، وبيان أن كل حركة، وكل حادث، وكل حالة، وكل نشأة، وكل عاقبة، وكل نصر، وكل هزيمة، كلها مرتبطة برباط وثيق، محكومة بقانون دقيق، وأن مرد الأمر فيها كله لله عز وجل.
  • الحث على التمسك بدين الإسلام؛ باعتباره الدين القويم، الذي لا يقبل الله سبحانه وتعالى من عباده ديناً غيره، لأنه الدين الذي  فطر الله عز وجل الناس عليه، ومن ابتغى غير الإسلام ديناً، فهو يحاول تبديل خلق الله جل شأنه وأنى له ذلك.
  • الكشف عما في طبيعة الناس من تقلب لا يصلح أن تقام عليه الحياة، ما لم يرتبطوا بمعيار ثابت لا يدور مع الأهواء، وتصوير حالهم في الرحمة والضر، وعند بسط الرزق وقبضه، إضافة إلى بيان وسائل إنفاق هذا الرزق وتنميته.
  • الربط بين ظهور الفساد في البر والبحر، وعمل الناس وكسبهم، وتوجههم إلى السير في الأرض، والنظر في عواقب المشركين من قبل.
  • تجهيل المشركين بأنهم لا يعتبرون ولا يتعظون بالأحداث، ولا يتفكرون في أسباب نهوض الأمم وانحدارها، ولا بهلاك الأمم السالفة المماثلة لهم في الإشراك بالله عز وجل، فعمل المشركين محصور في الحياة الدنيا الزائلة ويهملون النظر في الحياة الآخرة الباقية.
  •  إثبات البعث يوم القيامة، وأنه حق لا ريب فيه، ولا ينكره إلا جاحد بيوم الدين، أو جاهل بهذا الدين.
  •  توجيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الصبر على دعوته، وما يلقاه من الناس فيها، والاطمئنان إلى أن وعد الله حق لا بد أنه آتٍ، فلا يقلقه، ولا يستخفه الذين لا يوقنون، وهو توجيه غير مباشر لحَمَلَة هذا الدين في كل زمان ومكان.

عدد آيات سورة الروم

تعدّدت أقوال العلماء في عددِ آيات سورة الرّوم، فالبعض قال بأنّ عددها ستون 60 آية، والبعض قال إنَّها تسعٌ وخمسون  59 آية، ويعود السبب في هذا الاختلاف إلى ما قيس سماعاً عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، فما وقف عليه اعتُبِر رأس آية، وما تم وصله فهو جزء من الآية السابقة، وتوضيح ذلك كالآتي:

  • عدّ الكوفيّون قول الله سبحانه وتعالى: “الم* غُلِبَتِ الرُّومُ”، [6] آيتين منفصلتين، وعدّها آخرون آيةً واحدة.
  • الآية في قول الله سبحانه وتعالى: “فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ”، [7] عدها البعض آية كاملة، والبعض الآخر عدّ “في بضع سنين” آية منفصلة.
  • الآية في قول الله سبحانه وتعالى: “وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ” [8] عدها البعض آية كاملة، واعتبر آخرون الآية “يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ” آية منفصلة.

شاهد أيضاً: لماذا سميت سورة الرحمن بعروس القرآن

سبب نزول سورة الروم

سورة الروم ليستْ من السور القصيرة في القرآن الكريم، لذلك فإنه من الصعب حصر أسباب نزول آياتِها كلُّ آية على حدة، وقد وردت العديد من القصص والروايات في سبب نزول آيات سورة الروم، ومن هذه الروايات نذكر أنّه جاء في التفسير: أنّ كسرى -عظيم الفرسِ- قد أرسل جيشًا إلى الرّوم بقيادة رجلٍ يدعى شهريراز، وكانَ قيصر -عظيم الرُّوم- قد أرسل جيشاً لملاقاة جيش الفرس بقيادة رجل يُدعى يحنس، والتقى جيش الروم مع جيش الفرس في بصرى وهي أدنى الشام إلى أرض العرب، فانتصر جيش الفرس على جيش الرومَ وبلغ ذلك رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- وأصحابَهُ في مكة المكرمة، فشقَّ ذلكَ عليهمْ، وكانَ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلّم- يكرهُ أنْ يظهرَ الأمِّيُّون من الفرسِ على أهلِ الكتاب من الروم، وشمت الكفَّارُ وفرحا بذلك، فلقُوا أصحاب رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فقالوا لهم : إنَّكم أهلُ كتابٍ والنصارى أهلُ كتاب، ونحنُ أمِّيُّون، وقدْ ظهرَ إخوانُنَا من أهلِ فارسَ على إخوانكم من الرّوم، وإنَّكم إنْ قاتلتمونَا لنظهرنَّ عليكُم، فأنزلَ الله سبحانه وتعالى قولَه: “غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ سِنِينَ ۗ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ۚ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ ۚ يَنصُرُ مَن يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ”، [9] ،ووردَ في الحديث الشريف عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنه قال: “لمَّا كانَ يوم بدرٍ ظهرتِ الرُّومُ على الفُرسِ، فأعجِبَ المؤمنونَ بذلكَ، فنزلتْ: “الم * غلبتِ الروم في أدنى الأرض” إلى قولهِ: “يفرح المؤمنون بنصر الله”، قالَ: يفرح المؤمنون بظهور الروم على الفرس”، [10] والله سبحانه وتعالى رسوله أعلم.[11]

شاهد أيضاً: لماذا سميت سورة البروج بهذا الاسم

فضل سورة الروم

يعود فضل سورة الروم إلى أنّها قامت بكشف الارتباطات الوثيقة بين أحوال الناس، وأحداث الحياة، وماضي البشرية وحاضرها ومستقبلها، وسنن الكون ونواميس الوجود، وبيان أنّ كلَّ ما يحدث في هذا العالم وهذا الكون من حركات وسكنات وأفعال وأقوال مرتبطٌ ومحكوم بقانونٍ دقيق، وأنَّ مردَّ الأمر كله إلى  الله سبحانه وتعالى، وقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: “لله الأمر من قبل ومن بعد”، [12] ، وعلى المسلم أن يعلم أن الغلبةُ والنصرُ ليس فقط لمجرّد وجود الأسباب وحدها، إِنَّما لا بدّ له أن يقترن بقضاء الله عز وجل وقدره، وهذه هي الحقيقة الأولى التي يؤكّدها القرآن كلُّهُ، وقد حثّتْ آيات سورة الروم على التمسّك بدين الإسلام لأنّه هو دين الصلاح والخير والحق، ولا يقبل الله عز وجل لعبادِهِ دينًا سواه، فهو الدين الذي فطر الله سبحانه وتعالى الناس عليه، ومن ابتغى غيره دينًا، فقد حاول تبديل ما خلق الله، وأنّى له ذلك إذ لا تبديلَ لخلق الله سبحانه وتعالى، وهذا واضحٌ لكلِّ مَن أبحرَ في تفسيرِ سورة الروم وشرحها، وسبرَ أغوارها، والله عز وجل ورسوله أعلم. [13]

وإلى هنا نصل إلى ختام مقالنا الذي وضّح لماذا سميت سورة الروم بهذا الاسم، وما هو تعريف سورة الروم وما عدد آياتها، وكما تطرّق المقال إلى ذكر المقاصد من سورة الروم، وسبب نزول سورة الروم وفضل هذه السورة.

المراجع

  1. ^ سورة الروم، آية 2
  2. ^ marefa.org، تسمية سور القرآن وأسباب النزول، 12/12/2022
  3. ^ سورة الروم، آية 17
  4. ^ wikiwand.com، سورة الروم، 12/12/2022
  5. ^ islamweb.net، مقاصد سورة الروم، 12/12/2022
  6. ^ سورة الروم ، آية 1-2
  7. ^ سورة الروم، آية 4
  8. ^ سورة الروم، آية 55
  9. ^ سورة الروم، آية 1-5
  10. ^ صحيح الترمذي، أبو سعيد الخدري، الألباني، 3192، صحيح
  11. ^ islamweb.net، أسباب نزول سورة الروم، 12/12/2022
  12. ^ سورة الروم، آية 4
  13. ^ alukah.net، مقاصد سورة الروم، 12/12/2022

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *