قبل الخوض في الحديث عن حكم قول قوس قزح في الإسلام، لا بدّ من القول بأنّ قوسُ قُزَح أحد الظواهر الطبيعية التي تجمع ألوانه وتظهر على شكل نصف دائرة، فهو ظاهرة بصريَّة تحدثُ بسبب انكسار وانعكاس ضوء أشعّة الشَّمس على قطرات المطر[1]، أما معنى قُزَح فهو يتمثل بعدة معانٍ، حيثُ يقصد بالقزح الارتفاع، كما أنّها جمع قُزحة وتعني الطريقة التي تتركّب منها الألوان، كما قال بعض العلماء فيما يخص معنى القزح بأنّه اسم أحد الملائكة الموكل بالسحاب أو اسم الشَّيطان، وأيضًا اسم لإله الرَّعد والمطر عند بعض الكفار، كما قال أنّ ابن منظور في معجم لسان العرب: “أنّ كلمة قزح مأخوذة من التقزيح بمعنى التحسين، بينما رأى آخرون أنّ القزح يقصد به الألوان أو الطرائق الموجودة داخل القوس”.[2]
ذكر الشيخ ابن باز -رحمه الله- في تعليقاته على زاد المعاد الصحيح بأنّ قول قوس قزح جائز ولا دليل على الكراهة [4]، حيثُ إنّ الاستدلال بالحديث المنقول عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يجوز وهو من الأحاديث المكذوبة، فقد اختلف الآئمة فيما يخص هذا القول حيث يرى الإمام الثعالبي -رحمه الله- أنه لا بأس من هذا القول وليس فيه كراهية، وأضاف أنه يمكن إطلاق عدة أسماء عليه ومنها “قوس السماء، وقوس السحاب، وقوس قزح”، كما أشار الإمام البخاري -رحمه الله- إلى ضعف الحديث الذي يدل على كراهة هذا القول، مستدلًا عما ورد عن ابن عباس رضي الله عنه: “الْمَجَرّة باب من أبواب السماء، وأما قَوس قُزح فأمَان مِن الغَرق بعد قوم نوح عليه السلام”.[5]
أجبنا في مستهلّ مقالنا عن هل يجوز قول قوس قُزح، حيثُ يعتبر قَوسُ قَزَح عند الطائفة الشيعية بأنّه اسمًا للشَّيطان، ولذلك تُعدّ هذه التسمية من الأُمور المَنهِي عنها، وقد أوضحوا بأنّ الأفضل والأحوط أن يقول المسلم قوسُ الله، فقد ورد في كتبهم عدة أدلة تبين النهي عن استخدام هذه التسمية ومنها: “في ما أجاب الحسن بن علي عليهما السلام من أسئلة ملك الروم وقال السائل: ما قوس قزح؟ قال: ويحك! لا تقل قوس قزح، فإن قزح اسم شيطان، وهو قوس الله، وعلامة الخصب، وأمان لأهل الأرض من الغرق”، بالإضافة إلى ما ورد عن الأصبغ عندما سأل ابن الكواء أمير المؤمنين عليه السلام فقال: “يا أمير المؤمنين! أخبرني عن قوس قزح. قال: ثكلتك أمك [يا ابن الكواء]! لا تقل قوس قزح فإن قزح اسم الشيطان، ولكن قل: قوس الله إذا بدت يبدو الخصب والريف”.[6]
الدعاء عند رؤية قوس قزح
لم يرد في كتاب الله أو السنة النبوية الشريفة دعاءً خاصًا يتم قوله عند رؤية قوس قزح، ولكن يستطيع المسلم الدعاء بالأدعية المأثورة عند نزول المطر، حيثُ إنّ الدّعاء له مكانة كبيرة ومنزلةٌ عالية في الإسلام، وقد وعد الله المسلمين بإجابة دعواتهم وإعطائهم أجراً عليها، فقد كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا رأى في السَّماءِ غُبارًا أو ريحًا تعوَّذ باللهِ مِن شرِّه فإذا أمطَرت قال:” اللَّهمَّ صيِّبًا نافعًا”[7]، كما يمكن الدعاء بقول:”اللَّهُمَّ صَيِّبًا نَافِعًا، اللَّهُمَّ صَيِّبًا هَنِيئًا، اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك، اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وأعوذ بك من شرها، وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به”.
صحة حديث لا تقولوا قوس قزح
يعتقد بعض المسلمين ورود أحاديث نبوية تنهى المسلمين عن قول قوس قزح، فقد ورد قوله: “لا تقولوا قوس قزح فإن قزح شيطان -أو هو الشيطان- ولكن قولوا قوس الله عز وجل فهو أمان لأهل الأرض من الغرق”، لكن هذا الحديث لم يصح ولا أصل له، وقد قال عنه الشوكاني في كتابه الفوائد: قال ابن الجوزي موضوع، وقال الذهبي: واهٍ في إسناده ضعيفان، وقال عنه الألباني في السلسلة: موضوع، ولذلك لا يجوز الاحتجاج به ولا الاستناد إليه، ويجوز بناء عليه قول قوس قزح ولا حرج في ذلك لأن معنى الجملة لا يخالف الشريعة الإسلامية ولا المعتقدات الإسلامية وليس عليه شيء، فالأصل في هذه الأمور الإباحة ما لم يثبت التحريم بدليل صحيح وصريح، ولم يثبت الحديث ولم يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.[2]
مقالات قد تهمك
وهكذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقال هل يجوز قول قوس قزح، الذي تحدثنا فيه عن آراء العلماء المختلفة حول حكم هذه التسمية، وكذلك قمنا بذكر نبذة بسيطة عن معنى قوس قزح، بالإضافة إلى معرفة معنى قوس قزح وحكم قولها عن الطائفة الشيعية.
تعليقات