الطلاق قبل الدخول هل تحسب طلقة

الطلاق قبل الدخول هل تحسب طلقة وما حكم طلاق المرأة قبل الدّخول بها، فمن لطف الله -سبحانه وتعالى- بعباده أن شرع لهم الزواج، الذي جعل لهم فيه فوائد وحكم عظيمة وكثيرة، ونهت الشريعة الإسلامية عن التبتل والعزوف عن الزواج، وقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- الشباب على الزواج، ففيه السكينة والتحصين، وقد تحدث بعض الأمور التي تدفع الأزواج للانفصال بالطلاق، وعبر هذا المقال سيتم تسليط الضوء على مسألة تطليق الزوجة قبل الدخول بها.

الطلاق في الشريعة الإسلامية

شرّع الله -سبحانه وتعالى- الطلاق لعباده المسلمين كما شرّع لهم الزواج، وذلك عندما تصل الحياة الزوجية لمرحلة من عدم القدرة على الدوام، فالطلاق هو حل قيد النكاح كلّه أو بعضه في حال كان الطلاق رجعيًا، وقد ورد في القرآن الكريم الكثير من الآيات الكريمات التي تدل على مشروعية الطلاق للمسلمين، وكذلك في السنة النبوية الشريفة وردت الكثير من الأحاديث الصحيحة، ويمكن التوصل للطلاق للعديد من الأسباب كعدم صلاح أحد الزوجين في دينه وخلقه، وعجز الرجل عن القوامة ونشوز الزوجة وأمورًا أخرى، وقد فصل أهل العلم في حكم الطلاق، ففي بعض الأحيان يكون واجبًا وقد يكون مستحبًا، وقد يكون مباحًا وقد يكون مكروهًا أو محرمًا والله أعلم.^[1]

شاهد أيضًا: كيف أعرف أن الطلاق خير لي ، نصائح للزوجة التي تريد الطلاق

الطلاق قبل الدخول هل تحسب طلقة

 ذكر أهل العلم أن الطلاق قبل الدخول بالزوجة يعدّ طلقة، فلو طلق الرجل المرأة التي عقد عليها قبل أن يدخل بها ثم راجعها أو عقد عليها مجددًا دون أن تعقد أو تتزوج غيره فإنها تكون معه على ما بقي لها من عدد الطلقات، فلها طلقتان لأن الأولى حُسبت طلقة، ولا خلاف بين أهل العلم في ذلك، فلو طلقها قبل أن يدخل بها وتزوجت غيره وطلقها ثم عاد الأول ونكحها فهي تكون معه على طلاق ثلاث كأن لم يطلقها من قبل، ولا خلاف بين أهل العلم في ذلك، وقد ورد في قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ}.^[2] فبذلك يكون الطلاق ثلاث مرات وبعدها تحرم المرأة على الرجل إلا أن يتزوجها آخر والله أعلم.^[3]

شاهد أيضًا: نصيحة للزوجة التي تطلب الطلاق ، متى يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق

حكم طلاق المرأة قبل الدخول بها

ذكر أهل العلم أنه في حال قام الرجل بتطليق الزوجة التي عقد عليها عقد النكاح ولم يدخل بها فإن الطلاق يقع، ولو كرر اللفظ ثلاثًا فإنه يعد طلقة واحدة، ويكون الطلاق مرة، وللرجل أن يعيد الزوجة على ذمته بعقدٍ جديد وبنكاحٍ جديد ولا حرج عليه في ذلك، فاللفظ ثلاثًا لا يعني أنه وقعت الطلقات الثلاث فالمرأة التي لم يُدخل بها لا يلحقها إلا طلقة واحدة، وتكون بائنةً بينونة صغرى، ولا عدة لها ولا رجعة إنما تكون عودتها بعقدٍ جديد بموافقتها، ثم ترجع على ما تبقى لها من مرات الطلاق وهي مرتين والله ورسوله أعلم.^[4]

طلق زوجته قبل الدخول ثم عقد عليها وطلقها مرتين

تتعدد حالات الطلاق والرجعة بكثرة في العلاقات الزوجية، فمن طلق زوجته قبل الدخول بها ثم عقد عليها وطلقها بعد العقد الثاني مرتين فقد حرمت عليه ولا يحل له إرجاعها أبدًا، فالطلقة التي وقعت قبل الدخول حُسبت من الطلقات الثلاث، ولا تُلغى بتجديد عقد الزواج، بل يكون قد استنفد عدد الطلقات بالطلقتين اللتين طلقها بهما بعد العقد الثاني، وقد ورد عن ابن قدامة في المغني أنه لا عدة لمن لم يُدخل بها في حال طلاقها ولا رجعة لها ولا نفقة ولو رغب خاطبها أن يعيدها فهي ترجع بعقدٍ جديد وتنحسب الطلقة الأولى من عدد طلقاتها المتبقية والله ورسوله أعلم.^[5]

شاهد أيضًا: أسباب تجعل المرأة تطلب الطلاق شرعاً

العقد الجديد بعد الطلاق قبل الدخول لا يهدم ما قبله من الطلقات

قد يذهب بعض المسلمين إلى تطليق الزوجة قبل الدخول بها، ويظن أنه لا تحسب لها طلقة لو أنه أرجعها بعقدٍ جديد، لكن أهل العلم قالوا أنّ من طلّق الزوجة قبل الدخول بها، فإنه تقع طلقة بائنة بينونة صغرى، فلو أرجعها بمهرٍ وعقدٍ جديد ثم طلقها قبل الدخول بها أيضًا تقع طلقة بائنة بينونة صغرى، ثم عقد عليها بمهرٍ وعقدٍ جديدين وطلقها سواءً قبل الدخول بها أو بعده فهنا تقع الطلقة البائنة بينونة كبرى، ولا تحل له بعدها مطلقًا حتى تنكح زوجًا غيره زواج رغبة لا زواج تحليل، فالعقد الجديد بعد أي طلاق لا يهدم الطلقات التي وقعت قبله، بل إن لكل امرأة ثلاث طلقات ولو عادت للرجل بعقدٍ جديد والله ورسوله أعلم.^[6]

كيف يتم فسخ عقد الزواج الشرعي قبل الدخول

ذكر أهل العلم أن فسخ عقد الزواج الشرعي قبل الدخول بالزوجة لا يخلو من حالتين، وهما كما يأتي:^[7]

• في الحالة الأولى: لو أن الزوجين كانا قد اتفقا على فسخ عقد النكاح المبرم بينهما، فلا يكون هنالك أيّة حاجة لقاضٍ شرعي، بل يقومان بفسخه بنفسهما، فيقول الرجل فسخت زوجتي فلانة بنت فلان، ويحتاج الفسخ إلى شاهدين.
• في الحالة الثانية: إن كان بين الزوجين خلاف على الفسخ كأن يرغب أحدهما بالفسخ والثاني لا يرغب به، فحينئذٍ لا بدّ من وجود القاضي الشرعي، فيقوم القاضي بفسخ العقد بينهما، أما بالنسبة للصداق فلو كان الفسخ من الزوج فللمرأة نصف صداقها إن كان الفسخ قبل الدخول، ولها صداقها كله لو كان الفسخ بعد الدخول بها أو الخلوة الشرعية، والله ورسوله أعلم.

شاهد أيضًا: هل يجوز الطلاق في الحيض

أحكام متعلقة بالطلاق قبل الدخول

من المهم للأزواج المختلفين في مسائل الطلاق قبل الدخول أو بعده أن يعرضوا مسألتهم على قاضٍ شرعي معتمد أو من يقوم بدوره في البلاد التي يعيشون فيها، وفي الطلاق قبل الدخول لا بدّ من مراعاة الأحكام الآتية:^[8]

• لو حصل الطلاق قبل الدخول بالزوجة أن حصول خلوة شرعية بين الرجل والمرأة فلا عدة عليها ولها نصف مهرها المسمى، ولو لم يُسمى المهر فلها المتعة بحسب قدرة الرجل، ولا ترجع إليه إلا بعقد نكاحٍ جديد.
• لو وقع الطلاق قبل الدخول بالزوجة لكن وقع بينهما خلوة شرعية كاملة، فعند جمهور أهل العلم أن على المرأة عدة الطلاق، وتأخذ مهرها كاملًا بلا نقص، ولا ترجع له إلا بعقدٍ ومهرٍ جديدين.
• لو عادت الزوجة إلى زوجها بعقد ومهر جديدين لا يصح للرجل أن يطلب من الزوجة أن تتنازل عن حقوقها إلا إن فعلت ذلك عن طيب خاطر منها، ولا يحق لأحدهما أن يخل بأي شرط من شروط العقد الجديد.
• لا يحل للزوج أن يتراجع عن الشروط التي اتفق عليها مع الزوجة أو مع وليها سواءً كانت الشروط شفهية أو كتابية.

شاهد أيضًا: كفارة حلف الطلاق عند الغضب ، ما هو حكم يمين الطلاق بالثلاثة

ما هي حقوق المطلقة قبل الدخول بها

لو وقع عقد الزواج وأراد الرجل أن يطلق زوجته قبل أن يدخل بها فلا حرج عليه بذلك، وتحديدًا لو أنهما لم يتفقا ويتوافقا بينهما، فلو وقع الطلاق على المرأة قبل أن يتم الدخول بها فلا عدة لها، وذلك لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ۖ فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلً}.^[9] ولو وقع الطلاق قبل الدخول بها فلها نصف مهرها والأحب والأفضل أن يعفو أحد الزوجين عن نصفه من المهر للآخر إحسانًا وأجرًا، أما لو خلا الرجل بها حتى لو لم يجامعها، فتنزل عليها أحكام المطلقة المدخول بها، فيكون لها العدة ولها مهرها كاملًا، ولها النفقة حتى تنتهي عدتها، أما لو لم يدخل بها ولم يخلو بها فلا تجب لها النفقة أبدًا والله ورسوله أعلم.^[10]

هل الخلوة الشرعية تعتبر دخول

اختلف أهل العلم في مسألة الخلوة الشرعية هل تلحق بالدخول في أحكامها أم لا، فلو خلا الزوج بزوجته ولو لم يحص جماعًا هل يعد ذلك جماعًا، وجاءت أحكامهم وفق ما يأتي:^[11]

• اختار الإمام أحمد بن حنبل أن الخلوة تلحق الدخول بثلاثة أحكام فهي تقرر المهر للزوجة وتوجب عليها العدة وتثبت للرجل الرجعة في عدة الزوجة.
• أما الإمام أبو حنيفة وفي قولٍ قديمٍ للإمام الشافعي فقالا أن الخلوة تلحق بالدخول في أحكام المهر والعدة ولا تثبت الرجعة للزوج في عدة المرأة.
• أما قول الشافعي الجديد فقال أن الخلوة الشرعية لا تعد دخولًا ولا تلحق بالدخول في أي حكم، واستدل بقوله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلاَّ أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلا تَنسَوْا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.^[12]
• أما الإمام مالك فقد نُقل عنه عديد الأقوال فتارةً وافق الأحناف وتارةً وافق الشافعية، وقال أنها لا تلحق الدخول إلا إن طالت مدتها.

في ختام هذا المقال نكون قد عرفنا الطلاق قبل الدخول هل تحسب طلقة، وكذلك تم الاطّلاع على عديد الأحكام الشرعية المرتبطة بالطلاق قبل الدخول بالزوجة، وما يترتب على ذلك الطلاق ما هي حقوق الزوجة فيه.