حدود العلاقة بين الزوجين في عدة الطلاق الرجعي

حدود العلاقة بين الزوجين في عدة الطلاق الرجعي
حدود العلاقة بين الزوجين في عدة الطلاق الرجعي

حدود العلاقة بين الزوجين في عدة الطلاق الرجعي وأحكام العدة للمطلقة طلاقًا رجعيًا وكيفية حدوثها وشروطها، من أهم المعلومات الشرعية التي على المسلمين تعلمها والتعرف عليها، وذلك لأنها تمس أمورًا هامة في حياة المسلم وهي الزواج والطلاق والرجعة، فالطلاق أمرٌ مشروع في الإسلام بأحكامٍ وضوابط شرعية معينة، حيث نظم الإسلام علاقة الرجل بطليقته في عدتها وبيّنها، وعبر هذا المقال سيتم تسليط الضوء على شكل علاقة الزوج بزوجته المطلقة طلاقًا رجعيًا في عدتها.

ما هو الطلاق الرجعي

إن الطلاق الرجعي هو كل طلاقٍ يجوز للرجل فيه أن يرجع طليقته إلى ذمته بدون علمها أو موافقتها وبدون عقدٍ شرعيٍ جديد وبدون مهرٍ جديد، ويكون الطلاق الرجعي بعد الدخول بالزوجة بالطلقة الأولى أو الثانية وقبل انتهاء عدة المطلقة المنصوص عليها شرعًا، أما لو كان الطلاق قبل الدخول بالزوجة فهو بائنٌ بينونة صغرى، وكذلك لو انتهت عدتها من الطلاق الرجعي فهي تبين بينونة صغرى، أما الطلاق الثالث فتكون المرأة طالقًا فيه طلاقًا بائنًا بينونة كبرى، وقد استدل أهل العلم على الطلاق الرجعي بقوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا ۚ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.[1] فيكون الطلاق الرجعي الذي يمكن للزوج مراجعة زوجته فيه دون إذنها أو رضاها ودون عقدٍ جديد والله ورسوله أعلم.[2]

شاهد أيضًاكفارة حلف الطلاق عند الغضب ، ما هو حكم يمين الطلاق بالثلاثة

حدود العلاقة بين الزوجين في عدة الطلاق الرجعي

إن الطلاق الرجعي هو الطلاق الذي يقع بصريح الطلاق بمجرد التلفظ به مقصودًا ولو بعدم وجود النية بإيقاعه، ويكون بالطلقة الأولى والثانية بعد الدخول بالزوجة، وفيه تعتد المرأة في بيت زوجها، أما في حدود العلاقة بين الطليقين في عدة الطلاق الرجعي فهي محل خلافٍ بين أهل العلم، وقد جاء ذلك عندهم على قولين:[3]

  • القول الأول: وأصحابه الأحناف والحنابلة فقالوا فيه أن المطلقة طلاقًا رجعيًا تُعامل كالزوجة يباح له أن ينام بجوارها وتقبلها وأن يسافر معها إن كان يقصد بذلك إرجاعها أم لم يقصد، وكذلك أخبر الأحناف أنه يباح للزوج أن يطأها ويخلو بها ولها أن تتزين له وذلك بغية الحمل على الرجعة، وقد اختار الشيخ ابن عثيمين أنه يلزمها طاعته فيما يأمرها وتتطيب له وتمازحه ويباح لهما ما يباح للزوجين إلا في بعض المسائل القليلة ولو بدون نية مراجعة، وتحصل عند الأحناف الرجعة بالقبلة واللمس بشهوة وعند الحنابلة لا تحصل الرجعة إلا بالجماع.
  • القول الثاني: وأصحاب هذا القول هم الشافعية والمالكية، والذين قالوا أنه لا يجوز للرجل والمرأة في الطلاق الرجعي أن يستمتع الرجل بالمرأة بأي طريقةٍ كانت سواءً باللمس أو التقبيل ونحوه، ولا يباح له أن ينام بجوارها ولا يسافر معها، فتحريم الاستمتاع جاء لكل صوره عندهم، فهي مُفارقة لزوجها كما البائن، ولو وطئها الزوج وهو على علمٍ بالحكم الشرعي عندهم فإنه يُعزّر من الإمام، فلا يكلمها ولا تتزين له ولا يخلو بها ولا يخالطها ولو كانت نيته أن يرجعها حتى يقوم بمراجعتها والله ورسوله أعلم.

علاقة الزوج بزوجته المطلقة خلال العدة

إن الراجح في القول عند أهل العلم أن المطلقة الرجعية تنزل عليها أحكام الزوجة تمامًا في فترة عدتها، وذلك لأنها في فترة عدة الطلاق الرجعي تكون الزوجية قائمة، يكون للزوج الأحقية في أن يرجع زوجته بالقول والفعل في هذه الفترة ولو دون موافقتها، ولا تكون المرأة محرمة تحريمًا كاملًا على زوجها إلا عندما تنتهي المدة الشرعية للعدة، فلو انتهت تلك العدة دون أن يرجع الزوج زوجته إلى عصمته فإنها تصبح طالقًا طلاقًا بائنًا بينونة صغرى، وتحرم بذلك الزوجة عليه لانقطاع العلاقة الزوجية وأحكامها بينهما، وفي أثناء حمل المطلقة المعتدة طلاقًا رجعيًا فإن عدتها تنتهي بوضع حملها لو أنها وضعت في ساعة طلاقها أو بعد تسعة أشهر من الطلاق فلا تنتهي عدتها إلا بعد وضع حملها، وتكون عدتها ثلاث حيضاتٍ كاملات للزوجة التي تحيض، أما الصغيرة واليائس من الحيض فيكون طول عدتها ثلاثة أقمار شهرية.[4]

حكم من جامع طليقته ولا ينوي الرجعة

على الزوج إن طلق زوجته طلاقًا رجعيًا ثم أقدم على مجامعة زوجته في عدتها دون نية إرجاعها أن يقوم بالتوبة إلى الله، لأنه وطئها دون رغبة منه أن يرجعها لعصمته، ولو حصل بينهما في هذا الجماع ولد أن يقر به وأن ينظر مجددًا في مراجعة الزوجة والمصلحة المترتبة عليها، وقد اختلف أهل العلم هل تقع الرجعة للمطلقة طلاقًا رجعيًا بالجماع أم لا، وذلك كما يأتي:[5]

  • اختار أصحاب المذهب الحنفي أن الرجعة تحصل بالوطء ومقدمات الجماع كلها كالتقبيل بشهوة في أي موضع أو اللمس مع حرارة الشهوة، فلو حصل منه ذلك لطليقته فإنه يعد راضيًا برجعتها.
  • واختار أصحاب المذهب المالكي إلى أن الرجعة صحيحة بالجماع ومقدماته جميعها شرط أن تقترن بالنية، فلو فعل أحدها أو جميعها بغير نية لا تصح الرجعة ويكون قد ارتكب إثمًا.
  • اختار أصحاب المذهب الشافعي أن الرجعة لا تكون إلا بنطق الرجل وقوله للمطلقة أرجعتك أو أي قولٍ يدل على مراجعتها، والرجعة عند الشافعية لا تصح بالجماع أو الفعل مطلقًا سواءً كان قد نوى رجعتها مع فعله أم لم ينو.
  • أما أصحاب المذهب الحنبلي فقد اختاروا أن الرجعة تكون صحيحةً بوطء المطلقة طلاقًا رجعيًا سواءً اقترن الجماع بالنية أم لم يقترن، أما مقدمات الجماع فلا تصح بها الرجعة مطلقًا والله ورسوله أعلم.

شاهد أيضًا: أسباب تجعل المرأة تطلب الطلاق شرعاً

حق الزوج في الرجعة في الطلاق الرجعي

ذكر أهل العلم أن الرجعة في الطلاق الرجعي حق من حقوق الزوج، ولا حاجة لقبول المرأة أو علمها فيها، وقد تم تعريف الرجعة شرعًا أنها رجوع المطلقة طلاقًا رجعيًا لعصمة زوجها جبرًا عليها، ومن المستحب للمسلمين الإشهاد على الرجعة لما ورد من الحث على ذلك في سورة الطلاق في القرآن الكريم، وأخبر كثيرٌ من العلماء أن الإشهاد في الرجعة واجب على المسلمين، ولا يجوز للمرأة في عدتها أن تعترض أو تمتنع عن الرجعة لزوجها لو أرجعها، أما لو كان الطلاق بائنًا بينونة صغرى أو كبرى، كأن يكون طلاقًا بالطلقة الثالثة، أو أن يكون بالخلع، أو أن يحكم به القاضي لسببٍ شرعي كأن تكون الزوجة متضررة من بقائها مع الزوج فلا حق له في الرجعة في هذه الأحوال، وذلك لأن المرأة فيها تكون قد أصبحت بائنًا من الزوج والله ورسوله أعلم.[6]

شاهد أيضًا: في حالة الخلع ما هي حقوق الزوجة

ما تصح الرجعة به في الطلاق

إن للزوج الحق أن يرجع زوجته المطلقة طلاقًا رجعيًا في القول والفعل، وهذا الحق لا يسقط بالإسقاط فهو حقٌ للها، ولا تلزم الرجعة رضا الزوجة ولا عقد ومهر جديدين، ويمكن الرجعة بالقول أو الفعل باختلافٍ بين أهل العلم، وفق الآتي:[7]

  • يمكن الرجعة بالقول بالألفاظ الصريحة عند بعض أهل العلم دون الحاجة للنية فيها، كأن يقو لزوجته راجعتك أو أرجعتك أو أي لفظٍ حدده أهل العلم، في حين اعتبر الشافعية المالكية أن ألفاظ رددتك وأمسكتك من ألفاظ الكنايات الغير الصريحة.
  • الرجعة القولية بالألفاظ الكنائية التي يمكن أن تحمل أكثر من معنى فقد تدل على الرجعة أو غيرها وهي فيها خلاف بين أهل العلم، فعند الجمهور قالوا أنها تصح الرجعة بها باقتران النية، أما الحنابلة فقالوا لا تصح بها الرجعة مطلقًا.
  • الرجعة بالجماع والمعاشرة الزوجية وقد تم بيان تفصيلها فيما سبق، فقد قال بعض أهل العلم أنها تصح الرجعة بها بدون نية وآخرون قالوا تصح مع نية.
  • الرجعة بمقدمات الجماع أخبر فيها الشافعي أنها لا تصح الرجعة فيها ولو مع نية، واشترط ابن حزم أن يكون الجماع بعد لفظ الرجعة والإشهاد والإعلام للزوجة، أما جمهور أهل العلم فقالوا أنها تصح الرجعة بمقدمات الجماع دون نية عند الأحناف، وعند المالكية لو اقترن بنية، والحنابلة انقسموا بين القولين.

شاهد أيضًا: نصيحة للزوجة التي تطلب الطلاق ، متى يجوز للمرأة أن تطلب الطلاق

شروط الرجعة في الطلاق الرجعي

بعد بيان حدود العلاقة بين الزوجين في عدة الطلاق الرجعي لا بدّ من ذكر الشروط لهذا الطلاق، فمن نعم الله -سبحانه وتعالى- على عباده أن شرّع لهم مراجعة الرجل زوجته بعد الطلاق في فترة عدتها لو كان الطلاق رجعيًا، وذلك أن الطلاق منه قد يكون في حالة غضب أو اندفاع أو تأثر، بل هي واجبة في كل طلاق بدعي يلزم الرجل بها، كمن يطلق زوجته في حيضها، وقد وضع أهل العلم عديد الشروط لتصح الرجعة بها، والتي منها ما يأتي:[8]

  • أن يكون الفراق بين الرجل وزوجته بالطلاق.
  • أن يكون الطلاق قد وقع لعقد نكاحٍ صحيح.
  • أن يكون الطلاق رجعيًا أي من الطلقة الأولى أو الثانية.
  • يشترط أن يكون الطلاق بلا عوض كالخلع الذي لا تجوز فيه الرجعة.
  • يشترك بالرجعة أن يكون الطلاق وقع بعد دخول الرجل بزوجته.
  • أن تتم الرجعة قبل انقضاء فترة العدة.
  • لا يشترط في الرجعة رضا المرأة أو معرفتها.
  • لا يشترط في الرجعة وجود ولي المرأة أو مهرٍ جديدٍ لها أو عقدٍ جديد.
  • لا يلزم الرجل أن يخبر المرأة بإرجاعها.
  • لا يشترط للرجعة أن يتم الإشهاد عليها.

شاهد أيضًاكيف أعرف أن الطلاق خير لي ، نصائح للزوجة التي تريد الطلاق

عدة الطلاق الرجعي

تبدأ عدة المطلقة طلاقًا رجعيًا منذ لحظة الطلاق، وتنقضي بأن تحيض المرأة إن كانت ممن تحيض ثلاث حيضات، أو لو كانت ممن أيسن تستمر ثلاثة أشهر، ولو كانت حاملًا تكون عدتها حتى تضع حملها، وواجبٌ على الزوجة التي يطلقها زوجها أن تدخل بيت زوجها وتعتد فيه ولا تخرج منه إلا عند الضرورة ولا يجوز للزوج أن يخرجها منه، فقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ}.[9] ولو كانت الزوجة في بيتٍ غير بيت زوجها كبيت أهلها وطلقها زوجها فعليها أن تنتقل إلى بيت زوجها تعتد فيه حتى انقضاء عدتها، فلو راجعها قبل انقضاء عدتها عادت زوجةً له ولو بدون إشهاد ولو بدون رضاها ولا تتطلب الرجعة عقدًا ومهرًا جديدين، أما لو انقضت العدة فإنها تغادر بيت زوجها إلى بيت وليها أبيها أو جدها أو أخيها وتبين عن الزوج بينونةً صغرى ولو أراد إرجاعها بعد ذلك فإنه يحتاج لعقدٍ ومهرٍ جديدين والله ورسوله أعلم.[10]

بهذا نختتم مقال حدود العلاقة بين الزوجين في عدة الطلاق الرجعي، والذي تم من خلاله تسليط الضوء على أحكام العدة في الطلاق الرجعي، وما يباح للرجل وزوجته فيها وما هي حدود علاقتهما، وطريقة الرجعة في العدة وشروطها وأحكامها.

أسئلة شائعة

أسئلة شائعة
هل يجوز النوم مع طليقتي في العدة؟
عند الحنفية والحنابلة أنها كالزوجة يجوز النوم بجوارها أو منفصلا عنها كما يجوز تقبيلها والسفر معها سواء قصدت بذلك ارتجاعا أم لا، أما باقي المذاهب فلا يجوز النوم بجوارها.
متى تنتهي عدة المطلقة طلاقا رجعيا؟
فمن الفقهاء من يرى أن عدة المرأة ثلاث حيضات، ومنهم من يرى أن عدتها ثلاثة أطهار، فعلى من يقول بأن عدتها ثلاث حيضات فإن المرأة تنتهي عدتها بمجرد انقطاع الدورة الثالثة من بعد الطلاق، وقيل بل بعد الغسل من الدورة الثالثة.
هل يجوز زواج المرأة بعد الطلاق الرجعي؟
فالمرأة التي طلقها زوجها طلقة واحدة، لا يجوز لها أن تتزوج حتى تنقضي عدتها، بثلاث حيضات، إن كانت ممن تحيض، فإذا اغتسلت من الحيضة الثالثة، انقضت عدتها، وحلت للأزواج.

المراجع

  1. ^ سورة البقرة، الآية 228
  2. ^ islamweb.net، الطلاق الرجعي.. ماهيته.. والعدد المسموح به، 28/02/2023
  3. ^ islamweb.net، حدود العلاقة بين الزوجين في عدة الطلاق الرجعي، 28/02/2023
  4. ^ aliftaa.jo، علاقة الزوج بزوجته المطلقة خلال العدة، 28/02/2023
  5. ^ islamqa.info، وطئ مطلقته في العدة من غير نية إرجاعها وحملت منه، 28/02/2023
  6. ^ islamweb.net، الرجعة حق للزوج إلا في حالات.، 28/02/2023
  7. ^ aliftaa.jo، التطبيقات العملية لأحكام الرجعة بين الفقه والقضاء الشرعي الأردني، 28/02/2023
  8. ^ al-eman.com، شروط الرجعة، 28/02/2023
  9. ^ سورة الطلاق، الآية 1
  10. ^ islamweb.net، عدة المطلقة طلاقاً رجعياً حددها الشارع، 28/02/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *