حكم قول ما شاء الله وشئت ومتى يكون قولها شركًا أصغر أو أكبر

حكم قول ما شاء الله وشئت ومتى يكون قولها شركًا أصغر أو أكبر
حكم قول ما شاء الله وشئت

حكم قول ما شاء الله وشئت، كلمات يتناقلها العامة ويطلقها الناس على بعضهم ولا يعلمون إن كانت تنال من كمال توحيدهم أم لا، ولذلك كم نحن بحاجة إلى معرفة حكم هذه الكلمات حتى نكون قد استبرأنا لديننا من أقوال لا نعلم حقيقتها ونبدلها بما لا يطال إيماننا وعقيدتنا، وسيتناول لكم موقع تصفح في هذا المقال إحدى هذه الكلمات التي يقولها الكثير وسنرى رأي الشرع فيها.

حكم قول ما شاء الله وشئت

أجمع العلماء على تحريم قول ما شاء الله وشئت لكونها نوع من أنواع الشرك اللفظي  مستدلّين بذلك على العديد من الأحاديث الشريفة التي نهى بها النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل هذا الفعل بأن يشرك الإنسان أحدًا من الخلق مع الله في القدرة والعظمة والفعل فهو سبحانه القادر وحده العظيم ولا عظيم سواه فعال لما يريد ولا يشرك في حكمه أحدًا، فهذا القول يدخل الإنسان في الشرك دون أن يدري فهو يضع مشيئة الناس مع مشيئة الله في خانة واحدة، وبميزان واحد وهذا من الأخطاء الفادحة التي تخرج الإنسان من تمام التوحيد الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم  لأنه ساوى بين المخلوق وبين الخالق بالواو فلو شاء قال لو شاء الله ثم شئت فبهذا يخرج من الشرك لأن الواو تفيد الجمع وثم تفيد الترتيب مع التراخي في الزمن أي الفصل في الزمن بين الأول والثاني، فلهذا جاء النهي عن ذلك، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الحين الذي رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنه حين قال: “جاء رجُلٌ إلى النَّبيِّ عليه السَّلامُ فراجَعهُ في بعضِ الكَلامِ، فقال: ما شاء اللهُ عزَّ وجلَّ وشِئْتَ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أجعَلْتَني مع اللهِ عَدْلًا؟ لا، بلْ ما شاء اللهُ وحدَهُ.”[1] ، والله تعالى أعلم. [2]

متى يكون قول ما شاء الله وشئت شركًا أكبر

ما شاء الله وشئت يكون شركًا أكبرًا عندما يكون في اعتقاد القائل لهذه الكلمات أن الشخص الذي يقول له شئت بيده أن يشاء ويختار كما الله عز وجل فيجعل قدرته مساوية لقدرة الله عز وجل، وهذا الظن يخرجه منالمله ويجعله مشركًا بالله نما لم ينزل به سلطانًا فقد قال تعالى: “وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ..” [3] ، ليخرج أي مخلوق مهما كانت مكانته عند ربه من أن يشركه رب العزة في إرادته واختياره، وكما أمر الله عباده ألا يجعلوا له أندادًأ حيث قال: “فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ” [4] ، فإن هذا الخطأ اللفظي إن تعدى اللفظ ووصل إلى القلب بيقين أن الشخص قادر على فعل شيء كقدرة الله على فعله وأن يجعل مشيئتهما في نفس المستوى يخالف العقيدة و يخرج الإنسان من بوتقعة التوحيد إلى الإشراك وبالتالي يخرجه من الإسلام ومع هذا الفعل فإنه يحتاج إلى توبة وإنابة تجعله يعدل عقيدتك ويعيد النظر في إيمانه من جديد وعليه أن يفهم معنى التوحيد بشكل يليق بمكانة المولى عز وجل، فعلى الإنسان أن يحترس من مثل هذه الأخطاء اللفظية المتعلقة بالعقيدة، ففيما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام “أنَّ مُعاذًا رضِيَ اللهُ عنه قال: يا رسولَ اللهِ، وإنَّا لَمُؤاخَذون بما نتَكلَّمُ به؟ فقال: وهَل يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ على مَناخِرِهم إلَّا حَصائدُ ألْسِنَتِهم؟!” [5] ، والله تعالى أعلم. [6]

شاهد أيضًا: ما هو حكم قول شاءت الأقدار عند الكلام عن المصيبة

متى يكون قول ما شاء الله وشئت شركًا أصغر

ما شاء الله وشئت ينصب في الشرك اللفظي وهو الشرك الأصغر إن لم يخالط هذا القول اعتقاد قلبي بأن قدرة هذا الشخص مساوية لقدرة الله عز وجل وإنما هي دونه ولكن خانه لفظه وكلماته ولم يصب المعنى ولكن قلبه يعتقد بقدرة الله التي لا يوازيها قدرة ولا يصلها بشر فهو القادر المقتدر سبحانه فاعتقاده أن قدرة هذا الشخص دون قدرة الله ولكنه أشرك به في اللفظ، وقد سماه النبي شركًأ لأنه لبس في التوحيد وإشراك بالله غيره في أمر لا يستطيعه غيره، غير أنه لا يخرج من المِلَّة، فقال تعالى: ” وَمَا تَشَاؤُونَ إِلا أَن يَشَاء اللَّهُ رَبُّ العَالَمِين” [7] ، ولكن ينبغي أن نبين بأن الشرك الأصغر بأنه ذريعة توصل للشرك الأكبر، لذلك على الإنسان أن يحتاط وينتبه لكلماته فقد قال تعالى: “مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ” [] ، فهذا الشرك لا يخرج من الإسلام ولكنه ينبئ عنه خلل في العقيدة و علة في كمال التوحيد، ومن الألفاظ التي قد تدخل في الشرك الأصغر أيضًا كقول إن شاء الله وشئت، لولا الله وفلان، وأنا متوكل على الله وعليك، وكذلك الحلف بغير الله والرياء والتذلل والتضرع لغير الله من الأولياء والصالحين بالدعاء، كل هذا وغيره من صور الشرك الأصغر التي يد تحتاج لإعادة صياغة وهيكلة لخرج المسلم من الشرك الأصغر، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “من حلف بغيرِ اللهِ فقد كفرَ أو أشركَ” [9] ، والله ورسوله أعلم. [6]

شاهد أيضًا: ما هو حكم قول الله يقرفك عند الغضب أو الكره

ما الفرق بين الشرك الأصغر والشرك الأكبر

إن بين الشرك الأكبر والأصغر فرق كبير وإن اشتركا في اسم الشرك ولكن الشرك الأكبر يخرج صاحبه من الإسلام فلا يقبل له عمل لا صلاة ولا زكاة ولا غيرها من الأعمال الصالحة التي أمر الله بها لأنه يناقض التوحيد الذي جاءت به الشريعة الإسلامية وبعث به النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا يغفره الله ما لم يتب ويعيد صياغة معتقداته من جديد فلا يجعل مع الله أحدًا، فإن مات هذا الشخص وإن كان له أعمال مثل الجبال جعلها الله هباء منثورًأ لشركه به ويوجب عليه النار والخلود فيها، أما الشرك الأصغر فلا يخرج صاحبه من الإسلام ولا يحبط عمله من صلاة أو زكاة أو صيام ولا أي عمل صالح آخر لأنه لا يناقض أصل التوحيد وإنما يناقض كمال التوحيد، وقد يغفر الله الشرك الأصغر فإن مات الشخص دخل في في مشيئة الله فإن شاء عذبه وإن شاء رحمه وغفر له، وعليه التوبة أيضًا من هذا الشرك لأنه ينقص من إيمان العبد وقد يوصله إلى الشرك الأكبر، وإن الشرك الأصغر لا يحبط الأعمال ويكون كمن خلط عملًا صالحًأ وآخر سيئًأ فإن كان يوم القيامة وزنت أعمال العبد فإن رجحت حسناته أدخل الجنة وإلا فيدخل النار، وقد يعذب في النار مقدار ما يطهره من سيئاته ولكنه لا يخلد فيها. [10]

شاهد أيضًا: حكم قول يحلها الف حلال ابن عثيمين

شرح حديث أجعلتني لله نداً

ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: “جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فراجعَه في بعضِ الكلامِ فقال : ما شاء اللهُ وشئتَ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أجعَلْتني مع الله عِدلًا ( وفي لفظ ندًّا لا بل ما شاءَ اللهُ وحدَه )” [11] ، ويظهر في هذا الحديث بأن الرجل قد قال ما شاء الله وشئت للنبي عليه الصلاة والسلام قاصدًا بذلك تعظيمه وجعله فوق الناس، فجعل الأمر راجعًا لمشيئة الله ومشيئته، ولكن ذلك لم يكن يرضي النبي عليه الصلاة والسلام وكان يأمر المسلمين بالابتعاد عن كل ما قد يوصلهم للإشراك بالله عز وجل بقول أو عمل، ولذلك استنكر على هذا الرجل قوله، حتى لا يستدرجه الشيطان فيوصله بتعظيمه للنبي العدنان إلى الإشراك به مع رب العباد فجعل المخلوق مع الخالق، ولم يكتفي بالاستنكار بل أرشده إلى أن يستبدل هذه الجملة بجملة غيرها تحمل في مضمونها توحيدًأ لله عز وجل، فقطع عنه أي سبيل للشرك قوصله إلى الشرك الأكبر والعياذ بالله، فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز واصفًا خوف النبي على أمته وحرصه عليهم، قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} [12] ، والله ورسوله أعلم. [13]

شاهد أيضًا: ما هو حكم قول لولا الله وفلان أو بفضل الله ثم فلان

حكم قول ما شاء الله ثم شئت 

إن قول ما شاء الله ثم شئت لا حرج فيها ولا ضير فهي تختلف عن قول ما شاء الله وشئت وقد يكون هذا الإختلاف لا يدركه الكثيرون ولذلك علينا أن نبين الإختلاف بين المقولتين، فإن باختلاف حرف العطف فقط تغير المعنى في الجملتين، فحرف العطف الواو يفيد الجمع بين المعطوف والمعطوف عليه بينما حرف العطف ثم يفيد الترتيب والفصل بينهما وبالتالي جعلت مشيئة العبد بعد مشيئة الله وهذا الأمر لا خلاف فيه ولا شك ولا ضير، وبذلك يخرج المسلم من الشرك الأصغر إلى التوحيد بمجرد تغيير حرف العطف، فالمشيئة في كل أمر لله وحده جل جلاله ومن بعدها تأتي مشيئة الخلائق وحتى وإن كانوا أنبياء، وقد ورد في ذلك قول حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “لا تَقولواما شاءَ اللهُ وشاءَ فُلانٌ، ولكنْ قُولواما شاءَ اللهُ، ثمَّ شاء فُلانٌ.” [14] ، والله تعالى أعز وأعلم. [15]

وبذلك نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالنا هذا حكم قول ما شاء الله وشئت أيها الأحبة الكرام، تناولنا فيه حكم هذه المقولة وإن كانت من الشرك الأكبر أو الأصغر وما الفرق بين الشرك الأكبر والأصغر من أكثر من ناحية وكذلك تناولنا شرح حديث أجعلتني لله ندًّا وختمنا بحكم ما شاء الله ثم شئت،  نرجو أن نكون قد وفقنا بما عرضنا ونسأل الله لكم القبول.

المراجع

  1. ^ تخريج مشكل الآثار، عبدالله بن عباس،شعيب الأرناؤوط،235،حسن
  2. ^ binbaz.org.sa، 51 باب قول: ما شاء الله وشئت، 02/04/2023
  3. ^ سورة القصص، الآية: 68
  4. ^ سورة البقرة، الآية: 22
  5. ^ تخريج شرح الطحاوية، معاذ بن جبل،شعيب الأرناؤوط،202،حديث صحيح بطرقه
  6. ^ shamela.ws، القول المفيد على كتاب التوحيد،ابن عثيمين،ج2 ص228، 02/04/2023
  7. ^ سورة الإنسان، آية: 30
  8. ^ سورة ق، الآية: 18
  9. ^ صحيح الترمذي، عبدالله بن عمر،الألباني،1535،صحيح
  10. ^ alukah.net، الشرك الأكبر والشرك الأصغر والفرق بينهما، 02/04/2023
  11. ^ السلسلة الصحيحة، عبدالله بن عباس،الألباني،1/266،حسن
  12. ^ سورة التوبة، الآية: 128
  13. ^ islamweb.net، أجَعَلْتني لِلَّهِ نِدّا؟!، 02/04/2023
  14. ^ العقيدة والآداب الإسلامية، حذيفة بن اليمان،محمد ابن عبد الوهاب،109،صحيح،
  15. ^ islamweb.net، لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان، 02/04/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *