شرح قصيدة اني ذكرتك بالزهراء مشتاقا لابن زيدون

شرح قصيدة اني ذكرتك بالزهراء مشتاقا لابن زيدون
شرح قصيدة اني ذكرتك بالزهراء مشتاقا

شرح قصيدة اني ذكرتك بالزهراء مشتاقا لابن زيدون، وهو ما سوف نتحدّث عنه في هذا المقال، إذ تعتبر هذه القصيدة للشاعر ابن زيدون من القصائد الغزلية التي يعبر فيها عن شوقه لمحبوبته وهي بعيدة عنه، ويبحث الكثير من الدارسين عن شرح هذه القصيدة، وذلك لأنّه يتم تدريسها لطلاب المرحلة الإعدادية أو الثانوية، ولذلك سنقوم بشرحها وذكر نبذة عن كاتبها، بالإضافة إلى الصور الفنية التي استخدمها الشاعر، وشرح المفردات الصعبة التي وردت فيها، والأفكار الرئيسية في القصيدة.

من هو كاتب قصيدة اني ذكرتك بالزهراء مشتاقا

إن كاتب قصيدة إني ذكرتك بالزهراء مشتاقا هو الشاعر ابن زيدون، واسمه الكامل هو أبو الوليد أحمد بن عبد الله بن أحمد بن غالب بن زيدون المخزوميّ الأندلسيّ، وهو من مواليد 1003 للميلاد في قرطبة، ويعتبر من أبرز شعراء الأندلس، تنوّع شعره فكتب في الغزل العفيف وفي الرثاء والفخر، ووصف الطبيعة، حيث كان لنشأته في مدينة قرطبة التي اشتهرت بطبيعتها الرائعة دوراً في إبداعه في هذا المجال، كما امتاز شعر ابن زيدون بطول القصيدة وكثرة الفنون الشعريّة التي اتبعها، فكان من أبرع شعراء عصره، فقد برع ابن زيدون في الشعر والنثر، وكان السفير بينه وبين الأندلس، فأعجبوا به. واتهمه ابن جهور بالميل إلى المعتضد بن عباد فحبسه، فاستعطفه ابن زيدون برسائل عجيبة فلم يعطف، فهرب، وهو صاحب “رسالة ابن زيدون” التهكمية، بعث بها عن لسان ولادة إلى ابن عبدوس، وكان يزاحمه على حب ولادة بنت المستكفي، وتوفي في عام 1071 للميلاد في إشبيلية، وعاش حياته في الأندلس.[1]

شرح قصيدة اني ذكرتك بالزهراء مشتاقا

تعتبر قصيدة إني ذكرتك بالزهراء مشتاقا من أجمل القصائد التي نظمها الشاعر ابن زيدون، ويرجع سبب كتابته لها إلى وصف مدينة الزهراء، والذي دفعه لوصفها تذكُّر محبوبته، حيث ضَمّن قصيدته وصفًا دقيقًا لجماليات مدينة الزهراء، فقد وضح الشاعر مشاعره وحبه وأشواقه باستخدام العديد من المحسنات البديعية التي زادت من جمال القصيدة، وإن عدد أبيات القصيدة خمسة عشر بيتًا، وقد كتبها في العصر الأندلسي من القرن الخامس الهجري، ونظمها على البحر البسيط، وفيما يأتي سيتم بيان شرح هذه القصيدة بكل بساطة وسلاسة:
  • إنّي ذَكَرتُكِ بالزهراء مُشتاقًا **** الأُفقُ طَلقٌ وَمَرأى الأَرضِ قَد راقا
    وَلِلنَسيمِ اِعتِلالٌ في أَصائِلِهِ **** كَأَنَّهُ رَقَّ لي فَاعتَلَّ إِشفاقا

يبدأ الشاعر بوصف مشاعره وأشواقه لمحبوبته البعيدة، والتي عادت وتجدّدت في حنايا مدينة الزهراء الجميلة، فقد بعثت هذه المدينة في نفس الشاعر الذكريات والأشواق، فالسماء صافية، ووجه الأرض ضاحك، كوجه محبوبته، ثم يذكر الشاعر مظاهر الطبيعة وجمالها وروعتها، كالنسيم العليل المنعش، وهنا يُجسّد جوانب الطبيعة بشخصيات إنسانيّة تتفاعل وتتأثر بأشواقه، فالنسيم يمرض ويشفق لحال الشاعر مراعاةً لمشاعره.

  • وَالرَوضُ عَن مائِهِ الفِضِيِّ مُبتَسِمٌ **** كَما شَقَقتَ عَنِ اللَبّاتِ أَطواقا

         يَومٌ كَأَيّامِ لَذّاتٍ لَنا انصَرَمَت **** بِتنا لَها حينَ نامَ الدَهرُ سُرّاقا

ويقول الشاعر في هذه الأبيات أنّ الروض والبساتين الخضراء الجميلة، والماء الأبيض الصافي والنقي الذي يجري بجماله، والذي يُشبه جمال عنق المحبوبة عندما تتفتح عنه الثياب، وتنكشف عنها الملابس، كما يصف جمال هذه الأماكن، وأنّه يُهيّج في نفوسنا ذكريات الأيام الجميلة بما تحويه من متع ولذات، حيث أصبحنا اليوم نسترق لحظاتها حتى لا نحسد عليها، والتي تسرق من أيدينا بلمح البصر.

  • نَلهو بِما يَستَميلُ العَينَ مِن زَهَرٍ**** جالَ النَدى فيهِ حَتّى مالَ أَعناقا

          كَأَنَّ أَعيُنَهُ إِذ عايَنَت أَرَقي **** بَكَت لِما بي فَجالَ الدَمعُ رَقراقا

وهنا يقول ابن زيدون بأّن جمال الزهر والطبيعة الخلابة من حوله يجذب مشاعره إلى القيام باللهو واللعب بهذه النباتات التي أثقلها الندى النقي، فمالت غصونها من ثقل الماء الذي تجمّع من حبات الندى، مما زاد من جمالها وروعتها، ويصيف جمال المظهر فكأنّ هذه الزهور عيون تتساقط الدموع منها تأثُّرًا لحاله وسهره وشوقه، وهنا يتجسّد الزهر بحال الإنسان الذي يتعاطف مع مشاعر الشاعر.

  • وَردٌ تَأَلَّقَ في ضاحي مَنابِتِهِ :::فَازدادَ مِنهُ الضُحى في العَينِ إِشراقا

        سَرى يُنافِحُهُ نَيلوفَرٌ عَبِقٌ :::وَسنانُ نَبَّهَ مِنهُ الصُبحُ أَحداقا

يُواصل الشاعر في هذه الأبيات وصف جمال الزهور وقت الضحى؛ حيث تزداد جمالًا في هذا الوقت من النهار، ويزداد إشراقها ورونقها، كما يُخصّص الشاعر كلامه عن نبات النيلوفر؛ إذ تفتّح مع إشراق الصباح وانتشر عبقه ورائحته الجميلة كأنّه إنسان نعس، بعيونٍ ذابلة.

  • كُلٌّ يَهيجُ لَنا ذِكرى تَشَوُّقِنا **** إِلَيكِ لَم يَعدُ عَنها الصَدرُ أَن ضاقا

        لا سَكَّنَ اللَهُ قَلبًا عَقَّ ذِكرَكُمُ **** فَلَم يَطِر بِجَناحِ الشَوقِ خَفّاقا

وهنا في ختام القصيدة يقول الشاعر أنّ كل هذه الجماليات والمناظر الخلابة والصافية التي يراها في مدينة الزهراء تبعث في نفسه الأشواق والذكرى لمحبوبته، ممّا يجعل صدره ضيقًا، ومشاعره تفيض شوقًا وحنينًا، ويدعو الشاعر في البيت الأخير على قلبه ويتمنى له عدم الراحة إذا لم يُجدّد الشوق وينبض بذكر محبوبته البعيدة عنه.

الصور الفنية في قصيدة اني ذكرتك بالزهراء مشتاقا

وردت في قصيدة اني ذكرتك بالزهراء مشتاقا للشاعر ابن زيدون الكثير من الصور الفنية والمحسنات البديعية، والتي تجعل من مواطن الجمال فيها كثيرة ومتنوعة، مما يميزها عن القصائد الأخرى، ونذكر منها الآتي:

  • استعارة مكنية: وذلك عندما قال الشاعر: “الأفق طلقٌ ومرأى الأرض قد راقا”، وهنا شبه الشاعر الأفق بالإنسان ذو الوجه الطلق البشوش، وبالتتالي أبقى على المشبه وهو الأفق، وحذف المشبه به وهو الإنسان، وأبقى على شيء من لوازمه.
  • استعارة مكنية: وذلك عندما قال الشاعر: “وَلِلنَسيمِ اِعتِلالٌ في أَصائِلِهِ”، حيث شبّه النسيم بإنسان عليل مريض، فذكر المشبه وهو النسيم، وحذف المشبه به وهو الإنسان، وأبقى على شيء من لوازمه.
  • استعارة مكنية: وذلك عندما يقول الشاعر: “وَالرَوضُ عَن مائِهِ الفِضِيِّ مُبتَسِمٌ”، حيث صوّر الروض بإنسان مبتسم، فذكر المشبّه وهو الروض، وحذف المشبه به وهو الإنسان، وأبقى على شيء من لوازمه.
  • تشبيه تمثيلي: وذلك عندما قال الشاعر: “كَما شَقَقتَ عَنِ اللَبّاتِ أَطواقا” حيث شبّه حالة الماء، وهو يجري متلألأ بين الرياض الخضراء بحالة الفتاة الجميلة التي شقّت عن صدرها، فبان جمالها وبياضها عنقها وجاذبيته الأخّاذة.
  • استعارة مكنية: وذلك عندما قال الشاعر “بِتنا لَها حينَ نامَ الدَهرُ سُرّاقا” حيث شبّه الدهر بإنسان ينام، ذكر المشبه وهو الدهر، وحذف المشبه به وهو الإنسان، وأبقى على شيء من لوازمه.
  • استعارة مكنية: وذلك عندما قال الشاعر “نَلهو بِما يَستَميلُ العَينَ مِن زَهَرٍ **** جالَ النَدى فيهِ حَتّى مالَ أَعناقا” حيث شبّه الأزهار بإنسان له عنق قد مال من ثقل ما يحمل، فذكر المشبه وهو الزهر، وحذف المشبه به وهو الإنسان، وأبقى على شيء من لوازمه.
  • تشبيه ضمني: وذلك عندما قال الشاعر “جالَ النَدى فيهِ حَتّى مالَ أَعناقا” حيث شبّه الأزهار بما تحمله من حبات الندى حتى أثقلها فمالت أغصانها، بحالة إنسان قد أثقله الحمل فمال عنقه، وقد ضمّن ذلك ولم يُصرّح به بشكل واضح.
  • تشبيه تمثيلي: عندما قال “بَكَت لِما بي فَجالَ الدَمعُ رَقراقا” حيث شبّه حالة تساقط الندى في الصباح من الأزهار بحالة إنسان قد رقّ لحالة غيره وتأثر بها، فسالت دموعه.
  • استعارة مكنية: عندما قال الشاعر “سَرى يُنافِحُهُ نَيلوفَرٌ عَبِقٌ **** وَسنانُ نَبَّهَ مِنهُ الصُبحُ أَحداقا” حيث شبّه الشاعر نبات النيلوفر بإنسان يُساب غيره، فذكر المشبه، وحذف المشبه به وهو الإنسان، كما شبّه هذا النبات بإنسان به أنفاس، وبالتالي حذف المشبه به وأبقى على شيء من لوازمه.

معاني المفردات الصعبة في قصيدة اني ذكرتك بالزهراء مشتاقا

يواجه بعض الأشخاص صعوبة في فهم معاني بعض المفردات التي يوردها الشاعر في قصيدته، فيما يأتي معاني المفردات الصعبة التي وردت في قصيدة ابن زيدون إني ذكرت بالزهراء مشتاقا:

  • طلق: مُنشرح.
  • راقا: صار نقيًا وصافيًا.
  • اعتلال: مرض وعلة.
  • أصائل: مفردها أصيل، وهو الوقت بين العصر والمغرب.
  • الإشفاق: الرحمة والرأفة
  • الروض: الأرض الخضراء بأنواع النباتات.
  • اللبات: مفردها لبة، وهي موضع القلادة من الصدر.
  • أطواق: جمع طوق، وهو ما يلف حول العنق من الحُليّ.
  • يستميل: يجذب النظر والانتباه إليه.
  • جال: امتلأ.
  • أرقي: سهري وقلة نومي.
  • الرقراق: المتلألئ.
  • تألق: لمع وبرق.
  • نافحه: أرسل له.
  • عبق: منتشر الرائحة الزكية.
  • نيلوفر: نوع من أنواع نبات الريحان ينبت في المياه الراكدة.
  • أحداق: مفردها حدقة، وهو سواد العين.
  • خفاقا: متحركة.
  • سرى: مشى أو ذهب في الليل.
  • أضناه: أتعبه وأرهقه.

الأفكار الرئيسة في قصيدة اني ذكرتك بالزهراء مشتاقا

تَدور الأفكار الرئيسة للقصيدة حول عدّة محاور ونقاط مختلفة، والتي يمكن بيانها على النحو الآتي:

  • تحدّث ابن زيدون في الأبيات الأولى من قصيدته عن جمال الطبيعة، ومشاركتها له في شوقه لمحبوبته الغائبة.
  • وصف الشاعر جمال طبيعة مدينة الزهراء من ورد وريحان وطبيعة خلابة ومياه بيضاء نقية.
  • عبر الشاعر عن مُعاناته النفسية وأشواقه والحب الذي يكمن بداخله، رابطًا ذلك بالطبيعة الخلابة المحيطة به.
  • ختم ابن زيدون قصيدته بالتذكير بالعهد، ووعد بالبقاء عليه، ودوام حبه وشوقه لمحبوبته للأبد.

شرح قصيدة اني ذكرتك بالزهراء مشتاقا pdf

يرغب الكثير من الأشخاص في الحصول على شرح قصيدةِ اني ذكرتك بالزهراء مشتاقا للشاعر ابن زيدون على شكل ملف بصيغة pdf بهدف استخدامه في أغراض متنوعة ومختلفة، مثل نسخها أو الاحتفاظ به على الهاتف المحمول، أو على جهاز الحاسوب واستخدامه في أوقات لاحقة لأغراض مختلفة، كما يرغب فيه الناس من أجل طباعته والحصول عليه ورقيًا وتوزيعه في الصفوف الدراسية أو الجامعة، أو من أجل الاستفادة منه في إعداد تحليل ومعرفة الصفات الفنية وشرح المفردات الصعبة في هذه القصيدة، أو من أجل كتابة بحث عن القصيدة بشكل تفصيلي، وما إلى هنالك من استخدامات متعددة، ويمكن الحصول على شرح قصيدة اني ذكرتك بالزهراء مشتاقا للشاعر ابن زيدون على شكل ملف بصيغة pdf، والذي يمكنك تحميله من خلال الضغط على الرابط التالي “من هنا“.

مقالات قد تهمك

شرح قصيدة اللغة العربية لحافظ إبراهيم pdf ومعاني المفردات الصعبة فيها شرح قصيدة عرس المجد لعمر أبو ريشة وشرح المفردات الصعبة فيها
شرح قصيدة طوق الياسمين نزار قباني وأهم الصور البلاغية فيها شرح قصيدة حصاني كان دلال المنايا للشاعر عنترة بن شداد العبسي
شرح قصيدة إرادة الحياة والأفكار الرئيسية فيها شرح قصيدة بشار بن برد في الغزل وشرح المفردات الصعبة فيها
شرح قصيدة ألا ليت الشباب يعود يوما لأبو العتاهية شرح قصيدة فليتك تحلو وَالحَيَاة مريرة لأبي فراس الحمداني

إلى هنا أعزاءنا رواد موقع تصفح، نكون قد وصلنا إلى ختام هذا المقال، والذي يحمل عنوان شرح قصيدة اني ذكرتك بالزهراء مشتاقا لابن زيدون، والذي قدمنا لكم فيه نبذة عن الشاعر الأندلسي ابن زيدون، وعرضنا لكم شرح الأبيات بشكل مبسط وسهل، كما ذكرنا لكم الصور الفنية في هذه القصيدة، وشرح معاني المفردات الصعبة التي وردت فيها، بالإضافة إلى تحليل بعض نقاط القصيدة، وقمنا بتوفير المعلومات السابقة جميعها على شكل ملف بصيغة pdf.

المراجع

  1. ^ aldiwan.net، ابن زيدون، 03/09/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *