لماذا سميت سورة هود بهذا الاسم

لماذا سميت سورة هود بهذا الاسم من الأسئلة الهامة التي يبحث عن إجابتها العديد من المسلمين، وقد تضمنت سورة هود أصول الدين الإسلامي العامة من التوحيد، والرسالة، والبعث والجزاء والحساب، وتمتاز هذه السورة بما فيها من القوارع والزواجر، والدعوة إلى الاستقامة، وقد ذكرت السورة العديد من القصص التي تمثل الصراع بين أهل الحق والباطل، وفي هذا المقال سنعرض نبذة مختصرة عن سورة هود، كما سنوضح بشكل مفصل سبب تسمية سورة هود بهذا الاسم.

التعريف بسورة هود

تعد سورة هود من السور مكية إلا الآيات الثلاث التالية وهي:{فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ}^[1]، وقوله: {أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ}^[2]، فإنها نزلت في ابن سلام وأصحابه، وقوله: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ، إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ}^[3]، فإنها نزلت في نبهان التمار، وهذه الآيات الثلاثة مدنية، ويبلغ عدد آيات سورة هود مائة وثلاث وعشرون آية، وهي من المئين، وترتيبها في المصحف الحادي عشر، في الجزء الثاني عشر، نزلت بعد سورة يونس، بدأت بحروف مقطعة {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ}،^[4] والله أعلم.^[5]

شاهد أيضاً: لماذا سميت سورة يونس بهذا الاسم

لماذا سميت سورة هود بهذا الاسم

سميت سورة هود بهذا الاسم؛ لاشتمالها على قصة هود عليه السلام مع قومه عاد، فقد قال تعالى:{وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ}^[6]، وهذه القصة تمثل صراع حاد بين هود -عليه السلام- وبين قومه الذين دعاهم إلى عبادة الله تعالى، وحذرهم من عبادة الأصنام والإشراك بالله تعالى، فقد قال الله -تعالى- على لسان هود عليه السلام :{ويا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ}^[7]، ولكنهم أصروا على عنادهم وكفرهم بالله -تعالى- وجاء في سورة الحاقة عذاب قوم هود فقد أرسل الله عليهم رياح شديدة سبع ليال وثمانية أيام قال تعالى:{وَأَمّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ * سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيّامٍ حُسُوماً فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى  كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ * فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ}.^[]

مناسبة سورة هود لما قبلها

تقع سورة هود بين سورة يونس وسورة يوسف، ومناسبتها لما قبلها وهي سورة يونس ما يأتي:^[5]

•  كلا السورتين افتتحا بالحروف المتقطعة “الر”، وكذلك بإثبات أن القرآن الكريم من عند الله تعالى.
• أن سورة يونس اختمت باتباع رسالة القرآن وشريعة الله، لما فيها من خير وصلاح للإنسان، وكذلك اختتمت سورة هود بوصف الإسلام والقرآن والنبي الذي جاء بالحق من الله، والدعوة إلى الإيمان بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.
• فصلت سورة هود ما أجمل في سورة يونس من أصول الاسلام من إثبات الوحي، ووحدانية الله تعالى، والبعث والنشور، والثواب والعقاب والحساب، كذلك فصلت محاجة المشركين في ذلك وتحديهم بالقرآن.
• ذكرت سورة هود قصص بعض الأنبياء كنوح وإبراهيم وهود وصالح ولوط‍ وشعيب عليهم السلام، وذكرت سورة يونس  قصص بعض الأنبياء كقصة نوح عليه السلام، وقصة موسى عليه السلام مع فرعون، ويونس عليه السلام.

شاهد أيضاً: لماذا سميت سورة النحل بهذا الاسم

سبب نزول سورة هود

ليس كل سورة وآية لها أسباب نزول معروفة، بل إن فيه القصص التي تنزل عبرة وتسلية، ومنه آيات الأحكام، فلم يرد  سبب نزول سورة هود كاملة، ولكن أهل العلم ذكروا في كتب التفسير أسباب نزول بعض الآيات من سورة هود عليه السلام، فورد سبب نزول الآية الخامسة، وسبب نزول الآية الثانية عشر، وسبب نزول الآية مائة وأربعة عشر، وهذه الأسباب هي كالآتي:^[5]

سبب نزول الآية الخامسة

إن سبب نزول قوله تعالى: {أَلَا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ ۚ أَلَا حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ۚ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}^[9]، أن طائفة من المشركين قالوا: إذا أغلقنا أبوابنا وأرخينا ستورنا واستغشينا ثيابنا وطوينا صدورنا على عداوة محمد -صلى الله عليه وسلم- كيف يعلم ربُّنا؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية، ومعنها أن مايخفون في صدورهم من عداوة محمد صلى الله عليه وسلم، فالله -سبحانه- يعلمه، ويعلم مايخفون في سرائرهم كما يعلم مايظهرون، ويعلم ما في نفوسهم من الخير والشر، وقيل أنها نزلت في الأخنس بن شريق، وكان رجلا حلو المنطق، يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلّم بما يحب، وينطوي له بقلبه على ما يسوء.

سبب نزول الآية الثانية عشر

إن سبب نزول قوله تعالى: {فَلَعَلَّكَ تَارِكُۢ بَعۡضَ مَا یُوحَىٰۤ إِلَیۡكَ وَضَاۤىِٕقُۢ بِهِۦ صَدۡرُكَ أَن یَقُولُوا۟ لَوۡلَاۤ أُنزِلَ عَلَیۡهِ كَنزٌ أَوۡ جَاۤءَ مَعَهُۥ مَلَكٌۚ إِنَّمَاۤ أَنتَ نَذِیرࣱۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ وَكِیلٌ}^[10]، روي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رؤساء مكة قالوا: يا محمد، اجعل لنا جبال مكة ذهبا إن كنت رسولا، وقال آخرون: ائتنا بالملائكة يشهدون بنبوّتك، فقال: لا أقدر على ذلك، فنزلت هذه الآية.

شاهد أيضاً: لماذا سميت سورة سبأ بهذا الاسم

سبب نزول الآية مائة وأربعة عشر

إن سبب نزول قوله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ ۚ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ۚ ذَٰلِكَ ذِكْرَىٰ لِلذَّاكِرِينَ}^[11]، أن رجلاً أصاب امراة لاتحل له فقبلها، وبعدها ندم على فعله وذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلّم، فأخبره بما حصل، فأنزل الله: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ، إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ} فقال الرجل للرسول عليه السلام: إلي نزلت هذه الآية؟ فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: لجميع أمتي كلهم.

فضل سورة هود

إن في تلاوة القرآن الكريم أجر عظيم من الله تعالى، وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بفضل سورة هود فعن وهب بن عبدالله السوائي أبو جحيفة قال: “قالوا : يا رسول الله ! قد شبت ؟ ! قال : شيبتني هود وأخواتها، وفي رواية : شيبتني هود، والواقعة، والمرسلات، وعم يتساءلون، وإذا الشمس كورت”^[12]، وروي حديث ضعيف في فضلها عن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: “اقرؤوا سورة هود يوم الجمعة”^[13]، وقد ورد بعض الأحاديث الموضوعة في فضلها يجب على المسلم الحذر منها كحديث: “ومن قرأ يونس أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من كذب يونس وصدق به وبعدد من غرق مع فرعون، ومن قرأ سورة هود أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق بنوح وكذب به”.^[14]

شاهد أيضاً: لماذا سميت سورة الروم بهذا الاسم

موضوعات سورة هود

وردت العديد من الموضوعات الهامة في سورة هود، وفيما يأتي أبرزها:^[5]

• إثبات أن القرآن الكريم محكم وهو كلام الله تعالى، وبيان نوعان من أنواع التوحيد بالله تعالى، توحيد الألوهية وهو عبادة الله وحده، وتوحيد الربوبية: أي الاعتقاد بأن الله وحده هو الخالق المدبر لهذا الكون، والمتصرف فيه على مقتضى حكمته ونظام سنته.
• إثبات البعث والجزاء، وبيان مصير المؤمنين وجزائهم، ومصير الكافرين وسوء عاقبتهم، وإنذار الجاحدين بإهلاك الأمم الظالمة، وبيان أحوال الناس في الشدة والرخاء بين طبع المؤمن والكافر، فالمؤمن صابر وقت الشدة، شاكر وقت الرخاء، والكافر فرح فخور حال النعمة، يئوس كفور حال المصيبة.
• استعجال الناس الخير والنفع، والعذاب الذي ينذر به الرسل، وبيان أن طبائع الناس تختلف حتى في قبول الإسلام.
• ذكر بعض قصص الأنبياء، كقصة نوح، وهود، وصالح، وإبراهيم، ولوط، وشعيب، وموسى- عليهم صلوات الله وسلامه، وذلك لتسلية للنبي صلى الله عليه وسلّم على ما يتعرض له من أذى المشركين وصدهم عن دين الله تعالى.
• بيان قصة هود الذي سميت السورة باسمه، ودعوته لقومه عاد، وانكارهم وجحودهم بالله تعالى، وعدم الإيمان به.
• الأمر بالاستقامة في الدين، وإقامة الصلاة على وقتها، وقد ختمت السورة بالأمر بالتوكل على الله في كل حال.

أجبنا في هذا المقال عن سؤال لماذا سميت سورة هود بهذا الاسم ، فسميت سورة هود بهذا الاسم؛ لاشتمالها على قصة هود -عليه السلام- مع قومه عاد ودعوتهم إلى توحيد الله تعالى وترك الشرك وعبادة الأصنام، كما عرضنا مناسبة سورة هود مع سورة يونس فقد فصلت سورة هود ما أجمل في سورة يونس، وبينا أسباب نزول آيات سورة هود، وذكرنا أبرز موضوعات سورة هود وفضلها في السنة المطهرة.