لماذا سميت غزوة تبوك بغزوة العسرة

لماذا سميت غزوة تبوك بغزوة العسرة
لماذا سميت غزوة تبوك بغزوة العسرة

لماذا سميت غزوة تبوك بغزوة العسرة؟ معلومٌ أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- أمر بالجهاد، وقد قام الرسول ومن معه من المؤمنين بخوض العديد من الغزوات، ومنها غزوة العسرةُ، فما سبب هذه التسميةِ؟ وما سببُ وقوعها؟ وهل خرج جميع أهل المدينة إليها؟ وما موقفهم منها؟ وما هي أهمِّ المعلومات عنها؟ كلُّ هذه الأسئلة وغيرها سيجد القارئ الإجابة عليها في هذا المقال.

لماذا سميت غزوة تبوك بغزوة العسرة

لقد سمَّى القرآن الكريم غزوة تبوك بالعسرة، وذلك في قول الله تعالى: “لَّقَد تَّابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ”،[1] ويرجع سبب ذلك إلى أنَّ هذه الغزوة وقعت في زمن شدة، حيث عانى المسلمون فيه من القحط والجدب والحرِّ، بالإضافة إلى أنَّ ذاك الوقت كان وقتَ جنيِّ الثمار، وكان العرب من عادتهم الجلوس تحت أشجارهم في هذا الوقت ومن هذا المنطلق فقد اشتدَّ عليهم الخروج لقتال أعدائهم وعسر ذلك عليهم،[2]  أمَّا سبب تسميتها بتبوك فكان ذلك نسبةً إلى اسم المنطقة التي وقعت فيها هذه الغزوة، وقد جاء هذا الاسم في قول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّكُمْ سَتَأْتُونَ غَدًا -إنْ شَاءَ اللَّهُ- عَيْنَ تَبُوكَ، وإنَّكُمْ لَنْ تَأْتُوهَا حتَّى يُضْحِيَ النَّهَارُ، فمَن جَاءَهَا مِنكُم فلا يَمَسَّ مِن مَائِهَا شيئًا حتَّى آتِيَ).[3]

شاهد أيضًا: لماذا سميت تكبيرة الاحرام بهذا الاسم

سبب وقوع غزوة العسرة

لقد علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بخروج الروم بقيادة عظيمها هرقل لقتال المسلمين، والقضاء عليهم وعلى دينهم، ولغزو حدود العرب الشمالية، فما كان من النبيِّ الكريم في هذه الحالة إلَّا أن قام باستنفار المسلمين لردِّ عدوان الروم عنهم وعن بلادهم، ولحماية دينهم الذي ارتضاه الله -عزَّ وجلَّ- لهم، وهذا هو السبب الرئيسي لغزوة العسرة،[4] أمَّا الأسباب العامة فتتمثل فيما يأتي:

  • استجابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لأمر الله له بالجهاد، حيث قال الله تعالى في كتاب المجيد: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً ۚ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ”.[5]
  • إظهار لشوكة المسلمين وقوتهم؛ إذ أنَّهم قاموا في هذه الغزوة بردِّ عدوانِ قوةٍ من أعظم القواتِ في ذاك الزمن.
  • إظهار لعزة الإسلام لكلِّ العرب الذين لم يحالفهم الحظ بالدخول إلى الإسلام بعد.

شاهد أيضًا: لماذا سميت سورة الليل بهذا الاسم

موقف المسلمين والمنافقين من غزوة العسرة

بعد أن علم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمخطط الروم، استنفر أهل المدينة لقتالهم، وقد تباينت مواقفهم من هذه الغزوة، حيث أنَّ هناك من أسرع لتجهيز هذه الغزوة وهناك من تباطئ، وهناك من تثبَّط، وهناك من ثبَّط، وفي هذه الفقرة من هذا المقال سيتمُّ الحديث عن موقف كل من المؤمنين عامة وعثمان بن عفان خاصة، كما سيتمُّ بيان موقف المنافقين منها، وفيما يأتي ذلك:

موقف أغنياء المؤمنين الصادقين

عندما حثَّ رسول الله -صلى الله -صلى الله عليه وسلم- المؤمنين على قتال الروم في غزوة العسرة، تسارع المؤمنون الصادقون في تجهيز الجيش، فمنهم من تبرع بجزءٍ من ماله، ومنهم تبرع بماله كلِّه، وقد تبرع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- بنصف ماله، بينما تبرع أبو بكرٍ الصديق -رضي الله عنه- بكلِّ ماله، وقد كان النصيب الأكبر من الصدقة في هذه الغزوة لعثمان بن عفان،[6] حيث أنَّه تبرع بصدقةٍ استحقَّ أن يقول له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عليها مرتين: “ما ضرَّ عثمانَ ما عَمِلَ بعدَ اليومِ”.[7]

شاهد أيضًا: كم عدد غزوات الرسول في رمضان

موقف فقراء المؤمنين الصادقين

لقد حزن فقراء المؤمنين حزنًا شديدًا لعدم مقدرتهم على تجهيز أنفسهم للجهاد في غزوة العسرة، وقد أوصلهم حزنهم إلى حدِّ البكاء الشديد؛ حيث عزَّ عليهم قعودهم عن الجهاد في سبيل الله، لكنَّ القرآن سلَّاهم،[8] حيث أنزل الله -عزَّ وجلَّ- بهم قوله: “لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَىٰ وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ۚ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ* وَلا عَلَى الَّذينَ إِذا ما أَتَوكَ لِتَحمِلَهُم قُلتَ لا أَجِدُ ما أَحمِلُكُم عَلَيهِ تَوَلَّوا وَأَعيُنُهُم تَفيضُ مِنَ الدَّمعِ حَزَنًا أَلّا يَجِدوا ما يُنفِقونَ”.[9]

موقف ضعاف الإيمان من المسلمين

وهناك ثلاثة من المسلمين والذين كان إيمانهم في وقت غزوة العسرة ضعيف، فكان موقفهم في ذلك الوقت أنَّهم اثَّاقلوا وتخلَّفوا عن تلك الغزوة، وهؤلاء هم: كعب بن مالك، وهلال بن أمية، ومرارة بن الربيع، وحين عاد النبيُّ إلى المدينة، ذهبوا إليه واعتذروا عن تخلفهم، لكنَّ النبيَّ لم يقبل، وأمر المؤمنين بمقاطعتهم، وحين ندم هؤلاء ندمًا شديدًا، وضاقت عليهم الأرض، أنزل الله -عزَّ وجلَّ- عليهم توبته، حيث قال: “وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَن لَّا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ”.[10]

شاهد أيضًا: من هو النبى الذى صام عن الكلام ثلاث ايام.. القصة الكاملة

موقف المنافقين

معلومٌ أنَّ المجتمع المدني كان فيه من يُظهر الإيمان ويخفي الكفر، وهؤلاء هم المنافقون، ويتلخص موقفهم من غزوة العسرة فيما يأتي:[11]

  • قعودهم عن الجهاد في سبيل الله، سواء كان ذلك في مالهم أم في أنفسهم، وقد كانوا فرحين بقعودهم.
  • محاولة إقناع من آمن مع الرسول بعدم الخروج للجهاد مع رسول الله،  وتثبيطهم عن ذلك.
  • الاستهزاء بمن ساعد في تجهيز جيش العسرة، واتِّهامهم في نيتهم.
  • البحث عن حججٍ لعدم الخروج إلى الغزوة.
  • الانسحاب من نصف الطريق، والرجوع من إلى المدينة المنورة.
  • بثُّ الفتنة في صفوف المسلمين، وكان هذا أثناء المعركة.

اقرأ أيضا: من هو النبي الذي كان يبرئ الاعمى

أهم المعلومات عن غزوة العسرة

لقد وقعت غزوة تبوك في السنة التاسعة للهجرة، وبالتحديد في شهر رجب من ذاك العام، وبعد أن خرج المسلمون لملاقاة الروم، وبعد وصولهم إلى مكان المعركة، لم يجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومن خرج معه من المؤمنين أحدًا من جيش الروم؛ إذ أنَّ جيوشهم قد فرَّت خوفًا من رسول الله، وقد بقيت الجيوش الإسلامية مدةً من الزمن في أرض المعركة؛ وذلك ليثبتوا لأعدائهم عدم خوفهم منهم، وأراد النبيَّ أن يُكمل المسير إلى جهة الشمال، إلَّا أنَّ عمر أقنعه بالعودة إلى المدينة؛ إذ أنَّ دخولهم أرض الشام سيترتب عليه مخاطر كثيرة، وقد كانت غزوة العسرة أول غزوة يغزوها النبيُّ خارج الجزيرة العربية، وضدَّ عدوٍ خارجي.[12]

وبذلك تمَّ الوصول إلى ختام هذا المقال، والذي تمَّت فيه الإجابة على سؤال لماذا سميت غزوة تبوك بغزوة العسرة؟ كما تمَّ فيه بيان سبب ومكان وقوع هذه الغزوة، بالإضافة إلى بيان مواقف أهل المدينة من هذه الغزوة، المؤمنين منهم والمنافقين، وفي الختام تمَّ ذكر نبذة مختصرة عن غزوةِ العسرةِ.

المراجع

  1. ^ سورة التوبة، آية 117
  2. ^ islamweb.net، سبب تسمية غزوة تبوك بالعسرة، 12/03/2022
  3. ^ صحيح مسلم، مسلم، معاذ بن جبل، 706، صحيح
  4. ^ shamela.ws، كتاب الذهب المسبوك في تحقيق روايات غزوة تبوك، عبد القادر بن حبيب السندي، 58، بتصرف، 03/12/2022
  5. ^ سورة التوبة، آية 123
  6. ^ alukah.net، غزوة تبوك أو العسرة، 03/12/2022
  7. ^ صحيح الترمذي، الألباني، عبد الرحمن بن سمرة، 3701، صحيح
  8. ^ shamela.ws، كتاب سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام، صالح بن طه عبد الواحد، 527/1، بتصرف، 03/12/2022
  9. ^ سورة التوبة، آية 91-92
  10. ^ سورة التوبة، آية 118
  11. ^ islamweb.net، دور المنافقين في غزوة تبوك، 03/12/2022
  12. ^ islamweb.net، غزوة تبوك، 03/12/2022

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *