وسواس عدم قبول التوبة ، كيف أنسى الذنب بعد التوبة

وسواس عدم قبول التوبة ، كيف أنسى الذنب بعد التوبة
وسواس عدم قبول التوبة

وسواس عدم قبول التوبة ، كيف أنسى الذنب بعد التوبة هو مما قد يخطر على بال المسلم التائب من ذنبه، وذلك لأنّ المسلم قد يرى أنّ ذنبه عظيم جدًّا وقد لا يغفره له الله تعالى، وهذا الوسواس ربما يكون مدخله من الشيطان الرجيم الذي يسعى لإفساد حياة الناس وتنكيد عيشهم عليهم، ولكن هل هذا الوسواس أمرٌ جيّد أو إنّه أمر سيئ، في هذا المقال سوف يكون هنالك وقفة مع وسواس عدم قبول التوبة وكيفية التعامل معه ونحو ذلك مما يتصل بباب التوبة.

وسواس عدم قبول التوبة

إنّ الشيطان يسعى دائمًا بوساوسه أن يوهن من عزيمة الإنسان، ويجعله يشكّ فيما صدر عنه من عمل خير، فتراه يوسوس للمسلم بعد توبته بعدم قبول الله تعالى لهذه التوبة، وهذا محال، فالله تعالى حاشاه أن يعد عبده بشيء ولا يعطي وعده، فالله جلّ في علاه قد وعد التائبين من عباده إذا ما تابوا توبةً نصوحًا قد استوفت فيها جميع الشروط اللازمة لها بالمغفرة من كلّ الذنوب صغيرها وكبيرها، يقول الله تعالى في كتابه: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}.[1]

ويقول أيضًا جل جلاله: {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُولَٰئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا}،[2] فباب التوبة مفتوح، ورحمة الله واسعة، فلا تجعل الشيطان يوسوس لك بعدم قبول التوبة، وإذا راودتك نفسك بشيء من هذا القبيل فتذكّر صفات الله العلي الكبير، وتذكّر بأنّه غفور رحيم، ولا تنسَ قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}،[3] لذلك ينبغي للمسلم ألّا يقنط من رحمة الله.[4]

شاهد أيضًا: ما هي كفارة ترك الصلاة لسنوات عمدا او تكاسلا

كيف أنسى الذنب بعد التوبة

إنّ الذنوب مهما عظمت إذا تاب المرء توبة صادقة مستوفية للشروط من الندم والإقلاع عن الذنب ومجاهدة النفس على عدم العودة إليه مرة أخرى وإعادة الحقوق لأصحابها، فإنها تمحى، ولكن قد يتذكّر المرء الذنب الذي أذنبه بعد توبته، وهذا الأمر لا ضرر فيه، ولكن هذه التذكرة قد تأتي على شكلين:[5]

  • قد يتذكّر العبد ذنبه نادمًا على ما فعله، فيبعثه ذلك إلى زيادة الاستغفار والأعمال الصالحة.
  • قد يتذكر العبد ذنبه ليسأل عن حكمه وما يتعلّق بالتوبة منه ليتأكد من تبرئة نفسه من هذا الذنب، وهذا النوع والذي سبقه لا بأس بهما.
  • قد يتذكر العبد ذنبه بأنّ الله لم يقبل توبته، فهذا من وساوس الشيطان التي يوسوس بها للعبد ليدخل اليأس والقنوط إلى قلبه، ففي هذه الحالة ينبغي للعبد أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويستذكر قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ ۚ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}.[3]

شاهد أيضًا: ما الفرق بين التوبة والاستغفار وما فضلهما وشروطهما

هل يعذب الإنسان بعد التوبة

إنّ التائب توبة صادقة مستوفية لجميع شروطها تُمحى ذنوبه، فلا يبقى شيء منها، قال الله تعالى في كتابه العزيز: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}،[1] وقال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ ۚ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}،[3]وقال النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم: “الإسلامُ يَجُبُّ ما قبلَه والتوبةُ تَجُبُّ ما قبلَها”.[6]

فالمذنب لن يحاسب بذنوبه إذا ما تاب إلى الله توبة صادقة، بل ستمحى جيمع سيئاته وتبدل حسنات بعمله الصالح، يقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا * وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا}،[7] فعلى المؤمن أن يظنّ خيرًا بالله ولا يقنط من رحمته، فإنّ رحمته ومغفرته قد وسعت كلّ شيء.[8]

شاهد أيضًا: خطبة جمعة قصيرة عن الاستغفار مكتوبة

التفكير في الذنوب بعد التوبة

إنّ التفكير في الذنوب بعد التوبة أمر قد يحدث باستمرار، ولكن ضرر هذا التفكير وفائدته يكون بحسب شكله، وهذا التفكير يكون وفقًا لما يلي: فالتفكير بالذنب الذي يبعث الهموم والأحزان في قلب العبد، ويدفعه إلى اليأس ليس بالأمر المحمود، لأنّ هذا التفكير ما هو إلا من وساوس الشيطان، فإذا كان استحضار الذنب والتفكير به يورث هذا الشعور فالأفضل أن يخرج العبد هذا الذنب من رأسه ولا يعود للتفكير به مرة أخرى.[9]

إذ إنّه يدفعه التفكير بهذه الطريقة إلى فقدان الأمل من مغفرة الله وإيقاف العمل الصالح، إذ يجد بسبب وسوسة الشيطان أنه مهما فعل من خير لن يغفر الله له، فعلى التائب أن يضع في حسبانه أنه مهما عظم ذنبه فإنّ الله سيغفره له، وقد يتذكر العبد ذنبه بسبب تذكره للأشخاص، وهنا عليه أن يتذكر قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “كلُّ بني آدمَ خطَّاءٌ ، وخيرُ الخطَّائينَ التَّوَّابونَ”،[10] والله أعلم.[9]

شاهد أيضًا: كفارة الحلف بالله ثم التراجع

الخوف من الفضيحة بعد التوبة

إنّ الله عزّ وجل يحبّ عباده التائبين، فقد قال جبّ في علاه: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}،[11] وقد فتح الله باب التوبة للعبد ليعود إلى صراطه القويم، وقد قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: “لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ المُؤْمِنِ، مِن رَجُلٍ في أَرْضٍ دَوِّيَّةٍ مَهْلِكَةٍ، معهُ رَاحِلَتُهُ، عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ، فَطَلَبَهَا حتَّى أَدْرَكَهُ العَطَشُ، ثُمَّ قالَ: أَرْجِعُ إلى مَكَانِيَ الذي كُنْتُ فِيهِ، فأنَامُ حتَّى أَمُوتَ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ علَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ، فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ العَبْدِ المُؤْمِنِ مِن هذا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ”.[12]

إنّ الله عزّ وجل الذي ستر عبده أثناء ارتكابه للذنب حاشاه أن يفضحه بعد أن تاب وعاد إلى كنفه، وما التفكير بالفضيحة إلا من وساوس الشيطان يريد بها أن يضعف عزيمة المؤمن ويشغله عن طاعة الله، فليصرف المرء هذا التفكير عنه لأنّ الله رحيم بعباده.[13]

شاهد أيضًا: فضل الاستغفار في رمضان ووقته

علامات قبول التوبة

يقبل العبد تائبًا آيبًا إلى ربه، فيكون قلبه يغمره الخوف من عقاب الله، والرجاء بقبول التوبة، وهناك بعض العلامات التي قد تأنس بها روح التائب ليطمئن من رضا الله عليه، ومن ذلك:[14]

  • الندم والحرقة التي تغمر القلب على ما وقع من المرء من ذنب.
  • أن يبقى بعيدًا عن الذنب حذرًا من كلّ ما شأنه أن يكسب غضب الله تعالى.
  • أن يكثر العبادات وطاعة الله تعالى ويجد أنّ ما وفقه الله له من خير ما هو إلا نعمة كبيرة وعظيمة.
  • أن يجد توفيقًا مستمرًّا من الله على الطاعات.
  • أن يحافظ على الاستقامة بما يرضي الله عزّ وجل.

وإلى هنا يكون قد تم مقال وسواس عدم قبول التوبة ، كيف أنسى الذنب بعد التوبة، بعد الوقوف على بعض النصائح التي تعين على طرد الوسواوس حول قبول التوبة من الله تعالى، وبعد الوقوف أيضًا على بعض المسائل المتعلقة بالتوبة وقبولها ونحو ذلك.

المراجع

  1. ^ سورة الشورى، الآية: 25
  2. ^ سورة النساء، الآية: 17
  3. ^ سورة الزمر، الآية: 53
  4. ^ islamweb.net، علاج وسواس القنوط من قبول التوبة، 28/03/2023
  5. ^ alukah.net، تذكرت ذنبي فأصابني الهم، 28/03/2023
  6. ^ فتح القدير، عبد الله بن مسعود، الشوكاني، 2/433، حديث صحيح.
  7. ^ سورة الفرقان، الآية: 68 - 71
  8. ^ islamweb.net، هل يحاسب العاصي بعد توبته على ما سلف من ذنوبه، 28/03/2023
  9. ^ islamweb.net، أنا دائم التفكير بالماضي المظلم الذي وقعت فيه، فما الحل؟، 28/03/2023
  10. ^ بلوغ المرام، أنس بن مالك، ابن حجر العسقلاني، 439، حديث إسناده قوي.
  11. ^ سورة البقرة، الآية: 222
  12. ^ صحيح مسلم، عبد الله بن مسعود، مسلم، 2744، حديث صحيح.
  13. ^ alukah.net، تبت إلى الله ولكني أخاف من الفضيحة، 28/03/2023
  14. ^ islamweb.net، علامات يستأنس بها تدل على قبول التوبة، 28/03/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *