كيفية التخلص من الخوف من المستقبل

كيفية التخلص من الخوف من المستقبل، يشكل المستقبل هاجساً للكثير من الناس لا ينقطعون عن التفكير فيه، فمنهم من يفكر بالمستقبل متفائلاً بالأيام القادمة، ومنهم من يفكر بالمستقبل انتظاراً ليحصد نتائج مجهودٍ بذله أو خطة رسمها، ومنهم من يخاف من المستقبل لأنه لا يعرف ماذا قد يحصل له فيه، وفي هذا المقال سنستعرض وإياكم مفهوم الخوف من المستقبل وأسبابه وأعراضه وسبل التخلص منه، ونوضح لكم أثر حسن الظن بالله في النجاة من هذا الخوف.

ما هو الخوف من المستقبل

الخوف فطرة طبيعية وضعها الله في كل إنسان، ولكنه موجود ضمن الحدود الطبيعية، فالناس يشعرون بالخوف فقط عندما تحدث ظروف تستحق الخوف، إلا أن بعض الناس يعانون من الخوف من أمور لا ينبغي الخوف منها، ومن أحد أنواع هذا الخوف غير المبرر الخوف من المستقبل والقلق الزائد والتفكير الدائم من الأمور التي قد تحدث في المستقبل والأحداث التي تخبّئها الأيام، تعرف هذه الحالة باسم الخوف من المستقبل أو كرونوفوبيا والذي يعرف على أنه خوف استباقي وقلق مفرط بشأن الأحداث المستقبلية المحتملة، وغالبًا ما يعاني الأشخاص المصابون بالقلق الاستباقي من نوبات الهلع، ويقضون الكثير من الوقت في توقع الأحداث والخوف من المجهول.

وفي تصريح لعالمة النفس إيما تانوفيتش مع بي بي سي الفضائية قالت به: “بعض الناس يحاولون بجد تقليل الخوف من المجهول والقلق الذي يصاحب ذلك عن طريق تصرفات مثل الاتصال بأحبائهم بشكل متكرر للتأكد من أنهم على ما يرام، أو إرسال رسائل نصية باستمرار، وتحديث البريد الوارد بشكل قهري عند توقع تلقي رسالة معينة. هذه السلوكيات غالبا ما تكون مكلفة للغاية من حيث الوقت والمجهود النفسي والتأثير على العلاقات”.

كيفية التخلص من الخوف من المستقبل

الخوف والقلق بشأن ما سيأتي به الغد هو شعور طبيعي تمامًا، ولكن عندما يزيد هذا القلق عن الحد المعقول يصبح تأثيره مرضياً، وينبغي أن نجد العلاج الأمثل له بأسرع الطرق، ومن الطرق التي يمكننا من خلالها التخلص من الخوف من المستقبل ما يأتي:^[1]

• التخاطب مع النفس: ولا نقصد التخاطب بصوت عالي، بل هو حديث داخلي بينك وبين نفسك، استكشف فيها ذاتك وحاول أن تحدد الأمور التي تخاف منها وابتعد عن التفكير بها، حاول أن تشغل نفسك بالتفكير بذكريات جميلة قضيتها، أو بشخص تحبّه، أو بإنجاز تريد أن تحققه.
• التحدث عن المستقبل أمام الآخرين: حاول أن تحكي عن مخاوفك المستقبلية أمام الناس الذين يحبونك، فقد بيّنت إحدى الدراسات التي تمّ إجراؤها في جامعة كولومبيا، أن الحديث عن الأمور التي تسبب القلق أو الخوف، يسهم بشكل كبير في تخفيف أثر هذا الخوف في النفس.
• التركيز على الحاضر: حاول أن تصبّ تركيزك على الأمور التي تجري من حولك، وأن تواجه المشاكل التي تواجهك وتضع الحلول المناسبة لها عوضاً عن تأجيلها إلى المستقبل.
• اشغل نفسك بما هو مفيد: حاول أن تبقي نفسك مشغولاً بالأمور المفيدة، قم بتنظيم وقتك بشكل جيد، واملأ برنامجك اليومي بشكل كامل، مارس التمارين الرياضية، اقرأ الكتب واجلس مع العائلة وشاهد التلفاز أو تعلّم مهارات جديدة.
• كن اجتماعياً: فالوحدة هي العدو اللدود للإنسان، وهي السبب الأول للكثير من الأمراض النفسية ومن بينها مرض الخوف من المستقبل.
• أحسن الظنّ بالله: وكن على يقين أن الله لا يأتي منه إلا الخير.

شاهد أيضًا: كيفية التخلص من الشخير اثناء النوم

أسباب الخوف من المستقبل

الخوف هو طبيعة بشرية موجودة في كل واحد منّا، وعندما نشعر بالخوف فإنّ جسدنا يقوم بتهيئة نفسه للأخطار المحتملة من خلال استدعاء كل قوته وتحفيز باقي الأعضاء، وللخوف وظيفتان رئيسيتان فهو يحذرنا من الخطر وينشطنا حتى نكون أفضل استعدادًا لحماية أنفسنا من المخاطر التي نحسّ بها، وللخوف من المستقبل عدّة أسباب ندرج لكم بعضها فيما يأتي:

• ضعف الإيمان بالله تعالى، والتعلّق بأمور الدنيا الفانية.
• التعرض لنكسات كبيرة تؤثر على النفس مثل فقد عزيز أو خسارة عمل أو رسوب في صف أو ما شابه.
• الوحدة والانعزال والتي تدفع الفرد للتفكير بالأمور المستقبلية والخوف من المجهول.
• مرافقة الناس المتشائمين أصحاب التفكير السلبي والأمل المعدوم.

أعراض الخوف من المستقبل

لا يوجد علامات أو تأثيرات فيسيولوجية مؤكدة ودقيقة يمكن أن نصف بها أعراض الخوف من المستقبل إلا أن بعض الأعراض الآتية يمكن أن تحدث نتيحةً لذلك الخوف:

• الشعور بالانفصام والابتعاد التام عن الواقع.
• الذعر والخوف من ذكر الأحداث المستقبلية.
• الرغبة بالبكاء بشكل دائم.
• التشاؤم بالأحداث المستقبيلة والخوف منها.
• زيادة ضربات القلب وضيق في التنفس.
• نقصان في الوزن ناتج عن التفكير الزائد.
• ارتفاع الحرارة وكثرة التعرق.
• فقدان التركيز وصعوبة إنجاز الأعمال اليومية المعتادة.
• اختلال في الحركة وصعوبة في التوازن.
• فقدان الشهية.
• الأرق وقلّة النوم.

شاهد أيضًا:  كيفية التخلص من الغضب المكبوت

حسن الظنّ بالله تعالى

بما أنّ مقالنا عن الخوف من المستقبل فلا بدّ لنا من أن نذكر لكم الحل الأفضل الذي يسهم في التخلص من هذا المرض ألا وهو حسن الظنّ بالله تعالى، فعندما يحسن العبد ظنّه بالله تعالى سيعلم أن الله تعالى وحده هو المتصرف في أمور عباده، وبيده الخير والشر وهو يعطي ويأخذ ويهب ويمنع ويقبض ويبسط، قال تعالى:” أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ ۖ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ ۚ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ”^[2]، ويقول الله تعالى في الحديث القدسي: ”  أنا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بي، وأنا معهُ إذا ذَكَرَنِي، فإنْ ذَكَرَنِي في نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ في نَفْسِي، وإنْ ذَكَرَنِي في مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ في مَلَإٍ خَيْرٍ منهمْ، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ بشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ ذِراعًا، وإنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِراعًا تَقَرَّبْتُ إلَيْهِ باعًا، وإنْ أتانِي يَمْشِي أتَيْتُهُ هَرْوَلَةً”^[3]، وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال:” كنتُ خلفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومًا قال يا غلامُ ، إني أعلِّمُك كلماتٍ : احفَظِ اللهَ يحفَظْك ، احفَظِ اللهَ تجِدْه تُجاهَك ، إذا سألتَ فاسألِ اللهَ ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ ، واعلمْ أنَّ الأمةَ لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيءٍ ، لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك ، وإنِ اجتمعوا على أن يضُرُّوك بشيءٍ لم يضُروك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ عليك ، ( رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفَ )”.^[4] وفي هذا الحديث يخبر الصادق المصدوق أن كل شيء بيد الله ولا يمكن أن يضرّ الإنسانَ شيءٌ إلا بإذنه وعلمه، والشواهد القرآنية والنبوية عن حسن الظنّ بالله وثماره كثيرة، ولن يشقى من اعتمد على الله وأسلم أمره إليه وتوكل عليه، فهو القادر المقتدر الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.^[5]

أدعية الخوف من المستقبل

وقد لا يجد الإنسان مفرّاً من الخوف والقلق من المستقبل، وعليه في هذه الحالة أن يكثر من ذكر الله وقراءة القرآن والصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- وأن يدعو بالأدعية التي تحفظه وتحميه وتنجيه من شرور الحاضر والمستقبل، وفي السطور الآتية ندرج لكم أدعية الخوف من المستقبل:

• اللهم بك آمنّا ولك أسلمنا وعليك توكّلنا وإليك أنبنا وبك خاصمنا وإليك حاكمنا، أنت ربّنا وخالقنا، فاصرف عنّا شرّ ما نخاف ونحذر يا رب العالمين واجعلنا من الآمنين المطمئنين في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
• اللهم احفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا وعن أيماننا وعن شمائلنا، ومن فوقنا ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا، اللهم اجعلنا آمنين مطمئنين، ونجنا من شرور عبادك الظالمين، ولا تسلط علينا من عبادك من لا يخافك ولا يرحمنا يا أرحم الراحمين.
• أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الذي لا يضرّ مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ربّ أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك ربّي أي يحضرون.
• اللهم عافنا في ديننا وعافنا في دنيانا وعافنا في أبداننا وعافنا في أسماعنا وأبصارنا، اللهم إنا نعوذ بك من أن نضلّ أو أن نضلّ أو أن نزلّ أو أن نزلّ أو أن نظلم أو أن نظلم أو أن نجهل أو أن يجهل علينا.
• اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا وشفاء صدورنا وزوال همومنا وغمومنا، ربنا أفرغ علينا صبراً وتوفّنا مسلمين، اللهم توفّنا مسلمين وأحينا مسلمين وألحقنا بالصالحين وإن أردت بعبادك فتنةً فاقبضنا إليك غير مفتونين.

إلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية هذا المقال الذي قدمناه لكم بعنوان كيفية التخلص من الخوف من المستقبل والذي تعرفنا فيه على مفهوم الخوف من المستقبل وأسبابه وأعراضه وكيفية التخلص منه، ثمّ بينا لكم دور حسن الظن بالله تعالى في التخلص من هذا الخوف وأدرجنا لكم أدعية يمكن أن ندعو بها على نية التخلص من هذا المرض، نرجوا أن تكونوا قد استفدتم، نلقاكم في مقالات أخرى ودمتم بخير.