لماذا سميت الافعال الناسخة بهذا الاسم

لماذا سميت الافعال الناسخة بهذا الاسم
لماذا سميت الافعال الناسخة بهذا الاسم

لماذا سميت الافعال الناسخة بهذا الاسم، تتربَّعُ اللُّغةُ العربيَّةُ على عرشِ الجمالِ والحيويَّةِ والقداسةِ في قلبِ كلِّ امرئٍ ناطقٍ بالضَّادِ، وتقفُ اللُّغاتُ كلُّها أمامَ حضرتِهَا وقفةَ الحائرِ المشدوهِ بما يرى؛ فهيَ اللُّغةُ الَّتي اختارها اللهُ -سبحانهُ وتعالى- لتكونَ لغةَ الإعجازِ القرآنيّ الَّذي لم يستطع أحدٌ أنْ يأتيَ بسورةٍ من مثلهِ، ولن يستطيعَ، وهي اللُّغةُ صعبةُ الحصرِ، كثيرةُ التَّفرُّعاتِ والشُّعُبِ، عصيَّةُ الزَّوالِ والاندثارِ الَّتي دائماً ما تسوقُ كلَّ مَنْ يحاولُ الاحتكاكَ بها إلى الحيرةِ الجميلةِ المتجسِّدةِ في الأسئلةِ عن قواعدِها وأسرارِها، كسؤال: لماذا سميت الافعال الناسخة بهذا الاسم؟! وفي هذا المقال سنأخذُكم برحلةٍ لطيفةٍ إلى رياضِ اللُّغةِ العربيَّةِ لنجيبَ معاً عن هذا السُّؤال.

ما معنى النواسخ

اتَّفقَ علماءُ اللُّغةِ على تعريفِ النَّواسخِ بما يأتي: [1]

  • النَّواسخُ لغةً: جمعُ (ناسخة) وهيَ مشتقَّةٌ مِنَ (النَّسخ) بمعنى الإزالةِ أو الإلغاءِ أو التَّغييرِ في الشَّيءِ.
  • أمَّا اصطلاحاً فهي: الكلماتُ -أو الألفاظُ- الَّتي تدخلُ على الجملةِ الاسميَّةِ وتغيِّر فيها؛ بعبارةٍ أُخرى: النَّواسخُ هِيَ ما يغيِّرُ في حكمِ المبتدأ والخبرِ لفظاً ومعنىً.

أقسام النواسخ

وقسَّموا النَّواسخ إلى أقسام عدَّة، وهي:

  • القسم الأوَّل: ما يرفعُ المبتدأَ ويصيِّرهُ اسماً لَهُ، وينصبُ الخبرَ ويصيِّرهُ خبراً لَهُ (كان وأخواتها).
  • القسم الثَّاني: ما ينصبُ المبتدأَ ويُصيِّرهُ اسماً لَهُ، ويرفعُ الخبرَ ويُصيِّرهُ خبراً لَهُ (إنَّ وأخواتها).
  • القسم الثَّالث: ما ينصبُ المبتدأَ والخبرَ معاً ويصيِّرهما مفعولين لَهُ (ظنَّ وأخواتها).

لماذا سميت الافعال الناسخة بهذا الاسم

يُمكِنُنا تلخيصُ الإجابةِ عن سؤال (لماذا سميت الافعال الناسخة بهذا الاسم) بأنَّ هذهِ الأفعال: سُمِّيتْ بالنَّاسخة لأنَّها تدخلُ على الجملةِ الاسميَّةِ وتنسخُ حكمَ الخبرِ (أي: تُغيِّرُ في إعرابهِ) فمثلاً: إذا أدخلنا الفعل النَّاسخ (كانَ) على جملةِ (زيدٌ بعيدٌ) لصارتْ (كانَ زيدٌ بعيداً) ونُسِخَتْ الحركةُ الإعرابيَّةُ للخبرِ القديمِ من الرَّفعِ إلى النَّصبِ؛ وقد سُمِّيَ بذلكَ كلٌّ مِنْ:

  • كان وأخواتها: كانَ، صارَ، أصبحَ، أضحى، أمسى، ظلَّ، باتَ، ليسَ، زالَ، برحَ، فتئَ، انفكَّ، دامَ.
  • وإنَّ وأخواتها: إنَّ، أنَّ، كأنَّ، ليتَ، لعلَّ، لكنَّ، فضلاً عن لا النَّافية للجنس العاملة عمل إنَّ وأخواتها.
  • وظنَّ وأخواتها: عَلِمَ، رأى، وَجَدَ، درى، ألفى، ظنَّ، خَالَ، حَسِبَ، زَعَمَ، عَدَّ، اعتبر، هَبَّ، وأفعال التَّحوييل أو التَّصيير (جَعَل، اتَّخَذَ، تَرَكَ، وهبَ، صَيَّرَ…).
  • وكاد وأخواتها: أوشكَ، حرى، اخلولقَ، كَرَبَ، عسى، وأفعال الشُّروع (وهي الأفعال الَّتي تأتي بمعنى بدأ، مثل: شرعَ/ أنشأ/ وطفِقَ/ جعلَ…). [مرجع: ]

شاهد أيضاً: لماذا سميت التوابع بهذا الاسم

ما هي الحروف الناسخة ومعناها

هيَ مجموعةٌ من الأحرفِ الَّتي تدخلُ على الجملةِ الاسميَّة وتنسخها؛ فتنصبُ المبتدأ ويُسمَّى اسمها وترفعُ الخبر ويُسمَّى خبرها، ودونَكم وقفةً على أنواعِ هذهِ الأحرفِ وأحكامها: [3]

أنواع الحروف الناسخة

للأحرفِ النَّاسخةِ أنواعٌ كثيرةٌ معروفةٌ بجملةِ (إنَّ وأخواتها) وفي الجدولِ الآتي سنبيِّنُ لكم كلَّ حرفٍ من هذهِ الحروفِ مع غرضهِ ومثالٍ لَهُ:

الحرفُ النَّاسخُ الغرضُ منهُ مثالٌ لَهُ من القرآنِ الكريمِ
إنَّ/ أنَّ حرفان ناسخان يُستخدمان لغرضِ التَّوكيد {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [4]
{وَأَنَّ اللَّهَ رَؤوفٌ رَّحِيمٌ} [5]
كأنَّ حرفٌ ناسخٌ يُستخدمُ لغرضِ تشبيهِ الشَّيءِ بالشَّيءِ {طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤوسُ الشَّيَاطِينِ} [6]
ليتَ حرفٌ ناسخٌ يُستخدمُ لغرضِ التَّمنِّي {يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ} [7]
لعلَّ حرفٌ ناسخٌ يُستخدمُ لغرضِ الرَّجاء {وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ} [8]
لكنَّ حرفٌ ناسخٌ يُستخدمُ لغرضِ الاستدراك {وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ} [9]
لا النَّافية للجنس تعدُّ هذهِ الـ (لا) من الحروفِ النَّاسخةِ في اللُّغةِ العربيَّة؛ لأنَّها تعملُ عملَ (إنَّ) وأخواتها فتنصبُ الاسمَ ويُسمَّى اسمها، وترفعُ الخبرَ ويُسمَّى خبرها، وهي تنفي الأمرَ على سبيلِ القطعِ فيهِ لا على سبيلِ الاحتمالِ والتَّشكيكِ، ولكي تعملَ عملَ (إنَّ) وأخواتها يجب أن يكون اسمُها وخبرُها نكرتين، ولا يفصلُ بينها وبينَ اسمِها أيُّ فاصلٍ، ولا تُسبقُ بالباء (بلا). {لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [10]

أحكام الحروف الناسخة

وضعَ النُّحاةُ وأهلُ اللُّغةِ مجموعةً من القواعدِ الَّتي ينبغي لنا اتِّباعها عندَ التَّعامُلِ مع هذهِ الحروف نُجملُها لكم فيما يأتي:

  • أوَّلاً: تنصبُ الحروفُ النَّاسخةُ المبتدأ ويُسمَّى اسمها، وترفعُ الخبر ويُسمَّى خبرها.
  • ثانياً: تُسمَّى هذهِ الحروف بالـ (حروف المشبَّهة بالفعل) لأنَّها تُشبهُ الفعل في عملهِ من ناحيةِ الرَّفعِ والنَّصبِ.
  • ثالثاً: خبرُ هذهِ الحروف لا يتقدَّمُ عليها، فلا نقولُ مثلاً: (صافيةٌ إنَّ السَّماءَ) عوضاً عن قولنا: (إنَّ السَّماءَ صافيةٌ).
  • رابعاً: يتقدَّمُ خبرُ هذهِ الحروف على اسمها في حالتين، وهما:
    أن يكونَ الخبرُ ظرفاً، نحوَ قولهِ تعالى في مُحكمِ تنزيلهِ: {إِنَّ لَدَيْنَا أَنكَالاً وَجَحِيماً} [11] فأصلُ الكلامِ: (إنَّ أنكالاً وجحيماً كائنٌ لدينا).
    أن يكون الخبرُ جارّاً ومجروراً، نحوَ قولهِ تعالى في كتابهِ الكريم: {إنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} [12] فأصلُ الكلامِ: (إنَّ جمعهُ وقرآنهُ علينا).
  • خامساً: يسقطُ عملُ هذهِ الحروف إذا اتَّصلت بـ (ما) نحوَ قولهِ تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ} [13] باستثناء الحرف (ليتَ) الَّذي يجوزُ إعمالهُ فيما بعدهُ أو إهمالهُ إذا اتَّصلَ بـ (ما)، فنقول: (ليتما خالداً نشيطٌ) ونقول: (ليتما حالدٌ نشيطٌ).
  • سادساً: إذا دخلتْ لامُ الابتداءِ على اسم (إنَّ) أو خبرها يبقى عملُها كما هوَ، نحوَ قولهِ تعالى: {وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَشْكُرُونَ}. [14]
  • سابعاً: إذا خُفِّفَ كلٌّ مِنْ (إنَّ) و(لكنَّ) وصارت (إنْ) و(لكنْ) بطُلَ عملُهما، ودليلُ ذلكَ قولُهُ تعالى: {لَّٰكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ} [15] وقولهُ: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.[16]

ما هي الأفعال الناسخة

الأفعالُ النَّاسخةُ هِيَ الأفعالُ الَّتي لا تكتفي بالاسمِ المرفوعِ الَّذي يجيءُ بعدها، تدخلُ على الجملةِ الاسميَّةِ المكوَّنةِ مِنَ المبتدأ والخبرِ فتنسخهما عن عملِهما؛ إذ ترفعُ الأوَّلَ ويُسمَّى (اسمها) وتنصبُ الثَّاني ويُسمَّى (خبرها) وهي مقسَّمةٌ على النَّحو الآتي: [17]

كان وأخواتها

مجموعةٌ مِنَ الأفعالِ الَّتي تدخلُ على الجملةِ الاسميَّة (المبتدأ والخبر) فترفعُ المبتدأَ ويُسمَّى اسمها، وتنصبُ الخبرَ ويُسمَّى خبرها، مثل: (زيدٌ مجتهدٌ: صارَ زيدٌ مجتهداً) (البيتُ بعيدٌ: أضحى البيتُ بعيداً) (الجوُّ جميلٌ: كانَ الجوُّ جميلاً) وفي الجدول الآتي سنسلِّطُ الضَّوءَ على كلَّ فعلٍ من هذهِ الأفعالِ مع الغرضِ منهُ ومثالٍ لهُ:

الفعلُ النَّاقصُ الغرضُ منهُ (معناهُ) مثالٌ لَهُ من القرآنِ الكريمِ
كانَ يدلُّ على حالةِ المبتدأ والخبرِ في الزَّمن الماضي {وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً} [18]
صارَ يدلُّ على انتقالِ المبتدأ من حالٍ إلى حالٍ آخر {أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} [19]
أصبحَ يدلُّ على حدوثِ الخبرِ في الصَّباح {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْراً فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ} [20]
أضحى يدلُّ على حدوثِ الخبرِ في الضُّحى {وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَىٰ} [21]
أمسى يدلُّ على حدوثِ الخبرِ في المساءِ {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ} [22]
باتَ يدلُّ على حدوثِ الخبرِ في اللَّيلِ {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً} [23]
ظلَّ يدلُّ على استمرارِ الحدثِ وعدمِ انقطاعهِ {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ} [24]
 ما زالَ يدلُّ على استمرارِ الحدثِ وعدمِ انقطاعهِ {فَمَا زَالَتْ تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّىٰ جَعَلْنَاهُمْ حَصِيداً خَامِدِينَ} [25]
ما بَرِحَ يدلُّ على استمرارِ الحدثِ وعدمِ انقطاعهِ {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً} [26]
ما فتِئ يدلُّ على استمرارِ الحدثِ وعدمِ انقطاعهِ {قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ} [27]
ما انفَكَّ يدلُّ على استمرارِ الحدثِ وعدمِ انقطاعهِ {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّىٰ تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ} [28]
ليسَ يدلُّ على نفي أمرٍ ما {ذلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [29]
دامَ يعملُ عمل كانَ وأخواتها إذا سُبِقَ بـ (ما) المصدريَّة الظَّرفيَّة {وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً} [30]

أفعال المقاربة والرجاء والشروع

تُسمَّى هذهِ الأفعالُ في اللُّغةِ العربيَّة بـ (كادَ وأخواتها) وهي مِنَ الأفعالِ النَّاسخةِ النَّاقصةِ الَّتي تعملُ عملَ (كانَ) في رفعِ الاسمِ وتسميتِهِ بـ (اسمها) ونصبِ الخبرِ وتسميتهِ بـ (خبرها) إلَّا أنَّها تتميَّزُ من (كانَ) في أنَّ خبرها لا يجيءُ اسماً مفرداً؛ وإنَّما يجيءُ جملةً فعليَّةً مسبوقةً بـ (أن) أو غير مسبوقةٍ بها، وفيما يأتي تفصيلُ هذهِ الأفعال: [31]

  • أوَّلاً: أفعالُ المقاربةِ: وهي أفعالٌ تُفيدُ في الدِّلالةِ على قربِ وقوعِ الخبرِ وحدوثهِ، وهي (كادَ، أوشكَ، كَرَبَ) ومنها قولُهُ تعالى: {تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ}.[32]
  • ثانياً: أفعالُ الرَّجاءِ: وهي أفعالٌ يُرجى -أو يُطلبُ- من خلالِها وقوعُ الخبرِ، وهي (عسى، حَرى، اخلولَقَ) ومنها قولُهُ تعالى: {فَعَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ}.[33]
  • ثالثاً: أفعالُ الشُّروعِ: وهيَ أفعالٌ تدلُّ على الشُّروعِ بالخبرِ والبدءِ في سريانهِ، وهي كلُّ فعلٍ يحملُ معنى الفعلِ (أشرعُ) أو (أبدأُ) ومنها: (شرعَ، طَفِقَ، جعلَ، هبَّ، أنشأ، هلهلَ، أخذَ…) ومنها قولُهُ تعالى: {فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ}.[34]

أفعال القلوب والتحويل

وهيَ مجموعةٌ مِنَ الأفعالِ الَّتي تدخلُ على الجملةِ الاسميَّة المكوَّنةِ مِنَ المبتدأ والخبرِ فتصبُهما على أنَّهما مفعولان لها، وتُقَسَّمُ على الشَّكلِ الآتي: [35]

  • أفعالُ القلوبِ: وهي الأفعالُ الَّتي ترتبطُ معانيها بالقلبِ واليقينِ والشَّكِّ والإنكارِ وما إلى ذلك، وهي على ثلاثةِ أضربٍ:
    الأفعالُ الَّتي تدلُّ على الظَّنِّ، وهي (حَجا، عَدَّ، زَعَمَ، جَعَلَ، هَبْ) .
    الأفعالُ الَّتي تدلُّ على اليقينِ، وهي (عَلِمَ، وَجَدَ، أَلْفى، دَرَى، تَعَلَّمْ).|
    الأفعالُ الَّتي تُستعملُ في الظَّنِّ واليقينِ على حدٍّ سواء، وهي (ظَنَّ، حَسِبَ، خالَ، رَأى).
  • أفعالُ التَّحويلِ: وهي الأفعالُ الَّتي تدلُّ على تحوُّلِ الشَّيءِ من حالٍ كانَ عليهِ إلى حالٍ جديدٍ، وهي (صَيَّرَ، أَصارَ، جَعَلَ، وَهَبَ، رَدَّ، ترَكَ، تَخَذَ، اتَّخَذَ، حوَّلَ).

شاهد أيضاً: لماذا سميت همزة الوصل بهذا الاسم

اعراب كان وأخواتها

تقولُ القاعدةُ العامَّةُ في إعرابِ (كانَ) وأخواتها: إنَّ هذهِ الأفعالَ النَّاسخةَ النَّاقصةَ إذا ما دخلتْ على الجملةِ الاسميَّةِ فإنَّها ترفعُ المبتدأ وتحتكرهُ ليكونَ اسماً لها، وتنصبُ الخبرَ وتحتكرهُ ليكونَ خبراً لها، وفيما يأتي نُوضِّحُ لكم علامات الإعراب الَّتي تتفرَّعُ مِنْ هذهِ القاعدةِ:

اسم كان وأخواتها

يُقسِّمُ العلماءُ وأهلُ اللُّغةِ والنَّحوِ اسمَ (كانَ) من حيث علامة إعرابهِ إلى أربعةِ أقسامٍ، وهي:  [36]

  • أن يكونَ هذا الاسمُ مرفوعاً بالضَّمَّةِ الظَّاهرةِ: ويكون ذلكَ في:
    الاسم المفرد: كقولهِ تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [37] فقد جاءت كلمة (فريق) اسماً للفعل النَّاقص (كانَ) مرفوعاً بالضَّمَّةِ الظَّاهرةِ في آخرهِ، وهي اسمٌ مفردٌ.
    الجمع المزيد بألف وتاء (جمع المؤنَّث السَّالم): ومنهُ قولنا: (كانت الطَّالباتُ حاضرات في القاعة) فقد جاءت كلمة (الطَّالباتُ) اسماً للفعل النَّاقص (كان) مرفوعاً بالضَّمَّةِ الظَّاهرةِ في آخرهِ، وهيَ جمعٌ مزيدٌ بألفٍ وتاءٍ.
    جمع التَّكسير: كقولهِ تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ} [38] فقد جاءتْ كلمة (النَّاسُ) اسماً للفعل النَّاقس (كانَ) مرفوعاً بالضَّمَّةِ الظَّاهرةِ في آخرهِ، وهي جمعُ تكسيرٍ.
  • أن يكونَ هذا الاسمُ مرفوعاً بالضَّمَّةِ المقدَّرةِ: وهو الاسمُ الَّذي منعتْ ظهورَ الضَّمَّةِ في آخرهِ أسبابٌ جوهريَّةٌ، وهيَ:
    أنَّهُ مسبوقٌ بحرفِ جرٍّ زائدٍ: كقولهِ تعالى: {مَّا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَّقْدُوراً} [39] وحرفُ الجرِّ الزَّائدِ هنا هو (مِنْ) وأصلُ الكلامِ (ما كانَ حرجٌ على النَّبيِّ…).
    أنَّهُ اسمٌ مقصورٌ: كقولنا: (أصبحَ المستشفى قريباً مِنَ البيتِ) فكلمة (مستشفى) هي اسمٌ مرفوعٌ بالضَّمَّةِ المقدَّرةِ للفعلِ النَّاقصِ (أصبح) لأنَّهُ اسمٌ مقصورٌ.\
    أنَّهُ  اسمٌ منقوصٌ: كقولنا: (كانَ القاضي عادلاً في المحكمةِ) فكلمة (القاضي) هي اسمٌ مرفوعٌ بالضَّمَّةِ المقدَّرة للفعلِ النَّاقصِ (كانَ) لأنَّهُ اسمٌ منقوصٌ.
  • أن يكونَ هذا الاسمُ مرفوعاً بالألفِ: وذلك في المثَّنى بنوعيهِ:
    المُذكَّر: كقولنا: (كانَ الشَّاعران رائعين) فقد جاءت كلمة (الشَّاعران) اسماً مرفوعاً بالألفِ للفعلِ النَّاقصِ (كانَ) لأنَّهُ مثنَّى.
    والمؤنَّث: كقولنا: (كانت القصيدتان لطيفتين) فقد جاءت كلمة (القصيدتان) اسماً مرفوعاً بالألفِ للفعلِ النَّاقص (كان) لأنَّهُ مثنَّى.
  • أن يكونَ هذا الاسمُ مرفوعاً بالواو: وذلكَ في جمعِ المذكَّرِ السَّالمِ، كقولنا: (كانَ المعلِّمونَ نشيطين) فقد جاءت كلمة (المعلِّمون) اسماً مرفوعاً بالواوِ للفعلِ النَّاقصِ (كانَ) لأنَّهُ جمعُ مذكَّرٍ سالم.

خبر كان وأخواتها

وكذلكَ يُقسِّمُ العلماءُ وأهلُ اللُّغةِ والنَّحوِ خبرَ (كانَ) من حيث علامة إعرابهِ إلى أربعةِ أقسامٍ أيضاً، وهي: [40]

  • أن يكونَ هذا الخبرُمنصوباً بالفتحةِ الظَّاهرةِ: ويكون ذلكَ في:
    الاسم المفرد: كقولنا: (كانت القصيدةُ طويلةً) فقد جاءت كلمة (طويلةً) خبراً للفعل النَّاقص (كانَ) منصوباً بالفتحةِ الظَّاهرةِ في آخرهِ، وهي اسمٌ مفردٌ.
    جمع التَّكسير: كقولنا: (كانَ الجنود أقوياء في الحرب) فقد جاءت كلمة (أقوياء) خبراً للفعل النَّاقص (كانَ) منصوباً بالفتحةِ الظَّاهرةِ في آخرهِ، وهي جمعُ تكسيرٍ.
  • أن يكونَ هذا الخبرُ منصوباً بالفتحةِ المقدَّرةِ: وهو الخبرُ الَّذي منعَ حرفُ الجرِّ الزَّائد ظهورَ الفتحةِ في آخرهِ، كقولهِ تعالى: {وَكَذَٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لِّيَقُولُوا أَهَٰؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ}. [41]
  • أن يكونَ هذا الخبرُ منصوباً بالياءِ: ويكون ذلك في:
    المثنَّى بنوعيهِ -المذكَّر والمؤنَّث- ومنهُ قولنا: (كانَ الشَّاعران رائعين/ كانت القصَّتان طويلتين) فقد جاءت كلمةُ (رائعين/ طويلتين) خبراً للفعلِ النَّاقصِ (كانَ) منصوباً بالياءِ؛ لأنَّهُ مثنَّى.
    وجمع المذكَّر السَّالم، كقولنا: (كانَ الطُّلَّابُ مجتهدينَ) فقد جاءت كلمة (مجتهدين) خبراً للفعلِ النَّاقصِ (كانَ) منصوباً بالياءِ؛ لأنَّهُ جمعُ مذكَّر سالم.
  • أن يكونَ هذا الخبرُ منصوباً بالكسرةِ نيابةً عَنِ الفتحةِ: ويكون ذلكَ في الجمعِ المزيدِ بألفٍ وتاءٍ (جمع المؤنَّث السَّالم) ومن ذلك قولنا: (كانت الطَّالباتُ حاضرات في القاعة) فقد جاءت كلمة (حاضرات) خبراً للفعلِ النَّاقصِ (كانَ) منصوباً بالفتحةِ نيابةً عَنِ الكسرةِ؛ لأنَّهُ جمعٌ مزيدٌ بألفٍ وتاءٍ (جمع مؤنَّث سالم).

شاهد أيضاً: لماذا سميت الألف الفارقة بهذا الاسم

أمثلة على كان وأخواتها مع الإعراب

نضعُ بينَ أيدكم فيما يأتي مجموعةً من الأمثلةِ لـ (كان) وأخواتها مع إعرابها:

  • كانَ الأمرُ سهلاً.
  • كانَ: فعل ماضٍ ناقص مبنيّ على الفتح الظَّاهر في آخرهِ.
  • الأمرُ: اسم (كان) مرفوع، وعلامة رفعه الضَّمَّة الظَّاهرة في آخرهِ.
  • سهلاً: خبر (كان) منصوب، وعلامة نصبهِ الفتحة الظَّاهرة في آخره.
  • صارَ العامُ مميَّزاً.
  • صارَ: فعل ماضٍ ناقص مبنيّ على الفتح الظَّاهر في آخرهِ.
  • العامُ: اسم (صارَ) مرفوع، وعلامة رفعه الضَّمَّة الظَّاهرة في آخرهِ.
  • مميَّزاً: خبر (صارَ) منصوب، وعلامة نصبهِ الفتحة الظَّاهرة في آخره.
  • أصبحَ الجوُّ غائماً.
  • أصبحَ: فعل ماضٍ ناقص مبنيّ على الفتح الظَّاهر في آخرهِ.
  • الجوُّ: اسم (أصبحَ) مرفوع، وعلامة رفعه الضَّمَّة الظَّاهرة في آخرهِ.
  • غائماً: خبر (أصبحَ) منصوب، وعلامة نصبهِ الفتحة الظَّاهرة في آخره.
  • أضحى الشِّعرُ مغموراً.
  • أضحى: فعل ماضٍ ناقص مبنيّ على الفتح.
  • الشِّعرُ: اسم (أضحى) مرفوع، وعلامة رفعه الضَّمَّة الظَّاهرة في آخرهِ.
  • مغموراً: خبر (أضحى) منصوب، وعلامة نصبهِ الفتحة الظَّاهرة في آخره.
  • باتَ السِّرُّ مفضوحاً.
  • باتَ: فعل ماضٍ ناقص مبنيّ على الفتح الظَّاهر في آخرهِ.
  • السِّرُّ: اسم (باتَ) مرفوع، وعلامة رفعه الضَّمَّة الظَّاهرة في آخرهِ.
  • مفضوحاً: خبر (باتَ) منصوب، وعلامة نصبهِ الفتحة الظَّاهرة في آخره.
  • ما زالَ الأمرُ غامضاً.
  • ما: حرفُ نفيٍ.
  • زالَ: فعل ماضٍ ناقص مبنيّ على الفتح الظَّاهر في آخرهِ.
  • الأمرُ: اسم (زالَ) مرفوع، وعلامة رفعه الضَّمَّة الظَّاهرة في آخرهِ.
  • غامضاً: خبر (زالَ) منصوب، وعلامة نصبهِ الفتحة الظَّاهرة في آخره.

بهذا نكونُ قد وصلنا مع حضراتكم -زوَّار موقع تصفّح الأكارم- إلى نهاية مقالنا لماذا سميت الافعال الناسخة بهذا الاسم، وقد عرضنا أمامكم الإجابةَ الوافيةَ الكافيةَ عن هذا السُّؤال بعد أن عرَّفنا النَّواسخ تعريفاً عامّاً، وقد سلَّطنا الضَّوء من خلال فِقْرات هذا المقال وسطورهِ على أنواع الحروف والأفعال النَّاسخة وأقسامها وقواعدها، وعرضنا أمثلةً إعرابيَّةً منوَّعةً لها، نرجو أن نكونَ قد وُفِّقنا في عرضِ مادَّةٍ علميَّةٍ لائقةٍ بحضراتكم، وأن تكونوا قد استمتعم معنا في هذهِ الرِّحلةِ السَّريعةِ بين أزهارِ اللُّغةِ العربيَّةِ ورياضها الزَّاهية.

أسئلة شائعة

أسئلة شائعة
لماذا سميت الأفعال الناسخة (كان وأخواتها) بالأفعال الناقصة؟!
لأنَّ هذهِ الأفعال لا تكتفي باسمها المرفوع وحسب؛ وإنَّما تتعدَّاه إلى خبرها المنصوب الَّذي لا تتمُّ الفائدةُ إلَّا بِهِ، فلو قلنا مثلاً: (كانَ الجوُّ) وسكتنا، لما وصلتْ إلينا أيُّ فائدة تُذكرُ من الجملة، بينما لو قلنا: (كانَ الجوُّ غائماً) وسكتنا، لوصلتْ إلينا فائدة حالة الطَّقس الغائم.

المراجع

  1. ^ shamela.ws، كتاب الأفعال الناسخة، 27/01/2023
  2. ^ shamela.ws، كتاب المنهاج المختصر في علمي النحو والصرف، 27/01/2023
  3. ^ shamela.ws، كتاب المنهاج المختصر في علمي النحو والصرف، 27/01/2023
  4. ^ سورة المائدة، الآية: 39
  5. ^ سورة النور، الآية: 20
  6. ^ سورة الصافات، الآية: 65
  7. ^ سوة يس، الآية: 26
  8. ^ سورة الشورى، الآية: 17
  9. ^ سورة الأنفال، الآية: 43
  10. ^ سورة غافر، الآية: 17
  11. ^ سورة المزمل، الآية: 12
  12. ^ سورة القيامة، الآية: 17
  13. ^ سورة الكهف، الآية: 110
  14. ^ سورة النمل، الآية: 73
  15. ^ سورة النساء، الآية: 162
  16. ^ سورة يونس، الآية: 10
  17. ^ shamela.ws، كتاب شرح المفصل لابن يعيش، 27/01/2023
  18. ^ سورة الفرقان، الآية: 54
  19. ^ سورة الشورى، الآية: 53
  20. ^ سورة الملك، الآية: 30
  21. ^ سورة طه، الآية: 119
  22. ^ سورة الروم، الآية: 17
  23. ^ سورة الفرقان، الآية: 64
  24. ^ سورة النحل، الآية: 58
  25. ^ سورة الأنبياء، الآية: 15
  26. ^ سورة الكهف، الآية: 60
  27. ^ سورة يوسف، الآية: 85
  28. ^ سورة البينة ، الآية: 1
  29. ^ سورة آل عمران، الآية: 182
  30. ^ سورة مريم، الآية: 31
  31. ^ shamela.ws، كتاب المنهاج المختصر في علمي النحو والصرف، 27/01/2023
  32. ^ سورة الملك، الآية: 8
  33. ^ سورة المائدة، الآية: 52
  34. ^ سورة ص، الآية: 33
  35. ^ shamela.ws، كتاب المنهاج المختصر في علمي النحو والصرف، 27/01/2023
  36. ^ shamela.ws، كتاب الأفعال الناسخة، 27/01/2023
  37. ^ سورة البقرة، الآية: 75
  38. ^ سورة البقرة، الآية: 213
  39. ^ سورة الأحزاب، الآية: 38
  40. ^ shamela.ws، كتاب الأفعال الناسخة، 27/01/2023
  41. ^ سورة الأنعام، الآية: 53

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *