دعاء القنوت في الوتر عند الشافعية

دعاء القنوت في الوتر عند الشافعية
دعاء القنوت في الوتر عند الشافعية

دعاء القنوت في الوتر عند الشافعية، الدعاء مخّ العبادة والصلاة إنما هي أفعال بالجسد وذكر ودعاء باللسان وتصديق وخشوع في القلب، ومن أفضل الأوقات التي يمكن أن يدعو بها الإنسان ويتقرب فيها إلى الله هو وقت الصلاة، فالصلاة صلة مع الله، ومن أشهر الأدعية التي يمكن الدعاء بها في الصلاة هو دعاء القنوت الذي يدعى به بعد القيام من ركوع آخر ركعة من ركعات صلاة الوتر أو في صلاة الفجر أو في الصلوات المكتوبة، وفي هذا المقال سنتعرف على صلاة الوتر ودعاء القنوت في الوتر عند الشافعية.

دعاء القنوت في الوتر عند الشافعية

دعاء القنوت في الوتر عند الشافعية هو ذاته دعاء القنوت الذي يدعى به في صلاة الصبح وفي الصلوات المكتوبة وعند النوازل والشدائد، فقد ظلّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقنت في الصلوات الخمس مدّة ثلاثين يوماً بعدما قُتل القرّاء في حادثة معونة، وصيغة دعاء القنوت عند الشافعية كالآتي:[1]

” اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت ، ولايعز من عاديت ، تباركت ربنا وتعاليت”.

دعاء القنوت عند المذاهب الأربعة

أوردنا لكم في الفقرة السابقة دعاء القنوت في الوتر عند الشافعية وفي هذه الفقرة سنكمل معكم دعاء القنوت عند المذاهب الأربعة، فأمّا دعاء القنوت عند الحنفية فيكون قبل الركوع من الركعة الأخيرة وفي صلاة الوتر فقط وعند النوازل والمصائب في الصلوات الخمس وصيغته ” اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونؤمن بك ونتوكل عليك، ونثني عليك الخير كله نشكرك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلي ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك ،إن عذابك الجد بالكفار ملحق”، وكذلك كان دعاء القنوت عند المالكية ولكن مالكاً وافق أبا حنيفة في محلّ الدعاء قبل الركوع من الركعة الأخيرة ولكن هذا الدعاء يكون في صلاة الصبح سرّاً، وعند الإمام أحمد يكون الدعاء بعد الركوع وفي صلاة الوتر فقط وكذلك عند النوازل. والله تعالى أعلم.[1]

شاهد أيضًا: هل يجوز صلاة الوتر ثلاث ركعات بتشهد واحد

دعاء القنوت عند الصحابة الكرام

ومن الأدعية المأثورة التي كان يدعوا بها صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- الكرام – رضوان الله عليهم- ما يأتي:[2]

عن عُروةَ بنِ الزُّبَيرِ: “…وكان الناسُ يقومون أوَّلَه، وكانوا يَلْعَنونَ الكَفرةَ في النِّصفِ: اللهمَّ قاتلِ الكفرةَ الذين يَصدُّونَ عن سَبيلِك، ويُكذِّبون رُسلَك، ولا يُؤمِنون بوعدِك، وخالِفْ بين كلمتِهم، وألْقِ في قلوبِهم الرُّعبَ، وألْقِ عليهم رِجزَك وعذابَك، إلهَ الحقِّ، ثم يُصلِّي على النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويَدعو للمسلمين بما استطاعَ من خيرٍ، ثم يَستغفرُ للمؤمنين، قال: وكان يقولُ إذا فرغَ مِن لَعْنه الكفرةَ وصلاتِه على النبيِّ واستغفارِه للمؤمنينَ والمؤمناتِ ومسألتِه: اللهمَّ إيَّاك نَعبُدُ، ولك نُصلِّي ونَسجُد، وإليكَ نَسعَى ونَحفِد، ونرجو رحمتَك ربَّنا، ونخاف عذابَك الجِدَّ؛ إنَّ عذابَك لِمَن عاديتَ مُلحِق، ثم يُكبِّر ويَهوي ساجدًا”.[3]

وعن عطاءٍ: “أنَّه سمِعَ عُبيدَ بنَ عُمَيرٍ يأثُرُ عن عُمرَ بنِ الخطَّابِ في القنوتِ (في الوتر) أنَّه كان يقولُ: اللهمَّ اغفرْ للمؤمنين والمؤمناتِ، والمسلمين والمسلمات، وألِّف بين قلوبِهم، وأصلِحْ ذاتَ بينهم، وانصُرْهم على عدوِّك وعدوِّهم، اللهمَّ الْعنَ كَفرةَ أهلِ الكتابِ الذين يُكذِّبونَ رُسلَك ويُقاتلون أَولياءَك، اللهمَّ خالِفْ بين كلمتِهم، وزَلْزِلْ أقدامَهم، وأَنْزِلْ بهم بأسَك الذي لا تَردُّه عن القومِ المجرمِينَ، بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، اللهمَّ إنَّا نَستعينُك ونَستغفِرُك، ونُثني عليكَ ولا نَكفُرك، ونَخْلَعُ ونَترُك مَن يَفْجُرك، بسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، اللهمَّ إيَّاك نَعبُد، ولكَ نُصلِّي ونَسجُد، وإليك نَسعَى ونَحفِد، نَرجو رَحمتَك ونخافُ عذابَك؛ إنَّ عذابَك بالكفَّارِ مُلحِق”.[4]

صلاة الوتر

صلاة الوتر هي سنّة مؤكدة عن النبي -صلى الله عليه وسلّم- يبدأ وقتها من بعد صلاة العشاء ويستمر حتى طلوع الفجر، وهي صلاة وترية أي تؤدى وتراً، أقلّها ركعةٌ واحدة وأكثرها إحدى عشر ركعة وأدنى الكمال فيها ثلاث ركعات، فإذا أراد العبد أن يصلّي ثلاث ركعات يستحبّ أن يقرأ فيها سورة الأعلى في الركعة الأولى وسورة الكافرون في الركعة الثانية وسورة الإخلاص في آخر ركعة ثمّ يستحبّ له أن يدعو بدعاء القنوت، ويمكن أن تؤدّى صلاة الوتر ركعة واحدة مفردة أو ركعتان أو أكثر مثنىً مثنىً ثمّ يختم بركعة واحدة أيركعتين وركعة مفردة أو أربع ركعات ثم ركعة مفردة، وهكذا إلى أن يصل إلى عشر ركعات ثمّ ركعة واحدة، كما يمكن أن تصلّى ثلاث ركعات متصلات ، أو خمسًا ، أو سبعًا أو تسعًا أو إحدى عشرة ركعة متصلة بتشهدٍ واحد وتسليم واحد.[5]

شاهد أيضاً: هل يجوز صلاة الوتر ركعة واحدة دون الشفع

حكم صلاة الوتر

صلاةُ الوترِ سُنَّةٌ مؤكَّدة عند كلٍّ من المالِكيَّة، والشافعيَّة، والحَنابِلَة، وروايةٌ عن أبي حنيفةَ، وقال أبو يُوسفَ ومحمَّد بن الحسن بأنها سُنَّةٌ مؤكَّدة وهما من الحنفية، وفي هذا الحكم دلالات من القرآن الكريم ومن السنة النبوية، ووجه الدلاة من القرآن الكريم قوله تعالى: “حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الوُسْطَى”،[6] والصلوات المفروضة خمسة فلو كانت صلاة الوتر واجبة لكانت الصلوات المكتوبة ستة والستة لا وسط لها، وأمّا وجه الدلالة من الأحاديث النبوية فيوجد العديد  من الأحاديث منها عن طلحةَ بنِ عُبَيدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عنه قال: “جَاءَ رَجُلٌ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن أهْلِ نَجْدٍ ثَائِرَ الرَّأْسِ، يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوْتِهِ ولَا يُفْقَهُ ما يقولُ، حتَّى دَنَا، فَإِذَا هو يَسْأَلُ عَنِ الإسْلَامِ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: خَمْسُ صَلَوَاتٍ في اليَومِ واللَّيْلَةِ. فَقالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَوَّعَ. قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: وصِيَامُ رَمَضَانَ. قالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ؟ قالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَوَّعَ. قالَ: وذَكَرَ له رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الزَّكَاةَ، قالَ: هلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قالَ: لَا، إلَّا أنْ تَطَوَّعَ. قالَ: فأدْبَرَ الرَّجُلُ وهو يقولُ: واللَّهِ لا أزِيدُ علَى هذا ولَا أنْقُصُ، قالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أفْلَحَ إنْ صَدَقَ”[7]، فمن هذا الحديث نستنتج أن الصلوات المكتوبة هي خمسة وأمّا صلاة الوتر فهيّ سنّة لأن رسول الله -صلّى عليه وسلّم- كان يداوم عليها والله أعلم.[8]

أفضل وقت لصلاة الوتر 

يبدأ وقت صلاة الوتر من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر وذلك مذهب جمهور الفقهاء من المالِكيَّة والشافعيَّة والحَنابِلَة، وقول أبي يوسفَ ومحمَّدِ بنِ الحسنِ من الحَنَفيَّة، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه ” سَأَلَ رَجُلٌ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو علَى المِنْبَرِ: ما تَرَى في صَلَاةِ اللَّيْلِ؟ قَالَ: مَثْنَى مَثْنَى، فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى واحِدَةً، فأوْتَرَتْ له ما صَلَّى. وإنَّه كانَ يقولُ: اجْعَلُوا آخِرَ صَلَاتِكُمْ وِتْرًا؛ فإنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أمَرَ بهِ”[9]، وقد ورد عن رسول الله -صلّى عليه وسلّم- أنه صلّاها في أول الليل وصلاها في وسطه وصلّاها في أخره، وأما جمهور الفقهاء فقد أجمعوا على أنّ الوقت الأفضل لأداء صلاة الوتر يعتمد على المصلّي فمن كان يرجو أن يقوم الليل ويستيقظ من نومه فيستحب أن يؤخر صلاة الوتر لكي تكون خاتمة صلاته في الليل، وأمّا من كان يخشى ألا يقوم في الليل فالأفضل له أن يصلّيها في أوله.[10]

شاهد أيضاً: هل يجوز صلاة الوتر بعد اذان الفجر

عدد ركعات صلاة الوتر

وبعد أن تعرفنا على صلاة الوتر وحكمها ودعاء القنوت فيها سنتعرف الآن على عدد الركعات التي يمكن أن نصلي بها صلاة الوتر:[11]

  • ركعة واحدة: حيث يمكن أن تصلّى صلاة الوتر بركعة واحدة منفصلة عمّا قبلها بسجود واحد وتشهد وتسليم، وهذا مذهب الجمهور من الشافعية والمالكية والحنابلة وطائفةٍ من السلف، قال -صلى الله عليه وسلّم: ” مالوترُ حقٌّ على كل مُسلِمٍ ، فمن أحبّ أن يوترَ بخمسٍ فليفعلْ ، ومن أحبَّ أن يوتِرَ بثلاثٍ فليفعل ، ومن أحبَّ أن يوتِرَ بواحدةٍ فليفعَلْ”.[12]
  •  بثلاثِ ركَعَاتٍ متصلةٍ بتشهُّدٍ واحدٍ: وهي أن يصلي العبد صلاة الوتر بثلاث ركعات متصلة ولا يجلس فيها للتشهد بعد الركعة الثانية بل يقوم ويصلي الركعة الثالثة ثم يجلس للتشهد والتسليم، وهذا مذهبُ الحَنابِلَة، والشافعية، وطائفة من السلف واختاره ابن عثيمين وابن باز وابن تيمية.
  • ثلاث ركعات متصلة بتشهدين: أي كما تصلّى صلاة المغرب، وهذا الوجه لا يشرع لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلّم نهى عن تشبيه الوتر بالمغرب، وهو مذهبُ الحَنابِلَة، ووجهٌ للشافعيَّة، واختاره ابنِ باز، وابنِ عُثَيمين.
  • خمس أو سبع أو تسع ركعات: ويمكن أن يصلّى صلاة الوتر بخمس ركعات أو سبع ركعات أو تسع ركعات متصلة لا يجلس للتشهد إلا في آخر ركعة، ويمكن أن يصلى ست ركعات ثم يجلس للتشهد ثمّ يقوم للسابعة ويجلس للتشهد ثمّ السلام أو يصلي ثماني ركعات ثمّ يجلس للتشهد ثمّ يقوم فيصلي التاسعة ثمّ يجلس للتشهد الأخير والتسليم، وهذا مذهبُ الشافعيَّة، ووجهٌ عند الحَنابِلَة.

إلى هنا نكون قد وصلنا وإياكم أعزاءنا زوار موقع تصفح إلى نهاية مقالنا دعاء القنوت في الوتر عند الشافعية، والذي تعرفنا فيه على دعاء القنوت في صلاة الوتر عند الشافعية ودعاء القنوت عند بقية المذاهب الأربعة ودعاء القنوت الذي كان يدعوا به الصحابة الكرام، ثمّ تعرفنا على صلاة الوتر وحكمها وعدد ركعاتها فهذا ما تهيّأ إعداده وتيسّر إيراده فنسأل الله أن نكون قد وفقّنا في تقديمه، نلقاكم في مقالات أخرى ودمتم بخير.

المراجع

  1. ^ islamweb.net، صيغة دعاء القنوت وفي أي الصلوات، 13/01/2023
  2. ^ dorar.net، القُنوتُ في الوِتْرِ، 13/01/2023
  3. ^ صحيح البخاري ، عُروةَ بنِ الزُّبَيرِ، البخاري، 2010، صحيح
  4. ^ تحفة المحتاج، عطاءٍ بن يسار، ابن الملقِّن ،1/410، صحيحٌ أو حسن
  5. ^ islamweb.net، كيفية صلاة الوتر، 13/01/2023
  6. ^ سورة البقرة ، الآية 238
  7. ^ صحيح البخاري ، طلحة بن عبيدالله،  البخاري، 46 ، صحيح
  8. ^ dorar.net، حُكمُ صلاةِ الوترِ، 13/01/2023
  9. ^ صحيح البخاري، عبدالله بن عمر،  البخاري، 472، صحيح
  10. ^ dorar.net، أوَّلُ وقتِ صلاةِ الوترِ وآخِرُه، 13/01/2023
  11. ^ dorar.net، عددُ رَكَعاتِ صلاةِ الوترِ، 13/01/2023
  12. ^ المجموع للنووي، أبو أيوب الأنصاري، النووي، 4/17 ، إسناده صحيح بهذا اللفظ

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *