ما حكم من نوى العمرة ولبس الإحرام ولم يعتمر

ما حكم من نوى العمرة ولبس الإحرام ولم يعتمر
ما حكم من نوى العمرة ولبس الإحرام ولم يعتمر

ما حكم من نوى العمرة ولبس الإحرام ولم يعتمر، ومن أين يحرم المسلمون للعمرة وماذا يترتب على من ترك العمرة بعد أن نواها، فالعمرة هي زيارة بيت الله الحرام بصفة مخصوصة وبأفعال مخصوصة، وقد حدد الإسلام شروطًا لصحة وجوب أداء العمرة على المسلمين، فمن الشروط ما كان مشتركًا بين الرجال والنساء، ومنها ما هو خاص بالنساء فقط، وعلى المسلم أن يتعلم كل شيء حول العمرة حتى تكون عمرته صحيحة عند قيامه بها، ومن خلال هذا المقال سيتم الإجابة على مسألة هل يجوز أن يترك العمرة من عقد النية للعمرة وارتدى ثياب الإحرام وما يترتب على من فعل ذلك.

أين يتم الإحرام للعمرة

إن الإحرام في اللغة اسمٌ مشتق من مصدر ثلاثي ويكون الإحرام للحج والعمرة بمعنى النية في الدخول في النسك، وقد حددت الشريعة الإسلامية مواقيتًا مخصصة للإحرام منها مكانية ومنها زمانية، فالمواقيت الزمانية هي الأوقات التي يتم فيها الإحرام للحج فلا يمكن أداؤه في غيرها، ويختص شهر ذي الحجة بالحج، أما العمرة فلا مواقيت زمانية لها، أما المواقيت المكانية، فهي الأماكن التي حددها النبي -صلى الله عليه وسلم- لأهل البلدان ليحرموا عندها، لمن أراد الحج أو العمرة، والمواقيت المكانية هي ذو الحليفة لأهل المدينة والذي يعرف بأبيار علي، والجحفة لأهل الشام ويسمى اليوم رابغ، وقرن المنازل لأهل نجد ويلملم لأهل اليمن، وهذه المواقيت لتلك البلاد ولكل من جاء من جهتها، وقد ورد عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: “وقَّتَ لأَهْلِ المدينةِ ذا الحُلَيْفةِ ، ولأَهْلِ الشَّامِ الجُحفةَ ، ولأَهْلِ نجدٍ قَرنًا ، ولأَهْلِ اليمنِ يَلَملمَ ، وقالَ : هُنَّ لَهُنَّ ولِكُلِّ آتٍ أتى علَيهنَّ من غيرِهِنَّ فمَن كانَ أَهْلُهُ دونَ الميقاتِ حَيثُ يُنشي حتَّى يأتيَ ذلِكَ على أَهْلِ مَكَّةَ”.[1] ولا يجوز تجاوز هذه المواقيت دون إحرام لمن نوى العمرة، بل يحرم عندها والله ورسوله أعلم.[2]

شاهد أيضًا: هل يجوز الإحرام من الفندق بمكة ومن أين يحرم المسلمون

ما حكم من نوى العمرة ولبس الإحرام ولم يعتمر

إن كان يقصد بهذا نية العمرة من غير نية الدخول في النسك فإن الإحرام لم يحصل فهو نية الدخول في النسك، والإحرام واجبٌ عند الميقات، وإن كان المقصود نية الدخول في النسك فإن على المسلم أن يكمل العمرة ولا يجوز له فسخها أبدًا، فمن لبس الإحرام وأحرم بالعمرة فلا يمكن له أن يخرج منها أو يتحلل بلبسه المخيط وقطعه النية، بل يتحلل منها بإتمام النسك كلها، والتحلل بالشرط إن اشترط، والتحلل بالحصر، فلو كان المسلم المحرم قد اشترط عند عقده النية ودخوله في النسك إن حبسني حابسٌ فمحلي حيث حبسني، فإنه يجوز للمسلم أن يفسخ عمرته إن حبسه أي حابس، ولا شيء عليه، أما لو لم يشترط، فلا يجوز له التحلل من الإحرام إلا بعد أن يتم العمرة، إلا أن يحصر المسلم أي يقع عليه مرض يمنعه من العمرة أو إتمام النسك فيتحلل بذلك تحلل المحصر بالنية وذبح الهدي والحلق والتقصير، أما إن نوى المسلم العمرة وهو في بلده وقرر الذهاب لها وارتدى ثياب الإحرام ثم تركها ولم يتوجه لمكة ليؤديها فلا شيء عليه لأنه لم يحرم بعد بهذا والإحرام يكون من الميقات بطريقة مخصوصة وكيفية محددة والله ورسوله أعلم.[3]

حكم من نوى العمرة وعزم عليها ثم بدا له ترك ذلك ابن باز

أكّد الشيخ ابن باز أنه لا شيء على من نوى العمرة وعزم عليها ثم لم يؤديها، وذلك لأنّ العمرة واجبة على المسلم مرة واحدة في أصح أقوال أهل العلم كما الحج على المسلم المقتدر، ومن نوى العمرة ثم تردد عن فعلها لا شيء عليه لأنّه لم يدخل في الإحرام، وحتى لو أن المسلم كان قد نوى العمرة وتوجه إلى الميقات ثم عاد إلى بلده ولم يكمل قبل أن يدخل في النسك بالإحرام فلا شيء عليه، أما لو أتى بقصد العمرة وكان قد نوى عليها وعقد العزم على أدائها ووصل الميقات وأحرم فيه فإن عليه أن يكملها حتى ينهي مناسكها، وأن يحرص على أن يكون إحرامه من ميقاته المحدد شرعًا، وبعد أن يحرم عند الميقات يكمل العمرة إلى نهايتها ولا يجوز له أن يفسخها بل يطوف ويسعى ويحلق ويقصر ويتحلل والله ورسوله أعلم.[4]

شاهد أيضًا: هل يجوز وضع كريم الشعر بعد الاحرام وحكم استعمال المرطبات

حكم من نوى العمرة أو الحج ثم بدا له ألا يفعل

فصّل أهل العلم في من نوى العمرة ومن ثم بدا له أن لا يأتيها، فقالوا من كان قد نوى العمرة أي الدخول في العمرة فليس له أن يقوم بخلع الإحرام، ولا يجوز له أن يرجع عنها حتى ينهيها، بل يكملها بالطوال والسعي والتقصير أو الحلق، وذلك لقول الله تعالى في محكم تنزيله: { وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ۚ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۖ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ۚ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ۚ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۚ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ ۗ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ۗ ذَٰلِكَ لِمَن لَّمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}.[5]

أما إن كان لم ينو الدخول في العمرة أي نوى أداءها فقط، بل إنه يستعد للدخول في الإحرام لكنه لم يحرم، كمن يتهيأ لخلع المخيط والغسل والطيب والتهليل، ولكن لم يفعل ذلك بعد فهذا يعد غير داخلٍ في النسك بعد، فلو ترك ورجع فلا شيء عليه قبل أن يحرم، فمن نوى الإحرام فيكون قد دخل في العمرة حينها وجب عليه الإكمال، وأن لا يترك العمرة ولا يجوز له لبس المخيط، وعليه أن يكمل العمرة بالطواف والسعي والحلق والتقصير والله ورسوله أعلم.[6]

عقد نية الإحرام ثم خلع ثياب الإحرام ولم يعتمر ابن عثيمين

إذا ما عقد المسلم نيّة الإحرام ودخل في النسك ثمّ خلع ملابس الإحرام ولم يعتمر، فعليه بأن يسارع لخلع ملابسّ الحلّ والمسارعة لأداء مناسك العمرة كاملًا ثمّ التحلل من الإحرام، فالتحلل من الإحرام لا يكون إلا بعد أداء المناسك والحلق أو التقصير، كما عليه التكفير عن هذا الذنب بالتوبة لله تعالى والاستغفار، لأنّ ترك الإحرام دون التحلل منه والمباشرة في الأمور التي تحرم على المسلم بمجرّد إحرامه أمرٌ باطلٌ ولا يجوز، فقد يتزوج المحرم قبل أن يتحلل، ولا يدري أن عقد نكاحه يكون باطلًا لأنّه ما زال محرمًا، لذا لا بدّ من التحلل بأداء مناسك العمرة والحلق أو التقصير، وأن يتوب إلى الله تعالى توبةً نصوحًا ويستغفر ويعزم ألّا يعود لهذا الذّنب من جديد، والله أعلم.[7]

شاهد أيضًا: هل يجوز لبس الاحرام المخيط للمرأة والرجل في النسك

أحرمت للعمرة ثم بدا لها أن لا تفعل فماذا يجب عليها

من واجب المسلمة أو المسلم إذا أحرم للعمرة أن يتمّها وألّا يتراجع عنها، فالرجوع عن العمرة أو الحجّ ليس مباحًا أو متاحًا للمسلم بعد الإحرام، لأنّ الإحرام هو نيّة الدّخول في النسك، وقد قال الله تعالى في محكم تنزيله: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}.[5] ولا يجوز فسخ هذا الإحرام دون سببٍ شرعيٍّ يبيح ذلك، فالواجب إكمال العمرة لأن تركها بعد الإحرام يُوقع المسلم في المحظور، ويجب عليه التوبة والمسارعة لإكمال العمرة والتحلل من الإحرام، فحسب الآية الكريمة التي وردت في سورة البقرة اتّفق أهل العلم على وجوب إتمام العمرة وعدم تركها ولا يجب الخروج منها إلا بالطريقة الشّرعية الصحيحة، فالمحرم يبقى محرمًا حتى يتحلل عند أداء المناسك والحلق أو التقصير، ويكون عليه حرامٌ كلّ ما يفسد إحرامه من المباحات، فإذا ترك العمرة ولم يتمّها واستباح ما حرم عليه بالإحرام وقع في المحظور والواجب التوبة لله تعالى والاستغفار وإكمال مناسك العمرة.[8]

ما حكم من نوى العمرة ولم يلبس الإحرام

إنّ مجرّد النية لا تلزم المسلم أن يقوم بالعمرة إلّا أن يكون قد أحرم من الميقات، لأنّ الإحرام هو نية الدخول في النسك ويوجب على المسلم أن يقوم بإتمام مناسك العمرة لأنّ ذل أمرٌ من الله تعالى ورد في كتابه العزيز، ولا يجوز للمسلم ترك العمرة إذا أحرم، أما من لم يحرم وتراجع عن نيّته في أداء العمرة فلا شيء عليه ولا إثم ولا حرج بإذن الله تعالى.[8]

شاهد أيضًا: دعاء الطواف والسعي في العمرة والحج بالأشواط مكتوب

هل يجوز تأخير العمرة بعد الإحرام

ليس من السنّة للمسلم أن يؤخر العمرة بعد أن يُحرم من الميقات، حيث وردت الكثير من الأحاديث الصحيحة في صحيحيّ البخاريّ ومسلم أن المسلم لا بدّ له أداء مناسك العمرة قبل أن يقوم بأيّ شيءٍ آخر، روت السيدة عائشة رضي الله عنها وقالت: “أنَّهُ أَوَّلُ شيءٍ بَدَأَ به حِينَ قَدِمَ أنَّهُ تَوَضَّأَ، ثُمَّ طَافَ بالبَيْتِ”.[9] كذلك قال النووي رحمه الله: “حَدِيثُ عَائِشَةَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ ، قَالَ أَصْحَابُنَا : فَإِذَا فَرَغَ مِنْ أَوَّلِ دُخُولِهِ مَكَّةَ أَنْ لَا يُعَرِّجَ عَلَى اسْتِئْجَارِ مَنْزِلٍ وَحَطِّ قُمَاشٍ وَتَغْيِيرِ ثِيَابِهِ وَلَا شَيْءَ آخَرَ غَيْرَ الطَّوَافِ , بَلْ يَقِفُ بَعْضُ الرُّفْقَةِ عِنْدَ مَتَاعِهِمْ وَرَوَاحِلِهِمْ حَتَّى يَطُوفُوا ، ثُمَّ يَرْجِعُوا إلَى رَوَاحِلِهِمْ وَمَتَاعِهِمْ وَاسْتِئْجَارِ الْمَنْزِلِ”، فلا يجوز للمسلم بعد إحرامه أن يلوي لقضاء حاجاته، فإن أحرم عليه الدخول للمسجد الحرام وأداء الطواف وغيره، ومن ثمّ يذهب المسلم لقضاء حاجاته المختلفة، والله أعلم.[10]

بهذا نصل إلى الختام في مقال ما حكم من نوى العمرة ولبس الإحرام ولم يعتمر، حيث من خلاله تمّ التعرّف على الحكم الشرعي لترك العمرة بعد عقد النية والإحرام من الميقات، إلى جانب ذكر الكثير من أحكام ترك العمرة بعد الإحرام وغيرها.

المراجع

  1. ^ صحيح النسائي، عبد الله بن عباس، الألباني، 2653، صحيح
  2. ^ islamweb.net، المواقيت الزمانية والمكانية، 25/04/2023
  3. ^ islamweb.net، ماذا على من نوى الذهاب للعمرة ولبس ملابس الإحرام ثم لم يذهب؟، 25/04/2023
  4. ^ binbaz.org.sa، حكم من نوى العمرة وعزم عليها ثم بدا له ترك ذلك، 25/04/2023
  5. ^ سورة البقرة ، الآية 196
  6. ^ binbaz.org.sa، حكم من نوى العمرة أو الحج ثم بدا له ألا يفعل، 25/04/2023
  7. ^ binothaimeen.net، عقد نية الإحرام ثم خلع ثياب الإحرام ولم يعتمر، 25/04/2023
  8. ^ binbaz.org.sa، تفسير قوله تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ)، 25/04/2023
  9. ^ صحيح البخاري، عائشة أم المؤمنين، البخاري، 1641، صحيح
  10. ^ islamqa.info، هل للمحرم أن يستريح في الفندق ، قبل أداء العمرة ؟، 25/04/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *