عناصر المقال
لماذا سميت سورة العنكبوت بهذا الاسم، يعرَّف القرآن الكريم على أنَّه كلام الله -عزَّ وجلَّ- المنزل على نبيِّه محمد -صلى الله عليه وسلم- بواسطة الوحي جبريل، وقد احتوى هذا القرآن على مائةٍ وأربعة عشر سورةٍ، منها سورةٌ عُرفت باسم سورة العنكبوت، وفي هذا المقال الذي يطرحه موقع تصفح، سيتمُّ تخصيص الحديث عن هذه السورة الكريمة، حيث سيجد القارئ سبب تسميتها بهذا الاسم، كما سيجد نبذةٍ مختصرةٍ عنها توضحُّ أهمِّ المعلومات المتعلقة بها، كما سيتمُّ بيان أسباب نزول آيةٍ من آياتها، مع بيان المقاصد الثلاثة التي تدور السورة في فلكها، وفي الفقرة الأخيرة سيتمُّ ذكر بعض الدروس المستنبطة من سورة العنكبوت.
لماذا سميت سورة العنكبوت بهذا الاسم
لقد شبَّه الله -عزَّ وجلَّ- في سورة العنكبوت المرءَ الذي يتخذ غير الله وليًا، يلجأ إليه ويحتمي بهِ، بالرغم من أنَّ هذا الولي لن ينفعه ولن يضره، بالعنكبوت التي تبني بيتًا من خيوطها القوية؛ لتحتمي به من الحرِّ والمطرِ وخطر الأعداءِ، وهي لا تعلم أنَّ هذا البيت لن يغنيها عن ذلك كلِّه، وقد جاء ذلك في قول الله تعالى: “مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ”،[1] وهذا هو سبب تسمية هذه السورة بالعنكبوت، ولا بدَّ من التنبيه إلى أنَّ هذه التسمية أُطلقت عليها في زمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما يدلُّ على ذلك أنَّ المشركون في القدم كانوا يستهزئون بسورتي العنكبوت والبقرة.[2]
شاهد أيضًا: لماذا سميت سورة الليل بهذا الاسم
نبذة عن سورة العنكبوت
تعدُّ سورة العنكبوت السورة التاسعة والعشرون بحسب ترتيب المصحف العثماني الشريف، والسورة الخامسة والثمانون بحسب ترتيب نزول سور القرآن الكريم،[2] وقد تباينت آراء أهل العلم في كونها مكية أم مدنية على ثلاثة أقوالٍ، حيث ذهب بعضهم إلى القول بأنَّ جميع آياتها مكية، وذهب آخرون إلى أنَّ جميع آياتها مدنية، بينما ذهب علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- إلى أنَّ جميع آياتها مكية باستثثاء الآيات العشر الأولى فإنَّهن مدنيات،[3] مولا بدَّ من التنبيه إلى أنَّ عدد آيات هذه السورة الكريمة تسعٌ وستون آية.[2]
شاهد أيضًا: لماذا سميت تكبيرة الاحرام بهذا الاسم
أسباب نزول سورة العنكبوت
لقد تباينت آراء أهل العلم في سبب نزول قول الله تعالى: “أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ”،[] على قولين اثنين، وفيما يأتي بيانهما:[3]
القول الأول
نزلت هذه الآية الكريمة بمولى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- والذي اسمه مهجع؛ إذ رماه عامر بن الحضرميِّ بسهمٍ فقتله، وكان ذلك في غزوة بدرٍ، فكان أول قتيلٍ في هذه الغزوة، وحينها جزع أبواه وزوجته عليهِ جزعًا شديدًا، فأنزل الله -عزَّ وجلَّ- حينها قوله تعالى: “أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ”.[4]
القول الثاني
لقد نزلت هذه الآية الكريمة بعددٍ من المسلمين الذين كانوا في مكة المكرمة، وقد أرسل إليهم أصحاب النبيِّ من الحديبية مكتوبًا مفاده أنَّ الإقرار بالإسلام لن يُقبل منهم إلَّا إذا خرجوا مهاجرين، وبالفعل استجابت هذه الطائفة لما طُلب منها، إلَّا أنَّ المشركون اتبعوهم، وقاتلوهم، فنزل قول الله تعالى: “أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ”،[4] فكتب لهم أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليخبروهم بما نزل بهم، فقالت هذه الطائفة سنخرج مهاجرين، وان اتبعنا أحدٌ من المشركين سنقاتله، وبالفعل هذا ما حدث.
شاهد أيضًا: لماذا سميت سورة الطلاق بهذا الاسم
مقاصد سورة العنكبوت
تدور سورة العنكبوت على وجه العموم حول محور الإيمان بالله -عزَّ وجلَّ- أمَّا سياق الآيات فإنَّها تدور حول ثلاثة مقاصد، وفي هذه الفقرة من هذا المقال سيتمُّ بيان هذه المقاصد وفيما يأتي ذلك:[2]
- المقصد الأول: تحدثت السورة الكريمة عن حقيقة الإيمان بالله -عزَّ وجلَّ- وسنة الإبتلاء والفتنة التي سنَّها الله على المؤمنين ليعلم الصادقين منهم، كما أنَّها بينت مصير كلَّ من آمن بربِّه ومن كفر به، بالإضافة إلى الحديث عن فردية التبعة وأنَّه لن يحمل أحدٌ عن أحدٍ شيئًا يوم القيامة.
- المقصد الثاني: عرضت السورة الكريمة مجموعة من قصص الأنبياء الذين سبقوا رسول الله، كما أنَّها صورت عددًا من الفتن والعقبات التي يمرُّ بها الدعاة إلى الله، ثمَّ هوَّنت من شأن تلك العقبات وذلك عند قياسها بقول الله تعالى.
- المقصد الثالث: نهت سورة العنكبوت عن مجادلة أهل الكتاب من اليهود والنصارى، إلَّا بالتي هي أحسن، كما أنَّها بيَّنت وحدة الدين كلِّه وأنَّ جميع الشرائع التي أنزلها الله، تتحد بالنهاية مع الدين الإسلامي، ثمَّ ختمت هذه السورة بتثبيت وطمأنة المجاهدين في سبيل الله.
شاهد أيضًا: لماذا سميت سورة الجن بهذا الاسم
الحكمة من ذكر فتنة طول المكث لأعداء الإسلام في سورة العنكبوت
لقد تحدثت السورة الكريمة عن طول المكث لأعداء الإسلام وتسلطهم وتوليهم مقاليد الأمور، حتى يصل الأمر بهم إلى تسيير الأمور للوجهة التي تخدم مصالحهم الشخصية، وإنَّ كلَّ ذلك قد يحمل المسلم إلى تزيين الحياة الدنيا في قلبه، مما قد يؤدي به إلى الصدِّ عن سبيل الله، فجاء الحديث عن فتنة طول المكثِ لأعداء الإسلام لحكمةٍ بالغة، وهي تنبيه المسلم أنَّ القصد من هذه الفتنة هي معرفة المؤمن الصادق من غيره،[2] وقد جاء ذلك في عددٍ من الآيات الكريمة، مثل قول الله تعالى: “أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ”،[5] وقوله تعالى: “وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ “.[6]
الدروس والعبر المستفادة من سورة العنكبوت
في الفقرة الأخيرة من مقال لماذا سميت سورة العنكبوت بهذا الاسم، سيتمُّ ذكر بعض الدروس المستفادة من سورة العنكبوت، وفيما يأتي ذلك:
- أنَّ الحياة الدنيا ما هي إلَّا دار ابتلاءٍ وعملٍ، بينما الآخرة ما هي إلَّا دار جزاءٍ.
- أنَّ الطاعة المطلقة لا تكون إلَّا لله -عزَّ وجلَّ- وبناءً على ذلك فإنَّه لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق.
- أنَّ الثبات على الدين هو الواجب على المسلم عند حصول الفتن.
- أنَّ الحكمة من الابتلاء هو تمحيص المؤمنين، وذلك من خلال بيان الصادق في إيمانه.
- أنَّ المسلم لن ينجوا من البلاد؛ إذ أنَّه يصيب المسلم وغيره.
- أنَّ من سنَّ سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من تبعه فيها.
- أنَّ برَّ الوالدين من أجلِّ العبادات.
وبذلك تمَّ الوصول إلى ختام هذا المقال، والذي تمَّت فيه الإجابة على سؤال لماذا سميت سورة العنكبوت بهذا الاسم، كما تمَّ ذكر نبذة مختصرة عن سورة العنكبوت، بالإضافة إلى بيان أسباب نزول إحدى آياتها حسب أقوال أهل العلم، ثمَّ بعد ذلك تمَّ بيان الموضوعات التي تدور حولها هذه السورة الكريمة، وبيان الحكمة من الحديث عن فتنة طول المكث لأعداء الإسلام وتوليهم لمقاليد الأمور، وفي ختام هذا المقال تمَّ ذكر بعض الدروس والعبر المستنبطة من سورة العنكبوت.
المراجع
- ^ سورة العنكبوت، آية 41
- ^ islamweb.net، مقاصد سورة العنكبوت، 17/12/2022
- ^ e-quran.com، كتاب تفسير القرطبي، القرطبي، بتصرف، 17/12/2022
- ^ سورة العنكبوت، آية 2
- ^ سورة العنكبوت، آية 3
- ^ سورة العنكبوت، آية 11
التعليقات