عناصر المقال
لماذا سميت سورة المرسلات بهذا الاسم، لقد نزل القرآن الكريم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كمعجزةٍ خالدةٍ، وهو المعجزة الباقية إلى هذا اليوم، وقد اشتمل القرآن الكريم على عددٍ من السور الكريمة، منها سورة سُميت بالمرسلات، وفي هذا المقال سيتمُّ تخصيص الحديث عنها، حيث سيتمُّ بيان أهمِّ المعلومات المتعلقة بها، مثل سبب تسميتها بهذا الاسم، والأسماء التي تُطلق عليها، بالإضافة إلى بيان أسباب نزولها، وذكر بعضٍ من مقاصدها، وأثرها على النبيِّ، والفضل المترتب عليها، وفي الختام سيجد القارئ بعضًا من الدروس المستفادة منها.
لماذا سميت سورة المرسلات بهذا الاسم
لقد افتتح الله -عزَّ وجلَّ- سورة المرسلات بقوله تعالى: “وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا”،[1] وبناءً على ذلك يُمكن القول بأنَّ هذه السورة سُميت بالمرسلات باعتبار أول ما ذُكر فيها، وقد تباينت أقوال أهل العلم في معنى المرسلات، حيث ذهب جمهور أهل العلم إلى أنَّ المرسلات هي الرياح سواء جاءت بالرحمة أم بالعذاب، وقيل أنَّ المرسلات تعني الملائكة التي تُرسل بأمر الله -عزَّ وجلَّ- ونهية، وقيل أنَّ المراد بالمرسلات الرسل التي تبلغ اللناس ما أرسله الله لهم، وقيل أيضًا أنَّها السحاب التي تحمل النعمة أو النقمة.[2]
شاهد أيضًا: لماذا سميت سورة الليل بهذا الاسم
أسماء سورة المرسلات
لقد سُميت سورة المرسلات في عهد الصحابة -رضوان الله عليهم- ب “سورة والمرسلات عرفًا”،[3] ودليل ذلك الحديث المرويِّ عن عبدالله بن مسعود حيث قال: “بَيْنَما نحنُ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في غارٍ فنزَلَتْ عليه: {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} [المرسلات: 1] فإنَّه لَيتلوها وإنِّي لَأتلقَّاها مِن فِيهِ وإنَّ فاه لَرَطْبٌ بها إذ وثَبَتْ علينا حيَّةٌ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم:( اقتُلوها) فابتدَرْناها فذهَبَتْ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: (لقد وُقِيَتْ شرَّكم كما وُقِيتم شرَّها)”،[4] كما رُوي عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنَّه قال: “إنَّ أُمَّ الفَضْلِ سَمِعَتْهُ وهو يَقْرَأُ: {وَالمُرْسَلَاتِ عُرْفًا} [المرسلات: 1] فَقَالَتْ: يا بُنَيَّ، واللَّهِ لقَدْ ذَكَّرْتَنِي بقِرَاءَتِكَ هذِه السُّورَةَ، إنَّهَا لَآخِرُ ما سَمِعْتُ مِن رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَقْرَأُ بهَا في المَغْرِبِ”.[5]
شاهد أيضًا: لماذا سميت سورة الطلاق بهذا الاسم
نبذة عن سورة المرسلات
تعدُّ سورة المرسلات من سور القرآن الكريم المكية، وهي من أوائل السور التي نزلت على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ودليل ذلك أنَّها نزلت عليه وهو مختبئٌ في غارِ منىً مع بعض أصحابه،[6] ومما يدلُّ أيضًا على أنَّها من السور المكية أنَّها عالجت أمور العقيدة وبيَّنت دلائل قدرة الله -عزَّ وجلَّ- كما تحدثت عن شؤون الآخرة والأمور الغيبية التي لا يعلمها إلَّا الله، ومعلومٌ أنَّ ذلك كلِّه من سمات السور المكية، وقد كان نزول سورة المرسلات بعد نزول سورة الهمزة، وهي السورة السابعة والسبعون بحسب ترتيب السور بالمصحف العثماني الشريف، وبناءً على ذلك فهي من سور المفصل، ويبلغ عددُ آياتها خمسون آية.[7]
شاهد أيضًا: لماذا سميت سورة الجن بهذا الاسم
أسباب نزول سورة المرسلات
بعد البحث في الكتب والمواقع الإسلامية تبيَّن أنَّه لم يرد في نزول سورة المرسلات سببًا بعينه، باستثناء آيةٍ واحدة وهي قول الله تعالى: “وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ”،[8] حيث ورد عن أهل العلم أنَّها نزلت في وفدِ ثقيفٍ اللذين قدموا إلى المدينة المنورة بعد غزوة هوازن وأعلنوا إسلامهم، فأمرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالصلاة، إلَّا أنَّهم رفضوا ذلك، فقال لهم النبيُّ حينها أنَّه لا خير في دينٍ لا ركوع فيه ولا سجود، وهذا رأي بعض أهل العلم، إلَّا أنَّ ابن عاشورٍ أشار إلى ضعف هذا السبب في كتابه التحرير والتنوير.[9]
شاهد أيضًا: لماذا سميت سورة الأحقاف بهذا الاسم
مقاصد سورة المرسلات
حققت سورة المرسلات عددًا من المقاصد، وفي هذه الفقرة سيتمُّ إجمال هذه المقاصد في عددٍ من النقاط، وفيما يأتي ذلك:[10]
- بيَّن الله -عزَّ وجلَّ- في هذه السورة الكريمة أنَّ البعث حقٌّ، وأنَّ يوم القيامة آتٍ ولا شكَّ في ذلك، وقد أقسم على ذلك بالمرسلات.
- أخبر الله -عزَّ وجلَّ- عن مصير القرون السابقة وكيفية هلاك المكذِّبين منهم، وتوعَّد للمذكبين من أمة محمد بذات المصير.
- منَّ الله -عزَّ وجلَّ- في سورة المرسلات على خلقه بما أنعم عليهم من الخلقِ والتكوينِ.
- وصف الله تعالى في هذه السورة العذاب الذي سيلقاه الكافرين يوم القيامة، بما تشيب من هوله الولدان الصغار.
- وصف الله -عزَّ وجلَّ- أيضًا النعيم الذي سيلقاه المتقين يوم القيامة، والمتمثل بالكرامة في جنات النعيم.
شاهد أيضًا: لماذا سميت سورة العنكبوت بهذا الاسم
أثر سورة المرسلات على النبي
لقد كان لسورة المرسلات أثرٌ عظيم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث أنَّها شيَّبته، ودليل ذلك الحديث الذي أخرجه الترمذي عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنه- حيث قال: “قالَ أبو بَكْرٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ: يا رسولَ اللَّهِ قد شِبتَ، قالَ: شيَّبتني هودٌ، والواقعةُ، والمرسلاتُ، وعمَّ يتَسَاءَلُونَ، وإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ”،[11] ويرجع سبب هذا الأثر إلى ما ورد فيها من أخبار يوم القيامة وما فيها من أهوالٍ، بالإضاف إلى العذاب الذي صبَّه الله -عزَّ وجلَّ- على الأمم السابقة التي كذَّبت رسله.[12]
شاهد أيضًا: لماذا سميت تكبيرة الاحرام بهذا الاسم
فضل سورة المرسلات
لم يرد في سورة المرسلات فضلٌ مخصوص، وكلَّ الأحاديث الواردة في ذلك إنَّما هي أحاديث ضعيفة، وقد ذكرها الفيروز آبادي في أحد كتبه وحكم عليها بالضعف، وفي هذه الفقرة من هذا المقال سيتمُّ ذكر هذه الأحاديث من باب التنبيه عليها ليس إلَّا، وفيما يأتي ذلك:[13]
- الحديث الأول: “مَنْ قرأ سورةَ المُرْسَلاتِ كُتبَ له أنَّه ليسَ من المشركينَ”.
- الحديث الثاني: “يا علي مَنْ قرأَها أَظلَّه الله في ظلّ عرشه مع الصّدّيقين والشُّهداءِ، وكَتَبَ الله له بكلّ آية قرأَها أَلفَ حسنة”.
الدروس والعبر المستنبطة من سورة المرسلات
وفي الفقرة الأخيرة من مقال لماذا سميت سورة المرسلات بهذا الاسم سيتمُّ ذكر بعض الدروس والعبر المستفادة من هذه السورة الكريمة، وفيما يأتي ذلك:
- أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- شديد العقاب بمن كَّذب به.
- أنَّ وجود المكذِّبين غير مقتصر على زمن معين، بل وجودهم كان في جميع الأزمنة، والعبرة من ذلك هو دعوة الدعاة إلى الله إلى عدم اليأس مما يلاقيه من الصدِّ.
- أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- قد جعل يوم القيامة من الغيبيات، وذلك لحكمٍ عديدة، منها عدم اغترار المرء بطول الأمد، فتجده يؤجل توبته إلى قبل موته بقليل.
- أنَّ الله -عزَّ وجلَّ- القادر على الخلق من العدم، قادرٌ على على تحقيق الأمنيات لعباده.
- أنَّ شكر الله -عزَّ وجلَّ- على النعم التي أنعم بها على عباد إنَّما هي حقٌّ خالص له.
- أنَّ العاقبة نهاية الأمر لصالح آمن بالله، ومن هذا المنطلق على الداعية أن يطمئنَّ مهما لاقى من الاستهزاء والتعب والشقاء.
- أنَّ الدنيا فانية، وما هي إلَّا رحلة قصيرة، ومن هذا المنطلق على المسلم أن يدرك أنَّ النعيم الذي يتمتع به المفسدون والطغاة لن يدوم ونهاية أمره الزوال.
وبذلك تمَّ الوصول إلى ختام هذا المقال، والذي تمّت فيه الإجابة على سؤال لماذا سميت سورة المرسلات بهذا الاسم، كما تمَّ بيان الأسماء التي تُطلق على هذه السورة الكريمة، ثمَّ تمَّ ذكر نبذة مختصرة تضمُّ أهمِّ المعلومات المتعلقة بسورة المرسلات، كما تمَّ ذكر أسباب نزول سورة المرسلات وبيان مقاصدها وأثرها على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالإضافة إلى الحديث عن فضلها واستنباط بعض الدروس والعبر المستفادة منها.
المراجع
- ^ سورة المرسلات، آية 1
- ^ shamela.ws، كتاب تاريخ نزول القرآن، محمد رأفت سعيد، (240)، بتصرف، 22/12/2022
- ^ shamela.ws، كتاب التحرير والتنوير، ابن عاشور، (417/29)، بتصرف، 22/12/2022
- ^ صحيح ابن حبان، ابن حبان، عبدالله بن مسعود، 708، أخرجه في صحيحه
- ^ صحيح البخاري، البخاري، لبابة بنت الحارث أم الفضل، 763، صحيح
- ^ shamela.ws، كتاب التحرير والتنوير، ابن عاشور، (418/29)، بتصرف، 22/12/2022
- ^ e-quran.com، سورة المرسلات، 22/12/2022
- ^ سورة المرسلات، آية 48
- ^ alro7.net، تفسير القرطبي، تفسير الآية الثامنة والأربعون من سورة المرسلات، بتصرف، 22/12/2022
- ^ shamela.ws، كتاب الموسوعة القرآنية خصائص السور، جعفر شرف الدين، (9/11)، بتصرف، 22/12/2022
- ^ صحيح الترمذي، الألباني، عبدالله بن عباس، 3297، صحيح
- ^ islamweb.net، ما الذي شيب النبي صلى الله عليه وسلم، 22/12/2022
- ^ shamela.ws، بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز، الفيروز آبادي، (496/1)، بتصرف، 22/12/2022
التعليقات