لماذا لم تقبل توبة فرعون وما هو مصير فرعون في القرآن الكريم

لماذا لم تقبل توبة فرعون وما هو مصير فرعون في القرآن الكريم
لماذا لم تقبل توبة فرعون

لماذا لم تقبل توبة فرعون وما هو مصير فرعون في القرآن الكريم، مع أنّه قد تاب وهو يغرق في البحر بعد أن انطبق عليه وعلى قومه معه، ففرعون هذا كان أحد الطغاة الذي ذكرهم القرآن الكريم وذكر محاربتهم للأنبياء ومدى طغيانهم وجبروتهم، فكان فرعون نموذجًا على الطاغية المستبد المتجبر الذي يورد نفسه ومن اتبعه نار السعير، وفي هذا المقال سوف يكون هنالك وقفة مع بيان سبب عدم قبول توبة فرعون وغير ذلك مما يتعلق بفرعون ومصيره في القرآن الكريم.

لماذا لم تقبل توبة فرعون

إنّ توبة فرعون الطاغية الذي حارب نبي الله موسى -عليه السلام- لم يقبلها الله تعالى لأنّه قالها وقد رأى مقعده في الآخرة وبلغ روحه الغرغرة، فهنا التوبة لا تُقبل لأنّها قيلت في غير وقت الإمكان، ولكن لو قالها قبل وصول الروح الحلقوم فإنّها تُقبل منه بإذن الله تعالى، ولكنّ فرعون ظلّ مصرًّا على كفره وطغيانه حتّى رأى نهايته، فلمّا رأى الموت قريبًا منه تاب لله رب العالمين، وهذه التوبة لا يقبلها الله جلّ في علاه.[1]

يقول الله تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ}،[2] فعندما رأى فرعون أنّ الموت قد بلغه تاب إلى ربه، وهنا يستنكر الله عزّ وجل هذا فيقول له: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}؛[3] أي: هل الآن تذكرت أن تتوب عند خروج الروح وبلوغها الغرغرة؟! فعدم قبول الله لتوبة فرعون كان بسبب توقيتها الذي لا يقبله الله تعالى.[1]

شاهد أيضًا: ما الفرق بين التوبة والاستغفار وما فضلهما وشروطهما

اعتراف فرعون بالله قبل غرقه وهل نفعه هذا الإيمان

إنّ فرعون بقي على ضلاله وكفره بالله رب العالمين إلى أن حضره الموت، فقال كما جاء في كتاب الله: {آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ}،[2]ولكن هذه التوبة لم تنفعه، ومات كافرًا، وذلك بدليل قوله تعالى: {وَحَاقَ بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا ۖ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ}.[4]

فلم يغفر الله له؛ إذ إنّ توبته قد فات أوانها، وذلك لقوله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}،[5] وقوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ۖ سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ ۖ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ}،[6] فالتوبة لا تنفع عند بلوغ الموت ورؤية العالم الآخر.[7]

شاهد أيضًا: دعاء التوبة النصوح والتقرب الى الله مكتوب

ماذا قال فرعون عندما غرق

لقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم أنّ فرعون الطاغية المتجبّر عندما أدركه الموت بسبب الغرق في البحر، فهنا عندما شاهد فرعون مكانه في الآخرة وشاهد الملائكة ادعى أنّه قد تاب وأسلم وعاد عن غيّه وجبروته، ولكن آلآن وقد كان من المسرفين؟ فيذكر القرآن الكريم أنّ فرعون عندما حاصره الموت قال: {آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ}،[2] فقال آمنت بالله الذي آمنت به بنو إسرائيل، ولم يتلفظ لشدة عناده بلفظ التوحيد، فلم يقل آمنت بالله الذي لا إله إلا هو، فهنا قال له الحق سبحانه وتعالى: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ}،[3] فهذا زمان لا تُقبل فيه التوبة ولا الإسلام.[8]

هل آمن فرعون قبل موته

لقد دلّت النصوص الواردة في حقّ فرعون أنّه مات كافرًا بالله تعالى، وأنّه سيقدم قومه فيوردهم النار، ولكن وصف القرآن الكريم نهاية حياته وذكر أنّه قال بلسانه لمّا عاين العذاب ورأى الملائكة أنّه قد آمن بالذي آمنت به بنو إسرائيل، وقال المفسّرون إنّه لشدّة عناده لم ينطق بكلمة التوحيد ولم يقل آمنت أنّه لا إله إلّا الله تعالى وأنا من المسلمين، هذا ما ذكره القرآن الكريم، ولكن هل آمن فعلًا وهل كان هذا الكلام نابعًا من قلبه أو لا لا أحد يعلم ولم يذكر ذلك القرآن الكريم.[8]

وعندما قال فرعون كلمته تلك كان قد فات الأوان، فلم يعد ينفعه إيمانه؛ وذلك لأنّ الله عزّ وجل لا يقبل التوبة ممن حضره الموت وعاين أحوال الآخرة، يقول الله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ۚ أُولَٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا}،[5] وقوله تعالى: {فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا قَالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ۖ سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ ۖ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ}،[6]

شاهد أيضًا: كيف أتوب إلى الله من جميع الذنوب ، متى لا يقبل الله توبة العبد

ماذا فعل جبريل عند موت فرعون

إنّ فرعون كان متكبّرًا متجبّرًا، ظالمًا لقومه، مدّعيًا للألوهية، ناكرًا لوجود الله عزّ وجل، فلمّا حضره الموت وغرق في البحر قال كما جاء في كتاب الله: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ}،[2] فعندما حاصره الموت أراد أن يتوب، فهنا اشتدّ غيظ جبريل عليه السلام الذي كان حاضرًا في عذاب فرعون وقومه، وخاف أن يقبل الله توبته لشدّة بطشه.[9]

فدسّ جبريل عليه السلام التراب في فمه لئلا يستطيع الحديث ويسمع الله منه توبته ويستجيبها، وجاء في الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “لَمَّا أَغْرَقَ اللهُ فرعونَ قال : آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ . فقال جَبْرَئِيلُ : يا مُحَمَّدُ لو رَأَيْتَنِي وأنا آخُذُ من حالِ البحرِ وأَدُسُّه في فِيهِ مَخَافةَ أن تُدْرِكَه الرحمةُ”،[10] ولكن هيهات يقبل الله تعالى هذه التوبة، فيقول جلّ في علاه: {آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ۚ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ}،[11] والله أعلم.[9]

شاهد أيضًا: هل الاستغفار يغير القدر وماذا يحدث عن كثرة الاستغفار

مصير فرعون في القرآن

يذكر القرآن الكريم مصير الطاغية المتجبّر فرعون في مواضع متفرّقة من القرآن الكريم، فتارة يذكر القرىن الكريم مصيره الذي صار إليه في الدنيا، وتارة يذكر مصير فرعون في الآخرة وكيف أنّه سيصير إلى النار، ففي سورة يونس يذكر الله تعالى كيف لحق بنبي الله موسى -عليه السلام- وقومه إلى البحر ليطبق عليه، يقول تعالى: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ * آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ۚ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ}.[12]

فعندما شقّ الله البحر لنبيّه موسى -عليه السلام- وبني إسرائيل لحق بهم فرعون، فلمّا دخل البحر ومن معه أغلق الله عليهم البحر فأغرقهم، وبعد أن مات فرعون نجّاه الله بجسده ليبقى عبرة لغيره، وقال المفسّرون إنّ بني إسرائيل ظلّوا خائفين ألّا يكون قد مات فرعون غرقًا حتى قذفه البحر إليهم.

وأمّا عن مصيره في الآخرة هو وقومه فقد قال عنه الله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ * إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاتَّبَعُوا أَمْرَ فِرْعَوْنَ ۖ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ * يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ ۖ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ * وَأُتْبِعُوا فِي هَٰذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ * ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْقُرَىٰ نَقُصُّهُ عَلَيْكَ ۖ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ * وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ۖ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مِن شَيْءٍ لَّمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ ۖ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ * وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ * إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ۚ ذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَٰلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ}،[13] والله أعلم.

وغلى هنا يكون قد تم مقال لماذا لم تقبل توبة فرعون وما هو مصير فرعون في القرآن الكريم بعد الإجابة عن هذا السؤال، والوقوف على بعض المسائل المتعلقة بفرعون والتوبة عند حضور الموت ومعاينة العذاب، وأخيرًا وقف المقال مع مصير فرعون في الآخرة والدنيا.

المراجع

  1. ^ islamweb.net، مخافة أن تدركه الرحمة، 29/03/2023
  2. ^ سورة يونس، الآية: 90
  3. ^ سورة يونس، الآية: 91
  4. ^ سورة غافر، الآية: 45 - 46
  5. ^ سورة النساء، الآية: 18
  6. ^ سورة غافر، الآية: 84 - 85
  7. ^ islamweb.net، هل آمن فرعون قبل أن يموت، 29/03/2023
  8. ^ islamweb.net، هل آمن فرعون قبل أن يموت، 29/03/2023
  9. ^ islamweb.net، ما صحة قصة دس التراب في فم فرعون عند الغرق؟، 29/03/2023
  10. ^ سنن الترمذي، عبد الله بن عباس، الترمذي، 3107، حديث حسن.
  11. ^ سورة يونس، الآية: 91 - 92
  12. ^ سورة يونس، الآية: 90 - 92
  13. ^ سورة هود، الآية: 96 - 103

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *