ما هي علامات قبول التوبة من الزنا ، وهل يبقى أثر الذنب بعد التوبة

ما هي علامات قبول التوبة من الزنا ، وهل يبقى أثر الذنب بعد التوبة
علامات قبول التوبة من الزنا

ما هي علامات قبول التوبة من الزنا، فإنّ الزنا من الكبائر التي جاءت الآيات القرآنية الكثيرة والأحاديث النبوية الجمّة للتحذير منه، ولا شكّ أنّ خير ما يفعله من يقع في هذا الذنب هو المبادرة للتوبة منه والحفاظ على هذه التوبة وعد الزيغ عن الطريق المستقيم الذي صار يسير عليه بعد التوبة، ولكن كيف يعلم المرء أنّ توبته قد قبلها الله تعالى ليغفر له ذنوبه ويكفّر عنه سيئاته، في هذا المقال سوف تكون هنالك وقفة للإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها مما يتصل بموضوع التوبة والزنا.

علامات قبول التوبة من الزنا

إنّ الزنا كغيره من الذنوب التي تمحى إذا ما تاب الإنسان توبةً نصوحة، وهذه التوبة يجب أن تترافق مع الإقلاع عن الذنب والندم على فعله، والمواظبة على الأعمال الصالحة وحسن الظن بالله وبمغفرته،[1] وهناك علامات كثيرة تدلّ على قبول الله عزّ وجل لتوبة عباده، ومن هذه العلامات أن يصبح حال التائب بعد التوبة أفضل بكثير مما كان عليه، أن يبقى قلبه مليئًا بخوفه من الله وغضبه، بقاء الندم موجودًا في قلبه على ما اقترفه من ذنب وخوفًا من العقاب الذي ينتظره.[2]

وقد حثّت الآيات القرآنية الكثيرة على التوبة من الذنوب والآثام، ومن ذلك قوله تعالى في كتابه العزيز في وصف العباد الصالحين الذين يتوبون بعد الذنب: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ ۗ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَّحِيمًا * وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللهِ مَتَابًا}.[3]

وقال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ ۚ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ}،[4] بالنسبة لأمر قبول التوبة، فإنّ التوبة إذا استوفت شروطها وكانت توبة صادقة، فإنها تقبل قطعًا، كما يقبل إسلام الكافر إذا ما اعتنق الإسلام وأدّى أركانه، والذي ينبغي أن يتنبه إليه المرء هو التوبة وشروطها ليتأكد من صحة توبته، وليضمن قبول الله تعالى لهذه التوبة.[5]

شاهد أيضًا: ما هي شروط التوبة الصادقة ، ومتى لا يقبل الله توبة العبد

شروط قبول التوبة

إنّ الله عزّ وجل قد فتح باب التوبة لعباده لتكون فرصة لهم ليراجعوا أنفسهم ويعودوا إلى كنف الله تعالى ورعايته، ولكنّ هذه التوبة ليقبلها الله تعالى ويغفر للتائب ينبغي أن يتوفر فيها عدّة شروط، وهذه الشروط هي:[6]

  • الإخلاص لله تعالى: وذلك بأن يكون السبب الذي دفع التائب للتوبة هو الخوف من الله تعالى والرغبة في رضاه.
  • مغادرة الذنب: وهو الذي يقوم به التائب، أي التوقف عن عمل هذا الذنب.
  • الندم: أي الندم على الذنب الذي كان يفعله التائب.
  • مجاهدة النفس: وذلك لكيلا تعود النفس إلى ذلك الذنب مرة أخرى.
  • أن تكون هذه التوبة في وقت الإمكان: أي قبل أن يصل المرء إلى نهاية حياته على فراش الموت حين يصل الروح إلى الغرغرة، وهذه الشروط تشمل جميع الذنوب التي تكون بين العبد وربه، أما الذنوب المتعلقة بالعباد فإنها تحتاج بالإضافة للشروط السابقة إلى إبراء الذمة.

شاهد أيضًا: ماذا يقرأ في صلاة الشفع والوتر وما فضلهما

علامات مغفرة الله للعبد

إنّ الله عزّ وجل غفورٌ رحيم، فما دامت التوبة صحيحة مستوفية لشروطها قبلها الله عزّ وجل، ولكن هناك بعض العلامات والإشارات التي تدلّ على قبول الله لتوبة العبد، ومنها:[7]

  • أن يشعر التائب بالندم والحرقة على ما بدر منه من معاصي.
  • أن يجد التائب نفسه مقصّرًا تجاه الله تعالى، فالله ذو فضلٍ عظيم مهما فعل العبد ليرضيه لا يساوي شيئًا صغيرًا من فضل الله عليه.
  • أن يكون بعيدًا عن الذنب وعن كل ما يمكنه أن يوقعه به.
  • أن يحافظ على الصحبة الصالحة ويقاطع أصدقاء السوء.
  • أن يفرح بقبول توبته ويقبل على الله عزّ وجل أكثر.
  • أن يحافظ على استقامته ويثبت على ما يرضي الله تعالى.
  • أن يجد في نفسه توفيقًا لكل ما فيه خير له.

شاهد أيضًا: ما هي كفارة الزنا في رمضان للمتزوج وقبل الزواج

أمور تعين على التوبة

هنالك الكثير من الأمور التي يمكن من خلالها أن يعين الإنسان نفسه على التوبة، ومنها ما يأتي:[8]

  • أن يتذكّر المذنب نعم رب العالمين عليه، ويتذكر أيضًا أن هذه النعم تستوجب الشكر لتزيد وتنمو، ومن مظاهر شكر الله تعالى طاعته.
  • أن يتذكر أثر الذنوب السيئ في دنياه وآخرته، ففي الدنيا قد تكون سببًا لكثير من المصائب، وفي الآخرة تكون سببًا لكسب سخط الله وغضبه، فقد قال الله تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}.[9]
  • أن يتذكر المذنب أهمية التوبة قبل فوات الأوان وقبل أن تخرج روحه إلى بارئها حين لا ينفع ندم.
  • اليقين والإيمان بوجود يوم الحساب الذي سيحاسب الله المسلمين على كلّ ما فعلوه في حياتهم.
  • دراسة القرآن الكريم ومحاولة الالتزام بما جاء فيه، وكذلك شغل النفس بطلب العلوم الشرعية.
  • انتقاء أشخاص صالحين يساعدون المذنب على النهوض من غفوته والرجوع إلى الطريق القويم.

شاهد أيضًا: الفرق بين التوبة والتوبة النصوح

هل الزنا دين بعد التوبة

إذا زنا الإنسان والعياذ بالله، ثمّ تاب إلى الله توبة نصوحة، بأن ندم على ما اقترفه من ذنب، وأقلع عن فعله، وجاهد نفسه على عدم العودة إليه مرّة أخرى، فإنّ الله عزّ وجل يقبل توبته، ويمحو ذنبه، والله جلّ في علاه إذا غفر ذنب المرء لم يحاسبه عليه، وكثير من الناس يعتقدون أنّ الزاني سوف يُردُّ له الزنا في أهل بيته، وهذا الاعتقاد غير صحيح فلا تُجازى كلّ نفس إلّا بما كسبت، فالله تعالى يقول: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ}،[10] وربما كان ذلك الاعتقاد من الحديث الذي يقول: “مَن زَنَى زُنِيَ به ، ولو بِحِيطَانِ دارِه”، وهذا الحديث موضوع.

وقد جاءت الآيات القرآنية الكثيرة تدل على أنّ الإنسان يجازى عن أعماله فقط، يقول تعالى: {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ}،[11] وقال أيضًا عزّ وجلّ: {مَّنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ۗ وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ}،[12] وورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: “لا يُؤخذُ الرجلُ بجريرةِ أبيه ولا بجريرةِ أخيه”،[13] وقال أيضًا: “لا يجني جانٍ إلَّا على نفسِهِ ، ولا يجني والدٌ على ولدِهِ ، ولا مَولودٌ على والدِهِ”.[14]

وأمّا التائب فإنّ الله تعالى يستر عليه ذنوبه في الدنيا، ويوم القيامة يكرمه بالعفو والمغفرة ودخول الجنة، فقد جاء في الحديث الصحيح: “إنَّ اللَّهَ يُدْنِي المُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عليه كَنَفَهُ ويَسْتُرُهُ، فيَقولُ: أتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ أتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟ فيَقولُ: نَعَمْ أيْ رَبِّ، حتَّى إذَا قَرَّرَهُ بذُنُوبِهِ، ورَأَى في نَفْسِهِ أنَّه هَلَكَ، قالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ في الدُّنْيَا، وأَنَا أغْفِرُهَا لكَ اليَومَ، فيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ”،[15] ولذا ينبغي على المسلم أن يحسن ظنّه بالله جلّ في علاه، فمن تاب لله توبةً نصوحةً لن يرى عقابًا من الله عزّ وجل، والله أعلم.

شاهد أيضًا: وسواس عدم قبول التوبة ، كيف أنسى الذنب بعد التوبة

الشعور بعدم قبول التوبة

إنّ رحمة الله تعالى قد وسعت كلّ شيء، والله عزّ وجل قد فتح باب التوبة ليغفر لعباده الذين يتوبون بصدق وإخلاص، وما يراود التائب من شعور بعدم قبول التوبة ونحو ذلك ما هي إلا وساوس شيطانية يريد الشيطان بها أن يضعف إيمان العبد بربه، ولكنّ الله تعالى يقبل التوبة من عباده ما لم تصل أرواحهم إلى الحلقوم ويبلغون الغرغرة، أو أن تشرق الشمس من مغربها، فالله تعالى يقول في كتابه العزيز عن قبوله للتوبة: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللهِ ۚ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ}.[4]

شاهد أيضًا: كيف أتوب إلى الله من جميع الذنوب ، متى لا يقبل الله توبة العبد

فضل التوبة إلى الله

إنّ التوبة الصادقة النصوح لله عزّ وجل تغفر الذنوب، وتمحو ما كان قبلها، وقد ورد كثير من الآيات والأحاديث في فضائل التوبة لله تعالى، ومنها:

  • قوله صلى الله عليه وآله وسلم: “وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ، فَيَغْفِرُ لهمْ”.[16]
  • قوله صلى الله عليه وآله وسلم: “سَيِّدُ الِاسْتِغْفارِ أنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أنْتَ رَبِّي لا إلَهَ إلَّا أنْتَ، خَلَقْتَنِي وأنا عَبْدُكَ، وأنا علَى عَهْدِكَ ووَعْدِكَ ما اسْتَطَعْتُ، أعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما صَنَعْتُ، أبُوءُ لكَ بنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وأَبُوءُ لكَ بذَنْبِي فاغْفِرْ لِي؛ فإنَّه لا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلَّا أنْتَ. قالَ: ومَن قالَها مِنَ النَّهارِ مُوقِنًا بها، فَماتَ مِن يَومِهِ قَبْلَ أنْ يُمْسِيَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ، ومَن قالَها مِنَ اللَّيْلِ وهو مُوقِنٌ بها، فَماتَ قَبْلَ أنْ يُصْبِحَ، فَهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ”.[17]
  • قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “قال اللهُ يا بنَ آدمَ إنَّك ما دعوتني ورجوتني غفرتُ لك على ما كان منك ولا أُبالي يا بنَ آدمَ لو بلغتْ ذنوبُك عِنانَ السَّماءِ ثمَّ استغفرتني غفرتُ لك ولا أُبالي يا بنَ آدمَ إنَّك لو أتيتني بقِرابِ الأرضِ خطايا ثمَّ لقيتني لا تشرِكُ بي شيئًا لأتيْتُك بقِرابِها مغفرةً”.[18]
  • قوله صلى الله عليه وآله وسلم فِيما يَحْكِي عن رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قالَ: “أَذْنَبَ عَبْدٌ ذَنْبًا، فَقالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي، فَقالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فأذْنَبَ، فَقالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي، فَقالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا، فَعَلِمَ أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، ثُمَّ عَادَ فأذْنَبَ فَقالَ: أَيْ رَبِّ اغْفِرْ لي ذَنْبِي، فَقالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَذْنَبَ عَبْدِي ذَنْبًا، فَعَلِمَ أنَّ له رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَيَأْخُذُ بالذَّنْبِ، اعْمَلْ ما شِئْتَ فقَدْ غَفَرْتُ لَكَ، قالَ عبدُ الأعْلَى: لا أَدْرِي أَقالَ في الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ: اعْمَلْ ما شِئْتَ”.[19]
  • قوله صلى الله عليه وآله وسلم: “من جلس في مجلسٍ فكثُرَ فيه لَغَطُهُ فقال قبلَ أن يَقومَ من مجلسِه ذلك سبحانَك اللهمَّ وبحمدِكَ أشهدُ أن لا إلهَ إلا أنتَ أستغفِرُكَ وأتوبُ إليكَ إلا غُفِرَ له ما كان في مجلسِه ذلكَ”.[20]
  • قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: “لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ حِينَ يَتُوبُ إِلَيْهِ، مِن أَحَدِكُمْ كانَ علَى رَاحِلَتِهِ بِأَرْضِ فلاةٍ، فَانْفَلَتَتْ منه وَعَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ، فأيِسَ منها، فأتَى شَجَرَةً، فَاضْطَجَعَ في ظِلِّهَا، قدْ أَيِسَ مِن رَاحِلَتِهِ، فَبيْنَا هو كَذلكَ إِذَا هو بِهَا، قَائِمَةً عِنْدَهُ، فأخَذَ بِخِطَامِهَا، ثُمَّ قالَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ: اللَّهُمَّ أَنْتَ عَبْدِي وَأَنَا رَبُّكَ، أَخْطَأَ مِن شِدَّةِ الفَرَحِ”.[21]

شاهد أيضًا: كيف تثبت على التوبة ، كيفية التوبة من الذنب وعدم الرجوع إليه

أحاديث عن التوبة من الكبائر

فيما يأتي بعض من الأحاديث التي وردت في التوبة عمومًا، فالتوبة تكون عادة في الكبائر التي لا يغفرها الاستغفار، ومن تلك الأحاديث ما يأتي:

  • قول النبي عليه وآله الصلاة والسلام: “إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ باللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ، حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مَغْرِبِهَا”.[22]
  • قول النبي عليه وآله الصلاة والسلام: “إنَّ اللَّهَ يقبلُ توبةَ العبدِ ما لم يُغَرغِرْ”.[23]
  • قوله عليه وآله الصلاة والسلام: “مَن تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِن مَغْرِبِهَا، تَابَ اللَّهُ عليه”.[24]
  • قول النبي عليه وآله الصلاة والسلام: “إنَّ مِن قِبَلِ المغربِ بابًا فتَحه اللهُ للتَّوبةِ مسيرةَ أربعينَ سنةً يومَ خلَق اللهُ السَّمواتِ والأرضَ فلا يُغلِقُه حتَّى تطلُعَ الشَّمسُ منه”.[25]
  • قول النبي عليه وعلى آله الصلاة والسلام: “للجنَّةِ ثمانيةُ أبوابٍ سبعَةٌ مُغْلَقةٌ وبابٌ مَفتوحٌ للتَّوبةِ حتَّى تطلعَ الشَّمسُ من نحوِه”.[26]
  • ما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: “كانَ رَجُلٌ مِنَ الأنصارِ أسلَمَ، ثم ارتَدَّ، ولَحِقَ بالشِّركِ، ثم تَنَدَّمَ، فأرسَلَ إلى قَومِه: سَلوا لي رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: هل لي مِن تَوبةٍ؟ فجاءَ قَومُه إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالوا: إنَّ فُلانًا قَد نَدِمَ، وإنَّه أمَرَنا أنْ نَسألَكَ: هل له مِن تَوبةٍ؟ فنَزَلتْ: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ} [آل عمران: 86]، إلى قَولِه: {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 89]، فأرسَلَ إليه، فأسلَمَ”.[27]
  • ما جاء في الحديث القدسي: “عَنِ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ فِيما رَوَى عَنِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، أنَّهُ قالَ: يا عِبَادِي، إنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ علَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فلا تَظَالَمُوا، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلَّا مَن هَدَيْتُهُ، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلَّا مَن أَطْعَمْتُهُ، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يا عِبَادِي، كُلُّكُمْ عَارٍ إلَّا مَن كَسَوْتُهُ، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ، يا عِبَادِي، إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ باللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ، يا عِبَادِي، إنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضَرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي، يا عِبَادِي، لو أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا علَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنكُمْ؛ ما زَادَ ذلكَ في مُلْكِي شيئًا، يا عِبَادِي، لوْ أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ، كَانُوا علَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ؛ ما نَقَصَ ذلكَ مِن مُلْكِي شيئًا”.[28]

شاهد أيضًا: هل الاستغفار يغير القدر وماذا يحدث عن كثرة الاستغفار

كيفية تجنب ارتكاب الزنا مرة أخرى

قد تتوق النفس العاصية بعد توبتها إلى أيّام الذنوب والمعاصي والبعد عن الله تعالى، وقد يزيّن الشيطان للعبد طريق المعصية فيغرّه ويدفعه إليها، ولكن ينبغي للمسلم التائب أن يثبت على توبته ويقاوم مغريات الشيطان الرجيم، ومما يمكن الاستعانة به لعدم الوقوع في الزنا مرة أخرى ما يأتي:[29]

  • تذكّر الإنسان سبب مجيئه إلى هذه الدّنيا، وأنّ هذه الدّنيا هي دار اختبار وليست دار قرار، فيقول الله تعالى: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ}.[30]
  • اللجوء إلى الزواج لتحصين الفرج بما أحبّه الله تعالى.
  • الإكثار من الصيام كطريقة لتحصين الفرج.
  • ملء أوقات الفراغ وعدم النظر في الأمور التي تؤجج هذه المشاعر.
  • اللجوء إلى الله تعالى والدعاء والتوسل إليه بالمغفرة.

شاهد أيضًا: ما هي كفارة ترك الصلاة لسنوات عمدا او تكاسلا

هل يبقى أثر الذنب بعد التوبة؟

إنّ الذنب يُمحى بالتوبة ويغفره له الله تعالى، ولا يبقى له أيّ أثر بعد التوبة بإذن الله تعالى ما دام الله تعالى قد غفره وما دام ذلك الذنب مستورًا، ولكن قد يبقى أثرٌ للذنب بعد التوبة، كأن يكون العبد قد نشر المعاصي في أماكن متعددة كالإنترنت ونحوه، فهنا الأفضل له أن يسارع للتخلّص من تلك الآثار لئلا يكون في بقائها سبب لتضليل الآخرين أو إيذائهم، وأما ما كان مشكوكًا فيه من آثار الذنوب أو ما كان من الصعب محوه كونه لا يعرف أين صار هذا الأمر فإنّ التائب ينبغي له ألّا يهتمّ لذلك، ويحاول إزالة ما أمكن من تلك الذنوب التي يعلم يقينًا مكان وجودها الحقيقي، والله أعلم.[31]

شاهد أيضًا: ما الفرق بين التوبة والاستغفار وما فضلهما وشروطهما

ما دليل قبول التوبة؟

هناك عدة أدلة وإشارات قد تدلّ على قبول التوبة من العبد، ومن تلك الأدلّة ما يأتي:[32]

  • كره المعاصي وعدم العودة إليها مجدّدًا.
  • التزام طريق الحق والمداومة على الطاعات وعمل الخير.
  • ندم المذنب على ما اقترفه من ذنوب.
  • الشعور بالانكسار أمام الله عزّ وجل.
  • الأثر الطيب الذي يصيب حياة التائب كلها
  • مرافقة الصالحين ومجالستهم والاستئناس بهم.
  • التزام الاستغفار والدعاء والتوبة لله تعالى.

وبهذا يكون قد تم مقال علامات قبول التوبة من الزنا بعد الوقوف مع بيان علامات قبول التوبة من الزنا، وكيف يعلم المسلم أنّ توبته قد قبلها الله تعالى، إضافة للوقوف على بعض المسائل المتعلقة بالتوبة وكيفية الثبات على التوبة والابتعاد عن طريق المعاصي بإذن الله.

المراجع

  1. ^ islamweb.net، التوبة من الزنا ودلائل قبولها والوسائل الواقية من العودة إليه، 31/03/2023
  2. ^ islamweb.net، ركن التوبة الأعظم وعلامة قبول التوبة، 31/03/2023
  3. ^ سورة الفرقان، الآية: 68 - 71
  4. ^ سورة الزمر، الآية: 53 - 54
  5. ^ islamweb.net، قبول التوبة النصوح، والمطلب الأهم: اتهام التوبة، 31/03/2023
  6. ^ islamweb.net، خمسة شروط لقبول التوبة، 31/03/2023
  7. ^ islamweb.net، علامات يستأنس بها تدل على قبول التوبة، 31/03/2023
  8. ^ islamweb.net، أمور تعين على التوبة، 31/03/2023
  9. ^ سورة الشورى، الآية: 30
  10. ^ سورة فاطر، الآية: 18
  11. ^ سورة الأنعام، الآية: 164
  12. ^ سورة فصلت، الآية: 46
  13. ^ مجمع الزوائد، عبد الله بن مسعود، الهيثمي، 6/286، حديث رجاله رجال الصحيح.
  14. ^ تحفة المحتاج، عمرو بن الأحوص، ابن الملقن، 2/460، حديث صحيح أو حسن.
  15. ^ صحيح البخاري، عبد الله بن عمر، البخاري، 2441، حديث صحيح.
  16. ^ صحيح مسلم، أبو هريرة، مسلم، 2749، حديث صحيح.
  17. ^ صحيح البخاري، شداد بن أوس، البخاري، 6306، حديث صحيح.
  18. ^ الترغيب والترهيب، أنس بن مالك، المنذري، 2/383، حديث إسناده صحيح أو حسن أو ما قاربهما.
  19. ^ صحيح مسلم، أبو هريرة، مسلم، 2758، حديث صحيح.
  20. ^ عارضة الأحوذي، أبو هريرة، ابن العربي، 7/34، حديث صحيح.
  21. ^ صحيح مسلم، أنس بن مالك، مسلم، 2747، حديث صحيح.
  22. ^ صحيح مسلم، أبو موسى الأشعري، مسلم، 2759، حديث صحيح.
  23. ^ هداية الرواة، عبد الله بن عمر، ابن حجر العسقلاني، 2/449، حديث حسن.
  24. ^ صحيح مسلم، أبو هريرة، مسلم، 2703، حديث صحيح.
  25. ^ صحيح ابن حبان، صفوان بن عسال، ابن حبان، 1325، أخرج ابن حبان هذا الحديث في صحيحه.
  26. ^ الجامع الصغير، عبد الله بن مسعود، السيوطي، 7320، حديث صحيح.
  27. ^ الاقتراح في بيان الاصطلاح، عبد الله بن عباس، ابن دقيق العيد، 105، حديث صحيح.
  28. ^ صحيح مسلم، أبو ذر الغفاري، مسلم، 2577، حديث صحيح.
  29. ^ islamweb.net، توجيهات لتوقي الوقوع في حمأة الرذيلة، 31/03/2023
  30. ^ سورة الملك، الآية: 1 - 2
  31. ^ islamweb.net، الشك في بقاء أثر الذنب بعد التوبة، وهل يحاسب الإنسان عليه؟، 31/03/2023
  32. ^ alukah.net، علامات قبول التوبة، 31/03/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *