أحاديث صحيحة عن ليلة النصف من شعبان

أحاديث صحيحة عن ليلة النصف من شعبان
أحاديث صحيحة عن ليلة النصف من شعبان

أحاديث صحيحة عن ليلة النصف من شعبان ، وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد وردت العديد من الأحاديث التي تشير إلى فضل ليلة النصف من شعبان وأهميتها في الإسلام، غير أنَّ معظم الناس لا يعرفون صحة هذه الأحاديث وإذا ما كانت صحيحة أم لا، وهذا ما يسبب اختلاف الفقهاء في حكم إحياء ليلة النصف من شعبان، وسوف نقدم في هذا المقال معلومات عن ليلة النصف من شعبان، ونتعرف على الأحاديث الصحيحة عن ليلة النصف من شعبان وماذا حدث في ليلة النصف من شعبان وغيرها من المعلومات والأحكام المتعلقة.

ما هي مناسبة ليلة النصف من شعبان

تشير مناسبة ليلة النصف من شعبان التي يحتفل بها المسلمون في كل مكان إلى ليلة اليوم الخامس عشر من شهر شعبان، وشهر شعبان هو الشهر الثامن من شهور السنة الهجرية، حيث يأتي قبل شهر رمضان وبعد شهر رجب، تبدأ ليلة النصف من شعبان كل عام هجري من غياب شمس اليوم 14 من شهر شعبان وتنتهي مع شروق شمس اليوم التالي وهو يوم 15 الذي يوافق منتصف شهر شعبان، ويعتقد عدد كبير من المسلمين أن ليلة النصف من شعبان تأخذ أهمية كبيرة ولها قدسية تميزها عن غيرها من الليالي في الإسلام، حيث أنَّ العديد من المسلمين يحيون هذه الليلة بطقوس ومظاهر تعبدية ودينية عددة، بسب ورود العدد من الأحاديث النبوية في فضل ليلة النصف من شعبان، ولذلك تعدُّ ليلة النصف من شعبان من أهم المناسبات الدينية في معظم أنحاء العالم الإسلامي.[1]

شاهد أيضًا: هل يجوز الصيام قبل رمضان بيوم واحد

أحاديث صحيحة عن ليلة النصف من شعبان

ذهب معظم الفقهاء من أهل العلم والحديث في الإسلام إلى أنَّه لم يصح أيَ حديث في ليلة النصف في شعبان لا في فضلها ولا في نسخ الآجال فيها، فقد ورد عن أبي بكر بن العربي المالكي قوله: “ليس في ليلة النصف من شعبان حديث يعول عليه، لا في فضلها، ولا في نسخ الآجال فيها، فلا تلتفتوا إليها”، وأمَّا ابن رجب البغداداي الحنبلي فقد قال في كتابه لطائف المعارف: “وفي فضل ليلة النصف من شعبان أحاديث أخر متعددة، وقد اختلف فيها، فضعفها الأكثرون، وصحح ابن حبان بعضها، وخرجه في صحيحه”، وأمَّا الإمام ابن باز فقد أشار في كتاب التحذير من البدع إلى ذلك بقوله: “وقد ورد في فضلها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها، ثم تابع: الأحاديث الواردة في فضلها كلها ضعيفة، وبعضها موضوع”، وفيما يأتي سيتم إدراج الأحاديث التي أوردها ابن حبان في صحيحه بعضها حسنه المحدثون:[2]

  • عن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يطَّلعُ اللهُ إلى جميعِ خلقِه ليلةَ النِّصفِ من شعبانَ فيغفرُ لجميعِ خلقِه إلَّا لمشركٍ ومشاحنٍ”،[3] وقد ضعَّف المحدثون هذا الحديث رغم أنَ ابن حبان أدرجه في صحيحه، ولكن المنذري أشار إلى أنَّ إسناده حسن أو صحيح أو ما قاربهما.
  • عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يطَّلِعُ إلى خلقِه ليلةَ النصفِ من شعبانَ فيغفرُ لجميعِ خلقِه إلا لمشركٍ أو مشاحنٍ”،[4] وهذا الحديث نفسه ولكن ضعفه ابن حجر العسقلاني وأشار إليه بقوله: “روي من حديث أبي بكر بسند ضعيف وعن عوف بن مالك وفي سنده ابن لهيعة وعن أبي هريرة وفي سنده من لا يعرف”.
  • عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّ اللهَ يَطَّلِعُ علَى عِبادِه في ليلةِ النِّصفِ مِن شعبانَ ، فَيغفِرُ للمؤمنينَ ، و يُمْلِي للكافِرينَ ، و يَدَعُ أًهلَ الحِقْدِ بِحقْدِهِمْ حتَّى يَدَعُوهُ”،[11] وقد حسَّن الألباني هذا الحديث وأدرجه في صحيح الجامع.

أحاديث ضعيفة عن ليلة النصف من شعبان

إنَّ معظم الأحاديث التي وردت في فضل ليلة النصف من شعبان أحاديث موضوعة، وحسب كثير من الفقهاء لا يجوز الأخذ بها، وحتى لو كثرت وتعددت طرقها لا تصل إلى درجة الصحيح، بينما ذهب بعض الفقهاء إلى جواز الأخذ بها والاستناد إليها في فضائل الأعمال مثل الحديث عن فضل ليلة النصف من شعبان، وفيما يأتي سيتم إدراج مجموعة أحاديث ضعيفة مشهورة عن ليلة النصف من شعبان:[2]

  • عن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إنَّ اللَّهَ ليطَّلعُ في ليلةِ النِّصفِ من شعبانَ فيغفرُ لجميعِ خلقِه إلَّا لمشرِك أو مشاحنٍ”.[5]
  • عن السيدة عائشة رضي الله عنها أيضًا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أتانِي جِبريلُ عليه السلامُ فقال : هذه لَيلةُ النِّصفِ من شعبانَ ، وللهِ فيها عُتقاءُ من النارِ بِعدَدِ شُعُورِ غَنَمِ كَلْبٍ ، لا يَنظرُ اللهُ فيها إلى مُشرِكٍ ، ولا إلى مُشاحِنٍ ، ولا إلى قاطِعِ رَحِمٍ ، ولا إلى مُسْبِلِ ، ولا إلى عاقٍّ لِوالِدَيْهِ ، ولا إلى مُدْمِنِ خَمْرٍ”.[6]
  • عن السيدة عائشة رضي الله عنها أيضًا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أعوذُ بعفوِك من عقابِك ، وأعوذُ برضاك من سخَطِك ، وأعوذُ بك منك إليك ، لا أُحصي ثناءً عليك ، أنت كما أثنيتَ على نفسِك فلما رفع رأسَه من السُّجودِ وفرغ من صلاتِه قال : يا عائشةُ ! – أو يا حُمَيراءُ ! – أظننتِ أنَّ النبيَّ قد خاس بك ؟ قلتُ لا : واللهِ يا رسولَ اللهِ ! لكني ظننتُ أنك قُبِضْتَ لطولِ سُجودِك . فقال : أتدرين أيَّ ليلةٍ هذه ؟ قلتُ : اللهُ ورسولُه أعلمُ . قال : هذه ليلةُ النِّصفِ من شعبانَ ، إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يطَّلِعُ على عبادِه في ليلةِ النِّصفِ من شعبانَ ، فيَغفِرُ للمستغفِرين ، ويرحمُ المسترحِمين ، ويؤخِّرُ أهلَ الحِقد كما هم”.[7]
  • عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها؛ فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى السماء الدنيا، فيقول: ألا من مستغفر فأغفر له، ألا مسترزق فأرزقه، ألا مبتلى فأعافيه، ألا كذا، ألا كذا، حتى يطلع الفجر”.[8]
  • عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “فقَدتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ليلةً فخرجتُ فإذا هوَ في البقيعِ فقالَ أكنتِ تخافينَ أن يحيفَ اللَّهُ عليكِ ورسولُه قلتُ يا رسولَ اللَّهِ ظنَنتُ أنَّكَ أتيتَ بعضَ نسائِكَ فقالَ إنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى ينزِلُ ليلةَ النِّصفِ من شعبانَ إلى سَّماءِ الدُّنيا فيغفِرُ لأكثرَ من شعرِ غَنَمِ كلبٍ”.[9]
  • عن السيدة عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “هل تدرين ما في هذه الليلة؟ قالت: ما فيها يا رسول الله؟ فقال: فيها أن يكتب كل مولود من مولود بني آدم في هذه السنة، وفيها أن يكتب كل هالك من بني آدم في هذه السنة، وفيها ترفع أعمالهم، وفيها تنزل أرزاقهم”، فقالت: يا رسول الله، ما أحد يدخل الجنة إلا برحمة الله؟ فقال: “ما من أحد يدخل الجنة إلا برحمة الله”. قلت: ولا أنت يا رسول الله؟ فوضع يده على هامته، فقال: “ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله منه برحمة”.[10]

أحاديث موضوعة عن ليلة النصف من شعبان

بالإضافة إلى الأحاديث الضعيفة الكثيرة التي وردت في فضل ليل النصف من شعبان، وردت أيضًا أحاديث منكرة موضوعة كثيرة وقال المحدثون بأنها لا أصل لها، وهذه من الأحاديث التي لا يجوز الأخذ بها نهائيًا ولا تسميتها أحاديث أصلًا وإنَما نصوص وفيما يأتي سيتم إدراج مجموعة أحاديث موضوعة عن ليلة النصف من شعبان:

  • عن أبي ثعلبة، رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يطلع الله على عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر للمؤمنين ويمهل الكافرين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه”.[12]
  • عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “يا عليُّ مَنْ صلَّى ليلةَ النصفِ مِنْ شعبانَ مئةَ ركعةٍ ب { قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ } الحديثُ الطويلُ”.[13]
  • عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ينزلُ ربُّنا إلى السماءِ الدُّنيا ليلة النصفِ من شعبانَ فيغفرُ لكلِّ واحدٍ إلا مشركًا أو رجلًا في قلبهِ شحناءُ”.[14]
  • عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “حديثُ صَلاةِ ليلةِ النِّصْفِ من شَعْبانَ أنَّ مَنْ صلَّى هذه الصلاةَ في هذه الليلةِ نظرَ اللهُ إليهِ سبعينَ نظرةً وقضَى لهُ بكلِّ نظرةٍ سبعينَ حاجةً أدناها المغفرَةُ”.[15]

ماذا حدث في ليلة النصف من شعبان

تؤكد معظم المصادر الإسلامية على أنَّه في ليلة النصف من شعبان تم تحويل قبلة المسلمين إلى بيت الله الحرام أو الكعبة في مكة المكرمة بعد أن كانت إلى جهة بيت المقدس في بلاد الشام، وذلك حسب الراجح من أقوال الفقهاء والمؤرخين وقد وقعت تلك الحادثة في السنة الثانية للهجرة، رغم أنَّ الفقهاء والمؤرخون وقع بينهم خلاف حول تاريخ تحويل القبلة إلى الكعبة الدقيق، فقد أشارت العديد من الأقوال إلى أنَّ تحويل القبلة إلى الكعبة كان في شهر شعبان بعد هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بحوالي 18 شهرًا دون تحديد اليوم، وقيل جرى التحويل في ليلة النصف من شعبان بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم بنحو 18 شهرًا، وقيل أيضًا تم ذلك في شهر رجب بعد أن صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس نحو 16 أو 17 شهرًا، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يرغب بالصلاة إلى اتجاه الكعبة في مكة المكرمة فاستجاب الله تعالى له، وقال في كتابه العزيز جلَّ من قائل: “قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ”،[16] كما ورد في الحديث عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: “بينما النَّاسُ بقُباءَ في صلاةِ الصُّبحِ ، إذ جاءهم آتٍ فقال : إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قد أُنزِل عليه اللَّيلةَ قرآنٌ ، وقد أُمِر أن يستقبِلَ الكعبةَ فاستقبلوها ، وكانت وجوهُهم إلى الشَّامِ ، فاستداروا إلى الكعبةِ”،[17] ومن أجل ذلك يحتفل المسلمون بإحياء ليلة النصف من شعبان في كل عام هجري.[18]

شاهد أيضًا: هل يجوز الصيام قبل رمضان بيوم واحد

الاحتفال بليلة النصف من شعبان

وقع خلاف بين العلماء من أهل الفقه والحديث في الإسلام حول حكم الاحتفال بإحياء ليلة النصف من شعبان مثل غيرها من الاحتفالات الدينية غير عيد الفطر والأضحى المبارك اللذين نصَّ عليهما الشرع الإسلامي، وغالبًا ما يختلف الفقهاء في أحكام تلك المناسبات والاحتفال بها كونه لا توجد نصوص صريحة وصحيحة حول جواز أو تحريم الاحتفال بها، وفيما يأتي سيتم إدراج حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان:

جواز الاحتفال بليلة النصف من شعبان

يرى جمهور الفقهاء من أهل العلم والمذاهب الأربعة جواز ومشروعية الاحتفال بليلة النصف من شعبان وقالوا أيضًا بأن ذلك مستحب، استنادًا إلى العديد من الأحاديث النبوية التي تبين فضل ليلة النصف من شعبان على  الرغم من أنَّها جميعها ضعيفة عند كثير من المحدثين وبعضها يرتقي إلى درجة الحسن ولكن كثير من الفقهاء يأخذون بمثل هذه الأحاديث في فضائل الأعمال، وفي الحديث عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يطَّلعُ اللهُ عزَّ وجلَّ إلى خلقِه ليلةَ النِّصفِ من شعبانَ فيغفرُ لعبادِه إلَّا اثنَيْن مشاحنٍ وقاتلِ نفسٍ”،[19] وذهبوا أيضًا إلى أنَّ قيام ليلة النصف من شعبان عبادة مستحبة في هذه الليلة وفي غيرها من الليالي كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ورد عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في كتاب الأم قوله: “أنا أستحب كل ما حكيت في هذه الليالي منها ليلة النصف من شعبان”، يعني أنَّه رحمه الله يستحب القيام والدعاء والذكر في ليلة النصف من شعبان، وقد ورد عن ابن حجر الهيتمي رحمه الله قوله في حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان: “لهذه الليلة – يعني النصف من شعبان – فضل، يقع فيها مغفرة مخصوصة واستجابة مخصوصة”، ولذلك يحتفل معظم المسلمون بها.[20]

تحريم الاحتفال بليلة النصف من شعبان

ذهب كثير من الفقهاء من أهل العلم إلى عدم جواز الاحتفال بليلة النصف من شعبان، حتى لو كان ذلك من خلال إحياء ليلة النصف من شعبان بقراءة شيء من القرآن الكريم أو بشيء من قيام أو صلاة، أو عن طريق توزيع الحلوى وبعض الأطعمة وغير ذلك من الطقوس والمظاهر الدينية، واستندوا في ذلك بأنه لم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء صحيح في السنة النبوية يخصِّص ليلة النصف من شعبان بقدسية أو ميزة أو بعبادة معينة، وهي ليلة مثل بقية الليالي عندهم، وأنَّ كل ما ورد في فضل ليلة النصف من شعبان لا يعدو عن كونه ضعيف أو موضوع، ويرون أنَّ هذا بدعة في الشرع الإسلامي ومن المحدثات المنهي عنها، فقد ورد في الحديث عن العرباض بن سارية رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” إنه من يعِشْ منكم بعدِي فسيرَى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنةِ الخلفاءِ الراشدينَ المهديينَ من بعدِي تمسَّكوا بها، وعضُّوا عليها بالنواجذِ، وإياكم ومحدثاتِ الأمورِ، فإن كلَّ محدثةٍ بدعةٌ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ”،[21] ولذلك لا يجيزون إحياء ليلة النصف من شعبان.[22]

شاهد أيضًا: حكم الاحتفال بالمولد النبوي في المذاهب الاربعة

حكم الاجتماع لإحياء ليلة النصف من شعبان في المسجد

رغم أنَّ جمهور الفقهاء أجازوا إحياء ليلة النص من شعبان وذهبوا إلى استحباب قيام هذه الليلة، إلا أنهم اختلفوا أيضًا في حكم الاجتماع في المسجد لإحياء ليلة النصف من شعبان، وقد ذكر الحافظ بن رجب رحمه الله هذا الخلاف، وأشار إلى أنَّ علماء الشام هم من أشار إلى تعظيم هذه الليلة وإحيائها، ووافقهم بعض الأئمة والمشايخ في العراق وفي الحجاز، وخالفهم معظم علماء الحجاز، وأشار إلى أنَّ علماء الشام أيضًا اختلفوا في حكم إحياء ليلة النصف من شعبان في المسجد على قولين وفيما يأتي التفصيل فيهما:[23]

استحباب إحياء ليلة النصف من شعبان في المسجد

ذهب بعض الفقهاء والعلماء إلى استحباب إحياء ليلة النصف من شعبان في المساجد، ومن هؤلاء كان عددًا من التابعين في بلاد الشام منهم خالد بن معدان ولقمان بن عامر وغيرهما، يرتديان أحسن الملابس الموجودة عندهما، ويتكحلان ويقومان إلى المسجد في ليلة النصف من شعبان، وقد ووافق على هذا الرأي ابن راهويه رحمه الله تعالى، وأشار إلى أنَّ قيام وإحياء ليلة النصف من شعبان في المسجد صلاة جماعة وليس من البدعة.

كراهية إحياء ليلة النصف من شعبان في المسجد

ذهب آخرون إلى أنَّه يكره إحياء ليلة النصف من شعبان في المسجد، من خلال قراءة القصص والذكر والدعاء والصلاة، ولكن يجوز للمسلم لو أراد أن يصلي منفردًا في المسجد ولا حرج في ذلك، ومن الذين ذهبوا إلى ذلك الإمام الأوزاعي، وذلك الأمر مختلف فيه بين الفقهاء وما يزال هذا الخلاف قائمًا حتى الوقت الحالي، وقد ورد عن دائرة الإفتاء قولهم: “استحباب إحياء ليلة النصف من شعبان بالصلاة إنما يكون فرادى، وليس جماعة، لا في المسجد ولا في غير المسجد، وإنما بالقيام الفردي بين العبد وربه، ولذلك نص الفقهاء على كراهة إحيائها جماعة، وجدنا ذلك لدى جميع السادة الفقهاء من المذاهب الأربعة”.[24]

في ختام مقال أحاديث صحيحة عن ليلة النصف من شعبان تعرفنا على ليلة النصف من شعبان وعلى الأحادث الواردة في ليلة النصف من شعبان وفضلها، كما تمَّ إدراج مختلف الأحايث الواردة في فضل ليلة النصف من شعبان، وتعرفنا على حكم الاحتفال وإحياء ليلة النصف من شعبان، وحكم الاجتماع لإحياء ليلة النصف من شعبان في المساجد وغير ذلك.

أسئلة شائعة

أسئلة شائعة
هل ينزل الله إلى السماء الدنيا في ليلة النصف من شعبان؟
وردت العديد من الأحاديث الضعيفة التي تشير إلى أنَّ الله تعالى ينزل إلى السماء الدنياء في ليلة النصف من شعبان ويطلع على الخلق ويغغر لكثير من الخلق، ففي الحديث عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "فقَدتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ليلةً فخرجتُ فإذا هوَ في البقيعِ فقالَ أكنتِ تخافينَ أن يحيفَ اللَّهُ عليكِ ورسولُه قلتُ يا رسولَ اللَّهِ ظنَنتُ أنَّكَ أتيتَ بعضَ نسائِكَ فقالَ إنَّ اللَّهَ تبارك وتعالى ينزِلُ ليلةَ النِّصفِ من شعبانَ إلى سَّماءِ الدُّنيا فيغفِرُ لأكثرَ من شعرِ غَنَمِ كلبٍ"، ولكن لم يصح أيَّ حديث من هذه الأحاديث، وجميعها ضعيفة أو موضوعة ولا أصل لها.
هل هناك احاديث صحيحة عن ليلة النصف من شعبان؟
وردت بعض الأحاديث في صحيح ابن حبان، ولكن المحدثون ضعفوها وبعضها كان موضوعًا وغير ذلك، وقد يكون أصح الأحاديث التي وردت في ليلة النصف من شعبان هو حديث معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يطَّلعُ اللهُ إلى جميعِ خلقِه ليلةَ النِّصفِ من شعبانَ فيغفرُ لجميعِ خلقِه إلَّا لمشركٍ ومشاحنٍ"، وقد رواه أبو موسى الأشعري أيضًا، وحديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ اللهَ يَطَّلِعُ علَى عِبادِه في ليلةِ النِّصفِ مِن شعبانَ ، فَيغفِرُ للمؤمنينَ ، و يُمْلِي للكافِرينَ ، و يَدَعُ أًهلَ الحِقْدِ بِحقْدِهِمْ حتَّى يَدَعُوهُ"، وقد حسنه الألباني أيضًا.

المراجع

  1. ^ wikiwand.com، ليلة منتصف شعبان، 01/03/2023
  2. ^ saaid.net، ليلة النصف من شعبان، 01/03/2023
  3. ^ الترغيب والترهيب، معاذ بن جبل، المنذري، 391، إسناده حسن أو صحيح أو ما قاربهما
  4. ^ الكافي الشافي، معاذ بن جبل، ابن حجر العسقاني، 252، روي من حديث أبي بكر بسند ضعيف وعن عوف بن مالك وفي سنده ابن لهيعة وعن أبي هريرة وفي سنده من لا يعرف
  5. ^ صحح ابن ماجه، أبو موسى الأشعري، الألباني، 1148، حسن
  6. ^ ضعيف الترغيب، عائشة أم المؤمنين، الألباني، 1247، ضعيف جدًّا
  7. ^ ضعيف الترغيب، عائشة أم المؤمنين، الألباني، 622، ضعيف
  8. ^ تحفة الذاكرين، علي بن ابي طالب، الشوكاني، 241، إسناده ضعيف
  9. ^ ضعيف الترمذي، عائشة أم المؤمنين، الألباني، 739، ضعيف
  10. ^ الدعوات الكبير، السيدة عائشة، البيهقي، 145، في إسناده بعض من يجهل وورد ما يقويه بعض القوة
  11. ^ صحيح الجامع، أبو ثعلبة الخشني، الألباني، 1898، حسن
  12. ^ العلل، أبو ثعلبة الخشني، الطبراني، 323، غير ثابت مضطرب
  13. ^ اللؤلؤ المرصوع، علي بن أبي طالب، القاوقجي، 227، موضوع
  14. ^ الكامل في الضعفاء، أبو بكر الصديق، ابن عدي، 535، منكر بهذا الإسناد
  15. ^ تخريج الإحياء للعراقي، أصحاب النبي، العراقي، 273، باطل
  16. ^ سورة البقرة، الآية 144
  17. ^ التمهيد، عبدالله بن عمر ، ابن عبد البر، 45، صحيح
  18. ^ islamweb.net، فصل في تحويل القبلة في سنة ثنتين من الهجرة قبل وقعة بدر، 01/03/2023
  19. ^ الترغيب والترهيب، عبد الله بن عمرو، المنذري، 392، إسناده لين
  20. ^ aliftaa.jo، حكم إحياء ليلة النصف من شعبان، 01/03/2023
  21. ^ مجمع فتاوى ابن عثيمين، العرباض بن سارية، ابن عثيمين، 227، صحيح
  22. ^ binbaz.org.sa، حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان، 01/03/2023
  23. ^ binbaz.org.sa، حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان، 01/03/2023
  24. ^ aliftaa.jo، حكم إحياء ليلة النصف من شعبان، 01/03/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *