صحة حديث اذا كانت ليلة النصف من شعبان

صحة حديث اذا كانت ليلة النصف من شعبان
صحة حديث اذا كانت ليلة النصف من شعبان

صحة حديث اذا كانت ليلة النصف من شعبان ، الذي يتداوله المسلمون مع دخول شهر شعبان واقتراب ليلة النصف منه، حيث إن المسلمين مهتمين على الدوام بمعرفة ما تحويه الأشهر المباركة من الخير، وما يستحب للمسلمين فعله فيها، فشهر شعبان المبارك من الأشهر التي اهتم بها النبي -صلى الله عليه وسلم- لذلك فإن له مكانةً كبيرة لدى المسلمين، والأحاديث التي تدور حوله لها أهمية بالغة عند الباحثين عن الفضل، ومن خلال هذا المقال سيتم بيان درجة حديث إذا كانت ليلة النصف من شعبان ومدى صحته وهل ورد في فضل النصف من شعبان أحاديث صحيحة.

حديث إذا كانت ليلة النصف من شعبان

ورد في ليلة النصف من شعبان الكثير من الأحاديث النبوية الشريفة، منها ما صححه أهل العلم واحتجوا به على فضلها، ومنها ما ضعفوه واعتبروه لا يصلح حتى يُحتج به على فضلها، ومما ورد فيها حديث إذا كانت ليلة النصف من شعبان، والذي رواه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “إذا كان ليلةُ النِّصفِ مِن شعبانَ فقُوموا ليلَها وصُوموا نهارَها؛ فإنَّ اللهَ تعالى يَنزِلُ فيها لغروبِ الشمسِ إلى سماءِ الدُّنيا، فيقولُ: ألا مُستغفِرٌ فأَغفِرَ له، ألا مُسترزِقٌ فأَرزُقَه، ألا مُبتلًى فأُعافيَه، ألا كذا ألا كذا، حتى يطلُعَ الفجرُ”.[1] وهو الحديث الذي يبحث عنه المسلمون مع اقتراب ليلة النصف من شعبان وهو ما سيتم بيان صحته ودرجته فيما يأتي.[2]

شاهد أيضًاحكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان

صحة حديث اذا كانت ليلة النصف من شعبان

جاء حديث إذا كانت ليلة النصف من شعبان بلفظ: “إذا كانت ليلةُ النصفِ من شعبانَ فقوموا ليلَها وصوموا نهارَها فإنَّ اللهَ تعالى ينزلُ فيها لغروبِ الشمسِ إلى سماءِ الدنيا فيقول ألا مُستغفرٍ فأغفرَ له ألا تائبٍ فأتوبَ عليه ألا مُبتلًى فأُعافِيَه ألا مُسترزِقٍ فأَرزقَه ألا كذا ألا كذا حتى يطلعَ الفجرُ”. وهو حديثٌ ضعيفٌ لم يحسنه أحدٌ من أهل العلم، وقد رواه كثيرٌ من الرواة بإسنادٍ ضعيف، وممن رواه وبيّن حكمه ودرجته المحدثين الذين سيتم ذكرهم فيما يأتي:[3]

  • ذكره الذهبي في ميزان الاعتدال 504/4 وقال فيه: فيه أبو بكر بن عبد الله ذكر من جرحه.
  • ذكره الشوكاني في تحفة الذاكرين 241 وقال فيه: إسناده ضعيف.
  • أورده القسطلاني في المواهب اللدنية 300/3 وقال فيه: إسناده ضعيف.
  • ذكره المزي في تهذيب الكمال 79/21 وقال فيه: [فيه] أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي سبرة قال أحمد بن حنبل يضع الحديث وقال يحيى بن معين ضعيف الحديث وقال البخاري وابن المديني ضعيف.
  • ورد في السلسلة الضعيفة للألباني 2132 وقال فيه: إسناده موضوع.
  • ذكره الألباني في ضعيف ابن ماجه 261 وقال فيه: ضعيف جدًا أو موضوع.
  • أورده ابن عثيمين في مجموع فتاوى ابن عثيمين 20/26 وقال فيه: دائرٌ بين الضعف والوضع.
  • ورد في لطائف المعارف لابن رجب 261 وجاء في حكمه: إسناده ضعيف.
  • ذكره المباركفوري في تحفة الأحوذي 163/6 وقال فيه: ضعيف جدًا.

إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها ابن باز

سُئل الشيخ ابن باز عن حديث إذا كانت ليلة النّصف من شعبان، فأورد نص الحديث وقال إنه حديثٌ ضعيف لا يصح عن ليلة النصف من شعبان، إنما ما جاء فيه ثابتٌ في ليلة القدر وهي في العشر الأواخر من رمضان، وقد أكد الشيخ أن ليلة النصف من شعبان لا يشرع فيها تخصيصها بصيام أو قيام أو عبادة أو ذكر أو تلاوة، لأنه لم يصح في ذلك شيء مما جاء فيها، ولا يصح للمسلم أن يخصص النصف من شعبان لصيام نهاره، ولا يصح له أن يقوم ليله دون سائر الليالي، وقد ذكر الشيخ أن في إسناد هذا الحديث شخص يعرف بأبو بكر بن عبد الله بن أبي بسرة، وقد قال فيه الإمام أحمد وكذلك ابن معين أنه يضع الحديث أو يكذب في الأحاديث، ومن الصحيح أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن الصيام إن انتصف شعبان، فكيف يكون للمسلم أن يخصص ليلة النصف من شعبان بالصيام ويعارض الصحيح مما جاء في السنة الصحيحة لذلك لا يشرع العمل بما جاء في حديث إذا كانت ليلة النصف ولا يصح الاعتقاد بصحة ما فيه والله ورسوله أعلم.[4]

شاهد أيضًاكلام عن ليلة النصف من شعبان ، عبارات عن ليلة النصف من شعبان

النصف من شعبان فضل ليلتها وحكم صوم نهارها

ذكر أهل العلم أن الأحاديث في ليلة النصف من شعبان كثيرة، ولكن في مجملها فإنها تدور بين الموضوع والضعيف، وفي أحسن أحوالها أنها أحاديث حسنة لغيرها أو صحيحة لغيرها، ولذلك وقع خلافٌ بين أهل العلم في مسألة فضل ليلة النصف من شعبان وحكم صيام النهار فيها، فحديث صوم النصف من شعبان حديثُ ضعيفٌ موضوع لا يصح بإجماع أهل العلم، ولا يجوز الاحتجاج به في استحباب صيام يوم النصف من شعبان، أما من صام وقد وافق صيامه صيام الأيام البيض من كل شهر، أو صيام الاثنين والخميس من كل أسبوع، أو شمل صيامه النصف من شعبان صيام مجمل الشهر ومعظمه فلا حرج عليه في ذلك أن يكون من ضمن صيامه يوم منتصف شعبان، وينبغي للمسلمين إزالة البغضاء والشرك والشحناء من قلوبهم في شعبان وفي غيره، فمما صح في ليلة النصف من شعبان ما رواه الصحابي الجليل عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “يطَّلعُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ إلى خلقِهِ ليلةَ النِّصفِ مِن شعبانَ فيغفِرُ لعبادِهِ إلَّا لاثنينِ : مُشاحنٍ ، وقاتلِ نفسٍ”.[5] فالله لا يغفر في ليلة النصف من شعبان لمشرك أو مشاحن أو قاتل نفس أو قاطع رحم أو مسبل، أو عاق لوالديه أو مدمن خمر والله ورسوله أعلم.[6]

هل يصوم النصف من شعبان حتى لو كان الحديث ضعيفا

ذكر أهل العلم أن ما ورد في فضل الصلاة أو الصيام و القيام أو الذكر أو أي عبادة مخصوصة لليلة النصف من شعبان فهو باطل وموضوع ولا يحل للمسلمين الأخذ به والعمل بمقتضاه، لأنه لا يؤخذ بالمواضيع من الأحاديث في فضائل الأعمال ولا في غيرها، وقد أجمع أهل العلم ببطلان أحاديث الصيام والعبادة في ليلة النصف من شعبان، كابن القيم وابن الجوزي ونقل ابن تيمية هذا الإجماع في مجموع الفتاوى، ولو أن الحديث الوارد في فضل صيام ليلة النصف من شعبان أو الصلاة فيها لم يكن موضوعًا مكذوبًا بل كان ضعيفًا، فإن أصح أقوال أهل العلم أنه لا يؤخذ بالأحاديث الضعيفة بالمطلق ولو في فضائل الأعمال، لأن في الأحاديث الصحيحة ما يغني عن الضعيف منها، فلا يجوز للمسلم أن يصوم في ليلة النصف من شعبان ولا أن يقوم ليلها أبدًا لأنه لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه فعل ذلك أو أوصى به، ولم يقم به أحدٌ من الصحابة الكرام، وقد أخبر أهل العلم كذلك أن الاحتفال بليلة النصف من شعبان وإحيائها بدعة منكرة لا تجوز وكذلك يكون صيام نهارها تخصيصًا والله ورسوله أعلم.[7]

هل ينزل الله إلى السماء الدنيا في ليلة النصف من شعبان

إن الله -سبحانه وتعالى- ينزل إلى السماء الدنيا نزولًا يليق بجلاله وعظيم سلطانه في كل ليلة، ولا يقتصر نزوله بليلة النصف من شعبان، بل إن الصحيح والثابت في السنة الشريفة أنه ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل في كل ليلة، أما الأحاديث التي خصت نصف شعبان بالنزول فهي لينة وضعيفة، ولكن تشملها الأحاديث العامة بإذن الله، ومما صح في نزول الله -جل في علاه- إلى السماء الدنيا ما يأتي:[8]

  • عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “يَنْزِلُ اللَّهُ إلى السَّماءِ الدُّنْيا كُلَّ لَيْلَةٍ حِينَ يَمْضِي ثُلُثُ اللَّيْلِ الأوَّلُ، فيَقولُ: أنا المَلِكُ، أنا المَلِكُ، مَن ذا الذي يَدْعُونِي فأسْتَجِيبَ له، مَن ذا الذي يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَن ذا الذي يَسْتَغْفِرُنِي فأغْفِرَ له، فلا يَزالُ كَذلكَ حتَّى يُضِيءَ الفَجْرُ”.[9]
  • عن أبو هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “إذا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ، أوْ ثُلُثاهُ، يَنْزِلُ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى إلى السَّماءِ الدُّنْيا، فيَقولُ: هلْ مِن سائِلٍ يُعْطَى؟ هلْ مِن داعٍ يُسْتَجابُ له؟ هلْ مِن مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ له؟ حتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ”.[10]
  • عن سعيد بن جبير -رضي الله عنه- أنه قال: “عنِ ابنِ عبَّاسٍ قال: إنَّ اللهَ تَعالى لَيُمهِلُ في شَهرِ رَمضانَ كلَّ لَيلةٍ، حتَّى إذا ذَهبَ اللَّيلُ الأَوَّلُ هَبَط إلى السَّماءِ، ثُمَّ قال: هلْ مِن سائلٍ يُعطَى؟ هلْ مِن مُستغفِرٍ يُغفَرُ لَه؟ هلْ مِن تائِبٍ يُتابُ عَليهِ؟”.[11]

شاهد أيضًاأحاديث صحيحة عن ليلة النصف من شعبان

هل ورد في فضل ليلة النصف من شعبان شيء صحيح

لم يرد في فضل ليلة النصف من شعبان إلا حديثًا واحدًا صحيحًا، وقد جعل الله فيها مزيّة خاصة عن سائر الليالي، فهو سبحانه ينظر إلى جميع خلقه فيغفر لهم كلهم إلا المشرك حتى يدع شركه وكون موحدًا، والمشاحن حتى يترك عداوته وشحنائه مع أخيه، وأهل الحق حتى يتخلوا عن حقدهم، ومما ورد في فضل ليلة النصف من شعبان بين الحسن والصحيح ما يأتي فقط:[12]

  • عن أبو ثعلبة الخشني -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “إنَّ اللهَ يَطَّلِعُ علَى عِبادِه في ليلةِ النِّصفِ مِن شعبانَ ، فَيغفِرُ للمؤمنينَ ، و يُمْلِي للكافِرينَ ، و يَدَعُ أًهلَ الحِقْدِ بِحقْدِهِمْ حتَّى يَدَعُوهُ”.[13]
  • عن أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: “إنَّ اللهَ تعالى لَيطَّلِعُ في ليلةِ النصفِ من شعبانَ فيغفرُ لجميعِ خلْقِه ، إلا لمشركٍ أو مشاحنٍ”.[14]

أحاديث في شهر شعبان وليلة النصف منه لا تصح

إن أكثر الأحاديث التي يتداولها عامة المسلمين عن فضل شهر شعبان، وفضل ليلة النصف من شعبان باطلة لا تصح، ولا يصح نشرها وتداولها بل يجب التنبيه منها وتركها وترك العمل بها، ومن الأحاديث الباطلة في شعبان ما يأتي:[15]

  • “من أحيا الليالي الخمس، وجبت له الجنة: ليلة التروية، وليلة عرفة، وليلة النحر، وليلة الفِطر، وليلة النصف من شعبان” باطل.
  • “مَن أحيا ليلتَي العيد، وليلةَ النصف من شعبان، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب” باطل.
  • “من صلى ليلة النصف من شعبان ثلاثمئة ركعة – في لفظ ثنتي عشرة ركعة – يقرأ في كل ركعة ثلاثين مرة قل هو الله أحد، شُفع في عشرة قد استوجبوا النار” باطل.
  • “مَن قرأ ليلة النصف من شعبان ألف مرة قل هو الله أحد، بعث الله إليه مئة ألف ملك يبشِّرونه” باطل.
  • “أتاني جبريل عليه السلام، فقال لي: هذه ليلة النِّصف من شعبان، ولله فيها عُتقاءُ من النار بعدد شَعر غنم كلب” باطل.
  • “خمس ليالٍ لا تُردُّ فيهن الدعوة: أوَّل ليلة من رجب، وليلة النصف من شعبان، وليلة الجمعة، وليلة الفِطر، وليلة النحر” باطل.
  • “في ليلة النصف من شعبان يُوحي الله إلى ملَك الموت بقبْض كل نفَس يريد قبضها في تلك السَّنة” باطل.

بهذا، نصل لنهاية مقال صحة حديث اذا كانت ليلة النصف من شعبان، والذي تم من خلاله بيان درجة الأحاديث الواردة في ليلة النصف من شعبان، وحكم تخصيصها بالصيام والصلاة والقيام والعبادة، كما بيّن الأحاديث الصحيحة والباطلة في ليلة النصف من شعبان.

أسئلة شائعة

أسئلة شائعة
ما صحة حديث يطلع الله إلى خلقه في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن؟
حديثٌ حسنٌ صحيح، صححه الألباني.
ما سبب صيام النصف من شعبان؟
لا يجوز صيام النصف من شعبان دون سائر الأيام.
هل تحويل القبلة كان في النصف من شعبان؟
وردت بعض الروايات القوية التي تشير إلى أن تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة المكرمة كان في الخامس عشر من شهر شعبان في السنة الثانية من الهجرة والله أعلم.

المراجع

  1. ^ المواهب اللدنية، علي بن أبي طالب، القسطلاني، 300/3، إسناده ضعيف
  2. ^ islamweb.net، ماورد في ليلة النصف من شعبان ـ إن صح ـ لايقتضي تخصيصها أو يومها بعبادة أو صيام، 02/03/2023
  3. ^ islamweb.net، درجة حديث: إذا كانت ليلة النصف من شعبان.....إلخ، 02/03/2023
  4. ^ binbaz.org.sa، 03 من حديث: (إذا كانت ليلة النصف من شعبان، فقوموا ليلها وصوموا نهارها)، 02/03/2023
  5. ^ تخريج المسند لشاكر ، عبد الله بن عمرو، أحمد شاكر، 127/10، إسناده صحيح
  6. ^ ar.islamway.net، النصف من شعبان، 02/03/2023
  7. ^ islamqa.info، هل يصوم يوم النصف من شعبان حتى لو كان الحديث ضعيفاً ؟، 02/03/2023
  8. ^ islamqa.info، ما صحة حديث إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا؟، 02/03/2023
  9. ^ صحيح مسلم، أبو هريرة، مسلم، 758، صحيح
  10. ^ صحيح مسلم، أبو هريرة، مسلم، 758، صحيح
  11. ^ تخريج كتاب السنة، سعيد بن جبير، الألباني، 513، إسناده صحيح
  12. ^ islamweb.net، الأحاديث والآثار الواردة في شأن ليلة النصف من شعبان، 02/03/2023
  13. ^ صحيح الجامع، أبو ثعلبة الخشني، الألباني، 1898، حسن
  14. ^ صحيح الجامع، أبو موسى الأشعري، الألباني، 1819، حسن
  15. ^ dorar.net، أحاديث منتشرة لا تصح، 02/03/2023

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *